رويترز
جددت احتجاجات الشارع المغربي على مقتل بائع سمك حاول منع السلطات من إتلاف بضاعته النقاش، حول مدى ارتباط الاحتجاج على الفساد والتهميش برياح التغيير التي هزت المنطقة العربية منذ 2011 في إطار ما يعرف بالربيع العربي.
واعتبر بعض المحللين الاحتجاجات التي تلت مقتل محسن فكري (31 عاما)، أو سماك الحسيمة كما بات معروفا في أكثر من 20 مدينة مغربية، امتدادا لاحتجاجات الربيع العربي التي كان للمغرب نصيب منها في فبراير 2011.
بينما رأى آخرون أن هذه الاحتجاجات لا علاقة لها بسابقتها.
الاحتجاجات لم تُطالب يوماً بإسقاط النظام
وربط عدد من المحللين بين مقتل سماك الحسيمة سحقا داخل شاحنة للنفايات عندما حاول إنقاد بضاعته – المتمثلة في أسماك أبوسيف الممنوع صيدها في هذه الفترة من السنة – من الإتلاف وبين حرق محمد البوعزيزي لنفسه في تونس عندما صادرت شرطية عربة فاكهته وهو الحادث الذي أدى إلى الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي وتفجر احتجاجات الربيع العربي.
ومر الاحتجاج على مقتل سماك الحسيمة سلميا دون تدخل من السلطات.
ويقول المحلل السياسي المغربي عمر الشرقاوي إن للمغرب خصوصية في الاحتجاجات “فالسلوك الاحتجاجي المغربي يومي ولا نعيش احتجاجات طارئة أو متقطعة بحيث كانت مدينة الرباط دائما فضاء للاحتجاجات.”
ويضيف قائلا إن السلوك الاحتجاجي قائم “ويمتص الكثير من الغضب ويساعد على تبليغ العديد من المطالب وهذا يقلل من مخاطر الاحتجاج.”
وقال لرويترز إن المغرب “له خصوصية سياسية إذ لا يعتبر سلطويا صارما، عكس نظام بن علي في تونس، هو نظام سياسي فيه تعددية سياسية رغم أنها مقيدة ومضبوطة ومراقبة وله هامش من الحريات وفيه نجاعة بعض المؤسسات.”
وأضاف “احتجاجات المغرب ليست هي احتجاجات دول مجاورة لها أنظمة سياسية صارمة.”
وأشار إلى احتجاجات كبرى عرفها المغرب حتى قبل 2011، ومنها مسيرات يومية ومظاهرات خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى مظاهرات مليونية للتضامن مع فلسطين والعراق وغيرها من القضايا.
وقال إن المغرب شهد منذ 2011 إلى الآن أكثر من 30 ألف احتجاج.
وكانت الاحتجاجات التي قادتها حركة 20 فبراير في الشارع المغربي، أسوة باحتجاجات الربيع العربي في المنطقة طالبت بإصلاحات ومزيد من الحريات ومحاربة الفساد ودستور ديمقراطي جديد، ولم تطالب بإسقاط النظام السياسي القائم.
وبالفعل أسفر ضغط الحركة عن دستور جديد يحمل في سماته مزيدا من الإصلاحات والحريات، ويتنازل فيه العاهل المغربي عن بعض سلطاته.
وقال الشرقاوي إن الاحتجاجات الأخيرة “لا تتحول إلى تغيير طبيعة النظام السياسي، هي أشكال احتجاجية مدنية تبقى في الجانب المطلبي داخل النظام السياسي.”
إدماج الإسلاميين
ويعتقد المحلل السياسي المغربي إدريس الكنبوري أن “محطة 2011 المغرب طويت صفحتها من خلال دستور 2011 الذي كان عليه استفتاء ومن خلال حكومة الإسلاميين، واستطاع المغرب من خلالها إدماج الإسلاميين في الحكومة وإعطاءهم رئاسة الحكومة، استطاع أن يمتص الغضب ولعب بذكاء متفاديا المشكلات التي وقعت في بلدان عربية أخرى.”
ويقول إن هذا “يرجع إلى شيء أساسي هو أن المغرب يستثمر في الحركة الإسلامية المعتدلة منذ أكثر من عقدين من الزمان أو منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما بادر الحسن الثاني إلى تنظيم منتدى الصحوة الإسلامية وبدأ في إدماج الإسلاميين وتأهيلهم للعمل السياسي لكي يمكنهم في مرحلة من المراحل أن يكونوا بديلا.”
وقال الكنبوري “المغرب كان على استعداد ولم يفاجأ بصعود الإسلاميين على خلاف ما وقع في بلدان أخرى كمصر وتونس حيث كانت الحركة الإسلامية فيها محاربة إما في السجون أو في المنافي، لكن الإسلاميين في المغرب كانوا يتحركون بهامش من الحرية والديمقراطية بعضهم كان عضوا في البرلمان له منابر إعلامية وحضور اجتماعي.”
وأضاف أن المغرب له خصوصية أيضا ويختلف “عن عدد من البلدان العربية وبالأخص في المغرب العربي” حيث كان ينتهج دائما سياسة “العصا والجزرة” في تعامله مع الاحتجاجات والانفلاتات “خلافا لبلدان أخرى كانت تضيق على المواطنين وعلى الأحزاب السياسية والإسلاميين.”
ويشير إلى أن “التعددية السياسة في المغرب منصوص عليها دستوريا منذ أول دستور في العام 1962.”
ويستخلص الكنبوري أن النظام السياسي المغربي يتعامل “بمرونة مع القلاقل والمشكلات والاحتجاجات والمطالب الشعبية وهذا ما يجعله يتحكم في الانزلاقات التي حصلت.”
وترى الباحثة في شؤون المغرب العربي والشرق الاوسط آمال بوبكر أن الدوافع وراء أحداث 2011 و2016 مختلفة بالرغم من أن احتجاجات 2011 “كسرت الطابو (المحظور) وفتحت الباب أمام الشارع المغربي أمام مطالب المحاسبة.”
وقالت في إجابة عن أسئلة لرويترز إن واقعة دهس سماك الحسيمة “تتشابه مع واقعة حرق البوعزيزي لنفسه على مستوى الموضوع… لكن مسألة قيام أحداث مماثلة في المغرب لما حدث في تونس في 2011 تبقى مستبعدة.”
وإذا كان “الاستثناء المغربي” قد حمى المغرب حتى الآن من هزة كبيرة تغير معالمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية فإن الاطمئنان إلى هذه النظرية لا يمكن أن يستمر طويلا.
ويقول الشرقاوي “هذا لا يعني أننا سننجح دائما في غياب المؤسسات الوسيطة.”
ويضيف أنه وسط هذا الغياب “يبقى الاحتجاج دائما هو اللغة الوحيدة أمام الرأي العام لأنه في الأنظمة الديمقراطية الوظيفة الأساسية للمؤسسات الوسيطة كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني هي نقل مطالب المجتمع الى الدولة.”
ومن هنا يرى الشرقاوي أن “الرهان الأساسي هو تقوية هذه المؤسسات الوسيطة حتى لا يصبح الشارع هو الفضاء المفضل للحصول على المطالب.”
جددت احتجاجات الشارع المغربي على مقتل بائع سمك حاول منع السلطات من إتلاف بضاعته النقاش، حول مدى ارتباط الاحتجاج على الفساد والتهميش برياح التغيير التي هزت المنطقة العربية منذ 2011 في إطار ما يعرف بالربيع العربي.
واعتبر بعض المحللين الاحتجاجات التي تلت مقتل محسن فكري (31 عاما)، أو سماك الحسيمة كما بات معروفا في أكثر من 20 مدينة مغربية، امتدادا لاحتجاجات الربيع العربي التي كان للمغرب نصيب منها في فبراير 2011.
بينما رأى آخرون أن هذه الاحتجاجات لا علاقة لها بسابقتها.
الاحتجاجات لم تُطالب يوماً بإسقاط النظام
وربط عدد من المحللين بين مقتل سماك الحسيمة سحقا داخل شاحنة للنفايات عندما حاول إنقاد بضاعته – المتمثلة في أسماك أبوسيف الممنوع صيدها في هذه الفترة من السنة – من الإتلاف وبين حرق محمد البوعزيزي لنفسه في تونس عندما صادرت شرطية عربة فاكهته وهو الحادث الذي أدى إلى الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي وتفجر احتجاجات الربيع العربي.
ومر الاحتجاج على مقتل سماك الحسيمة سلميا دون تدخل من السلطات.
ويقول المحلل السياسي المغربي عمر الشرقاوي إن للمغرب خصوصية في الاحتجاجات “فالسلوك الاحتجاجي المغربي يومي ولا نعيش احتجاجات طارئة أو متقطعة بحيث كانت مدينة الرباط دائما فضاء للاحتجاجات.”
ويضيف قائلا إن السلوك الاحتجاجي قائم “ويمتص الكثير من الغضب ويساعد على تبليغ العديد من المطالب وهذا يقلل من مخاطر الاحتجاج.”
وقال لرويترز إن المغرب “له خصوصية سياسية إذ لا يعتبر سلطويا صارما، عكس نظام بن علي في تونس، هو نظام سياسي فيه تعددية سياسية رغم أنها مقيدة ومضبوطة ومراقبة وله هامش من الحريات وفيه نجاعة بعض المؤسسات.”
وأضاف “احتجاجات المغرب ليست هي احتجاجات دول مجاورة لها أنظمة سياسية صارمة.”
وأشار إلى احتجاجات كبرى عرفها المغرب حتى قبل 2011، ومنها مسيرات يومية ومظاهرات خريجي الجامعات العاطلين عن العمل، بالإضافة إلى مظاهرات مليونية للتضامن مع فلسطين والعراق وغيرها من القضايا.
وقال إن المغرب شهد منذ 2011 إلى الآن أكثر من 30 ألف احتجاج.
وكانت الاحتجاجات التي قادتها حركة 20 فبراير في الشارع المغربي، أسوة باحتجاجات الربيع العربي في المنطقة طالبت بإصلاحات ومزيد من الحريات ومحاربة الفساد ودستور ديمقراطي جديد، ولم تطالب بإسقاط النظام السياسي القائم.
وبالفعل أسفر ضغط الحركة عن دستور جديد يحمل في سماته مزيدا من الإصلاحات والحريات، ويتنازل فيه العاهل المغربي عن بعض سلطاته.
وقال الشرقاوي إن الاحتجاجات الأخيرة “لا تتحول إلى تغيير طبيعة النظام السياسي، هي أشكال احتجاجية مدنية تبقى في الجانب المطلبي داخل النظام السياسي.”
إدماج الإسلاميين
ويعتقد المحلل السياسي المغربي إدريس الكنبوري أن “محطة 2011 المغرب طويت صفحتها من خلال دستور 2011 الذي كان عليه استفتاء ومن خلال حكومة الإسلاميين، واستطاع المغرب من خلالها إدماج الإسلاميين في الحكومة وإعطاءهم رئاسة الحكومة، استطاع أن يمتص الغضب ولعب بذكاء متفاديا المشكلات التي وقعت في بلدان عربية أخرى.”
ويقول إن هذا “يرجع إلى شيء أساسي هو أن المغرب يستثمر في الحركة الإسلامية المعتدلة منذ أكثر من عقدين من الزمان أو منذ ثمانينيات القرن الماضي، عندما بادر الحسن الثاني إلى تنظيم منتدى الصحوة الإسلامية وبدأ في إدماج الإسلاميين وتأهيلهم للعمل السياسي لكي يمكنهم في مرحلة من المراحل أن يكونوا بديلا.”
وقال الكنبوري “المغرب كان على استعداد ولم يفاجأ بصعود الإسلاميين على خلاف ما وقع في بلدان أخرى كمصر وتونس حيث كانت الحركة الإسلامية فيها محاربة إما في السجون أو في المنافي، لكن الإسلاميين في المغرب كانوا يتحركون بهامش من الحرية والديمقراطية بعضهم كان عضوا في البرلمان له منابر إعلامية وحضور اجتماعي.”
وأضاف أن المغرب له خصوصية أيضا ويختلف “عن عدد من البلدان العربية وبالأخص في المغرب العربي” حيث كان ينتهج دائما سياسة “العصا والجزرة” في تعامله مع الاحتجاجات والانفلاتات “خلافا لبلدان أخرى كانت تضيق على المواطنين وعلى الأحزاب السياسية والإسلاميين.”
ويشير إلى أن “التعددية السياسة في المغرب منصوص عليها دستوريا منذ أول دستور في العام 1962.”
ويستخلص الكنبوري أن النظام السياسي المغربي يتعامل “بمرونة مع القلاقل والمشكلات والاحتجاجات والمطالب الشعبية وهذا ما يجعله يتحكم في الانزلاقات التي حصلت.”
وترى الباحثة في شؤون المغرب العربي والشرق الاوسط آمال بوبكر أن الدوافع وراء أحداث 2011 و2016 مختلفة بالرغم من أن احتجاجات 2011 “كسرت الطابو (المحظور) وفتحت الباب أمام الشارع المغربي أمام مطالب المحاسبة.”
وقالت في إجابة عن أسئلة لرويترز إن واقعة دهس سماك الحسيمة “تتشابه مع واقعة حرق البوعزيزي لنفسه على مستوى الموضوع… لكن مسألة قيام أحداث مماثلة في المغرب لما حدث في تونس في 2011 تبقى مستبعدة.”
وإذا كان “الاستثناء المغربي” قد حمى المغرب حتى الآن من هزة كبيرة تغير معالمه السياسية والاجتماعية والاقتصادية فإن الاطمئنان إلى هذه النظرية لا يمكن أن يستمر طويلا.
ويقول الشرقاوي “هذا لا يعني أننا سننجح دائما في غياب المؤسسات الوسيطة.”
ويضيف أنه وسط هذا الغياب “يبقى الاحتجاج دائما هو اللغة الوحيدة أمام الرأي العام لأنه في الأنظمة الديمقراطية الوظيفة الأساسية للمؤسسات الوسيطة كالأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني هي نقل مطالب المجتمع الى الدولة.”
ومن هنا يرى الشرقاوي أن “الرهان الأساسي هو تقوية هذه المؤسسات الوسيطة حتى لا يصبح الشارع هو الفضاء المفضل للحصول على المطالب.”