بقلم بدر أعراب
المغرب وطنٌ مهمُوم الرأس، مَحْزُون القلب على الدّوام، يُخمِّن كثيراً، ويطلق تنهيدات مسموعة من دواخلهِ كلّ حين، بسببِ الغُصَّة التي تقـف كحَجَرةِ عَثْرة تَعتَرض حلقُومَه، ومع ذلك لا يتوانى عـن التّباهي في سَـردِ حكايات أمجاد مزوّرة وبطولاتٍ مزيّفة، للكبيـر والصّغيـر..
المغرب رجـلٌ شرسٌ يُكثِـر مِـن شُربِ البُـنّ الأسود، ويُدخن التِّبغ الرّدِيء بشراهة ويُقبل بنَهَمٍ على إفراغ الجُعَّة في جوفه ليل نهار، متذكراً حلمه القديم في أن يصير يوماً هو الآخر مرفهاً ينعم بالخيرات، وصاحب كرشٍ غليظة ومؤخرة سمينة كبورجوازيّ متعفنٍ فاحشِ الثّراء يُنسيه كدح أيّـام البروليتارية.
المغرب وطنٌ بذقنٍ كثيفة غير حليقة دوما، وبكسوة مهملة وَسِخة؛ معهودٌ عنه جنوحه الأبدي نحو الصمت، لا ينبس قطّ ببنت شفة، إلى درجة أنّه مقتنعٌ بتمزق حباله الصوتية، وأنّ الحبل الوحيد المُتبقّي أمامه هو حبل المشنقة! لذلك اِكتسب مع مرّ الزمن قدرة مذهلة ورهيبة على بقائِه على طول منخرطا بشكل غير معقول في حزنٍ صمتٍ بعيديْ الأمد.
المغرب وطنٌ جوَّانيّ كئيب ومتطيّر وعصبيّ الطبع، وذا مزاجٍ سيءٍّ متقلّب وأنانيّ جدا إلى حدّ الافتراس؛ لكنّه في المقابل ساذجٌ وغـرّ، وابن كلبٍ أيضاً في بعض المرّات، حتى لَـأنّك أحيانا تُشبعه بدعواتٍ من قبيل شرب بول النمل أو بلَطْمِ وجهه بروث الديناصور.
المغرب وطن غريبٌ في أرضه، يعيش بين قوم عشيرته منبوذاً كالأحمق بين الشوارع والدروبات، ومشرداً كاللّقيط تلفظه الأزقة الحربائية والممّرات الضيّقة التي يخيطها خيطاً، بحيث يتمشى فيها كثيرا شارد الذهن ويترجل عند كل مفازات القحط وفيافي القفار صاغر الفاه، وأنّه نادراً ما يعرج نحو أحياء الصفيح وأحزمة البؤس ومداشر الحرمان دامع العين.
المغرب وطنٌ عربيد يقضي ليالٍِ ماجنة في شرب الخمر والرقص وإبرام لفافات عشبة "الكيف" ونفث السجائر الجافة على وقع صخب كؤوس البيرة ذات الماركة المحلية الرخيصة، وإصدار قهقهات العهر، داخل العلب الليلية والحانات الكائنة بالضواحي الاسمنتية المكدّسة خلف أسوار المجتمع المترف، صُحبة نُدَمَاءٍ من القوادة والخونة القدامى ورفقاء السوء، يلوك قُدّامهم قصص بطولاتٍ مزيفة وحكايات حبٍّ مفلسة، ويُطلق ابتسامات صفراء تارة في وجه الشيخات اللّواتي يهززن بطونهنّ على إيقاع نغمات أهازيج "الأطلس" والطقطوقة الجبلية لـِـ"أحيدوس"، وفي الهزع الأخير من الليل ينام في حضن العاهرات السفيهات.
المغرب وطنٌ سكّير يخلد لفراش نومه ثملاً ومُحششاً ويُصبح عند ساعة الظهيرة طاهراً متوضئاً ومسوّكاً أسنانه، ثم ينصرف إلى المؤمنين والأبرار، منقطعاً لخُلوته كيْ يؤدي شعيرة الصلاة..
أليس هذا حـال كثيرٍ من مواطنينا المنسيين والمهملين في مُدن الرّيح بالمغرب العميـق!
المغرب وطنٌ مهمُوم الرأس، مَحْزُون القلب على الدّوام، يُخمِّن كثيراً، ويطلق تنهيدات مسموعة من دواخلهِ كلّ حين، بسببِ الغُصَّة التي تقـف كحَجَرةِ عَثْرة تَعتَرض حلقُومَه، ومع ذلك لا يتوانى عـن التّباهي في سَـردِ حكايات أمجاد مزوّرة وبطولاتٍ مزيّفة، للكبيـر والصّغيـر..
المغرب رجـلٌ شرسٌ يُكثِـر مِـن شُربِ البُـنّ الأسود، ويُدخن التِّبغ الرّدِيء بشراهة ويُقبل بنَهَمٍ على إفراغ الجُعَّة في جوفه ليل نهار، متذكراً حلمه القديم في أن يصير يوماً هو الآخر مرفهاً ينعم بالخيرات، وصاحب كرشٍ غليظة ومؤخرة سمينة كبورجوازيّ متعفنٍ فاحشِ الثّراء يُنسيه كدح أيّـام البروليتارية.
المغرب وطنٌ بذقنٍ كثيفة غير حليقة دوما، وبكسوة مهملة وَسِخة؛ معهودٌ عنه جنوحه الأبدي نحو الصمت، لا ينبس قطّ ببنت شفة، إلى درجة أنّه مقتنعٌ بتمزق حباله الصوتية، وأنّ الحبل الوحيد المُتبقّي أمامه هو حبل المشنقة! لذلك اِكتسب مع مرّ الزمن قدرة مذهلة ورهيبة على بقائِه على طول منخرطا بشكل غير معقول في حزنٍ صمتٍ بعيديْ الأمد.
المغرب وطنٌ جوَّانيّ كئيب ومتطيّر وعصبيّ الطبع، وذا مزاجٍ سيءٍّ متقلّب وأنانيّ جدا إلى حدّ الافتراس؛ لكنّه في المقابل ساذجٌ وغـرّ، وابن كلبٍ أيضاً في بعض المرّات، حتى لَـأنّك أحيانا تُشبعه بدعواتٍ من قبيل شرب بول النمل أو بلَطْمِ وجهه بروث الديناصور.
المغرب وطن غريبٌ في أرضه، يعيش بين قوم عشيرته منبوذاً كالأحمق بين الشوارع والدروبات، ومشرداً كاللّقيط تلفظه الأزقة الحربائية والممّرات الضيّقة التي يخيطها خيطاً، بحيث يتمشى فيها كثيرا شارد الذهن ويترجل عند كل مفازات القحط وفيافي القفار صاغر الفاه، وأنّه نادراً ما يعرج نحو أحياء الصفيح وأحزمة البؤس ومداشر الحرمان دامع العين.
المغرب وطنٌ عربيد يقضي ليالٍِ ماجنة في شرب الخمر والرقص وإبرام لفافات عشبة "الكيف" ونفث السجائر الجافة على وقع صخب كؤوس البيرة ذات الماركة المحلية الرخيصة، وإصدار قهقهات العهر، داخل العلب الليلية والحانات الكائنة بالضواحي الاسمنتية المكدّسة خلف أسوار المجتمع المترف، صُحبة نُدَمَاءٍ من القوادة والخونة القدامى ورفقاء السوء، يلوك قُدّامهم قصص بطولاتٍ مزيفة وحكايات حبٍّ مفلسة، ويُطلق ابتسامات صفراء تارة في وجه الشيخات اللّواتي يهززن بطونهنّ على إيقاع نغمات أهازيج "الأطلس" والطقطوقة الجبلية لـِـ"أحيدوس"، وفي الهزع الأخير من الليل ينام في حضن العاهرات السفيهات.
المغرب وطنٌ سكّير يخلد لفراش نومه ثملاً ومُحششاً ويُصبح عند ساعة الظهيرة طاهراً متوضئاً ومسوّكاً أسنانه، ثم ينصرف إلى المؤمنين والأبرار، منقطعاً لخُلوته كيْ يؤدي شعيرة الصلاة..
أليس هذا حـال كثيرٍ من مواطنينا المنسيين والمهملين في مُدن الرّيح بالمغرب العميـق!