بقلم: عبد الكريم بولعيون
أبهرتني مقالة الصديق مصطفى تلاندين و التي عنونها بخط عريض " انتقاد الحكومة الحالية:
العدالة والتنمية في منظور الإسلام والشرع الحكيم" ، سوف لن أتساءل عن وقتها و ظرفيتها و إلا سنتهمه بخوضه حملة انتخابية ضد حزب العدالة و التنمية أو كونه داعما لأحد الأحزاب المنافسة أو دخوله في موجة الحرب الشرسة التي تحاك للحزب من قبل أذيال التحكم و هواة السباحة في الماء العكر من المفسدين ...أنا شخصيا لا أعتقد ذلك ، فقد عرفته بحسن أخلاقه و نشاطه المعهود ، فالأمر لا يعدوا إلا أن يكون رأيا في الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي المغربي الحالي و هذا من حقه مكفول بمقتضى الدستور و عرف السياسة . لكن الأمر الذي ثار حفيظتي هي قيمة المقالة في حد ذاتها و الحجج التي توسل بها دفاعا عن قناعته في ما يخص قيمتين أساسين و هما العدالة و التنمية متسائلا ، هل تحققتا فعلا من خلال مشروع الحزب و برنامجه في ما تم إنجازه على أرض الواقع ؟ ليجيب قطعا بلا! و يبرر ذلك من خلال مازعمه أن المواطن المغربي الذي كان يعيش في ظل الحكومات السابقة و التي رغم كونها لم تدعي المرجعية الاسلامية كانت جد عادلة ، أي أن هذا المواطن في تلك المرحلة كان يتمتع بحياة فارهة ، ينعم بالعدالة الاجتماعية و يستفيد من أوراش التنمية الكبرى ، فالقائمون على السياسة انذاك كانوا يقتسمون مع الشعب الثروات و يهتمون بأمر الرعية أكثر من اللازم و كانوا يعملون بمبدأ " أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم" أما المواطن الان المسكين، فيقول، إنه يحترق ألما و يموت جوعا لأن ساسة الحكومة اختلسوا كل أمواله و أعدموا كل الانجازات التي تحققت على يد من قبلهم ، فتحطمت الامال و ساد الشؤم عند أغلب الناس ، أما القلة التي تنوه بعمل الحكومة فهم بالنسبة إليه أناسا من قليلي الثقافة والوعي وليس لهم حظ من العلم والفهم والدراية بمجريات الأمور، هم فقط ضحايا العاطفة الدينية التي تعمي البصيرة فيرون الأمور مقلوبة ، كأن يروا المفسد صالحا و العكس ؛ فالصورة الحية للواقع ليس كما يراها هؤلاء المغفلون، بل كما يراها هوالمثقف الفطن العارف بالحصيلة و الانجازات. و لكي يقنعنا أكثر بتهافت الحكومة يستدل بأقوال الصحابة و الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين عن قدرتهم في تطبيق العدل و التنمية على أرض الواقع ، قولا و فعلا.
هكذا تبين لي أن زميلي مصطفى يعيش في عالم ليس عالمنا و زمن ليس زماننا و يتوسل بأدوات دفاعية ليست بأكثر من عاطفة غريبة الأطوار أقل براءة من التي يتهم به غيره ، و لأنه يتحدث عن السياسة فكان عليه أن يلتزم بلغة السياسة الي تقوم على الأرقام والمؤشرات و الحصيلة ...
ولأنه يعيش خارج الزمان و المكان فهو يستحضر زمن الخلافة و عدل الخلفاء، غير عابئ بوضعها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي البدوي البسيط ، و يذكرنا بما قام به الخليفة العادل سيدنا عمر ابن عبد العزيز حينما وزع ثروة المسلمين على جميع الأمة من بيت مال المسلمين بالتساوي والعدل ، و ما قام به الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب كذلك رضي الله عنه. نعم إنها قرارات و إصلاحات لا أحد ينكر قيمتها و عظمة شأنها في ظل نظام سياسي و واقع اجتماعي و اقتصادي مختلف كل الإختلاف عن واقع العصر في ظل الدولة الحديثة بتعقداتها و خصوصيتها، اللهم إن كان الهدف من ذلك محاولة البحث عن الثابت الذي ينبغي أن يسود كل نظام عادل و هو ربط المسؤولية بالمحاسبة ، أي ربط الحصيلة بالبرنامج في حدود الامكانات و الاختصاصات في ظل الواقع و ظروفه هو ما سنتحدث عنه لاحقا.
ولأنه يعيش خارج الزمان و المكان و يستحضر الزمن البعيد، في الوقت نفسه يجهل الزمن القريب ، زمن الحكومات المتوالية على المغرب من الاستقلال متوهما تحقق العدل و المساواة والحرية فيها،ذلك الزمن الذي ساد فيه الرصاص و الخوف و الهلع ، زمن الاختلاسات بالمجان ، زمن تكدس الثروة في يد السياسيين و في يد الذين يزعجونهم ، زمن تقسيم الضيعات و تهريب الأموال وشراء الشقق الفاخرة بالخارج ، زمن الريع و الفساد و الصفقات المشبوهة ...هكذا يتبين التناقض الصارخ الذي يعيشه و أن حكم الشرع الذي يريد تحكيمه هو في الحقيقة مجرد هوى النفس أو سخط أعمى جعل من صاحب المقال يخوض معركة ضد المنطق و الشرع نفسه دون أن يدري.
لذلك كان لزاما أن يطلع على بعض انجازات هذه الحكومة في ظل الوضعية الاستثنائية و الظرفية الاقتصادية الصعبة التي اشتغلت فيها، و هكذا يمكن أن نقول بكل ثقة في النفس أنها استطاعت مواجهة تحديات كبرى على مستويات مختلفة نذكر بعضا منها:
عززت الثقة و حاربت الفساد بإحالة 73 ورد في تقارير المجلس الأعلى للحسابات على النيابة العامة ما بين سنتي 2012و 2016 مقابل 39 ملفا فقط بين 2001 و 2011، اقرار اليات لتتبع ثروة القضاة و المسؤولين،نشر لوائح المستفيدين من الرخص و إرساء مبدأ الشفافية ، عدم مصادرة أية جريدة و طنية أو اغلاق موقع الكتروني... و الأهم أكثر من ذلك ربح الرهان بخوضها معركة الأيادي النظيفة و ذلك بعدم المساس بالمال العام و ملئ الجيوب.
أما ما يخص الخدمات المقدمة للمواطنين فيمكن تلخيصهافي تخفيظ ثمن حوالي 2740 دواء الاكثر استهلاكا في المغرب ، و دعم المباشر للأرامل في وضعية هشة ، و إصلاح نظام المعاشات و التغطية الصحية ، و تفعيل صندوق التكافل العائلي الذي استهدف المطلقات و أبنائهن، و رفع المنحة الجامعية للطلبة و توسيع عدد المستفيدين ، والرفع من الحد الأدنى للأجر في الوظيفة العمومية، إحداث 417000 منصب شغل...
و ما يخص المالية العمومية فقد تم استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية و التحكم في عجز المالية العمومية عبر انخفاض عجز الميزانية للناتج الداخلي، مع ارتفاع احتياطي العملة الصعبة، و إنجاز معدل نمو متقدم على معدل النمو في المنطقة، و تحسين مناخ الأعمال و رفع جاذبية الاستثمارات الأجنبية، و تصفية متأخرات الديون المتراكمة على كاهل المؤسسات العمومية لفائدة المقاولات ،و تسهيل تمويل المقاولات الوطنية و المساوات من استفادتها بالصفقات العمومية ، و إصلاح صندوق المقاصة و إنقاذ المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب... و غيرها من الإنجازات التي لا يمكن سردها هنا.
كل هذا بوأ بلادنا تقدما ب 5 درجات في مؤشر التنافسية العالمية ، وخروجه من القائمة الرمادية للدول غير المحترمة للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال و تبييضها ، وتقدم بلادنا ب 22 مرتبة في مؤشر ممارسة الأعمال ...مما عزز الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و ذلك باعتراف الجميع حسب ما جاء في تقارير دولية و محلية .
هذه الحصيلة المشرفة كانت كلها في ظل الإكراهات و العقبات التي يعرفها الجميع لتبقى الإرادة قائمة لمواصلة التحديات و الانتظارات التي تهم جودة التعليم ، الخدمات الصحية، الشغل الكريم ، محاربة الفساد و الريع...
والآن بإمكان صديقي مصطفى أن يحكم على مفهومي العدالة و التنمية من زاوية الشرع المستندة إلى الواقع و ليس الشرع الذي تحكمه الأهواء و المنفصل عن الحاضر.
أبهرتني مقالة الصديق مصطفى تلاندين و التي عنونها بخط عريض " انتقاد الحكومة الحالية:
العدالة والتنمية في منظور الإسلام والشرع الحكيم" ، سوف لن أتساءل عن وقتها و ظرفيتها و إلا سنتهمه بخوضه حملة انتخابية ضد حزب العدالة و التنمية أو كونه داعما لأحد الأحزاب المنافسة أو دخوله في موجة الحرب الشرسة التي تحاك للحزب من قبل أذيال التحكم و هواة السباحة في الماء العكر من المفسدين ...أنا شخصيا لا أعتقد ذلك ، فقد عرفته بحسن أخلاقه و نشاطه المعهود ، فالأمر لا يعدوا إلا أن يكون رأيا في الواقع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي المغربي الحالي و هذا من حقه مكفول بمقتضى الدستور و عرف السياسة . لكن الأمر الذي ثار حفيظتي هي قيمة المقالة في حد ذاتها و الحجج التي توسل بها دفاعا عن قناعته في ما يخص قيمتين أساسين و هما العدالة و التنمية متسائلا ، هل تحققتا فعلا من خلال مشروع الحزب و برنامجه في ما تم إنجازه على أرض الواقع ؟ ليجيب قطعا بلا! و يبرر ذلك من خلال مازعمه أن المواطن المغربي الذي كان يعيش في ظل الحكومات السابقة و التي رغم كونها لم تدعي المرجعية الاسلامية كانت جد عادلة ، أي أن هذا المواطن في تلك المرحلة كان يتمتع بحياة فارهة ، ينعم بالعدالة الاجتماعية و يستفيد من أوراش التنمية الكبرى ، فالقائمون على السياسة انذاك كانوا يقتسمون مع الشعب الثروات و يهتمون بأمر الرعية أكثر من اللازم و كانوا يعملون بمبدأ " أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم" أما المواطن الان المسكين، فيقول، إنه يحترق ألما و يموت جوعا لأن ساسة الحكومة اختلسوا كل أمواله و أعدموا كل الانجازات التي تحققت على يد من قبلهم ، فتحطمت الامال و ساد الشؤم عند أغلب الناس ، أما القلة التي تنوه بعمل الحكومة فهم بالنسبة إليه أناسا من قليلي الثقافة والوعي وليس لهم حظ من العلم والفهم والدراية بمجريات الأمور، هم فقط ضحايا العاطفة الدينية التي تعمي البصيرة فيرون الأمور مقلوبة ، كأن يروا المفسد صالحا و العكس ؛ فالصورة الحية للواقع ليس كما يراها هؤلاء المغفلون، بل كما يراها هوالمثقف الفطن العارف بالحصيلة و الانجازات. و لكي يقنعنا أكثر بتهافت الحكومة يستدل بأقوال الصحابة و الخلفاء رضي الله عنهم أجمعين عن قدرتهم في تطبيق العدل و التنمية على أرض الواقع ، قولا و فعلا.
هكذا تبين لي أن زميلي مصطفى يعيش في عالم ليس عالمنا و زمن ليس زماننا و يتوسل بأدوات دفاعية ليست بأكثر من عاطفة غريبة الأطوار أقل براءة من التي يتهم به غيره ، و لأنه يتحدث عن السياسة فكان عليه أن يلتزم بلغة السياسة الي تقوم على الأرقام والمؤشرات و الحصيلة ...
ولأنه يعيش خارج الزمان و المكان فهو يستحضر زمن الخلافة و عدل الخلفاء، غير عابئ بوضعها السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي البدوي البسيط ، و يذكرنا بما قام به الخليفة العادل سيدنا عمر ابن عبد العزيز حينما وزع ثروة المسلمين على جميع الأمة من بيت مال المسلمين بالتساوي والعدل ، و ما قام به الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب كذلك رضي الله عنه. نعم إنها قرارات و إصلاحات لا أحد ينكر قيمتها و عظمة شأنها في ظل نظام سياسي و واقع اجتماعي و اقتصادي مختلف كل الإختلاف عن واقع العصر في ظل الدولة الحديثة بتعقداتها و خصوصيتها، اللهم إن كان الهدف من ذلك محاولة البحث عن الثابت الذي ينبغي أن يسود كل نظام عادل و هو ربط المسؤولية بالمحاسبة ، أي ربط الحصيلة بالبرنامج في حدود الامكانات و الاختصاصات في ظل الواقع و ظروفه هو ما سنتحدث عنه لاحقا.
ولأنه يعيش خارج الزمان و المكان و يستحضر الزمن البعيد، في الوقت نفسه يجهل الزمن القريب ، زمن الحكومات المتوالية على المغرب من الاستقلال متوهما تحقق العدل و المساواة والحرية فيها،ذلك الزمن الذي ساد فيه الرصاص و الخوف و الهلع ، زمن الاختلاسات بالمجان ، زمن تكدس الثروة في يد السياسيين و في يد الذين يزعجونهم ، زمن تقسيم الضيعات و تهريب الأموال وشراء الشقق الفاخرة بالخارج ، زمن الريع و الفساد و الصفقات المشبوهة ...هكذا يتبين التناقض الصارخ الذي يعيشه و أن حكم الشرع الذي يريد تحكيمه هو في الحقيقة مجرد هوى النفس أو سخط أعمى جعل من صاحب المقال يخوض معركة ضد المنطق و الشرع نفسه دون أن يدري.
لذلك كان لزاما أن يطلع على بعض انجازات هذه الحكومة في ظل الوضعية الاستثنائية و الظرفية الاقتصادية الصعبة التي اشتغلت فيها، و هكذا يمكن أن نقول بكل ثقة في النفس أنها استطاعت مواجهة تحديات كبرى على مستويات مختلفة نذكر بعضا منها:
عززت الثقة و حاربت الفساد بإحالة 73 ورد في تقارير المجلس الأعلى للحسابات على النيابة العامة ما بين سنتي 2012و 2016 مقابل 39 ملفا فقط بين 2001 و 2011، اقرار اليات لتتبع ثروة القضاة و المسؤولين،نشر لوائح المستفيدين من الرخص و إرساء مبدأ الشفافية ، عدم مصادرة أية جريدة و طنية أو اغلاق موقع الكتروني... و الأهم أكثر من ذلك ربح الرهان بخوضها معركة الأيادي النظيفة و ذلك بعدم المساس بالمال العام و ملئ الجيوب.
أما ما يخص الخدمات المقدمة للمواطنين فيمكن تلخيصهافي تخفيظ ثمن حوالي 2740 دواء الاكثر استهلاكا في المغرب ، و دعم المباشر للأرامل في وضعية هشة ، و إصلاح نظام المعاشات و التغطية الصحية ، و تفعيل صندوق التكافل العائلي الذي استهدف المطلقات و أبنائهن، و رفع المنحة الجامعية للطلبة و توسيع عدد المستفيدين ، والرفع من الحد الأدنى للأجر في الوظيفة العمومية، إحداث 417000 منصب شغل...
و ما يخص المالية العمومية فقد تم استعادة التوازنات الماكرو اقتصادية و التحكم في عجز المالية العمومية عبر انخفاض عجز الميزانية للناتج الداخلي، مع ارتفاع احتياطي العملة الصعبة، و إنجاز معدل نمو متقدم على معدل النمو في المنطقة، و تحسين مناخ الأعمال و رفع جاذبية الاستثمارات الأجنبية، و تصفية متأخرات الديون المتراكمة على كاهل المؤسسات العمومية لفائدة المقاولات ،و تسهيل تمويل المقاولات الوطنية و المساوات من استفادتها بالصفقات العمومية ، و إصلاح صندوق المقاصة و إنقاذ المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب... و غيرها من الإنجازات التي لا يمكن سردها هنا.
كل هذا بوأ بلادنا تقدما ب 5 درجات في مؤشر التنافسية العالمية ، وخروجه من القائمة الرمادية للدول غير المحترمة للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال و تبييضها ، وتقدم بلادنا ب 22 مرتبة في مؤشر ممارسة الأعمال ...مما عزز الاستقرار السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و ذلك باعتراف الجميع حسب ما جاء في تقارير دولية و محلية .
هذه الحصيلة المشرفة كانت كلها في ظل الإكراهات و العقبات التي يعرفها الجميع لتبقى الإرادة قائمة لمواصلة التحديات و الانتظارات التي تهم جودة التعليم ، الخدمات الصحية، الشغل الكريم ، محاربة الفساد و الريع...
والآن بإمكان صديقي مصطفى أن يحكم على مفهومي العدالة و التنمية من زاوية الشرع المستندة إلى الواقع و ليس الشرع الذي تحكمه الأهواء و المنفصل عن الحاضر.