حكيم شملال
اسمه عباس، سنه ثمانية عشرة ربيعا، عاش اعوامه العشرة الاخيرة كنزيل لدى الجمعية الخيرية الاسلامية بالناظور، الآن وقد وصل سنه القانوني للاعتماد على ذاته، وجد نفسه مضطرا وبدون استشارة احد، نزيلا جديدا على الشارع دون اب او ام او رفيق، فقط حقيبة قديمة فيها بعض القصص لجورج زيدان وبعض الملابس التي قدمت له كهدية بمناسبة عيد ميلاده الثمانية عشرة من طرف رئيس الجمعية قبل ان يطرد منها بلباقة مستعملا عبارات ثقيلة وحماسية حيث قال له: يا بني ها قد وصلت سن الاعتماد على نفسك، وعليك ان تشق طريقك للبحث عن مستقبلك وكن قويا مثل ما كان ابوك رحمه الله "ابن المخزن" شريفا ومحترما.
عباس لم يلتقط من كلام السيد الرئيس سوى ان اباه كان "ابن المخزن" بما يعني انه حفيد "المخزن" وعليه ان يبحث عن جده، فكان لابد ان يضع خطة عمل للبحث عن جذوره وعن اهله، لكنه حديث العهد في الاعتماد على نفسه، لهذا قرر ان يستعين ب"لمقدم الحومة" الذي يعرف كل اخبار العالم وخبايا النفوس ومخططات الاشرار وتحركات الكون ولغة الخلق حتى لغة النمل متمكن منها.
ذهب عباس متفائلا الى مقر المقاطعة الحضرية حيث يتواجد "لمقدم الحومة" متأكدا انه سيجد الخبر اليقين عنده وان لا يكون مصيره اليوم المبيت في ركن مجهول من احد أزقة المدينة.
عندما وصل الى المكان وجد "لمقدم الحومة" يشهد بإمضائه في ورقة رسمية عن ان السيد جعفر السعداني المزداد بالناظور والذي عاش حياته في كندا بأنه عازب، استغرب عباس وتساءل خاطره: كيف "لمقدم سعيد" أن يعرف حيثيات زواج او عدمه لشخص عاش معظم حياته في كندا. ثم تذكر بان "لمقدم" هو عارف اسرار الناس وخباياهم.
التفت اليه سعيد وقال: مالك يا عباس هل انتهت مهلتك في الجمعية.
حوار داخلي في نفسه مشحون بالدهشة والفرحة، قال عباس في نفسه: انه يعرف عني كل شيء، وأكيد سيعرف الكثير عن اخبار جدي "المخزن" ، ثم وجه كلامه مستعطفا ل"لمقدم سعيد" وقال: جئتك قاصدا يا عمي "لمقدم" ابحث عن جدي "المخزن".
سعيد: ( ضاحكا) نعم ابوك كان "مخازني" من ابناء "المخزن".
عباس: هل يعني هذا ان لدي اعمام وعائلة كبيرة، يا فرحتاه قد فرجت.
فرح عباس كثيرا لانه تأكد اخيرا ان اليوم سينام في احضان جده وأعمامه وسيلعب مع ابناء عمومته.
سعيد: نعم لديك عائلة كبيرة وهم ابناء هذا الوطن ويجمعهم "المخزن".
عباس: كيف لم افهم ما تعنيه، اكيد تتحدث بكلام الكبار انا فقط اريد عنوان جدي اين يسكن.
سعيد: جدك المخزن هو "بوعو" او "البعبع" يسكن صدورنا، أوجده من كان يحكمنا يوما، ليجمع المغاربة بَيْعَة على سلطان، يخافون رؤيته، يسمع كل همسة أذن او دقة قلب، فان مسك المخزن سيصيبك الصرع ولن يشفيك غيره، كل ما اجتمع اثنان إلا وثالثهما المخزن، المخزن هو الناهي والآمر، هو الذي يجازي ويعاقب، هو الذي يجمع ويفرق، يسكن داخلنا وخارجنا، يمشي معنا جنبا الى جنب حتى عند دخول دورة المياه لقضاء الحاجة، انه بطل القرون الماضية قد وحد المغاربة حتى في اصعب الأوقات، لا ثورة ولا اصلاح ولا نقاش مع المخزن، انه يسكن في قلوبنا وجوده بوجودنا، ابتعد يا عباس اذهب لحال سبيلك، فالمغرب كله بين يديك اختار أي ركن فيه واجعله مقر نومك، اما جدك فلا تخف انه معك اينما وجدت ونحن كلنا ابناء عمومتك.
عباس ذهب لحال سبيله ولم يفهم من كلام لمقدم الحومة شيء فقط أَن عليه ان يبحث عن جده في مكان آخر.. حل الظلام وحل الخوف معه، ارتعد جسمه مع ان الجو ليس باردا، عَم السكون في الركن الذي اختاره كمكان لنومه قبالة باب محطة الحافلات قرب مصباح عمومي يأتيه النور من هناك تذكر البارحة وتذكر عامل اقليم الناظور وشخصيات الاقليم والفاعلين الجمعويين ومحسنين والوافدين الساميين من كل منطقة عندما كانوا دائما في زيارات متكررة لمقر الجمعية بوجوه متبسمة يلتقطون الصور لتملئ بها المنابر الاعلامية ويطبطبون على اكتافنا بأن لنا مستقبلا زاهرا في هذا الوطن العزيز
اخرج من حقيبته قصة لجورجي زيدان ليقرأ عن بعض البطولات وليواصل البحث غدا عن جده، فإذا بعنتر المُشرًط المشرمل وقف امامه، انه عنتر المجرم مغتصب الاطفال ينظر اليه باثارة.. وقال له: اهلا بك يا وديع ........
وهنا انتهيت من كتابة قصتي وقصة كرامة عباس وشرفه وأحلامه، وستبدأ قصة اخرى سيكتبها غيري عن طفل آخر يسمى عباس المتشرد أوالمشرمل ضحية جدنا "المخزن".
اسمه عباس، سنه ثمانية عشرة ربيعا، عاش اعوامه العشرة الاخيرة كنزيل لدى الجمعية الخيرية الاسلامية بالناظور، الآن وقد وصل سنه القانوني للاعتماد على ذاته، وجد نفسه مضطرا وبدون استشارة احد، نزيلا جديدا على الشارع دون اب او ام او رفيق، فقط حقيبة قديمة فيها بعض القصص لجورج زيدان وبعض الملابس التي قدمت له كهدية بمناسبة عيد ميلاده الثمانية عشرة من طرف رئيس الجمعية قبل ان يطرد منها بلباقة مستعملا عبارات ثقيلة وحماسية حيث قال له: يا بني ها قد وصلت سن الاعتماد على نفسك، وعليك ان تشق طريقك للبحث عن مستقبلك وكن قويا مثل ما كان ابوك رحمه الله "ابن المخزن" شريفا ومحترما.
عباس لم يلتقط من كلام السيد الرئيس سوى ان اباه كان "ابن المخزن" بما يعني انه حفيد "المخزن" وعليه ان يبحث عن جده، فكان لابد ان يضع خطة عمل للبحث عن جذوره وعن اهله، لكنه حديث العهد في الاعتماد على نفسه، لهذا قرر ان يستعين ب"لمقدم الحومة" الذي يعرف كل اخبار العالم وخبايا النفوس ومخططات الاشرار وتحركات الكون ولغة الخلق حتى لغة النمل متمكن منها.
ذهب عباس متفائلا الى مقر المقاطعة الحضرية حيث يتواجد "لمقدم الحومة" متأكدا انه سيجد الخبر اليقين عنده وان لا يكون مصيره اليوم المبيت في ركن مجهول من احد أزقة المدينة.
عندما وصل الى المكان وجد "لمقدم الحومة" يشهد بإمضائه في ورقة رسمية عن ان السيد جعفر السعداني المزداد بالناظور والذي عاش حياته في كندا بأنه عازب، استغرب عباس وتساءل خاطره: كيف "لمقدم سعيد" أن يعرف حيثيات زواج او عدمه لشخص عاش معظم حياته في كندا. ثم تذكر بان "لمقدم" هو عارف اسرار الناس وخباياهم.
التفت اليه سعيد وقال: مالك يا عباس هل انتهت مهلتك في الجمعية.
حوار داخلي في نفسه مشحون بالدهشة والفرحة، قال عباس في نفسه: انه يعرف عني كل شيء، وأكيد سيعرف الكثير عن اخبار جدي "المخزن" ، ثم وجه كلامه مستعطفا ل"لمقدم سعيد" وقال: جئتك قاصدا يا عمي "لمقدم" ابحث عن جدي "المخزن".
سعيد: ( ضاحكا) نعم ابوك كان "مخازني" من ابناء "المخزن".
عباس: هل يعني هذا ان لدي اعمام وعائلة كبيرة، يا فرحتاه قد فرجت.
فرح عباس كثيرا لانه تأكد اخيرا ان اليوم سينام في احضان جده وأعمامه وسيلعب مع ابناء عمومته.
سعيد: نعم لديك عائلة كبيرة وهم ابناء هذا الوطن ويجمعهم "المخزن".
عباس: كيف لم افهم ما تعنيه، اكيد تتحدث بكلام الكبار انا فقط اريد عنوان جدي اين يسكن.
سعيد: جدك المخزن هو "بوعو" او "البعبع" يسكن صدورنا، أوجده من كان يحكمنا يوما، ليجمع المغاربة بَيْعَة على سلطان، يخافون رؤيته، يسمع كل همسة أذن او دقة قلب، فان مسك المخزن سيصيبك الصرع ولن يشفيك غيره، كل ما اجتمع اثنان إلا وثالثهما المخزن، المخزن هو الناهي والآمر، هو الذي يجازي ويعاقب، هو الذي يجمع ويفرق، يسكن داخلنا وخارجنا، يمشي معنا جنبا الى جنب حتى عند دخول دورة المياه لقضاء الحاجة، انه بطل القرون الماضية قد وحد المغاربة حتى في اصعب الأوقات، لا ثورة ولا اصلاح ولا نقاش مع المخزن، انه يسكن في قلوبنا وجوده بوجودنا، ابتعد يا عباس اذهب لحال سبيلك، فالمغرب كله بين يديك اختار أي ركن فيه واجعله مقر نومك، اما جدك فلا تخف انه معك اينما وجدت ونحن كلنا ابناء عمومتك.
عباس ذهب لحال سبيله ولم يفهم من كلام لمقدم الحومة شيء فقط أَن عليه ان يبحث عن جده في مكان آخر.. حل الظلام وحل الخوف معه، ارتعد جسمه مع ان الجو ليس باردا، عَم السكون في الركن الذي اختاره كمكان لنومه قبالة باب محطة الحافلات قرب مصباح عمومي يأتيه النور من هناك تذكر البارحة وتذكر عامل اقليم الناظور وشخصيات الاقليم والفاعلين الجمعويين ومحسنين والوافدين الساميين من كل منطقة عندما كانوا دائما في زيارات متكررة لمقر الجمعية بوجوه متبسمة يلتقطون الصور لتملئ بها المنابر الاعلامية ويطبطبون على اكتافنا بأن لنا مستقبلا زاهرا في هذا الوطن العزيز
اخرج من حقيبته قصة لجورجي زيدان ليقرأ عن بعض البطولات وليواصل البحث غدا عن جده، فإذا بعنتر المُشرًط المشرمل وقف امامه، انه عنتر المجرم مغتصب الاطفال ينظر اليه باثارة.. وقال له: اهلا بك يا وديع ........
وهنا انتهيت من كتابة قصتي وقصة كرامة عباس وشرفه وأحلامه، وستبدأ قصة اخرى سيكتبها غيري عن طفل آخر يسمى عباس المتشرد أوالمشرمل ضحية جدنا "المخزن".