عبداللـه شريق
في أفق الإنتخابات التشريعية المقبلة (7 اكتوبر2016 ) أود أن أدلي في هذا المقال بمجموعة من الملاحظات حول بعض الظواهر و السلوكات السلبية والعوائق التي ترافق هذه العملية الوطنية التي تتوقف عليها السياسة العامة للوطن. ولاشك أن هذه الدورة الإنتخابية ستكون امتحانا آخر للديموقراطية في هذا البلد الذي تعاني فيه فئات اجتماعية واسعة من الجهل والفقر والتخلف وعدم امتلاك الوعي السياسي الذي يكفل حرية وحسن الإختيار، لأن الديموقراطية تقوم أساسا على الوعي السياسي وعلى المسؤولية وحرية الإختياروالإنتخاب والتنافس النزيه بين الأحزاب السياسية على أساس الإختلاف في البرامج الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية وفي معالجة القضايا الوطنية الكبرى..
غيرأن الإنتخابات في بلدنا ، وفي كثير من مظاهرها، تجرى في سياقات وملابسات خاصة وتقوم أحيانا على أسس أخرى و تتخللها سلوكات وظواهر بعيدة عن حقيقة الإنتخابات القائمة على الوعي الوطني و البرامج التنموية والتنافس النزيه بين الأحزاب، حيث تتدخل في العملية أطراف واعتبارات وعوامل أخرى تؤثر عليها سلبا وفي اتجاه يضعف طابعها الوطني والديموقراطي والحضاري، منها:
ـ كثرة الأحزاب (أكثرمن 30 حزبا ) وتشابه البرامج المقدمة من طرف بعضها وضعف خطابها السياسي، فبرغم الكثرة والتعدد واختلاف الألوان والمرجعيات (تاريخية وطنية/سلفية /ليبرالية ؟/ اشتراكية/توفيقية/بدون مرجعية...) ، فإن الكثير منها لا يقدم أي برنامج إنتخابي أوسياسي يميزه عن الآخرين، ولا يقدم إضافة جديدة إلى المشهد السياسي، بحيث تتشابه البرامج في بعض الشعارات والوعود
الفضفاضة وفي قصورها وعدم استيعابها لمتطلبات المرحلة وحاجيات المواطنين، وفي أسلوبها الإنشائي التسويفي وسطحية لغتها السياسية أحيانا، فضلا عما يتخلل الحملات الإنتخابية والتجمعات الخطابية من أساليب السب و القذف والإستخفاف والتهجم والتعصب بدل الإقناع والحوارالديموقراطي الهادئ الرصين و المثمر.
ـ ضعف التأطيرالسياسي للمواطنين من طرف هذه الأحزاب وعدم قيامها بدورها السياسي والثقافي والحضاري في التوعية السياسية ونشر قيم المواطنة و الديموقراطية و السلوك المدني بشكل مستدام . وبعضها لا يظهر في الساحة إلا في بعض المناسبات الوطنية وفي فترة الإنتخابات، ما يحولها إلى مؤسسات شكلية فارغة بدون فعالية أو برامج جادة ومتميزة.
ـ استغلال الفقر والجهل و التخلف وضعف الوعي السياسي،ما يسهل عملية التأثير و الإغراء بالمال و الوعود بتحقيق بعض المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة. وفي كثير من الحالات يكون تأثير هذه المصالح أقوى من المصالح الكبرى للمجتمع المغربي.
ـ التدخل القوي للعلاقات القبلية و العشائرية و العائلية ، و بعض الزوايا و الطرق التقليدية ، واستغلال الدين أحيانا من طرف بعض الأطراف والأحزاب .
ـ عدم إشراك واستشارة الجمعيات والمؤسسات والنخب الثقافية وجمعيات المجتمع المدني في العملية.
ـ انعدام الشفافية و الديموقراطية في عملية اقتراح المرشحين للإنتخابات دون الرجوع إلى القواعد المحلية، وأحيانا تتدخل العلاقات الشخصية والزبونية واعتبارات أخرى بشكل يقدم صورة سلبية لدى المواطن عن بعض الأحزاب التي تتحكم فيها جماعات معينة في عملية اختيار المرشحين من غير اعتماد مقاييس موضوعية ومن غير الرجوع إلى القواعد وأخذ رأيها.
ـ ظاهرة الترحال الحزبي أو السياسي وانتقال بعض المرشحين من حزب إلى آخروتنقل بعضهم بين أكثر من حزب بحثا عن التزكية ولو من الشيطان ! . المهم هو ضمان الترشيح وليس بحثا عن برنامج سياسي أو تنموي وطني أفضل أو أكثر إقناعا و نجاعة ...فضلا عن تكرارأو إعادة ترشيح بعض الوجوه في أكثر من دورة دون مراعاة التداول أوالتناوب على الترشيح كآلية من آليات ديموقراطية الإنتخابات ..ما يدفع المواطن أحيانا إلى سحب الثقة من هذه الوجوه و من العملية ككل.
ـ ضعف المستوى التعليمي والسياسي والثقافي لبعض المرشحين ، ما يجعلهم غير قادرين على المساهمة في الإقتراح والتشريع والمبادرة و المناقشة.
ـ من بين الأهداف الخفية لبعض المترشحين الحصول على المناصب والرواتب والتعويضات المالية وقضاءالمصالح الشخصية و الفئوية أكثر من المساهمة في خدمة المصالح الوطنية العامة، بل إن بعضهم وخاصة من الذين تكررترشيحهم وفوزهم،اتخذ العضوية في البرلمان شبه مهنة مدرة للأرباح والإمتيازات، ما يجعل فئة منهم غير قادرة وغيرمؤهلة للعمل والتضحية و الإخلاص لأنها تنشغل بتحقيق مصالحها و حماية مصالح الموالين لها أكثر من خدمة المصالح العامة .
ـ لامبالاة وعزوف عدد كبير من المواطنين عن المشاركة وخاصة من بعض فئات الشباب والأطرالتكنوقراطية و المثقفين وبعض الأساتذة والطلبة الجامعيين.
إن الإنتخابات التشريعية، وكذلك الإنتخابات الجماعية المحلية والإقليمية و الجهوية، هي في العمق عملية سياسية و اجتماعية و ثقافية ، تحتاج إلى ثقافة ديموقراطية وإلى الوعي السياسي والحرية والحوارالديموقراطي. و التنافس يجب أن يكون بين الأحزاب المشاركة في العملية على أساس البرامج الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية وليس على اعتبارات أخرى. ويجب على المواطن المغربي أن يعي دوره ومسؤوليته في بناء الديموقراطية على أسس سليمة و متينة ويعمل على مواجهة الإنتهازيين وسماسرة الإنتخابات، و ينتقل ـ بعد ما بينته التجارب السابقة من سلبيات ـ من مرحلة التصويت على الأشخاص إلى التصويت على البرامج والمؤسسات، و إلى مرحلة جديدة من الوعي و المسؤولية ومراعاة المصالح الوطنية قبل الولاءات الإجتماعية التقليدية والمصالح الضيقة و المتخلفة التي تحكمت في بعض التجارب السابقة.
وبرغم ما يبدو في الساحة من علامات على إمكان تبلور قطبين سياسيين كبيرين في الساحة السياسية الوطنية يضمان مجموعة من الأحزاب ،يمكن أن يقودهما حزبان متصارعان في الساحة ومتباينان في المرجعية والإستراتيجية و الأهداف السياسية و الإجتماعية والثقافية الكبرى هما : حزب العدالة و التنمية وحزب الأصالة و المعاصرة، فإن القراءة الأولية لطبيعة المكونات المحتملة لهذين التكتلين أو القطبين المحتملين يجعلنا غير متفائلين كثيرا نظرا للإختلاف و التباين القائم في أصولها ومرجعياتها وطبيعتها، ما يجعلهما قائمين على أسس هشة وعلى مصالح ذات طبيعة مرحلية و عابرة، بما لا يساهم في تغيير ملموس في الفكر السياسي المغربي ولا يبشر بتأطيرجديد أوهيكلة جديدة للخريطة السياسية و الحزبية المغربية بشكل حضاري ومتقدم. إضافة إلى تشتت أحزاب اليسارالإشتراكي وضعفها وعدم تبلور أحزاب ليبرالية ذات فكر ليبرالي ديموقراطي حقيقي، فنحن لم نعرف في المغرب ثقافة ليبرالية أو فكرا ليبراليا حقيقيا ، على الشكل الذي نجده في أوربا أو عند بعض الفئات البورجوازية أو لدى بعض النخب الثقافية في بعض بلدان الشرق العربي، كما لاحظ ذلك عبد الله العروي في "الإيديولوجية العربية المعاصرة" حيث يقول: " إن الليبراليين المغاربة على اختلاف ألوانهم و أحزابهم شاحبون جدا إذا قيسوا بحاملي هذه
الصفة في المشرق . وعلى هذا النحو تكون سطحية الليبراليين المغاربة مضاعفة من قبيل المصادفة البحتة إذا كانوا غير قادرين على إنتاج مؤلفات ذات دلالة، خارج الخطب الرسمية و المقابلات الصحفية للإستعمال الخارجي . بيد أن ثمة نتفا من الفكر الليبرالي متناثرة عبر مجالنا الثقافي . ومهما كانت الأقنعة التي تختفي وراءها تلك الأفكار ، فمن واجبنا ردها إلى أصلها المشترك ، الذي هو هذه الفترة الإنتقالية و الضرورية التي يعيشها المغرب و التي طابعها الأساسي ليبرالية لا شكل لها ولا لون".
على المواطن الناخب أن يعي دوره ومسؤوليته في عملية المشاركة والإختيار و الإنتخاب التي ينبغي أن تستند إلى قيم المواطنة و النزاهة والتطوع و التضحية وخدمة المصلحة العامة والسعي إلى التغيير والإلتزام بالبرامج الشمولية العامة و ليس على العلاقات المصلحية الضيقة أو الولاءات التقليدية المحافظة على ماهو قائم..لقد تعبنا من الوعود الكاذبة ومن العشوائية والنفاق والتملق ومن الإنتهازيين والمفسدين ..لنحتكم إلى العقل وإلى القيم الوطنية والديموقراطية وإلى الممارسة ونتائج التجارب السابقة ..نريد مرشحين وطنيين نزهاء شرفاء يترفعون عن المصالح الضيقة ويضحون من أجل مصالح الوطن و المواطنين.. يبحثون عن الوصول إلى الشرف والإصلاح والتغييرلا إلى تحقيق مصالحهم ومصالح الموالين لهم أو من مول حملاتهم الإنتخابية . نريد برامج وطنية تهدف إلى :
ـ توسيع مجال الديموقراطية والمساواة والحريات العامة والفردية..
ـ تقوية المؤسسات الدستورية وتفعيل الفصل بين السلطات، وضمان استقلالية ونزاهة القضاء..
ـ ضمان حرية التعبير والإجتماع والإضراب والحق في التعليم والعلاج والشغل .
ـ محاربة الفقر و الجهل و الهشاشة وتحسين أوضاع الطبقات الفقيرة و المتوسطة
ـ تفعيل مبدأ العدالة الضريبية، ومحاربة اقتصاد الريع والإمتيازات.
ـ بلورة استراتيجية وطنية لإصلاح التعليم وإنقاذه من الوضعية المتردية التي يتخبط فيها.
ـ وضع برنامج وطني لتوسيع وتقوية الإستثماروخلق المزيد من فرص الشغل في القطاعين العام و الخاص والقضاء على بطالة الشباب.
ـ التنمية الشمولية و المندمجة للعالم القروي..
ـ وضع استراتيجية وطنية للعناية باللغات والثقافة الوطنية وخاصة اللغة و الثقافة الأمازيغيتين لما لحقهما من غبن و تهميش لعدة قرون،بموازاة مع تنمية اللغة العربية وتحديثها والإنفتاح على اللغات والثقافات الأجنبية،ونشر قيم المواطنة والتعددية والتسامح والحواروالمساواة و الديموقراطية..
ـ تقوية وتوسيع تدخل جمعيات المجتمع المدني في المجالات الإجتماعية و الثقافية والحضارية .
ـ تجديد الحقل الديني وتحريره من هيمنة الخطاب التقليدي وتطويره نحو آفاق جديدة تسترشد بقيم العقل و العلوم الحديثة وظروف الحياة المعاصرة .
هذه مجرد آراء ومقترحات تعبر عن وجهة نظرخاصة قد تبدو للبعض تشاؤمية أو عدمية ، لكنهاغير ملزمة لأحد، و ليست موجهة ضد أحد أو ضد طرف معين و لا تتحيز لحزب دون آخروإنما تتحيز للصدق والوطنية و النزاهة والديموقراطية والتغيير و التجديد والمصالح الوطنية الكبرى،و تفترض أن الساحة السياسية المغربية لا تخلو من نزهاء ووطنيين وشرفاء صادقين...
في أفق الإنتخابات التشريعية المقبلة (7 اكتوبر2016 ) أود أن أدلي في هذا المقال بمجموعة من الملاحظات حول بعض الظواهر و السلوكات السلبية والعوائق التي ترافق هذه العملية الوطنية التي تتوقف عليها السياسة العامة للوطن. ولاشك أن هذه الدورة الإنتخابية ستكون امتحانا آخر للديموقراطية في هذا البلد الذي تعاني فيه فئات اجتماعية واسعة من الجهل والفقر والتخلف وعدم امتلاك الوعي السياسي الذي يكفل حرية وحسن الإختيار، لأن الديموقراطية تقوم أساسا على الوعي السياسي وعلى المسؤولية وحرية الإختياروالإنتخاب والتنافس النزيه بين الأحزاب السياسية على أساس الإختلاف في البرامج الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية وفي معالجة القضايا الوطنية الكبرى..
غيرأن الإنتخابات في بلدنا ، وفي كثير من مظاهرها، تجرى في سياقات وملابسات خاصة وتقوم أحيانا على أسس أخرى و تتخللها سلوكات وظواهر بعيدة عن حقيقة الإنتخابات القائمة على الوعي الوطني و البرامج التنموية والتنافس النزيه بين الأحزاب، حيث تتدخل في العملية أطراف واعتبارات وعوامل أخرى تؤثر عليها سلبا وفي اتجاه يضعف طابعها الوطني والديموقراطي والحضاري، منها:
ـ كثرة الأحزاب (أكثرمن 30 حزبا ) وتشابه البرامج المقدمة من طرف بعضها وضعف خطابها السياسي، فبرغم الكثرة والتعدد واختلاف الألوان والمرجعيات (تاريخية وطنية/سلفية /ليبرالية ؟/ اشتراكية/توفيقية/بدون مرجعية...) ، فإن الكثير منها لا يقدم أي برنامج إنتخابي أوسياسي يميزه عن الآخرين، ولا يقدم إضافة جديدة إلى المشهد السياسي، بحيث تتشابه البرامج في بعض الشعارات والوعود
الفضفاضة وفي قصورها وعدم استيعابها لمتطلبات المرحلة وحاجيات المواطنين، وفي أسلوبها الإنشائي التسويفي وسطحية لغتها السياسية أحيانا، فضلا عما يتخلل الحملات الإنتخابية والتجمعات الخطابية من أساليب السب و القذف والإستخفاف والتهجم والتعصب بدل الإقناع والحوارالديموقراطي الهادئ الرصين و المثمر.
ـ ضعف التأطيرالسياسي للمواطنين من طرف هذه الأحزاب وعدم قيامها بدورها السياسي والثقافي والحضاري في التوعية السياسية ونشر قيم المواطنة و الديموقراطية و السلوك المدني بشكل مستدام . وبعضها لا يظهر في الساحة إلا في بعض المناسبات الوطنية وفي فترة الإنتخابات، ما يحولها إلى مؤسسات شكلية فارغة بدون فعالية أو برامج جادة ومتميزة.
ـ استغلال الفقر والجهل و التخلف وضعف الوعي السياسي،ما يسهل عملية التأثير و الإغراء بالمال و الوعود بتحقيق بعض المصالح الشخصية أو الفئوية الضيقة. وفي كثير من الحالات يكون تأثير هذه المصالح أقوى من المصالح الكبرى للمجتمع المغربي.
ـ التدخل القوي للعلاقات القبلية و العشائرية و العائلية ، و بعض الزوايا و الطرق التقليدية ، واستغلال الدين أحيانا من طرف بعض الأطراف والأحزاب .
ـ عدم إشراك واستشارة الجمعيات والمؤسسات والنخب الثقافية وجمعيات المجتمع المدني في العملية.
ـ انعدام الشفافية و الديموقراطية في عملية اقتراح المرشحين للإنتخابات دون الرجوع إلى القواعد المحلية، وأحيانا تتدخل العلاقات الشخصية والزبونية واعتبارات أخرى بشكل يقدم صورة سلبية لدى المواطن عن بعض الأحزاب التي تتحكم فيها جماعات معينة في عملية اختيار المرشحين من غير اعتماد مقاييس موضوعية ومن غير الرجوع إلى القواعد وأخذ رأيها.
ـ ظاهرة الترحال الحزبي أو السياسي وانتقال بعض المرشحين من حزب إلى آخروتنقل بعضهم بين أكثر من حزب بحثا عن التزكية ولو من الشيطان ! . المهم هو ضمان الترشيح وليس بحثا عن برنامج سياسي أو تنموي وطني أفضل أو أكثر إقناعا و نجاعة ...فضلا عن تكرارأو إعادة ترشيح بعض الوجوه في أكثر من دورة دون مراعاة التداول أوالتناوب على الترشيح كآلية من آليات ديموقراطية الإنتخابات ..ما يدفع المواطن أحيانا إلى سحب الثقة من هذه الوجوه و من العملية ككل.
ـ ضعف المستوى التعليمي والسياسي والثقافي لبعض المرشحين ، ما يجعلهم غير قادرين على المساهمة في الإقتراح والتشريع والمبادرة و المناقشة.
ـ من بين الأهداف الخفية لبعض المترشحين الحصول على المناصب والرواتب والتعويضات المالية وقضاءالمصالح الشخصية و الفئوية أكثر من المساهمة في خدمة المصالح الوطنية العامة، بل إن بعضهم وخاصة من الذين تكررترشيحهم وفوزهم،اتخذ العضوية في البرلمان شبه مهنة مدرة للأرباح والإمتيازات، ما يجعل فئة منهم غير قادرة وغيرمؤهلة للعمل والتضحية و الإخلاص لأنها تنشغل بتحقيق مصالحها و حماية مصالح الموالين لها أكثر من خدمة المصالح العامة .
ـ لامبالاة وعزوف عدد كبير من المواطنين عن المشاركة وخاصة من بعض فئات الشباب والأطرالتكنوقراطية و المثقفين وبعض الأساتذة والطلبة الجامعيين.
إن الإنتخابات التشريعية، وكذلك الإنتخابات الجماعية المحلية والإقليمية و الجهوية، هي في العمق عملية سياسية و اجتماعية و ثقافية ، تحتاج إلى ثقافة ديموقراطية وإلى الوعي السياسي والحرية والحوارالديموقراطي. و التنافس يجب أن يكون بين الأحزاب المشاركة في العملية على أساس البرامج الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية وليس على اعتبارات أخرى. ويجب على المواطن المغربي أن يعي دوره ومسؤوليته في بناء الديموقراطية على أسس سليمة و متينة ويعمل على مواجهة الإنتهازيين وسماسرة الإنتخابات، و ينتقل ـ بعد ما بينته التجارب السابقة من سلبيات ـ من مرحلة التصويت على الأشخاص إلى التصويت على البرامج والمؤسسات، و إلى مرحلة جديدة من الوعي و المسؤولية ومراعاة المصالح الوطنية قبل الولاءات الإجتماعية التقليدية والمصالح الضيقة و المتخلفة التي تحكمت في بعض التجارب السابقة.
وبرغم ما يبدو في الساحة من علامات على إمكان تبلور قطبين سياسيين كبيرين في الساحة السياسية الوطنية يضمان مجموعة من الأحزاب ،يمكن أن يقودهما حزبان متصارعان في الساحة ومتباينان في المرجعية والإستراتيجية و الأهداف السياسية و الإجتماعية والثقافية الكبرى هما : حزب العدالة و التنمية وحزب الأصالة و المعاصرة، فإن القراءة الأولية لطبيعة المكونات المحتملة لهذين التكتلين أو القطبين المحتملين يجعلنا غير متفائلين كثيرا نظرا للإختلاف و التباين القائم في أصولها ومرجعياتها وطبيعتها، ما يجعلهما قائمين على أسس هشة وعلى مصالح ذات طبيعة مرحلية و عابرة، بما لا يساهم في تغيير ملموس في الفكر السياسي المغربي ولا يبشر بتأطيرجديد أوهيكلة جديدة للخريطة السياسية و الحزبية المغربية بشكل حضاري ومتقدم. إضافة إلى تشتت أحزاب اليسارالإشتراكي وضعفها وعدم تبلور أحزاب ليبرالية ذات فكر ليبرالي ديموقراطي حقيقي، فنحن لم نعرف في المغرب ثقافة ليبرالية أو فكرا ليبراليا حقيقيا ، على الشكل الذي نجده في أوربا أو عند بعض الفئات البورجوازية أو لدى بعض النخب الثقافية في بعض بلدان الشرق العربي، كما لاحظ ذلك عبد الله العروي في "الإيديولوجية العربية المعاصرة" حيث يقول: " إن الليبراليين المغاربة على اختلاف ألوانهم و أحزابهم شاحبون جدا إذا قيسوا بحاملي هذه
الصفة في المشرق . وعلى هذا النحو تكون سطحية الليبراليين المغاربة مضاعفة من قبيل المصادفة البحتة إذا كانوا غير قادرين على إنتاج مؤلفات ذات دلالة، خارج الخطب الرسمية و المقابلات الصحفية للإستعمال الخارجي . بيد أن ثمة نتفا من الفكر الليبرالي متناثرة عبر مجالنا الثقافي . ومهما كانت الأقنعة التي تختفي وراءها تلك الأفكار ، فمن واجبنا ردها إلى أصلها المشترك ، الذي هو هذه الفترة الإنتقالية و الضرورية التي يعيشها المغرب و التي طابعها الأساسي ليبرالية لا شكل لها ولا لون".
على المواطن الناخب أن يعي دوره ومسؤوليته في عملية المشاركة والإختيار و الإنتخاب التي ينبغي أن تستند إلى قيم المواطنة و النزاهة والتطوع و التضحية وخدمة المصلحة العامة والسعي إلى التغيير والإلتزام بالبرامج الشمولية العامة و ليس على العلاقات المصلحية الضيقة أو الولاءات التقليدية المحافظة على ماهو قائم..لقد تعبنا من الوعود الكاذبة ومن العشوائية والنفاق والتملق ومن الإنتهازيين والمفسدين ..لنحتكم إلى العقل وإلى القيم الوطنية والديموقراطية وإلى الممارسة ونتائج التجارب السابقة ..نريد مرشحين وطنيين نزهاء شرفاء يترفعون عن المصالح الضيقة ويضحون من أجل مصالح الوطن و المواطنين.. يبحثون عن الوصول إلى الشرف والإصلاح والتغييرلا إلى تحقيق مصالحهم ومصالح الموالين لهم أو من مول حملاتهم الإنتخابية . نريد برامج وطنية تهدف إلى :
ـ توسيع مجال الديموقراطية والمساواة والحريات العامة والفردية..
ـ تقوية المؤسسات الدستورية وتفعيل الفصل بين السلطات، وضمان استقلالية ونزاهة القضاء..
ـ ضمان حرية التعبير والإجتماع والإضراب والحق في التعليم والعلاج والشغل .
ـ محاربة الفقر و الجهل و الهشاشة وتحسين أوضاع الطبقات الفقيرة و المتوسطة
ـ تفعيل مبدأ العدالة الضريبية، ومحاربة اقتصاد الريع والإمتيازات.
ـ بلورة استراتيجية وطنية لإصلاح التعليم وإنقاذه من الوضعية المتردية التي يتخبط فيها.
ـ وضع برنامج وطني لتوسيع وتقوية الإستثماروخلق المزيد من فرص الشغل في القطاعين العام و الخاص والقضاء على بطالة الشباب.
ـ التنمية الشمولية و المندمجة للعالم القروي..
ـ وضع استراتيجية وطنية للعناية باللغات والثقافة الوطنية وخاصة اللغة و الثقافة الأمازيغيتين لما لحقهما من غبن و تهميش لعدة قرون،بموازاة مع تنمية اللغة العربية وتحديثها والإنفتاح على اللغات والثقافات الأجنبية،ونشر قيم المواطنة والتعددية والتسامح والحواروالمساواة و الديموقراطية..
ـ تقوية وتوسيع تدخل جمعيات المجتمع المدني في المجالات الإجتماعية و الثقافية والحضارية .
ـ تجديد الحقل الديني وتحريره من هيمنة الخطاب التقليدي وتطويره نحو آفاق جديدة تسترشد بقيم العقل و العلوم الحديثة وظروف الحياة المعاصرة .
هذه مجرد آراء ومقترحات تعبر عن وجهة نظرخاصة قد تبدو للبعض تشاؤمية أو عدمية ، لكنهاغير ملزمة لأحد، و ليست موجهة ضد أحد أو ضد طرف معين و لا تتحيز لحزب دون آخروإنما تتحيز للصدق والوطنية و النزاهة والديموقراطية والتغيير و التجديد والمصالح الوطنية الكبرى،و تفترض أن الساحة السياسية المغربية لا تخلو من نزهاء ووطنيين وشرفاء صادقين...