بلقاسم الجطّاري
صار التراث المادي خلال السنوات الأخيرة، أحد أهم عوامل التنمية، وانتبه المهتمون بالشأن الثقافي إلى الدور الاقتصادي الهام الذي يمكن أن يلعبه إلى جانب القطاعات الأخرى، بعد أن كان ينظر إليه (ولفترة ليست بالقصيرة) كأحد “العوائق” التي تقف في وجه تطوير البنى التحتية والتوسع العمراني. ويبدو أن الحفاظ على مظاهر التراث الثقافي يساهم في الحفاظ وحماية الذاكرة الجماعية وعمقها الحضاري، والتراث في حد ذاته ثروة إستراتيجية غير قابلة للاسترجاع في حالة الضياع. والظاهر أن المواقع الأثرية التي اخترنا أن تكون موضوع ندوتنا العلمية تمثل جانبا مهما من هذا التراث الثقافي، تشهد على تاريخ المنطقة التي تتموقع فيها، والإنسان الذي عمرها، ومن منطلق أهميتها وقيمتها، غدت تشكل لدى العديد من المؤسسات والجهات والفاعلين رهانا من الرهانات التي يمكن التعويل عليها في تحقيق التنمية المنشودة بالمنطقة أو الإقليم أو الجهة التي تحتضن مثل هذه المعالم/ المواقع الأثرية، ويترتب عن الرهان/ الرهانات نتائج مهمة وباهرة، سيما عندما يكون تعامل المعنيين مع الموضوع محكوما بخلفية مواطنة، تستبعد إن لم نقل تغيب الخلفيات الأيديولوجية .
من هذا المنطلق، جاء اختيارنا لموضوع هذا المقال وبعنوانه المصاغ كالتالي: المواقع الأثرية بمنطقة الريف المغربي: أية رهانات للتنمية؟ وهل من متبن لها بخلفية مواطنة؟
اعتقادا منا، أن منطقة الريف تحتضن عددا من المواقع الأثرية التي تنتمي إلى عصور وفترات تاريخية مختلفة، يبدو أن المعروف والمصنف منها يعيش يتما، تحوم حوله عدد من الأسئلة: حول واقعه، ومؤهلاته، ومدى توظيفه واستثماره من قبل المعنيين والمتدخلين في مجال التنمية بالمنطقة أو المناطق التي تحتضنه. مثلما أن هذا المعروف لا يسعفنا في تقويم حال المواقع الأثرية بالريف المغربي ومؤهلاتها وتقييمها، سيما إذا عرفنا أن من سوء حظ المنطقة أنها (كمجمل المناطق التي كانت تابعة لسلطات الحماية الإسبانية بالمغرب الخليفي) لم تحظ بأبحاث وتنقيبات في خباياها بشكل منهجي، وتحت إشراف مؤسسات مختصة، سواء في عهد الحماية أم بعد الاستقلال. صحيح أنه في الآونة الأخيرة، منذ سنة، 2000 انطلق مشروع بحث طموح بإشراف مسلك الدراسات الأمازيغية وماستر التراث الشعبي والتنمية جامعة محمد الأول بشراكة مع بعثات أجنبية بهدف دراسة مظاهر الاستقرار البشري بالريف منذ العصور القديمة والوسطى، وأبان المشروع عن اكتشاف مواقع مهمة، مثلما أن النتائج المتوصل إليها جعلت العديد من الكتابات والدراسات العلمية، تعيد النظر في حساباتها ونتائجها. إذا كان الأمر كذلك، فيحق لنا أن نتساءل عن:
ما طبيعة الوضع الذي تعرفه المواقع الأثرية بمنطقة الريف المغربي وخصوصيات الواقع الذي تحيى فيه؟ أية حماية قانونية للمواقع الأثرية بمنطقة الريف؟ ما تاريخ البحث الأركيولوجي/ الأبحاث الأركيولوجية بمنطقة الريف؟ هل من خريطة أو دليل جرد للمواقع الأثرية بالريف المصنف منها وغير المصنف؟ أية مؤهلات لهذه المواقع الأثرية؟ هل من متبن لها بخلفية مواطنة؟ · ما الجهات والمؤسسات والهيئات التي تقع على عاتقها مهمة التبني والاحتضان والرعاية والحماية والتوظيف والاستثمار..؟ كيف يمكن تثمين هذه المواقع وتحريكها لتحيق تنمية المجال والإنسان بالريف المغربي؟ هذه جمل من الأسئلة التي تشكل محاور بحوث أكاديمية لطلبة ماستر التراث الأمازيغي والتي يشرف عليها السادة الأساتذة من مختلف التخصصات. وهكذا، فلئن كان المجتمع الريفي الأمازيغي قد نجح بدرجات متفاوتة في الانخراط في العصر، إلا أنه دفع مقابل ذلك ثمنا باهضا من مقوماته الحضارية والثقافية، ابتداء من أنماط إنتاجه وطرق عيشه وانتهاء بتقاليده وعاداته واحتفالاته وإنتاجاته الرمزية نذكر على سبيل المثال.
1- القصبات.
التسمية جماعة أو إقليم تاريخ التشييد – قصبة “سلوان” مدينة “سلوان” 1678م في حقبة المولى إسماعيل. – قصبة “فرخانة” مدينة “فرخانة” الحدودية 1679 في حقبة المولى إسماعيل.
-2 المواقع الأثرية
التسمية جماعة أو إقليم تاريخ التشييد – مدينة “غساسة/GHASSASSA”. قيادة بني شيڬر. غير محدد. – مدينة “طازوطا/TAZOUTA”. مدينة ازغنغن/ZEGHANGANE. غير محدد وجود مؤشرات تعود للفترة المرينية الوسيطية. – سيدي إدريس. جماعة “تمسمان”. (فينيقي/موري/وسيطي). – موقع بوحوت “BOHOUTE”. واد ملوية. (فينيقي/موري/وسيطي). تعد المواقع الأثرية بدون شك واحدة من تلك الأشكال التي يتهددها الضياع والانقراض، إن لم يكن رصيد هام منها قد ضاع فعلا برحيل ما تبقى من الأجيال التي ظلت متشبثة بذاكرتها الجماعية. ووعيا بضرورة الحفاظ على هذا التراث المادي وصيانته من الضياع، باعتباره جزءا من الذاكرة الجماعية، فقد أخدت مجموعة البحث في التراث على عاتقها توثيق هذه المواقع بمنطقة الريف وتدوينها، ولئن كان هذا الجهد مساهمة متواضعة في إنقاذ هذا المخزون التراثي من الاندثار، فإن الآمال ما تزال معقودة على جهود أخرى لاستدراك ما فات في هذا السياق فهل من متبن لآثار مغربية.
أستاذ باحث كلية -الآداب وجدة
صار التراث المادي خلال السنوات الأخيرة، أحد أهم عوامل التنمية، وانتبه المهتمون بالشأن الثقافي إلى الدور الاقتصادي الهام الذي يمكن أن يلعبه إلى جانب القطاعات الأخرى، بعد أن كان ينظر إليه (ولفترة ليست بالقصيرة) كأحد “العوائق” التي تقف في وجه تطوير البنى التحتية والتوسع العمراني. ويبدو أن الحفاظ على مظاهر التراث الثقافي يساهم في الحفاظ وحماية الذاكرة الجماعية وعمقها الحضاري، والتراث في حد ذاته ثروة إستراتيجية غير قابلة للاسترجاع في حالة الضياع. والظاهر أن المواقع الأثرية التي اخترنا أن تكون موضوع ندوتنا العلمية تمثل جانبا مهما من هذا التراث الثقافي، تشهد على تاريخ المنطقة التي تتموقع فيها، والإنسان الذي عمرها، ومن منطلق أهميتها وقيمتها، غدت تشكل لدى العديد من المؤسسات والجهات والفاعلين رهانا من الرهانات التي يمكن التعويل عليها في تحقيق التنمية المنشودة بالمنطقة أو الإقليم أو الجهة التي تحتضن مثل هذه المعالم/ المواقع الأثرية، ويترتب عن الرهان/ الرهانات نتائج مهمة وباهرة، سيما عندما يكون تعامل المعنيين مع الموضوع محكوما بخلفية مواطنة، تستبعد إن لم نقل تغيب الخلفيات الأيديولوجية .
من هذا المنطلق، جاء اختيارنا لموضوع هذا المقال وبعنوانه المصاغ كالتالي: المواقع الأثرية بمنطقة الريف المغربي: أية رهانات للتنمية؟ وهل من متبن لها بخلفية مواطنة؟
اعتقادا منا، أن منطقة الريف تحتضن عددا من المواقع الأثرية التي تنتمي إلى عصور وفترات تاريخية مختلفة، يبدو أن المعروف والمصنف منها يعيش يتما، تحوم حوله عدد من الأسئلة: حول واقعه، ومؤهلاته، ومدى توظيفه واستثماره من قبل المعنيين والمتدخلين في مجال التنمية بالمنطقة أو المناطق التي تحتضنه. مثلما أن هذا المعروف لا يسعفنا في تقويم حال المواقع الأثرية بالريف المغربي ومؤهلاتها وتقييمها، سيما إذا عرفنا أن من سوء حظ المنطقة أنها (كمجمل المناطق التي كانت تابعة لسلطات الحماية الإسبانية بالمغرب الخليفي) لم تحظ بأبحاث وتنقيبات في خباياها بشكل منهجي، وتحت إشراف مؤسسات مختصة، سواء في عهد الحماية أم بعد الاستقلال. صحيح أنه في الآونة الأخيرة، منذ سنة، 2000 انطلق مشروع بحث طموح بإشراف مسلك الدراسات الأمازيغية وماستر التراث الشعبي والتنمية جامعة محمد الأول بشراكة مع بعثات أجنبية بهدف دراسة مظاهر الاستقرار البشري بالريف منذ العصور القديمة والوسطى، وأبان المشروع عن اكتشاف مواقع مهمة، مثلما أن النتائج المتوصل إليها جعلت العديد من الكتابات والدراسات العلمية، تعيد النظر في حساباتها ونتائجها. إذا كان الأمر كذلك، فيحق لنا أن نتساءل عن:
ما طبيعة الوضع الذي تعرفه المواقع الأثرية بمنطقة الريف المغربي وخصوصيات الواقع الذي تحيى فيه؟ أية حماية قانونية للمواقع الأثرية بمنطقة الريف؟ ما تاريخ البحث الأركيولوجي/ الأبحاث الأركيولوجية بمنطقة الريف؟ هل من خريطة أو دليل جرد للمواقع الأثرية بالريف المصنف منها وغير المصنف؟ أية مؤهلات لهذه المواقع الأثرية؟ هل من متبن لها بخلفية مواطنة؟ · ما الجهات والمؤسسات والهيئات التي تقع على عاتقها مهمة التبني والاحتضان والرعاية والحماية والتوظيف والاستثمار..؟ كيف يمكن تثمين هذه المواقع وتحريكها لتحيق تنمية المجال والإنسان بالريف المغربي؟ هذه جمل من الأسئلة التي تشكل محاور بحوث أكاديمية لطلبة ماستر التراث الأمازيغي والتي يشرف عليها السادة الأساتذة من مختلف التخصصات. وهكذا، فلئن كان المجتمع الريفي الأمازيغي قد نجح بدرجات متفاوتة في الانخراط في العصر، إلا أنه دفع مقابل ذلك ثمنا باهضا من مقوماته الحضارية والثقافية، ابتداء من أنماط إنتاجه وطرق عيشه وانتهاء بتقاليده وعاداته واحتفالاته وإنتاجاته الرمزية نذكر على سبيل المثال.
1- القصبات.
التسمية جماعة أو إقليم تاريخ التشييد – قصبة “سلوان” مدينة “سلوان” 1678م في حقبة المولى إسماعيل. – قصبة “فرخانة” مدينة “فرخانة” الحدودية 1679 في حقبة المولى إسماعيل.
-2 المواقع الأثرية
التسمية جماعة أو إقليم تاريخ التشييد – مدينة “غساسة/GHASSASSA”. قيادة بني شيڬر. غير محدد. – مدينة “طازوطا/TAZOUTA”. مدينة ازغنغن/ZEGHANGANE. غير محدد وجود مؤشرات تعود للفترة المرينية الوسيطية. – سيدي إدريس. جماعة “تمسمان”. (فينيقي/موري/وسيطي). – موقع بوحوت “BOHOUTE”. واد ملوية. (فينيقي/موري/وسيطي). تعد المواقع الأثرية بدون شك واحدة من تلك الأشكال التي يتهددها الضياع والانقراض، إن لم يكن رصيد هام منها قد ضاع فعلا برحيل ما تبقى من الأجيال التي ظلت متشبثة بذاكرتها الجماعية. ووعيا بضرورة الحفاظ على هذا التراث المادي وصيانته من الضياع، باعتباره جزءا من الذاكرة الجماعية، فقد أخدت مجموعة البحث في التراث على عاتقها توثيق هذه المواقع بمنطقة الريف وتدوينها، ولئن كان هذا الجهد مساهمة متواضعة في إنقاذ هذا المخزون التراثي من الاندثار، فإن الآمال ما تزال معقودة على جهود أخرى لاستدراك ما فات في هذا السياق فهل من متبن لآثار مغربية.
أستاذ باحث كلية -الآداب وجدة