ناظورسيتي:م. زاهـد
سعيا إلى مواكبة القضايا والنقاشات التي تستأثر باهتمام الرأي العام والمهتمين والباحثين والفعاليات الحقوقية والجمعوية والمدنية، ندرج ضمن هذا الركن الحوار الذي أجريناه مع الفاعل الحقوقي والباحث في سلك الدكتوراه، ذ. محمد الغلبزوري، في شأن ملف استعمال الحرب الكيماوية ضد الريف وتداعياتها، لاسيما ما يتعلق بوجود العلاقة السببية بين انتشار الأمراض السرطانية واللجوء إلى استعمال الغازات السامة ضد الريف.
1 / عاد مؤخرا إلى واجهة الساحة والنقاش موضوع الحرب الكيماوية أو استعمال الغازات السامة ضد الريف خلال العشرينيات من القرن الماضي. كيف تنظر إلى تجدد النقاش حول الملف، وما رأيك كفاعل جمعوي وحقوقي إلى أبعاده من الزاوية التاريخية والحقوقية؟
إذا كان النقاش حول ملف قصف الريف بالغازات السامة قد ظهر منذ بداية القرن الجاري بفضل مجهود مجموعة من فعاليات أكاديمية وحقوقية وسياسية من كلا الضفتين الجنوبية والشمالية، مستفيدا من مجموعة من التحولات الدولية والوطنية. فإن السنوات الأخيرة تشهد على دخول هذا الملف في دينامية جديدة بفعل مجموعة من التراكمات التي راكمها في شتى المجالات. حيث فرض نفسه بقوة من الجانب التاريخي بفعل ظهور مجموعة من الأبحاث التاريخية المستندة بالدرجة الأولى إلى الأرشيف الاسباني والفرنسي والألماني، والتي توصلت إلى استعمال اسبانيا وحلفائها لأسلحة كيماوية محظورة دوليا من أجل القضاء السريع على المقاومة الريفية. أما الجانب الحقوقي في هذا الملف فهو أساس لكل المطالب الريفية، باعتبار اسبانيا وحلفائها ارتكبت فعلا غير مشروعا دوليا بسب خرقها للعرف و القانون الدولي خاصة القانون الدولي الإنساني(قانون الحرب) مثل اتفاقيتي لاهاي 1899 و1907 المنظمة لعادات وتقاليد الحرب، وبروتوكول جنيف 1925الذي يحظر استعمال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، هذا بالإضافة إلى معاهدة فرساي التي ألتزمت بموجبها ألمانيا عدم تصنيع وتخزين وتصدير الأسلحة الكيماوية. وهذا ما يستوجب المسؤولية الدولية على الدول المشاركة التي تضمن لأهل الريف الحق في جبر الضرر( التعويض والاعتذار) باعتبار جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية لا يشملها التقادم وفق العرف والقانون الدوليين.
2/ تتعدد المسؤوليات والأطراف المتورطة في هذا العدوان. كما كانت هناك عدة مبادرات لطرح الملف مع الجانب الإسباني أساسا منها طرح الملف في الكورتيس، أخرها الرسالة التي تقدم بها رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، ما هو موقفكم من هذه المبادرات؟ وما هي الأولويات والمطالب المطروحة لمعالجة الملف؟
لقد طرحت مجموعة من المبادرات السياسية من الجانب الإسباني خصوصا من الجانب الكطالوني، ورغم ذلك لم تثني اسبانيا عن تغيير موقفها السلبي. أما بالنسبة للمراسلة التي وجهت مؤخرا إلى ملك اسبانيا أعتقد شخصيا أنها غير ذي جدوى. فالجرائم التي ارتكبت في الريف هي جرائم دولية ولا يمكن البث فيها إلا من طرف الدول أي إسبانيا والمغرب وفرنسا، ولهذا ليس هناك فائدة من مراسلة الدولة الاسبانية ما دام المغرب رفض تبني الملف والاعتراف بالجرائم المرتكبة بالريف. واسبانيا لا يمكنها أن تعترف بجرائمها في الريف ما دام المغرب سكت عنها، لأن اسبانيا لها علاقات رسمية ومصالح إستراتيجية مع المغرب ولا يمكن لها أن تطرح أي قضية مغربية على طاولة المفاوضات بدون إلحاح هذا الأخير.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فالمغرب متواطئ مع اسبانيا وفرنسا في حربهما على الريف، ولم يعترف لحد اللآن رسميا بتلك الجرائم المرتكبة. ولهذا يجب الضغط أولا على المغرب للاعتراف بتلك الجرائم والاعتذار للريفيين في إطار مصالحة حقيقية مع الريف وفق المعايير الدولية للعدالة الانتقالية. وبعد ذلك ستكون الشروط موجودة وملائمة للتسوية الدولية للملف إما بالطرق الدبلوماسية أو اللجوء إلى القضاء أو التحكيم الدوليين في حالة فشل هذه الأخيرة.
3/ الحرب الكيماوية ضد الريف كانت لها تداعيات عديدة، لعل أهمها تزايد عدد حالات الاصابة بالمرض الخبيت الذي يعرف انتشارا واسعا بالمنقطة تبعا لما يصرح به حقوقيون وجمعويون، لكن المؤرخة الاسبانية ماريا روزا نفت وجود علاقة سببية بين الغازات السامة والسرطان. كما صرح مؤخرا وزير الصحة بغياب احصائيات دقيقة حول الموضوع، وقال بأن لجنة يترأسها شخصيا تعمل على اعداد مرجع في هذا الشأن. ما رأيك؟
أنجزت "ماريا روزا مادرياكا" بصفتها كمؤرخة مجموعة من الأبحاث التاريخية توصلت من خلالها إلى أن اسبانيا استعملت الغازات السامة ضد المقاومة الريفية، وهنا ينتهي دورها، ولا يحق لها الخوض في العلاقة السببية بين الغازات السامة والسرطان لأن هذا يدخل في مجال ليس بتخصصها.
أما وزير الصحة السيد الحسين الوردي، باعتباره يحمل مسؤولية حكومية، كان عليه أن يشكل لجنة من الخبراء لدراسة الموضوع، ولا يحق له أن يتحدث إلا وفق النتائج المتوصل إليها، أما تصريحاته الأخيرة في الناظور بالإضافة إلى تصريحات الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية في البرلمان في الشهر الماضي ليس إلا مزايدات ومراوغات سياسية تخدش شعور الريفيين وتروم إلى تزييف تاريخ وذاكرة الريف، وتبرهن بالملموس مدى استهزاء الدولة وتلاعبها بقضية حساسة بالنسبة للريفيين.
وإن كانت العلاقة السببية بين الأسلحة الكيماوية وظهور الأمراض السرطانية بالريف تعتبر لحد الآن في ظل عدم وجود دراسات مخبرية مجرد فرضية، فإن هذه الأخيرة ترتكز على مرتكزات جد قوية تتلخص في توصل مجموعة من الابحاث العلمية التي أقيمت في معاهد متخصصة ومنظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية إلى وجود علاقة سببية بين السرطان والأسلحة الكيماوية، بدون أن ننسى كذلك إحصائيات تكشف على أن 80 % من المصابين بمرض السرطان بالمغرب ينحدرون من منطقة الريف بدون أن يوجد عامل خارجي يساهم في ذلك من غير الغازات السامة.
سعيا إلى مواكبة القضايا والنقاشات التي تستأثر باهتمام الرأي العام والمهتمين والباحثين والفعاليات الحقوقية والجمعوية والمدنية، ندرج ضمن هذا الركن الحوار الذي أجريناه مع الفاعل الحقوقي والباحث في سلك الدكتوراه، ذ. محمد الغلبزوري، في شأن ملف استعمال الحرب الكيماوية ضد الريف وتداعياتها، لاسيما ما يتعلق بوجود العلاقة السببية بين انتشار الأمراض السرطانية واللجوء إلى استعمال الغازات السامة ضد الريف.
1 / عاد مؤخرا إلى واجهة الساحة والنقاش موضوع الحرب الكيماوية أو استعمال الغازات السامة ضد الريف خلال العشرينيات من القرن الماضي. كيف تنظر إلى تجدد النقاش حول الملف، وما رأيك كفاعل جمعوي وحقوقي إلى أبعاده من الزاوية التاريخية والحقوقية؟
إذا كان النقاش حول ملف قصف الريف بالغازات السامة قد ظهر منذ بداية القرن الجاري بفضل مجهود مجموعة من فعاليات أكاديمية وحقوقية وسياسية من كلا الضفتين الجنوبية والشمالية، مستفيدا من مجموعة من التحولات الدولية والوطنية. فإن السنوات الأخيرة تشهد على دخول هذا الملف في دينامية جديدة بفعل مجموعة من التراكمات التي راكمها في شتى المجالات. حيث فرض نفسه بقوة من الجانب التاريخي بفعل ظهور مجموعة من الأبحاث التاريخية المستندة بالدرجة الأولى إلى الأرشيف الاسباني والفرنسي والألماني، والتي توصلت إلى استعمال اسبانيا وحلفائها لأسلحة كيماوية محظورة دوليا من أجل القضاء السريع على المقاومة الريفية. أما الجانب الحقوقي في هذا الملف فهو أساس لكل المطالب الريفية، باعتبار اسبانيا وحلفائها ارتكبت فعلا غير مشروعا دوليا بسب خرقها للعرف و القانون الدولي خاصة القانون الدولي الإنساني(قانون الحرب) مثل اتفاقيتي لاهاي 1899 و1907 المنظمة لعادات وتقاليد الحرب، وبروتوكول جنيف 1925الذي يحظر استعمال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، هذا بالإضافة إلى معاهدة فرساي التي ألتزمت بموجبها ألمانيا عدم تصنيع وتخزين وتصدير الأسلحة الكيماوية. وهذا ما يستوجب المسؤولية الدولية على الدول المشاركة التي تضمن لأهل الريف الحق في جبر الضرر( التعويض والاعتذار) باعتبار جرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية لا يشملها التقادم وفق العرف والقانون الدوليين.
2/ تتعدد المسؤوليات والأطراف المتورطة في هذا العدوان. كما كانت هناك عدة مبادرات لطرح الملف مع الجانب الإسباني أساسا منها طرح الملف في الكورتيس، أخرها الرسالة التي تقدم بها رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، ما هو موقفكم من هذه المبادرات؟ وما هي الأولويات والمطالب المطروحة لمعالجة الملف؟
لقد طرحت مجموعة من المبادرات السياسية من الجانب الإسباني خصوصا من الجانب الكطالوني، ورغم ذلك لم تثني اسبانيا عن تغيير موقفها السلبي. أما بالنسبة للمراسلة التي وجهت مؤخرا إلى ملك اسبانيا أعتقد شخصيا أنها غير ذي جدوى. فالجرائم التي ارتكبت في الريف هي جرائم دولية ولا يمكن البث فيها إلا من طرف الدول أي إسبانيا والمغرب وفرنسا، ولهذا ليس هناك فائدة من مراسلة الدولة الاسبانية ما دام المغرب رفض تبني الملف والاعتراف بالجرائم المرتكبة بالريف. واسبانيا لا يمكنها أن تعترف بجرائمها في الريف ما دام المغرب سكت عنها، لأن اسبانيا لها علاقات رسمية ومصالح إستراتيجية مع المغرب ولا يمكن لها أن تطرح أي قضية مغربية على طاولة المفاوضات بدون إلحاح هذا الأخير.
هذا من جهة، أما من جهة أخرى فالمغرب متواطئ مع اسبانيا وفرنسا في حربهما على الريف، ولم يعترف لحد اللآن رسميا بتلك الجرائم المرتكبة. ولهذا يجب الضغط أولا على المغرب للاعتراف بتلك الجرائم والاعتذار للريفيين في إطار مصالحة حقيقية مع الريف وفق المعايير الدولية للعدالة الانتقالية. وبعد ذلك ستكون الشروط موجودة وملائمة للتسوية الدولية للملف إما بالطرق الدبلوماسية أو اللجوء إلى القضاء أو التحكيم الدوليين في حالة فشل هذه الأخيرة.
3/ الحرب الكيماوية ضد الريف كانت لها تداعيات عديدة، لعل أهمها تزايد عدد حالات الاصابة بالمرض الخبيت الذي يعرف انتشارا واسعا بالمنقطة تبعا لما يصرح به حقوقيون وجمعويون، لكن المؤرخة الاسبانية ماريا روزا نفت وجود علاقة سببية بين الغازات السامة والسرطان. كما صرح مؤخرا وزير الصحة بغياب احصائيات دقيقة حول الموضوع، وقال بأن لجنة يترأسها شخصيا تعمل على اعداد مرجع في هذا الشأن. ما رأيك؟
أنجزت "ماريا روزا مادرياكا" بصفتها كمؤرخة مجموعة من الأبحاث التاريخية توصلت من خلالها إلى أن اسبانيا استعملت الغازات السامة ضد المقاومة الريفية، وهنا ينتهي دورها، ولا يحق لها الخوض في العلاقة السببية بين الغازات السامة والسرطان لأن هذا يدخل في مجال ليس بتخصصها.
أما وزير الصحة السيد الحسين الوردي، باعتباره يحمل مسؤولية حكومية، كان عليه أن يشكل لجنة من الخبراء لدراسة الموضوع، ولا يحق له أن يتحدث إلا وفق النتائج المتوصل إليها، أما تصريحاته الأخيرة في الناظور بالإضافة إلى تصريحات الوزيرة المنتدبة لدى وزير الخارجية في البرلمان في الشهر الماضي ليس إلا مزايدات ومراوغات سياسية تخدش شعور الريفيين وتروم إلى تزييف تاريخ وذاكرة الريف، وتبرهن بالملموس مدى استهزاء الدولة وتلاعبها بقضية حساسة بالنسبة للريفيين.
وإن كانت العلاقة السببية بين الأسلحة الكيماوية وظهور الأمراض السرطانية بالريف تعتبر لحد الآن في ظل عدم وجود دراسات مخبرية مجرد فرضية، فإن هذه الأخيرة ترتكز على مرتكزات جد قوية تتلخص في توصل مجموعة من الابحاث العلمية التي أقيمت في معاهد متخصصة ومنظمات دولية مثل منظمة الصحة العالمية إلى وجود علاقة سببية بين السرطان والأسلحة الكيماوية، بدون أن ننسى كذلك إحصائيات تكشف على أن 80 % من المصابين بمرض السرطان بالمغرب ينحدرون من منطقة الريف بدون أن يوجد عامل خارجي يساهم في ذلك من غير الغازات السامة.