بقلم بدر أعراب
منشورات تمّ اِجتراحها على صدر الصفحة الشخصية بالمجتمع الأزرق "فايسبوك"، على فترات متباعدة، نعيد إدراجها ضمن ركن "أوراق فايسبوكية..":
1 - نُريدُ دَواوِينَ شِعْرية علَى شَكلِ قَواعِد مِنصَّاتٍ حَربِية، تَنطلِقُ مِنها قَصائِد بَلاَغيَة كَصوارِيخَ كَاتُوشْيَا لا َتُخطِئ أهدافَها السِرّيَة.. نُريدُ قَصائدَ مُزلزِلَة تدْوِي كمَا الصّواعِق تَدْوي.. نُريد شَاعراً مُستعّداً لاِضْرامِ النِّيـرَانَ فِـي جَسـدِ كَلِمـاتهِ وَسَـط مِساحَـاتِ التَّحْريـر.. نُريدُ شاعراً شَديدَ التوَّتر يَعجنُ مُفرَداتِه بالدينَامِيت وَيعّدُ القَصائِدَ عَلى هَيئَةِ قَنَابِل مَوقُوتَة..
2 - الأسُـودُ حيـنَ تَقصد الفَيَافـِي بحثـاً عَـنِ الفرائِس تخرُج في عائِـلات، والجَواميـسُ عِنـدَ مَسيرهَـا وسَط الفَلَـوَات تَلتئِـم ضِمْن مَجمُوعَـات، والطيُورُ عندمـا تُهاجـر تَنتظِـم في السّمـاءِ علَى شكـلِ أسْـراب، والنَّحلُ عندمـا تنْتـج عسلاً مِنْ أزهـارِ الأقحُـوان تَعمَل كخَلايَـا، والأسمَاك حينمَـا تقطَع المُحيطات تَشُّـق لُجَّـة مِيـاه الأغْوار علَى هيئَـة حـوتٍ واحِد.. والجِمَـال حِيـن تُسافـر وسَـط الصحْراءِ تشُـدّ الرِّحَـال عَبـر قَوافِـل، والنّمـل لَمَّـا يَنْحُـو صوبَ أيّ اتجـاهٍ يَقتَفي أثَـرَ بَعْـض.. فمَتـى يَتعّـظِ الإنسَـان مِـن الحَيـوان! فإنّهـا أُمَـمٌ أمثالكُـم..
3 - العُمـَّال.. هُـم سَواعِد الأمَّة التّي تحفُر بالمَعاوِل وسـَط عتَمةِ الأنفاقِ ليلَ نَهار، بحثًا عنْ بصيصِ ضِياء.. وَ هُـمْ منْ يهْجسُون بضربِ أوْتاد خَيمة مَـأْوى الوَطن، حتّى لا تعصِف بهَـا هبَّات الرِّياح.. وَ هُـمْ منْ ينُوؤُون بحَمْل الوَطن فـوق الأكتَاف دُون أنْ يَقولُوا لـهُ أُفٍّ أوْ تُفٍّ، لكـيْ يلتحِق البَلد بالرُّكبان كسَائرِ البُلدان، وَ هُـمْ وَقُود قِطارِ الوطَن الذِّي يَشُّق طَريق النَّمَـاء رأسـًا دُون أنْ يَنفُد.. لِذلـِك هُـم الأجدَر بمَسحِ جِباهِهم المُتصّفِد عرقـاً بأكـفٍّ حانِية، لأنّهم وَحدهُم الأَبطال الحَقيقيّون الذّين وجبَ تَوْجيه التّحايَا لهُمْ برَفـْع القُبّعة وشَارة الفِيكتْوار.
4 - ليس هنـاك شعـورٌ أقسَى وَطـأةً على القلب، مِـنْ أنْ تجـد نفسك في خريف العمر أنـك كنتَ تبني قصوراً واهية الأركان من الرّمال المبتّل عند الشطآن، ما تلبث أنْ تنْمَحـي أمـام أوّل مَوجة وهبّة ريـح؛ متناسياً أن قانـون الأمـواج لا يُجامل الغَرْقـى، فالقانون دائما لا يرحم أحـداً من المُغفلين، مـع أنّ هؤلاء وحده اللـه مَـنْ يَرحمهـم، وأقرانـك مِن أبناءِ الدّرب في المقابل، يشتـرون العقـارات بأرصدة ضَخمة ويُوقعّـون شيكـات سمينة ويسُوقُـون سيارات فارهـة ذات ألواحٍ مرقّمة بأحرفٍ لا عِلم لك لأيّ بلد عظيم تعود؛ وأنتَ غير مكترثٍ تماما للعالم مِنْ حولك سـوى لعوالمك المُتداعية التي تخلقها ببضع كلمـات تدعو إليها المريدين وتجلس تبثث فيهـم خطابـات مُفلسـة كما لـو كنتَ شيـخ طريقة صُوفية لـزاوية خَرِبَـة.
فقد صـار الخوف في جوفـك يتعاظم مع مرّ الوقت بحيثُ يُشعل فيك الحرَائق داخل هَوامِش قصيّةٍ بدواخلك، إلى حدّ أنْ صِرتَ تخشى على نفسك مِـن نفسك، أنْ يَنْفذ منك العمـر وأنتَ كـأيِّ بُوهيمـيٍّ زاهـدٍ فـي متـاع الدنيـا مـا زلتَ تكتُب وتكتُب مشيّـدا صرّوحاً من الأوهـام، بينما الناس تملـك بقـع الأرض بل الهكتارات في كلّ المعمُور وتسكن الفيلات والسّرايـا وأمثالـك يملكون رياضاتٍ شاسعة أيْ نَعَـم هـي أكبر من أراضيهم جميعـاً، لكنها مع كامل الـأسف، داخل جمجمةٍ تضيق بك أنتَ نفسك بما رَحبتْ، وتسكن كلماتٍ لا تشتري في بلدكم خبـزاً..
5 - كـلّ نظرياتـي المثالية التـي اِتكـأتُ على سَنَداتِهـا عند التطبيـق، سقطـت! مُعلنةً بذلـك إفلاسهـا بالكامل.. بعدما جـاء مَـنْ فنّدهـا عملياً وأثبـتَ إنتهاء صلاحيتها فـي الواقـع.. فشكراً لمَـنْ لقّننـا درساً بليغـاً لا يُعطى هكـذا بالمجّان، بـل يستلزم دفـع ضريبة ثقيلة.. ثقيلة جـداً.
6 - مَنْ كـَان يَعتَبرُ نَفْسهُ أستَاذاً يُلقِـي لـِلْخِلاّن مِن حَولِـه دُروساً نظَرية فِي أبجديَاتِ الحُـبّ، حتْماً سَـوْف يـأتِي عليْـهِ يومٌ يَجـدُ فيهِ مَن يُلقِّنُ لهُ دَرْسا تَطْبيقيا قَاسِـياً لَـنْ يَستَوعِبهُ فِـي فنِّ الْهُجْران..
7 - إِنْ لِلأَمْكِنَة أَرْوَاحًا تسْكنُ فِيكَ هَوَامِشَ قَصِيَّة وَتَجْوِيفَات غَائِرَة بدواخلك؛ وَإِنَّ مِنْهَا مَا تَتْرُكُ فِيهَا أَحْيَانًا أَجْزَاءَ مُهْتَرِئَة تَنْزف مِنْكَ قَبْلَ تَوْدِيعِهَا الوَدَاعَ الأَخِير، عِنْدَمَا تُصْبِحُ مُقْتَنِعًا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ مَرَّةٍ، بِضَرُورَة حَمل جُثْمَان مَا تَبَقَّى مِنْ حُبٍّ مَقْتُول عَلَى عَتَبَةِ هِجْرَانٍ مَرِير، تَلْبِيَةً لِدَعْوَةِ الرَّحِيلِ.. فَلَك أَيُّهَا المُسَافِرُ أَنْ تَحْضُنَ التَّغْرِيبَةَ بِذِرَاعٍ مُشرعَة..
8 - لَئِـنْ أمضَيتَ عُمراً بحالِهِ تكتُبْ.. علَى كُلّ صَفحاتِ الإفْتِراضْ، عَلى رمَالِ كلِّ الشُطْـآنْ، علَى وُريْقاتِ كلّ الأشْجارْ، عَلى زُجاجَاتِ كلّ النّوَافذْ، عَلى لافِتاتِ كلّ الشّوَارعْ، عَلَى أبْوابِ كلّ الدِّيارْ، عَلى دَفّاتِ كلّ الأسْفارْ، عَلَى قَرَاطِيس كُلُّ الدَّفَاتِر، عَلى نشَراتِ كلّ الأخْبارْ، علَى يافِطاتِ كلِّ الأمْصَارْ، عَلى شَواهِد كلّ القُبورْ، علَى جِباهِ كلّ البَشرْ.. مَا أحدَثتَ فارِقاً، مَا غَيّرتَ شيْئاً، مَا بدَّلْتَ شَكلاً، مَا أبْـرَأتَ جُرْحاً..
9 - لَيْسَ هُنَالِكَ أَمَامَ مَنْ خَابَتْ تَوَقُّعَاته، مَا هُوَ أجْمَل مِنَ الاِرْتِكَانِ اِلَى الصّمْت فِي مِحْرَابِ الْقَلْبِ الْمَهْجُور كَقِدِّيسٍ عَابد، لَيْسَ لَدَيْهِ مَا يَتْلُوهُ بَعْدُ مِنْ تَرَانِيمَ الشَجَّن وتَعَاوِيذ الحَنِين، لِالْهَاءِ وَجَع الجِرَاح وَتَبْدِيدِ وِحْشَة الْفَرَاغ!
10 - كَأنّكَ لمْ تَكـنْ... كَأَنّكَ لَسْتَ أنتْ! فَهَلْ أنتَ أنـْت.. وأنـَا أنَـا.. وأنَا هُـو أنـتْ! أمْ أنتَ أحـدٌ آخـرَ غَيري أنَـا! فـلا عليك؛ أكمِل المَسِير أنـتَ، حتّى ومِنْ دُوني أنَا.. بينَمَا أنَـا سَأمسَح الدّمُـوع مِـن الخَارِج وأترُكهَا تَسيل إلـى الدّاخِـل حَيثُ تكمُنُ أنَـايْ.. فقَط على اِمتِـدادِ الطّريق تذّكَـر، فقّط تَذكَّر، أنّي أنَـا مَـن كُنتَـهُ.. قبلَ أنْ تصِير مـا صِرْته.. وَداعـاً.
منشورات تمّ اِجتراحها على صدر الصفحة الشخصية بالمجتمع الأزرق "فايسبوك"، على فترات متباعدة، نعيد إدراجها ضمن ركن "أوراق فايسبوكية..":
1 - نُريدُ دَواوِينَ شِعْرية علَى شَكلِ قَواعِد مِنصَّاتٍ حَربِية، تَنطلِقُ مِنها قَصائِد بَلاَغيَة كَصوارِيخَ كَاتُوشْيَا لا َتُخطِئ أهدافَها السِرّيَة.. نُريدُ قَصائدَ مُزلزِلَة تدْوِي كمَا الصّواعِق تَدْوي.. نُريد شَاعراً مُستعّداً لاِضْرامِ النِّيـرَانَ فِـي جَسـدِ كَلِمـاتهِ وَسَـط مِساحَـاتِ التَّحْريـر.. نُريدُ شاعراً شَديدَ التوَّتر يَعجنُ مُفرَداتِه بالدينَامِيت وَيعّدُ القَصائِدَ عَلى هَيئَةِ قَنَابِل مَوقُوتَة..
2 - الأسُـودُ حيـنَ تَقصد الفَيَافـِي بحثـاً عَـنِ الفرائِس تخرُج في عائِـلات، والجَواميـسُ عِنـدَ مَسيرهَـا وسَط الفَلَـوَات تَلتئِـم ضِمْن مَجمُوعَـات، والطيُورُ عندمـا تُهاجـر تَنتظِـم في السّمـاءِ علَى شكـلِ أسْـراب، والنَّحلُ عندمـا تنْتـج عسلاً مِنْ أزهـارِ الأقحُـوان تَعمَل كخَلايَـا، والأسمَاك حينمَـا تقطَع المُحيطات تَشُّـق لُجَّـة مِيـاه الأغْوار علَى هيئَـة حـوتٍ واحِد.. والجِمَـال حِيـن تُسافـر وسَـط الصحْراءِ تشُـدّ الرِّحَـال عَبـر قَوافِـل، والنّمـل لَمَّـا يَنْحُـو صوبَ أيّ اتجـاهٍ يَقتَفي أثَـرَ بَعْـض.. فمَتـى يَتعّـظِ الإنسَـان مِـن الحَيـوان! فإنّهـا أُمَـمٌ أمثالكُـم..
3 - العُمـَّال.. هُـم سَواعِد الأمَّة التّي تحفُر بالمَعاوِل وسـَط عتَمةِ الأنفاقِ ليلَ نَهار، بحثًا عنْ بصيصِ ضِياء.. وَ هُـمْ منْ يهْجسُون بضربِ أوْتاد خَيمة مَـأْوى الوَطن، حتّى لا تعصِف بهَـا هبَّات الرِّياح.. وَ هُـمْ منْ ينُوؤُون بحَمْل الوَطن فـوق الأكتَاف دُون أنْ يَقولُوا لـهُ أُفٍّ أوْ تُفٍّ، لكـيْ يلتحِق البَلد بالرُّكبان كسَائرِ البُلدان، وَ هُـمْ وَقُود قِطارِ الوطَن الذِّي يَشُّق طَريق النَّمَـاء رأسـًا دُون أنْ يَنفُد.. لِذلـِك هُـم الأجدَر بمَسحِ جِباهِهم المُتصّفِد عرقـاً بأكـفٍّ حانِية، لأنّهم وَحدهُم الأَبطال الحَقيقيّون الذّين وجبَ تَوْجيه التّحايَا لهُمْ برَفـْع القُبّعة وشَارة الفِيكتْوار.
4 - ليس هنـاك شعـورٌ أقسَى وَطـأةً على القلب، مِـنْ أنْ تجـد نفسك في خريف العمر أنـك كنتَ تبني قصوراً واهية الأركان من الرّمال المبتّل عند الشطآن، ما تلبث أنْ تنْمَحـي أمـام أوّل مَوجة وهبّة ريـح؛ متناسياً أن قانـون الأمـواج لا يُجامل الغَرْقـى، فالقانون دائما لا يرحم أحـداً من المُغفلين، مـع أنّ هؤلاء وحده اللـه مَـنْ يَرحمهـم، وأقرانـك مِن أبناءِ الدّرب في المقابل، يشتـرون العقـارات بأرصدة ضَخمة ويُوقعّـون شيكـات سمينة ويسُوقُـون سيارات فارهـة ذات ألواحٍ مرقّمة بأحرفٍ لا عِلم لك لأيّ بلد عظيم تعود؛ وأنتَ غير مكترثٍ تماما للعالم مِنْ حولك سـوى لعوالمك المُتداعية التي تخلقها ببضع كلمـات تدعو إليها المريدين وتجلس تبثث فيهـم خطابـات مُفلسـة كما لـو كنتَ شيـخ طريقة صُوفية لـزاوية خَرِبَـة.
فقد صـار الخوف في جوفـك يتعاظم مع مرّ الوقت بحيثُ يُشعل فيك الحرَائق داخل هَوامِش قصيّةٍ بدواخلك، إلى حدّ أنْ صِرتَ تخشى على نفسك مِـن نفسك، أنْ يَنْفذ منك العمـر وأنتَ كـأيِّ بُوهيمـيٍّ زاهـدٍ فـي متـاع الدنيـا مـا زلتَ تكتُب وتكتُب مشيّـدا صرّوحاً من الأوهـام، بينما الناس تملـك بقـع الأرض بل الهكتارات في كلّ المعمُور وتسكن الفيلات والسّرايـا وأمثالـك يملكون رياضاتٍ شاسعة أيْ نَعَـم هـي أكبر من أراضيهم جميعـاً، لكنها مع كامل الـأسف، داخل جمجمةٍ تضيق بك أنتَ نفسك بما رَحبتْ، وتسكن كلماتٍ لا تشتري في بلدكم خبـزاً..
5 - كـلّ نظرياتـي المثالية التـي اِتكـأتُ على سَنَداتِهـا عند التطبيـق، سقطـت! مُعلنةً بذلـك إفلاسهـا بالكامل.. بعدما جـاء مَـنْ فنّدهـا عملياً وأثبـتَ إنتهاء صلاحيتها فـي الواقـع.. فشكراً لمَـنْ لقّننـا درساً بليغـاً لا يُعطى هكـذا بالمجّان، بـل يستلزم دفـع ضريبة ثقيلة.. ثقيلة جـداً.
6 - مَنْ كـَان يَعتَبرُ نَفْسهُ أستَاذاً يُلقِـي لـِلْخِلاّن مِن حَولِـه دُروساً نظَرية فِي أبجديَاتِ الحُـبّ، حتْماً سَـوْف يـأتِي عليْـهِ يومٌ يَجـدُ فيهِ مَن يُلقِّنُ لهُ دَرْسا تَطْبيقيا قَاسِـياً لَـنْ يَستَوعِبهُ فِـي فنِّ الْهُجْران..
7 - إِنْ لِلأَمْكِنَة أَرْوَاحًا تسْكنُ فِيكَ هَوَامِشَ قَصِيَّة وَتَجْوِيفَات غَائِرَة بدواخلك؛ وَإِنَّ مِنْهَا مَا تَتْرُكُ فِيهَا أَحْيَانًا أَجْزَاءَ مُهْتَرِئَة تَنْزف مِنْكَ قَبْلَ تَوْدِيعِهَا الوَدَاعَ الأَخِير، عِنْدَمَا تُصْبِحُ مُقْتَنِعًا أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ مَرَّةٍ، بِضَرُورَة حَمل جُثْمَان مَا تَبَقَّى مِنْ حُبٍّ مَقْتُول عَلَى عَتَبَةِ هِجْرَانٍ مَرِير، تَلْبِيَةً لِدَعْوَةِ الرَّحِيلِ.. فَلَك أَيُّهَا المُسَافِرُ أَنْ تَحْضُنَ التَّغْرِيبَةَ بِذِرَاعٍ مُشرعَة..
8 - لَئِـنْ أمضَيتَ عُمراً بحالِهِ تكتُبْ.. علَى كُلّ صَفحاتِ الإفْتِراضْ، عَلى رمَالِ كلِّ الشُطْـآنْ، علَى وُريْقاتِ كلّ الأشْجارْ، عَلى زُجاجَاتِ كلّ النّوَافذْ، عَلى لافِتاتِ كلّ الشّوَارعْ، عَلَى أبْوابِ كلّ الدِّيارْ، عَلى دَفّاتِ كلّ الأسْفارْ، عَلَى قَرَاطِيس كُلُّ الدَّفَاتِر، عَلى نشَراتِ كلّ الأخْبارْ، علَى يافِطاتِ كلِّ الأمْصَارْ، عَلى شَواهِد كلّ القُبورْ، علَى جِباهِ كلّ البَشرْ.. مَا أحدَثتَ فارِقاً، مَا غَيّرتَ شيْئاً، مَا بدَّلْتَ شَكلاً، مَا أبْـرَأتَ جُرْحاً..
9 - لَيْسَ هُنَالِكَ أَمَامَ مَنْ خَابَتْ تَوَقُّعَاته، مَا هُوَ أجْمَل مِنَ الاِرْتِكَانِ اِلَى الصّمْت فِي مِحْرَابِ الْقَلْبِ الْمَهْجُور كَقِدِّيسٍ عَابد، لَيْسَ لَدَيْهِ مَا يَتْلُوهُ بَعْدُ مِنْ تَرَانِيمَ الشَجَّن وتَعَاوِيذ الحَنِين، لِالْهَاءِ وَجَع الجِرَاح وَتَبْدِيدِ وِحْشَة الْفَرَاغ!
10 - كَأنّكَ لمْ تَكـنْ... كَأَنّكَ لَسْتَ أنتْ! فَهَلْ أنتَ أنـْت.. وأنـَا أنَـا.. وأنَا هُـو أنـتْ! أمْ أنتَ أحـدٌ آخـرَ غَيري أنَـا! فـلا عليك؛ أكمِل المَسِير أنـتَ، حتّى ومِنْ دُوني أنَا.. بينَمَا أنَـا سَأمسَح الدّمُـوع مِـن الخَارِج وأترُكهَا تَسيل إلـى الدّاخِـل حَيثُ تكمُنُ أنَـايْ.. فقَط على اِمتِـدادِ الطّريق تذّكَـر، فقّط تَذكَّر، أنّي أنَـا مَـن كُنتَـهُ.. قبلَ أنْ تصِير مـا صِرْته.. وَداعـاً.