ناظورسيتي:
تمت يوم السبت 01 يونيو 2024، على العاشرة صباحا برحاب الكلية متعدد التخصصات بالناظور مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، تحت عنوان ” السياسة الجمركية بالمغرب: دراسة في الآثار الاقتصادية (2012-2024)، من إنجاز، الطالب الباحث سمير المنور، تحت إشراف الدكتور محمد الرضواني
وقد تشكلت لجنة المناقشة من:
الدكتور جواد النوحي رئيسا؛
الدكتور محمد الرضواني مشرفا؛
الدكتور احمد بودراع عضوا ومقررا؛
الدكتور الميلود بوطريكي عضوا ومقررا؛
-الدكتور يوسف عنتار عضوا ومقررا.
وقد عرفت هذا المحفل العلمي نقاشا مستفيضا. وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة ومنح الطالب الباحث لقب “دكتور في الحقوق”، مع التوصية بالنشر، وتنويه لجنة المناقشة. حضر هذا الحدث ثلة من أساتذة الكلية وطلبة الماستر وطلبة الدكتوراه. الاطروحة ستكون مرجعا في مجال تقييم السياسات العمومية بالمغرب خاصة السياسة الجمركية والضرائبية والمالية.
التعريف بالموضوع:
يمكن تعريف السياسة الجمركية بأنها:
"برنامج عمل متكامل تخططه وتنفذه الحكومة عن عمد، مستخدمة الفنون الضريبية الوظيفية
الفعلية والمحتملة لإحداث آثار مرغوبة وتجنب آثار غير مرغوبة للمساهمة في تحقيق
أهداف المجتمع". وبناء عليه يمكن تفكيك مضامين التعريف السابق إلى ما يلي:
أولا- السياسة الجمركية برنامج متكامل وهادف؛
ثانيا - السياسة الجمركية تخططها وتنفذها الدولة عن قصد؛
ثالثا - السياسة الجمركية هي فن استخدام الضرائب الجمركية ؛
رابعا- السياسة الجمركية وظيفة ؛
خامسا- السياسة الجمركية تتضمن الأدوات الضريبية الفعلية والمحتملة؛
أهمية الموضوع:
-1 ليس من المغالاة في شيء قولنا بأن موضوع : "السياسة الجمركية بالمغرب: دراسة في الآثار
2022 "، يعتبر أول موضوع يتم من خلاله تناول السياسة الجمركية باعتبارها - الاقتصادية 2012
سياسة عمومية، كسائر السياسات العمومية التي يتخذها صانعو القرار العمومي المغربي من أجل تحقيق
غايات محددة. وعليه، إذا افترضنا أن السياسة الجمركية هي سياسة عمومية قطاعية، فلا بد لها من:
)المفهو م- أدوات وآليات - محددات الخارجية وداخلية - فاعلين "رسميين وغير رسميون" - كيفية وطريقة
بلورة هذه السياسة( ، وبالتالي لا بد أن تخضع هي الأخرى للتقييم وللتحليل .
-2 أغلب الدراسا ت ذات الصلة بالمجال الجمركي ، ركزت على المنازعات الجمركية ولا سيما الزجرية
منها، وأيضا موضوع المصالحة الجمركية، القانون الزجري الجمركي، النظام الجمركي، إلخ .
-3 أهمية الموضوع تستشف من أهمية المرحلة التي ستنصب عليها دراسة الآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركي ة المغربية، أ ي منذ فاتح من مارس سنة 2012 إلى 2022 . وهي المرحلة التي شهدت التحرير
الكامل للتجارة الخارجية وما رافقها من رفع للقيود الجمركية؛ كما أنه والحالة هذه فقد، يبدو للوهلة الأولى
أنه لا أهمية لدراسة آثار السياسات الجمركية السابقة والتي كانت مصاغة في إطار "الحمائية المتشددة"؛
مادامت سياسة الانفتاح باتت خيارا استراتيجيا للدولة المغربية أملته متطلبات الاقتصاد المعولم، إلا أن
الواقع العملي يفرض بالضرورة الرجوع إليها بين الفينة والأخرى، على الأقل من أجل إسقاط أوجه
المقارنة بينها وبين مرحلة موضوع الدراسة بغية تبيان نجاعة السياسة الجمركية الحديثة من عدمه .
-4 جانب من دراسة السياسات العمومية يهتم بالشق المتعلق بآثارها، سواء منها الإيجابية أو غير
الإيجابية، المباشرة منها وغير المباشرة، وغيرها.
-5 الدراسات السابقة القريبة من الموضوع ركزت فقط على السيناريوهات المحتملة لرفع القيود الجمركية
وتحرير التجارة الخارجية، كونها جاءت قبل نهاية مسلسل التفكيك الجمركي؛ وعليه، ورغم وجاهتها
وقيمتها العلمية والأكاديمية كانت عبارة عن استشراف قبلي لنوعية الآثار الاقتصادية للسياسة الجمركية
المصاغة، وبالتالي سارت كلها في اتجاه تراجع الموارد الجمركية جراء الانخراط في حرية المبادلات
لتجارية الدولية وما رافقه من رفع للحواجز الجمركية .
الحيز الزمني لموضوع الدراسة:
يتحدد موضوع هذه الأطروحة في رصد ومقاربة السياسة الجمركية المغربية
ابتداء من سنة 2012 ، وهي السنة التي دخل فيها مسلسل التفكيك التدريجي للحواجز
الجمركي مراحله الأخيرة، إلى حدود سنة 2022 . مع تسليط الضوء على المرحلة التي
دخلت فيها حيز التطبيق اتفاقيات "المنظمة العالمية لتجارة" واتفاقيات "المنظمة العالمية
للجمارك". ومرور مدة كافية لتقييم وتحليل الحصيلة الأولية للآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركية بالمغرب، حيث عرفت هذه المرحلة بالذات دخول هذه الأخيرة في جيل جديد من
الإصلاحات الشاملة. إلا أن ذلك يستلزم بالضرورة الإحاطة بالجذور التاريخية للسياسة
الجمركية المغربية سواء قبل التوقيع على معاهدة الحماية أو في ظلها أو بعد الحصول على
الاستقلال، لأن التطور التاريخي يبقى أساسيا لفهم التحولات الراهنة.
الصعوبات والعراقيل:
بكل تجرد وموضوعية، يمكن الإقرار بوجود دراسات انصبت على دراسة
السياسة الجمركية وما أثارتها من إشكاليات على مستوى التجارة الخارجية، كما انصبت
أخرى وعلى قلتها، على دراسة بعض الآثار الناجمة عن سياسة التحرر الاقتصادي؛ هذا
النوع الثاني من الدراسات وعلى أهميتها لم تقدم سوى السيناريوهات المحتملة للآثار التي
يمكن أن تحدث بعد التحرير الكامل للتجارة الدولية، ولا يعزى ذلك لتقصير من الباحثين
الذين أنجزوا تلك البحوث القيمة، بقدر ما يرجع بالأساس إلى فترة إنجاز تلك البحوث، حيث
أنجزت غالبيتها، قبل السنة الحاسمة وهي سنة 2012 ، وحتى التي نوقشت بعد هذه السنة،
فإنها هي الأخرى سارت في اتجاه الحديث عن احتمالية تراجع المدا خيل الجمركية لسبب
بسيط، وهي أن فترة الدراسة لم تكن بالشكل الكافي من أجل إجراء تقييم موضوعي وشامل
لكافة الآثار المترتبة عن تبني الدولة المغربية لسياستها الجمركية الحالية؛ ومن ثم تأتي
صعوبة هذا البحث، إذ يعتبر الوحيد لحد الآن الذي سيناقش الآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركية خلال فترة ما بعد الرفع النهائي للحواجز الجمركية من جهة، وعلى أساس اعتبار
السياسة الجمركية هي سياسة عمومية قطاعية تخدم قطاع الجمرك من جهة ثانية.
الإشكالية:
وهكذا، وبتوجيه من الأستاذ المشرف، كانت إشكالية الموضوع على الشكل الآتي: "تهدف
السياسة الجمركية إلى بلورة مجموعة من الإجراءات الحمائية والتي تهدف إلى الموازنة بين
حماية النسيج الاقتصادي الوطني من المنافسة الأجنبية، وبين تحرير المبادلات التجارية وما
تستلزمه من إلغاء للحواجز الجمركية؛ وعلى هذا الأساس تحوم إشكالية الموضوع حول مدى
إمكانية إدارة الجمارك - بصفتها المسؤولة الوحيدة عن تطبيق السياسة الجمركية - من تحقيق
المعادلة الثلاثية التالية: إنجاح عملية تحرير المبادلات التجارية وإلغاء التعرفة الجمركية، مع
احتواء مختلف القطاعات الإنتاجية وتأهيلها لمواجهة تداعيات التحرر والمنافسة، وأخيرا
التعايش مع مختلف انعكاسات وآثار إلغاء الحواجز الجمركية.
التساؤلات الفرعية:
- ما هو المسار التاريخي للسياسة الجمركية المغربية ؟
- ما الفرق بين السياسة الجمركية والنظام الجمركي وأيهما يخدم أهداف الآخر؟
- ما علاقة السياسة الجمركية بالقانون التنظيمي للمالية وبقانون المالية ؟
- ما هي الرسوم الجمركية التي شملها الالغاء؟ أو بعبارة أوضح هل هناك حقوق ورسوم جمركية
أخرى لم تطلها سياسة التحرير؟
- من هي الجهة التي أوكل إليها مسألة تطبيق السياسة الجمركية المغربي ة ؟
- ماهي الأبعاد الاقتصادية للسياسة الجمركية المغربية ؟
- ماهي أشكال الاندماج الاقتصادي؟ وما هو النموذج الأصلح للحالة المغربية؟
- هل ساهمت السياسة الجمركية الحديثة في تراجع الموارد الجمركية؟
- أم على العكس من ذلك تماما قد ساهمت وبشكل كبير في الرفع من الناتج الخام الداخلي .
- وأخيرا ماهي معايير سياسة جمركية فعالة ؟
الفرضيات:
أما يتعلق بالفرضيات المرتبطة بالموضوع: فيمكن الحديث عن فرضيتين لا
ثالث لهما، فلكون السياسة الجمركية باعتبارها متغير ثابت، يمكن أن ينجم عنها متغيرين
تابعين هما:
- إما أن السياسة الجمركية المغربية المتمثلة في التفكيك الكلي للحواجز الجمركية، يمكن
أن تؤدي إلى تراجع حاد في المداخيل، وبالتالي التأثير سلبا على الاقتصاد المغربي، ومن
ثم ضرورة البحث عن حلول بديلة لتجاوز تداعيات التحرير.
- وإما نفس السياسة الجمركية المتبعة، يمكن أن تؤدي إلى انصهار المغرب في الاقتصاد
العالمي، وبالتالي التأثير إيجابا على الاقتصاد الوطني، ومن ثم مواكبة التفكيك الجمركي
بدعم السياسة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وزيادة النظام الانتاجي؛ هذه
العوامل مجتمعة ستساهم لا محالة في الرفع من حجم الصادرات والواردات على حد سواء،
الأمر الذي من شأنه اتباع نفس النهج بالبحث عن تكتلات اقتصادية جديدة من أجل إحداث
مناطق جديدة للتبادل الحر.
أهم محاور الأطروحة:
بالنسبة للقسم الأول من هذه الأطروحة" ❖
على غرار باقي السياسات العمومية بالمغرب، تروم السياسة الجمركية تحقيق
أهداف وإشباع غايات متمثلة في إثراء خزينة الدولة، وهي المهمة الكلاسيكية المسندة إليها، وأيضا
حماية المستهلك، حماية الاقتصاد الوطني، تشجيع الاستثمار، إضافة إلى التصدي لكافة أنواع
. La Fraude Commerciale الغش التجاري
وفي هذا الصدد، فإن السياسة الجمركية المغربية تؤثر فيها مجموعة من
المحددات، والتي تعتبر م ن الأسس لنجاح السياسة الجمركية أو فشلها. لذلك، فإن أي محاولة
لتحليل هذه السياسة تبقى قاصرة ما لم نتطرق إلى جميع هذه المحددات. والتي توزعت بين
ما هو خارجي وبين ما هو داخلي من جهة، وبين ما هو قانوني واقتصادي وسياسي
واجتماعي.
ثم بعد ذلك، تم التطرق إلى مركز الفاعلين في السياسة الجمركية المغربية على
المستوى الدولي، ليتمظهر لنا ذلك الدور المحوري والهام للمنظمات الدولية العاملة في مجال
ال ت جارة والجمرك من قبيل "المنظمة العالمية للتجارة" و"المنظمة العالمية للجمارك" ، فضلا
عن تعاظم دور المؤسسات المالية الدولية والشركات متعددة الجنسيات والتكتلات الاقتصادية
في صناعتها.
كما يتدخل في بلورة هذه السياسة على الصعيد الدا خلي فاعل ون رسمي ون ممثلين
في كل من المؤسسة الملكية والسلطة التنفيذ ية، إضافة إلى السلطة التشريعية والقضائية ،
دون أن ننسى دور الأجهزة الإدارية في نجاعة هاته السياسة.
وفي نفس الإطار، اتضح لنا مدى تعاظم دور الفاعلين غير الرسميين على
المستوى الداخلي ونخص بالذكر هنا "الاتحاد العام لمقاولات المغرب " علاوة على لوبيات
أخرى سلطنا الضوء على أهمها والمتمثلة في "مغاربة العالم" دون أن ننسى مركز "اللوبي
الفلاحي" في صياغة السياسة الجمركية المغربية منذ الاستقلال إلى الآن.
وتستند السياسة الجمركية المغربية، من أجل أداء أدوارها وتحقيق أهدافها، على
ترسانة مهمة القوانين والتنظيمات...، كما تعتمد الجباية الجمركية على قاعدة إقرار الملزم
في مقابل الاعتراف للإدارة بسلطات واسعة تمكنها من ممارسة المراقبة ومحاربة جميع
أشكال الغش والمناورات الهادفة إلى التملص من أداء المستحقات الجمركية.
وبعد الحديث عن الضريبة الجمركية، كان لابد من الوقوف عن المكونات
المؤسساتية للسياسة الجمركية بالمغرب ، أو بعبارة أوضح الحديث بنوع من التفصيل عن
إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، المسؤولة حصرا عن تطبيق السياسة الجمركية،
فباعتبارها جهازا تابعا من الناحية العضوية والتنظيمية للقطاع الحكومي المكلف بالمالية،
عهد إليها المشرع المغربي مهمة إعداد ودراسة مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية ذات
الصلة بالجمرك، وأيضا تنفيذ التشريعات والتنظيمات المتعلقة بها ومراقبة التجارة الخارجية
والصرف. بل أكثر من ذلك، تعد في ال وقت ذاته قوة اقتراحية لصياغة إجراءات السياسة
الحكومية في المجال الجمركي.
وقد عملت الإدارة المذكورة على تطوير هذه الوظائف تماشيا مع مستجدات
المحيط الاقتصادي الوطني والعالمي، من أجل لعب دور الشريك مع المقاولات والمساهمة
في تنمية الاستثمار وحماية الإنتاج والاستهلاك وإقرار أسس العدالة الجبائية.. هذه المتغيرات
الوظيفية فرضت إعادة النظر في الهيكلة التنظيمية للإدارة الجمركية من أجل ما سبق بيانه.
بالنسبة للقسم الثاني من هذه الاطروحة: ❖
موضوع الآثار الاقتصادية للسياسة الجمركية المغربية ، كان بالمناسبة هو
موضوع القسم الثاني من هذه الأطروحة.
وهكذا تطرقنا في الفصل الأول من القسم الثاني، لتقييم الآثار المباشرة للسياسة
الجمركية المغربية ، والتي تراوحت بين التطور الحاصل في الجباية الجمركية وأيضا تزايد
الاستثمار ولا سيما الخارجي منه. وبين حماية المستهلك وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني
باعتبارهما من أهم الأدوار المنوطة بالسياسة الجمركية المغربية. فاتضح لنا بما لم يدع
مجالا للشك مدى فعالية ونجاعة السياسة الجمركية المغربية، والتي لمسناها من خلال تحقيق
جل الأهداف المسطرة بل أكثر من ذلك فاقت كل التوقعات من خلال الإحصائيات والأرقام
التي سقناها، والتي أكدت ذلك بالملموس.
ثم تطرقنا بعد ذلك للآثار غير المباشرة للسياسة الجمرك ية بالمغرب ، حيث قمنا
بتسليط الضوء على الآ ثار غير المباشرة والإيجابية لهذه السياسة، والتي طالت كلا من
تبسيط المساطر وأيضا الأمن الاقتصادي، ثم بعد ذلك قادنا الحديث إلى الحد يث عن دور
السياسة الجمركية في مكافحة المخالفات المرتبطة بمخالفة قانون الصرف وأيضا الاعتداء
على مجال الملكية الفكرية كمخالفات غير جمركية بحتة، لكن أ وكل لإدارة الجمارك مسألة
التصدي لمخالفيها.
وكغيرها من السياسات العمومية، لابد وأن تظهر بعض الآثار الجانبية السلبية
تطرقنا لها في الفصل الثاني من القسم الثاني؛ وعلى قلتها، فإن مهندسي السياسة الجمركية
المغربية يسهرون على معالجتها والتصدي لها، مع صياغة حلول وبدائل لمواجهتها، خاصة
وأن السياسات الجمركية عبر العالم دائمة التطور والتجدد من أجل مواكبة مستجدات النظام
الاقتصادي العالمي. وهكذا تطرقنا لآثار السياسة الجمركية على مسألة السيادة وأيضا
التضخم، ثم عرجنا على نفس الآثار السلبية والمرتبطة بالبيئة والتنمية المجالية.
وفي الأخير كان لزاما علينا بعد التطرق للآثار السلبية للسياسة الجمركية، وعلى
قلتها، إعطاء بعض الحلول والتدابير من أجل تجازها، من خلال تطوير البنية التنافسية
للمقاولة المغربية وأيضا ضرورة تعزيز جاذبية الاستثمار مع مواصلة التطور الصناعي
الذي تشهده المملكة.__
تمت يوم السبت 01 يونيو 2024، على العاشرة صباحا برحاب الكلية متعدد التخصصات بالناظور مناقشة أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، تحت عنوان ” السياسة الجمركية بالمغرب: دراسة في الآثار الاقتصادية (2012-2024)، من إنجاز، الطالب الباحث سمير المنور، تحت إشراف الدكتور محمد الرضواني
وقد تشكلت لجنة المناقشة من:
الدكتور جواد النوحي رئيسا؛
الدكتور محمد الرضواني مشرفا؛
الدكتور احمد بودراع عضوا ومقررا؛
الدكتور الميلود بوطريكي عضوا ومقررا؛
-الدكتور يوسف عنتار عضوا ومقررا.
وقد عرفت هذا المحفل العلمي نقاشا مستفيضا. وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة ومنح الطالب الباحث لقب “دكتور في الحقوق”، مع التوصية بالنشر، وتنويه لجنة المناقشة. حضر هذا الحدث ثلة من أساتذة الكلية وطلبة الماستر وطلبة الدكتوراه. الاطروحة ستكون مرجعا في مجال تقييم السياسات العمومية بالمغرب خاصة السياسة الجمركية والضرائبية والمالية.
التعريف بالموضوع:
يمكن تعريف السياسة الجمركية بأنها:
"برنامج عمل متكامل تخططه وتنفذه الحكومة عن عمد، مستخدمة الفنون الضريبية الوظيفية
الفعلية والمحتملة لإحداث آثار مرغوبة وتجنب آثار غير مرغوبة للمساهمة في تحقيق
أهداف المجتمع". وبناء عليه يمكن تفكيك مضامين التعريف السابق إلى ما يلي:
أولا- السياسة الجمركية برنامج متكامل وهادف؛
ثانيا - السياسة الجمركية تخططها وتنفذها الدولة عن قصد؛
ثالثا - السياسة الجمركية هي فن استخدام الضرائب الجمركية ؛
رابعا- السياسة الجمركية وظيفة ؛
خامسا- السياسة الجمركية تتضمن الأدوات الضريبية الفعلية والمحتملة؛
أهمية الموضوع:
-1 ليس من المغالاة في شيء قولنا بأن موضوع : "السياسة الجمركية بالمغرب: دراسة في الآثار
2022 "، يعتبر أول موضوع يتم من خلاله تناول السياسة الجمركية باعتبارها - الاقتصادية 2012
سياسة عمومية، كسائر السياسات العمومية التي يتخذها صانعو القرار العمومي المغربي من أجل تحقيق
غايات محددة. وعليه، إذا افترضنا أن السياسة الجمركية هي سياسة عمومية قطاعية، فلا بد لها من:
)المفهو م- أدوات وآليات - محددات الخارجية وداخلية - فاعلين "رسميين وغير رسميون" - كيفية وطريقة
بلورة هذه السياسة( ، وبالتالي لا بد أن تخضع هي الأخرى للتقييم وللتحليل .
-2 أغلب الدراسا ت ذات الصلة بالمجال الجمركي ، ركزت على المنازعات الجمركية ولا سيما الزجرية
منها، وأيضا موضوع المصالحة الجمركية، القانون الزجري الجمركي، النظام الجمركي، إلخ .
-3 أهمية الموضوع تستشف من أهمية المرحلة التي ستنصب عليها دراسة الآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركي ة المغربية، أ ي منذ فاتح من مارس سنة 2012 إلى 2022 . وهي المرحلة التي شهدت التحرير
الكامل للتجارة الخارجية وما رافقها من رفع للقيود الجمركية؛ كما أنه والحالة هذه فقد، يبدو للوهلة الأولى
أنه لا أهمية لدراسة آثار السياسات الجمركية السابقة والتي كانت مصاغة في إطار "الحمائية المتشددة"؛
مادامت سياسة الانفتاح باتت خيارا استراتيجيا للدولة المغربية أملته متطلبات الاقتصاد المعولم، إلا أن
الواقع العملي يفرض بالضرورة الرجوع إليها بين الفينة والأخرى، على الأقل من أجل إسقاط أوجه
المقارنة بينها وبين مرحلة موضوع الدراسة بغية تبيان نجاعة السياسة الجمركية الحديثة من عدمه .
-4 جانب من دراسة السياسات العمومية يهتم بالشق المتعلق بآثارها، سواء منها الإيجابية أو غير
الإيجابية، المباشرة منها وغير المباشرة، وغيرها.
-5 الدراسات السابقة القريبة من الموضوع ركزت فقط على السيناريوهات المحتملة لرفع القيود الجمركية
وتحرير التجارة الخارجية، كونها جاءت قبل نهاية مسلسل التفكيك الجمركي؛ وعليه، ورغم وجاهتها
وقيمتها العلمية والأكاديمية كانت عبارة عن استشراف قبلي لنوعية الآثار الاقتصادية للسياسة الجمركية
المصاغة، وبالتالي سارت كلها في اتجاه تراجع الموارد الجمركية جراء الانخراط في حرية المبادلات
لتجارية الدولية وما رافقه من رفع للحواجز الجمركية .
الحيز الزمني لموضوع الدراسة:
يتحدد موضوع هذه الأطروحة في رصد ومقاربة السياسة الجمركية المغربية
ابتداء من سنة 2012 ، وهي السنة التي دخل فيها مسلسل التفكيك التدريجي للحواجز
الجمركي مراحله الأخيرة، إلى حدود سنة 2022 . مع تسليط الضوء على المرحلة التي
دخلت فيها حيز التطبيق اتفاقيات "المنظمة العالمية لتجارة" واتفاقيات "المنظمة العالمية
للجمارك". ومرور مدة كافية لتقييم وتحليل الحصيلة الأولية للآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركية بالمغرب، حيث عرفت هذه المرحلة بالذات دخول هذه الأخيرة في جيل جديد من
الإصلاحات الشاملة. إلا أن ذلك يستلزم بالضرورة الإحاطة بالجذور التاريخية للسياسة
الجمركية المغربية سواء قبل التوقيع على معاهدة الحماية أو في ظلها أو بعد الحصول على
الاستقلال، لأن التطور التاريخي يبقى أساسيا لفهم التحولات الراهنة.
الصعوبات والعراقيل:
بكل تجرد وموضوعية، يمكن الإقرار بوجود دراسات انصبت على دراسة
السياسة الجمركية وما أثارتها من إشكاليات على مستوى التجارة الخارجية، كما انصبت
أخرى وعلى قلتها، على دراسة بعض الآثار الناجمة عن سياسة التحرر الاقتصادي؛ هذا
النوع الثاني من الدراسات وعلى أهميتها لم تقدم سوى السيناريوهات المحتملة للآثار التي
يمكن أن تحدث بعد التحرير الكامل للتجارة الدولية، ولا يعزى ذلك لتقصير من الباحثين
الذين أنجزوا تلك البحوث القيمة، بقدر ما يرجع بالأساس إلى فترة إنجاز تلك البحوث، حيث
أنجزت غالبيتها، قبل السنة الحاسمة وهي سنة 2012 ، وحتى التي نوقشت بعد هذه السنة،
فإنها هي الأخرى سارت في اتجاه الحديث عن احتمالية تراجع المدا خيل الجمركية لسبب
بسيط، وهي أن فترة الدراسة لم تكن بالشكل الكافي من أجل إجراء تقييم موضوعي وشامل
لكافة الآثار المترتبة عن تبني الدولة المغربية لسياستها الجمركية الحالية؛ ومن ثم تأتي
صعوبة هذا البحث، إذ يعتبر الوحيد لحد الآن الذي سيناقش الآثار الاقتصادية للسياسة
الجمركية خلال فترة ما بعد الرفع النهائي للحواجز الجمركية من جهة، وعلى أساس اعتبار
السياسة الجمركية هي سياسة عمومية قطاعية تخدم قطاع الجمرك من جهة ثانية.
الإشكالية:
وهكذا، وبتوجيه من الأستاذ المشرف، كانت إشكالية الموضوع على الشكل الآتي: "تهدف
السياسة الجمركية إلى بلورة مجموعة من الإجراءات الحمائية والتي تهدف إلى الموازنة بين
حماية النسيج الاقتصادي الوطني من المنافسة الأجنبية، وبين تحرير المبادلات التجارية وما
تستلزمه من إلغاء للحواجز الجمركية؛ وعلى هذا الأساس تحوم إشكالية الموضوع حول مدى
إمكانية إدارة الجمارك - بصفتها المسؤولة الوحيدة عن تطبيق السياسة الجمركية - من تحقيق
المعادلة الثلاثية التالية: إنجاح عملية تحرير المبادلات التجارية وإلغاء التعرفة الجمركية، مع
احتواء مختلف القطاعات الإنتاجية وتأهيلها لمواجهة تداعيات التحرر والمنافسة، وأخيرا
التعايش مع مختلف انعكاسات وآثار إلغاء الحواجز الجمركية.
التساؤلات الفرعية:
- ما هو المسار التاريخي للسياسة الجمركية المغربية ؟
- ما الفرق بين السياسة الجمركية والنظام الجمركي وأيهما يخدم أهداف الآخر؟
- ما علاقة السياسة الجمركية بالقانون التنظيمي للمالية وبقانون المالية ؟
- ما هي الرسوم الجمركية التي شملها الالغاء؟ أو بعبارة أوضح هل هناك حقوق ورسوم جمركية
أخرى لم تطلها سياسة التحرير؟
- من هي الجهة التي أوكل إليها مسألة تطبيق السياسة الجمركية المغربي ة ؟
- ماهي الأبعاد الاقتصادية للسياسة الجمركية المغربية ؟
- ماهي أشكال الاندماج الاقتصادي؟ وما هو النموذج الأصلح للحالة المغربية؟
- هل ساهمت السياسة الجمركية الحديثة في تراجع الموارد الجمركية؟
- أم على العكس من ذلك تماما قد ساهمت وبشكل كبير في الرفع من الناتج الخام الداخلي .
- وأخيرا ماهي معايير سياسة جمركية فعالة ؟
الفرضيات:
أما يتعلق بالفرضيات المرتبطة بالموضوع: فيمكن الحديث عن فرضيتين لا
ثالث لهما، فلكون السياسة الجمركية باعتبارها متغير ثابت، يمكن أن ينجم عنها متغيرين
تابعين هما:
- إما أن السياسة الجمركية المغربية المتمثلة في التفكيك الكلي للحواجز الجمركية، يمكن
أن تؤدي إلى تراجع حاد في المداخيل، وبالتالي التأثير سلبا على الاقتصاد المغربي، ومن
ثم ضرورة البحث عن حلول بديلة لتجاوز تداعيات التحرير.
- وإما نفس السياسة الجمركية المتبعة، يمكن أن تؤدي إلى انصهار المغرب في الاقتصاد
العالمي، وبالتالي التأثير إيجابا على الاقتصاد الوطني، ومن ثم مواكبة التفكيك الجمركي
بدعم السياسة الاقتصادية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية وزيادة النظام الانتاجي؛ هذه
العوامل مجتمعة ستساهم لا محالة في الرفع من حجم الصادرات والواردات على حد سواء،
الأمر الذي من شأنه اتباع نفس النهج بالبحث عن تكتلات اقتصادية جديدة من أجل إحداث
مناطق جديدة للتبادل الحر.
أهم محاور الأطروحة:
بالنسبة للقسم الأول من هذه الأطروحة" ❖
على غرار باقي السياسات العمومية بالمغرب، تروم السياسة الجمركية تحقيق
أهداف وإشباع غايات متمثلة في إثراء خزينة الدولة، وهي المهمة الكلاسيكية المسندة إليها، وأيضا
حماية المستهلك، حماية الاقتصاد الوطني، تشجيع الاستثمار، إضافة إلى التصدي لكافة أنواع
. La Fraude Commerciale الغش التجاري
وفي هذا الصدد، فإن السياسة الجمركية المغربية تؤثر فيها مجموعة من
المحددات، والتي تعتبر م ن الأسس لنجاح السياسة الجمركية أو فشلها. لذلك، فإن أي محاولة
لتحليل هذه السياسة تبقى قاصرة ما لم نتطرق إلى جميع هذه المحددات. والتي توزعت بين
ما هو خارجي وبين ما هو داخلي من جهة، وبين ما هو قانوني واقتصادي وسياسي
واجتماعي.
ثم بعد ذلك، تم التطرق إلى مركز الفاعلين في السياسة الجمركية المغربية على
المستوى الدولي، ليتمظهر لنا ذلك الدور المحوري والهام للمنظمات الدولية العاملة في مجال
ال ت جارة والجمرك من قبيل "المنظمة العالمية للتجارة" و"المنظمة العالمية للجمارك" ، فضلا
عن تعاظم دور المؤسسات المالية الدولية والشركات متعددة الجنسيات والتكتلات الاقتصادية
في صناعتها.
كما يتدخل في بلورة هذه السياسة على الصعيد الدا خلي فاعل ون رسمي ون ممثلين
في كل من المؤسسة الملكية والسلطة التنفيذ ية، إضافة إلى السلطة التشريعية والقضائية ،
دون أن ننسى دور الأجهزة الإدارية في نجاعة هاته السياسة.
وفي نفس الإطار، اتضح لنا مدى تعاظم دور الفاعلين غير الرسميين على
المستوى الداخلي ونخص بالذكر هنا "الاتحاد العام لمقاولات المغرب " علاوة على لوبيات
أخرى سلطنا الضوء على أهمها والمتمثلة في "مغاربة العالم" دون أن ننسى مركز "اللوبي
الفلاحي" في صياغة السياسة الجمركية المغربية منذ الاستقلال إلى الآن.
وتستند السياسة الجمركية المغربية، من أجل أداء أدوارها وتحقيق أهدافها، على
ترسانة مهمة القوانين والتنظيمات...، كما تعتمد الجباية الجمركية على قاعدة إقرار الملزم
في مقابل الاعتراف للإدارة بسلطات واسعة تمكنها من ممارسة المراقبة ومحاربة جميع
أشكال الغش والمناورات الهادفة إلى التملص من أداء المستحقات الجمركية.
وبعد الحديث عن الضريبة الجمركية، كان لابد من الوقوف عن المكونات
المؤسساتية للسياسة الجمركية بالمغرب ، أو بعبارة أوضح الحديث بنوع من التفصيل عن
إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، المسؤولة حصرا عن تطبيق السياسة الجمركية،
فباعتبارها جهازا تابعا من الناحية العضوية والتنظيمية للقطاع الحكومي المكلف بالمالية،
عهد إليها المشرع المغربي مهمة إعداد ودراسة مشاريع النصوص القانونية والتنظيمية ذات
الصلة بالجمرك، وأيضا تنفيذ التشريعات والتنظيمات المتعلقة بها ومراقبة التجارة الخارجية
والصرف. بل أكثر من ذلك، تعد في ال وقت ذاته قوة اقتراحية لصياغة إجراءات السياسة
الحكومية في المجال الجمركي.
وقد عملت الإدارة المذكورة على تطوير هذه الوظائف تماشيا مع مستجدات
المحيط الاقتصادي الوطني والعالمي، من أجل لعب دور الشريك مع المقاولات والمساهمة
في تنمية الاستثمار وحماية الإنتاج والاستهلاك وإقرار أسس العدالة الجبائية.. هذه المتغيرات
الوظيفية فرضت إعادة النظر في الهيكلة التنظيمية للإدارة الجمركية من أجل ما سبق بيانه.
بالنسبة للقسم الثاني من هذه الاطروحة: ❖
موضوع الآثار الاقتصادية للسياسة الجمركية المغربية ، كان بالمناسبة هو
موضوع القسم الثاني من هذه الأطروحة.
وهكذا تطرقنا في الفصل الأول من القسم الثاني، لتقييم الآثار المباشرة للسياسة
الجمركية المغربية ، والتي تراوحت بين التطور الحاصل في الجباية الجمركية وأيضا تزايد
الاستثمار ولا سيما الخارجي منه. وبين حماية المستهلك وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني
باعتبارهما من أهم الأدوار المنوطة بالسياسة الجمركية المغربية. فاتضح لنا بما لم يدع
مجالا للشك مدى فعالية ونجاعة السياسة الجمركية المغربية، والتي لمسناها من خلال تحقيق
جل الأهداف المسطرة بل أكثر من ذلك فاقت كل التوقعات من خلال الإحصائيات والأرقام
التي سقناها، والتي أكدت ذلك بالملموس.
ثم تطرقنا بعد ذلك للآثار غير المباشرة للسياسة الجمرك ية بالمغرب ، حيث قمنا
بتسليط الضوء على الآ ثار غير المباشرة والإيجابية لهذه السياسة، والتي طالت كلا من
تبسيط المساطر وأيضا الأمن الاقتصادي، ثم بعد ذلك قادنا الحديث إلى الحد يث عن دور
السياسة الجمركية في مكافحة المخالفات المرتبطة بمخالفة قانون الصرف وأيضا الاعتداء
على مجال الملكية الفكرية كمخالفات غير جمركية بحتة، لكن أ وكل لإدارة الجمارك مسألة
التصدي لمخالفيها.
وكغيرها من السياسات العمومية، لابد وأن تظهر بعض الآثار الجانبية السلبية
تطرقنا لها في الفصل الثاني من القسم الثاني؛ وعلى قلتها، فإن مهندسي السياسة الجمركية
المغربية يسهرون على معالجتها والتصدي لها، مع صياغة حلول وبدائل لمواجهتها، خاصة
وأن السياسات الجمركية عبر العالم دائمة التطور والتجدد من أجل مواكبة مستجدات النظام
الاقتصادي العالمي. وهكذا تطرقنا لآثار السياسة الجمركية على مسألة السيادة وأيضا
التضخم، ثم عرجنا على نفس الآثار السلبية والمرتبطة بالبيئة والتنمية المجالية.
وفي الأخير كان لزاما علينا بعد التطرق للآثار السلبية للسياسة الجمركية، وعلى
قلتها، إعطاء بعض الحلول والتدابير من أجل تجازها، من خلال تطوير البنية التنافسية
للمقاولة المغربية وأيضا ضرورة تعزيز جاذبية الاستثمار مع مواصلة التطور الصناعي
الذي تشهده المملكة.__