في قضية تدني المستوى التعليمي بالمغرب
13/07/2009
مدخل : اللغة وسيلة للتعبير أي أداة للتواصل أي أداة لتبليغ أفكار وصور وأحاسيس للمتلقي ... للمحاور، للقارئ...الخ... أي لنقل نفس الصورة التي يراها المتحدث... علما بأن لكل لغة خصوصيات لكن هذه اللغات لها قواسم مشتركة عديدة : - الموضوع ... التصور، المفهوم، الرأي، الموقف، الإحساس... كل هذه الأشياء التي هي موضوع أي لغة تبقى هي هي نفسها عند الجميع لذلك يكاد يكون أسلوب التبليغ هو نفسه في جميع اللغات، - في الجانب الشكلي كذلك ( النمط – البلاغة – الجانب النحوي والوظائفي لأغلبية الكلمات...) ولهذا كانت العلامات الإملائية وحتى كثير من الوظائف النحوية متشابهة فيما بين اللغات، - ثم إن العملية التي يتم بها أولا تصور و فهم "المفهوم" الذي يراد نقله، تتم عبر نفس المراحل ذهنيا ومنطقيا... فهي عملية رياضية و وصفية وتحليلية تمر بسرعة و لا يتم نقلها بصفة مثالية إلا باختيار الكلمات المناسبة ( الفعل فعل، والإسم اسم ، والحرف حرف والصفة صفة والإحساس إحساس الخ... مع مراعاة خصوصية وجمالية اللغة بنسبة ما... وهذا يعني أنه يجب تعلم اللغة ومنذ البداية بطريقة دقيقة ومنهجية لكي لا يكون هناك خلط في المرحلة الأولي للتصور الحقيقي لما يراد تبليغه عبر الكلام ( أو الكتابة أو التعبير ) وإلا سيكون النقل خاطئا ... أي إذا لم يكن هنا ضبط ويقين من سلامة وصحة التصور عند صاحب "التعبير" سيتلقى بالتالي الطرف الآخر في الحوار ( المتلقي) الصورة مبتورة أو مشوهة أو غير المصورة ( أو المتصورة) التي يراد نقلها. فيحدث سوء التفاهم بين المتحاورين، لنقل على مستوى "المقول"... وهذا يعني أيضا أنه يجب تعلم اللغة ومنذ البداية عن طريق " الكفايات" "Compétences linguistiques " وذلك بضبط علاقة ووظيفة كل كلمة أو مصطلح بالتصور والمفهوم الحقيقي المضبوط وباستعمال الأسلوب المناسب لذلك المقام " الموضوع" – "لكل مقام مقال"- وهنا يظهر أن المتعلم في حاجة إلى استيعاب هذه الأسس استيعابا دقيقا لكي يتمكن بالتالي من نقل ما يريد التعبير عنه... وهذا يعني أن الاستيعاب لا يكون صحيحا إلا إذا تمت العملية التعليمية عن طريق العقل و المنطق اللغوي وطبعا يتم ذلك في إطار الخصوصيات النسبية للغة المعبر بها... وإذا رجعنا إلى المناهج التعليمية والطرق التي تلقن بها اللغة في مدارسنا وحتى المواد الأخرى نجدها تعتمد على الذاكرة أي على الحفظ عن ظهر قلب والتقليد و النقل دون إعمال العقل و المنطق اللغوي سواء في مظهره الخصوصي - أي حسب خصوصية اللغة - أو في مظهره العالمي علما بأن هناك قواسم مشتركة ( طبيعية - عالمية) بين جميع اللغات ... من حيث المفاهيم والمنطق والأدوات التعبيرية والتركيبية والآليات والمهام الوظيفية والدلالية ... و نجد أن كل المدارس عندنا الآن تحمل التلميذ ما لا يطيقه من كتب و فروض و قواعد و نظريات لكن دون تمريرها عن طريق العقل أي دون أن يعرف التلميذ ويستوعب المراحل التي يمر منها الفهم و التصور للأشياء وبالتالي فإنه يبقى المسكين عاجزا عن نقل ما يريد قوله رغم بساطة الموضوع في غالب الأحيان ، فيصبح التلميذ مع مرور الوقت عاجزا عن منافسة زملائه الذين يستطيعون التعبير وإعمال اللغة بسهولة بالمستوى الذي نجده عند من يتعلمون بالطرق و المنهج التي يعتمد الكفايات أي عن طريق عقلنة المفاهيم و الأدوات والذين تكون لديهم الأمور واضحة في أذهانهم لكونهم دخلوا اللغة من أبوابها حسب المراحل المنطقية التي يجب المرور منها...هذا بصفة عامة... وحتى على مستوى اللغة الأم التي هي اللغة العربية ولنفس الأسباب... لاحظوا معي ضعف المستوى في اللغة عند جل تلامذتنا إلا من رحم ربك من المحظوظين الذين أسعفهم الحظ أن يتواجدوا إما في مدارس تعتمد المناهج العلمية الحديثة أو في أوساط تساعدهم على التعلم بطريقة مناسب