بقلم: خالد قدومي
ما كنت لأتطرق الى هذا الموضوع المرتبط بالاسلاموية المغربية لولا تخبط بعض الاقلام التي كانت بالأمس القريب تحسب على الصف الديمقراطي التقدمي ، التي اضحت اليوم شبه ناطقة رسمية للحكومة الملتحية ( حسن طارق على سبيل المثال لا الحصر) مما يجعل المتتبع للشأن السياسي المغربي حائرا ان لم نقل عصيا على الفهم لكن لابأس من مجهود تحليلي متواضع عله يرفع عنا حالة التيهان التي يتخبط فيها هؤلاء الذين نصبوا انفسهم اوصياء على مصالح الشعب المغربي ، وليكن نبش الذاكرة اول خطوة نحو هذا الفهم .
1- العدل والاحسان وخرافة المرشد الروحي
في الحقيقة استلهم العدل والاحسان خرافة المرشد الروحي من منبعين ، اولهما الزاوية التي تجعل من شيخها معجزة خاصة وان مؤسسها المرحوم عبد السلام ياسين تربى في كنف الزاوية البودشيشية.والمنبع الثاني هو شبه تناص لتجربة الاخوان بمصر والتي تجعل من المرشد الروحي الامر والناهي ، حتى ان المواطن المصري البسيط استعصى عليه الفهم حين وجد مرشد الاخوان يتحكم في قرارات رئيس الجمهورية رغم انه منح صوته لمرسي لا لغيره ، وهو استنساخ واضح للتشيع الايراني الذي يجعل من ولاية الفقيه الحاكم الفعلي بالرغم مما قد يفرزه الصندوق الانتخابي ؟ وبالتالي فان ارادة الشعب مصادرة لصالح خرافة المرشد الروحي صاحب المعجزات خليفة السماء في الارض .
2- العدل والإحسان والحراك الشعبي
حين سقط نظام مبارك بفضل الشباب الصانع الفعلي للثورة المصرية سارعت جماعة الاخوان الى اخذ الواجهة مزيحة بذلك هؤلاء الشباب الذين كانوا يفتقدون الى تنظيم سياسي يلتفون حوله ورغم انتهازية الاخوان الذين كانوا يتفاوضون مع رئيس المخابرات عمر سليمان في الكواليس ولم يلتحقوا بالثورة في مهدها ،فإنهم استطاعوا ركوب موجة الثورة والوصول الى السلطة التي كادت تجهز على الدولة المدنية ونظامها الديمقراطي باسم الدولة الدينية والخلافة ، ولولا الثورة الثانية التي شارك فيها الشعب المصري بكثافة لعاشت مصر جحيم محاكم التفتيش في ابشع صوره ،للأسف هذا الخوف استغلته المؤسسة العسكرية ببراعة واستفردت بالحكم من جديد ربما هذا المأل التراجيدي للاسلاموية المصرية هو ما جعل العدل والإحسان ينسحب من حركة 20 فبراير ، لكن هناك ايضا عامل اساسي اخر خفي كان وراء ذلك الانسحاب المفاجئ ويتجنب البعض الحديث عنه ، حقا للمحيط الدولي اهمية خاصة فالجميع كان يبرر هذا الفعل نتيجة بروز افة الارهاب الاسلاموي التي مست المحيط الدولي عامة لكن العنصر الداخلي كان ايضا حاسما في هذا القرار فالتنسيق السري بين العدل والاحسان والعدالة والتنمية وما يتضمنه من تبادل الادوار خدمة لإستراتيجية واحدة وموحدة يتفق عليها جميع الاسلامويين وهي الدولة الدينية . فبعدما اتضح ان الظروف الدولية تقف حجر عثرة امامهم ارتأو بلوغ الهدف عبر استخدام صناديق الاقتراع كتكتيك يخدم استراتيجيتهم وإلا فبماذا نفسر دعوة العدل والاحسان الى مقاطعة الانتخابات امام الملا في حين يزحفون رجالا ونساء نحو مراكز الاقتراع كشكل من اشكال الجهاد لا كواجب وطني ؟
3- تعثر تشكيل الحكومة و الدور المنوط للعدل و الاحسان
اتضح جليا ان العدالة والتنمية تستقوي يالعدل والاحسان ولعل الخروج الاعلامي لهذا الاخير وتهديده للسلم الاجتماعي تحت مبرر واهي يتجلى في توقيف بعض أطره والتعسف عليهم من قبل الادارة ، يطرح اكثر من علامة استفهام اولها ان قلة قليلة محسوبة على العدل و الاحسان شملهم بعض التعسف من قبل رؤساء مصالح تابعة لوزارات بدورها تابعة للحكومة الملتحية ، لايهم اان كان الوزير له انتماء سياسي مغاير مادام رئيسه يتراس حزبا متأسلما ومع ذلك سنتجاوز هذا النقاش لنطرح سؤالا جوهريا مفاده كالتالي : لماذا اختار العدل والاحسان هذه اللحظة للتهديد ؟ علما ان كثيرا من المضايقات تعرض لها كوادر هذه الجماعة ولم تهدد بالخروج الى الشارع او العصيان .
مرة اخرى يتضح التنسيق السري بين الجماعة وحزب العدالة ، فرئيس الحكومة يبتز الدولة من خلال استخدام العدل و الاحسان سرا وبظهوره بمظهر المحافظ على السلم الاجتماعي والضامن الوحيد لاستمراره ، وبالتالي على الدولة ان تضغط على باقي الاحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي المرتقب كي ترضخ لاملاءات العدالة والتنمية وهذه قمة المفارقة لانهم بالأمس القريب كانوا يشتكون من تدخل الدولة في الشؤون الداخلية للأحزاب وهاهم يطلبون منها التدخل بلا استحياء .فاي عبث اكبر من هذا ؟ ولكن يبدو ان كل الوسائل المباحة عند الاسلامويين ، من جهاد الفتك مرورا بجهاد النكاح ووصولا عند جهاد الافتراء ، فكل شيء يهون خدمة لسلطة سياسية مطلقة تتأسس على الادعاءات الغيبية النافية لدور الانسان صانع التاريخ
على سبيل الختام
لست ضد التنسيق بين التنظيمات السياسية مهما كانت توجهاتها ولكنني ضد تبليد الشعب المغربي من خلال ادعاء الاختلاف والخلاف في وقت التنسيق جار بين العدالة والتنمية والعدل و الاحسان على قدم وساق ويكاد لا ينقطع على اعلى مستوياته وما يحز في نفسي هو تلك الاقلام التي كنا نراهن على اجتهادها الفكري من اجل تحديث الحياة السياسية المغربية نجدها تتجند للدفاع عن اللامنطق معتقدة ان هذا السلوك سيقودها الى الفوز بكعكة حكومية لكنها بطعم الظلامية لذا ينطبق عليهم المثل المغربي الذي يقول : من وجد راحته في الجنون لن يحتاج الى عقله.
ما كنت لأتطرق الى هذا الموضوع المرتبط بالاسلاموية المغربية لولا تخبط بعض الاقلام التي كانت بالأمس القريب تحسب على الصف الديمقراطي التقدمي ، التي اضحت اليوم شبه ناطقة رسمية للحكومة الملتحية ( حسن طارق على سبيل المثال لا الحصر) مما يجعل المتتبع للشأن السياسي المغربي حائرا ان لم نقل عصيا على الفهم لكن لابأس من مجهود تحليلي متواضع عله يرفع عنا حالة التيهان التي يتخبط فيها هؤلاء الذين نصبوا انفسهم اوصياء على مصالح الشعب المغربي ، وليكن نبش الذاكرة اول خطوة نحو هذا الفهم .
1- العدل والاحسان وخرافة المرشد الروحي
في الحقيقة استلهم العدل والاحسان خرافة المرشد الروحي من منبعين ، اولهما الزاوية التي تجعل من شيخها معجزة خاصة وان مؤسسها المرحوم عبد السلام ياسين تربى في كنف الزاوية البودشيشية.والمنبع الثاني هو شبه تناص لتجربة الاخوان بمصر والتي تجعل من المرشد الروحي الامر والناهي ، حتى ان المواطن المصري البسيط استعصى عليه الفهم حين وجد مرشد الاخوان يتحكم في قرارات رئيس الجمهورية رغم انه منح صوته لمرسي لا لغيره ، وهو استنساخ واضح للتشيع الايراني الذي يجعل من ولاية الفقيه الحاكم الفعلي بالرغم مما قد يفرزه الصندوق الانتخابي ؟ وبالتالي فان ارادة الشعب مصادرة لصالح خرافة المرشد الروحي صاحب المعجزات خليفة السماء في الارض .
2- العدل والإحسان والحراك الشعبي
حين سقط نظام مبارك بفضل الشباب الصانع الفعلي للثورة المصرية سارعت جماعة الاخوان الى اخذ الواجهة مزيحة بذلك هؤلاء الشباب الذين كانوا يفتقدون الى تنظيم سياسي يلتفون حوله ورغم انتهازية الاخوان الذين كانوا يتفاوضون مع رئيس المخابرات عمر سليمان في الكواليس ولم يلتحقوا بالثورة في مهدها ،فإنهم استطاعوا ركوب موجة الثورة والوصول الى السلطة التي كادت تجهز على الدولة المدنية ونظامها الديمقراطي باسم الدولة الدينية والخلافة ، ولولا الثورة الثانية التي شارك فيها الشعب المصري بكثافة لعاشت مصر جحيم محاكم التفتيش في ابشع صوره ،للأسف هذا الخوف استغلته المؤسسة العسكرية ببراعة واستفردت بالحكم من جديد ربما هذا المأل التراجيدي للاسلاموية المصرية هو ما جعل العدل والإحسان ينسحب من حركة 20 فبراير ، لكن هناك ايضا عامل اساسي اخر خفي كان وراء ذلك الانسحاب المفاجئ ويتجنب البعض الحديث عنه ، حقا للمحيط الدولي اهمية خاصة فالجميع كان يبرر هذا الفعل نتيجة بروز افة الارهاب الاسلاموي التي مست المحيط الدولي عامة لكن العنصر الداخلي كان ايضا حاسما في هذا القرار فالتنسيق السري بين العدل والاحسان والعدالة والتنمية وما يتضمنه من تبادل الادوار خدمة لإستراتيجية واحدة وموحدة يتفق عليها جميع الاسلامويين وهي الدولة الدينية . فبعدما اتضح ان الظروف الدولية تقف حجر عثرة امامهم ارتأو بلوغ الهدف عبر استخدام صناديق الاقتراع كتكتيك يخدم استراتيجيتهم وإلا فبماذا نفسر دعوة العدل والاحسان الى مقاطعة الانتخابات امام الملا في حين يزحفون رجالا ونساء نحو مراكز الاقتراع كشكل من اشكال الجهاد لا كواجب وطني ؟
3- تعثر تشكيل الحكومة و الدور المنوط للعدل و الاحسان
اتضح جليا ان العدالة والتنمية تستقوي يالعدل والاحسان ولعل الخروج الاعلامي لهذا الاخير وتهديده للسلم الاجتماعي تحت مبرر واهي يتجلى في توقيف بعض أطره والتعسف عليهم من قبل الادارة ، يطرح اكثر من علامة استفهام اولها ان قلة قليلة محسوبة على العدل و الاحسان شملهم بعض التعسف من قبل رؤساء مصالح تابعة لوزارات بدورها تابعة للحكومة الملتحية ، لايهم اان كان الوزير له انتماء سياسي مغاير مادام رئيسه يتراس حزبا متأسلما ومع ذلك سنتجاوز هذا النقاش لنطرح سؤالا جوهريا مفاده كالتالي : لماذا اختار العدل والاحسان هذه اللحظة للتهديد ؟ علما ان كثيرا من المضايقات تعرض لها كوادر هذه الجماعة ولم تهدد بالخروج الى الشارع او العصيان .
مرة اخرى يتضح التنسيق السري بين الجماعة وحزب العدالة ، فرئيس الحكومة يبتز الدولة من خلال استخدام العدل و الاحسان سرا وبظهوره بمظهر المحافظ على السلم الاجتماعي والضامن الوحيد لاستمراره ، وبالتالي على الدولة ان تضغط على باقي الاحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي المرتقب كي ترضخ لاملاءات العدالة والتنمية وهذه قمة المفارقة لانهم بالأمس القريب كانوا يشتكون من تدخل الدولة في الشؤون الداخلية للأحزاب وهاهم يطلبون منها التدخل بلا استحياء .فاي عبث اكبر من هذا ؟ ولكن يبدو ان كل الوسائل المباحة عند الاسلامويين ، من جهاد الفتك مرورا بجهاد النكاح ووصولا عند جهاد الافتراء ، فكل شيء يهون خدمة لسلطة سياسية مطلقة تتأسس على الادعاءات الغيبية النافية لدور الانسان صانع التاريخ
على سبيل الختام
لست ضد التنسيق بين التنظيمات السياسية مهما كانت توجهاتها ولكنني ضد تبليد الشعب المغربي من خلال ادعاء الاختلاف والخلاف في وقت التنسيق جار بين العدالة والتنمية والعدل و الاحسان على قدم وساق ويكاد لا ينقطع على اعلى مستوياته وما يحز في نفسي هو تلك الاقلام التي كنا نراهن على اجتهادها الفكري من اجل تحديث الحياة السياسية المغربية نجدها تتجند للدفاع عن اللامنطق معتقدة ان هذا السلوك سيقودها الى الفوز بكعكة حكومية لكنها بطعم الظلامية لذا ينطبق عليهم المثل المغربي الذي يقول : من وجد راحته في الجنون لن يحتاج الى عقله.