![بوصوف يكتب.. عبثية مقارنة الصندوق السيادي النرويجي و مثيله الجزائري...! بوصوف يكتب.. عبثية مقارنة الصندوق السيادي النرويجي و مثيله الجزائري...!](https://www.nadorcity.com/photo/art/default/86329155-61424267.jpg?v=1739093144)
عبد الله بوصوف
لا يمكن لعاقل أن يمنع نفسه من مجرد طرح أسئلة عابرة حول “جار العالم الآخر”، إذ كيف تمكن النظام العسكري من تبرير تبديد كل هذه الثروة الباطنية الهائلة للشعب الجزائري؟ وهل صحيح أن الشعب تم حقنه بمساعدات وإعانات تخديرية تافهة؟ وكيف لشعب عشق الحرية واضطر للاحتماء بأشقائه المغاربة في أكثر من مناسبة أن يعتنق لغة الصمت إلى ما لا نهاية؟
هذه بعض الأسئلة البسيطة التي لا يمكنك أن تمنع نفسك من طرحها وأنت تقرأ أرقام ومنجزات دول بترولية شقيقة أو عضوة في منظمة “أوبك”. وقد ترتفع درجة الفضول لديك وأنت تتأمل تقارير عن الصناديق السيادية للدول البترولية. وقد تصاب بالدوار وأنت تطالع أرقام جهاز الاستثمار في أبو ظبي، الذي يبلغ 800 مليار دولار، وجهاز الاستثمار الكويتي بقيمة 750 مليار دولار، وصندوق سنغافورة السيادي بقيمة مماثلة، فضلًا عن الصناديق السيادية في السعودية وقطر والصين، والتي تلعب دورًا كبيرًا في سياسات الاستثمار والادخار.
وفي سنة 2000، قام النظام الجزائري بعملية بهلوانية ماسخة بإنشائه لصندوق ضبط الموارد (كصندوق سيادي)، والذي اعتبره العديد من المتخصصين في عالم السياسات المالية مجرد حساب مالي تابع لوزارة المالية. ففي الوقت الذي كان يُفترض أن يحقق هذا الصندوق أهدافًا استراتيجية واستثمارات مهمة، فقد تحول إلى أداة إنقاذ للنظام العسكري المتهالك.
لكن المراهقة السياسية المتأخرة التي ما زال يعيشها قادة النظام العسكري منذ الستينيات من القرن الماضي، ولهثهم وراء إلحاق الضرر المادي والمعنوي بصورة المغرب أو محاولات إرهاقه سياسيًا من خلال ملف مغربية الصحراء، الذي يعرف دينامية إيجابية لن تتوقف لمجرد خبر زائف هنا أو خرجة إعلامية مجروحة هناك من طرف رئيس دولة “العالم الآخر”، خاصة بعد الاعترافات التاريخية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا، والتي وقّعت مع المغرب على جيل جديد من المشاريع الاستراتيجية المتعلقة بمغربية الصحراء. من بين هذه المشاريع افتتاح مركز ثقافي فرنسي بالأقاليم الصحراوية يوم 8 فبراير الجاري من طرف وزيرة الثقافة الفرنسية السيدة رشيدة داتي.
إن هذه الحالة المرضية جعلت النظام ينشر تقارير عن ميزانيات التسليح بأرقام خيالية وتعاقدات عسكرية مكلفة جدًا، بعيدة عن الهمّ اليومي للشعب الجزائري ومعاناته مع طوابير الحليب واللحم والأرز. كما يمتنع عن نشر تقارير دورية عن “صندوق ضبط الموارد” كما تفعل كل الدول مع صناديقها السيادية.
وقد يتوقف عقلك عن التفكير وتتيه في ملكوت الله عندما تقرأ عن الصندوق السيادي النرويجي وكيف تضاعفت مداخيله ثلاث مرات منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022 وتداعيات أزمة الطاقة والكهرباء وحروب أنابيب الغاز الطبيعي. ففي الوقت الذي أصبحت فيه النرويج المورد الأول لأوروبا للغاز الطبيعي، تمركزت الجزائر في المرتبة الثانية. وهذا يعني تحقيقهما معًا لمداخيل غير مسبوقة واحتياطات من العملة الصعبة غير محدودة.
وفي الوقت الذي كانت فيه النرويج تنشر تقارير عن مداخيل صندوقها السيادي، الذي فاق 1600 مليار دولار، وكذا خريطة استثماراتها في العالم، وذلك طبعًا في إطار احترام المواطن النرويجي وتحت رقابة وزارة المالية والبرلمان، لا يملك أحد في الجزائر الجرأة للمطالبة بتقارير وكشوفات صندوق ضبط الموارد. لا أحد يمكنه انتقاد معادلة غير مقبولة: أي ارتفاع الطلب على الغاز الجزائري مع ارتفاع الأسعار، لكن المواطن ظل يعيش نفس الوضع الاقتصادي والاجتماعي، في حين يرفل أفراد النظام العسكري في نعيم عائدات الغاز الطبيعي ويتسابقون لتسليح عصابات البوليساريو وعصابات إرهابية في الساحل لتهديد الأمن والسلام في المنطقة.
أعتقد أن عقدة النظام العسكري تجاه المغرب قد شلّت تفكيرهم في تنمية الجزائر وتحقيق رفاهية شعبها. لقد وصل النظام الجزائري إلى حالة من الشيخوخة والوهن، ودخل في مرحلة موت إكلينيكي بإضاعته فرص النهوض بالصندوق السيادي، كما تفعل دول شقيقة في الخليج العربي أو الصين والنرويج. وفضّل إهدار عائدات الغاز والبترول في تسليح عصابة البوليساريو وتوطينها بمخيمات تندوف لأكثر من أربعة عقود، في زمن تغيّرت فيه مفاهيم لغة الأرقام والذكاء الاصطناعي والاستراتيجيات، وأبرزها حسنات الصناديق السيادية.
سنكون حقًا أمام مشهد عبثي ونحن نحاول مقارنة عائدات الصندوق السيادي النرويجي لسنة 2024، التي وصلت 224 مليار دولار. فهل يجرؤ النظام الجزائري على إعلان مداخيل صندوق ضبط الموارد لسنة 2024؟
لا يمكن لعاقل أن يمنع نفسه من مجرد طرح أسئلة عابرة حول “جار العالم الآخر”، إذ كيف تمكن النظام العسكري من تبرير تبديد كل هذه الثروة الباطنية الهائلة للشعب الجزائري؟ وهل صحيح أن الشعب تم حقنه بمساعدات وإعانات تخديرية تافهة؟ وكيف لشعب عشق الحرية واضطر للاحتماء بأشقائه المغاربة في أكثر من مناسبة أن يعتنق لغة الصمت إلى ما لا نهاية؟
هذه بعض الأسئلة البسيطة التي لا يمكنك أن تمنع نفسك من طرحها وأنت تقرأ أرقام ومنجزات دول بترولية شقيقة أو عضوة في منظمة “أوبك”. وقد ترتفع درجة الفضول لديك وأنت تتأمل تقارير عن الصناديق السيادية للدول البترولية. وقد تصاب بالدوار وأنت تطالع أرقام جهاز الاستثمار في أبو ظبي، الذي يبلغ 800 مليار دولار، وجهاز الاستثمار الكويتي بقيمة 750 مليار دولار، وصندوق سنغافورة السيادي بقيمة مماثلة، فضلًا عن الصناديق السيادية في السعودية وقطر والصين، والتي تلعب دورًا كبيرًا في سياسات الاستثمار والادخار.
وفي سنة 2000، قام النظام الجزائري بعملية بهلوانية ماسخة بإنشائه لصندوق ضبط الموارد (كصندوق سيادي)، والذي اعتبره العديد من المتخصصين في عالم السياسات المالية مجرد حساب مالي تابع لوزارة المالية. ففي الوقت الذي كان يُفترض أن يحقق هذا الصندوق أهدافًا استراتيجية واستثمارات مهمة، فقد تحول إلى أداة إنقاذ للنظام العسكري المتهالك.
لكن المراهقة السياسية المتأخرة التي ما زال يعيشها قادة النظام العسكري منذ الستينيات من القرن الماضي، ولهثهم وراء إلحاق الضرر المادي والمعنوي بصورة المغرب أو محاولات إرهاقه سياسيًا من خلال ملف مغربية الصحراء، الذي يعرف دينامية إيجابية لن تتوقف لمجرد خبر زائف هنا أو خرجة إعلامية مجروحة هناك من طرف رئيس دولة “العالم الآخر”، خاصة بعد الاعترافات التاريخية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وفرنسا، والتي وقّعت مع المغرب على جيل جديد من المشاريع الاستراتيجية المتعلقة بمغربية الصحراء. من بين هذه المشاريع افتتاح مركز ثقافي فرنسي بالأقاليم الصحراوية يوم 8 فبراير الجاري من طرف وزيرة الثقافة الفرنسية السيدة رشيدة داتي.
إن هذه الحالة المرضية جعلت النظام ينشر تقارير عن ميزانيات التسليح بأرقام خيالية وتعاقدات عسكرية مكلفة جدًا، بعيدة عن الهمّ اليومي للشعب الجزائري ومعاناته مع طوابير الحليب واللحم والأرز. كما يمتنع عن نشر تقارير دورية عن “صندوق ضبط الموارد” كما تفعل كل الدول مع صناديقها السيادية.
وقد يتوقف عقلك عن التفكير وتتيه في ملكوت الله عندما تقرأ عن الصندوق السيادي النرويجي وكيف تضاعفت مداخيله ثلاث مرات منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022 وتداعيات أزمة الطاقة والكهرباء وحروب أنابيب الغاز الطبيعي. ففي الوقت الذي أصبحت فيه النرويج المورد الأول لأوروبا للغاز الطبيعي، تمركزت الجزائر في المرتبة الثانية. وهذا يعني تحقيقهما معًا لمداخيل غير مسبوقة واحتياطات من العملة الصعبة غير محدودة.
وفي الوقت الذي كانت فيه النرويج تنشر تقارير عن مداخيل صندوقها السيادي، الذي فاق 1600 مليار دولار، وكذا خريطة استثماراتها في العالم، وذلك طبعًا في إطار احترام المواطن النرويجي وتحت رقابة وزارة المالية والبرلمان، لا يملك أحد في الجزائر الجرأة للمطالبة بتقارير وكشوفات صندوق ضبط الموارد. لا أحد يمكنه انتقاد معادلة غير مقبولة: أي ارتفاع الطلب على الغاز الجزائري مع ارتفاع الأسعار، لكن المواطن ظل يعيش نفس الوضع الاقتصادي والاجتماعي، في حين يرفل أفراد النظام العسكري في نعيم عائدات الغاز الطبيعي ويتسابقون لتسليح عصابات البوليساريو وعصابات إرهابية في الساحل لتهديد الأمن والسلام في المنطقة.
أعتقد أن عقدة النظام العسكري تجاه المغرب قد شلّت تفكيرهم في تنمية الجزائر وتحقيق رفاهية شعبها. لقد وصل النظام الجزائري إلى حالة من الشيخوخة والوهن، ودخل في مرحلة موت إكلينيكي بإضاعته فرص النهوض بالصندوق السيادي، كما تفعل دول شقيقة في الخليج العربي أو الصين والنرويج. وفضّل إهدار عائدات الغاز والبترول في تسليح عصابة البوليساريو وتوطينها بمخيمات تندوف لأكثر من أربعة عقود، في زمن تغيّرت فيه مفاهيم لغة الأرقام والذكاء الاصطناعي والاستراتيجيات، وأبرزها حسنات الصناديق السيادية.
سنكون حقًا أمام مشهد عبثي ونحن نحاول مقارنة عائدات الصندوق السيادي النرويجي لسنة 2024، التي وصلت 224 مليار دولار. فهل يجرؤ النظام الجزائري على إعلان مداخيل صندوق ضبط الموارد لسنة 2024؟