بقلم : ذ. حفيظ زرزان
يستجد هذه الأيام ببلدنا الحبيب المغرب الحديث عن "الاستحقاقات" القادمة، وكأن الخمسين السنة السابقة بوعودها "المولوية" السخية طويت إلى غير رجعة مع ما تسجل فيها ومورس، ومع هذا العزوف الكبير للمواطنين الذين يئسوا من "عدل" طال أمده وانتقال ديمقراطي لا يكتمل .
ما الجدوى من الانتخابات إن لم تفرز لنا قرارا وسلطة حقيقين يتحمل فيهما السياسي المتقدم والمترشح مسؤوليته كاملة وفق برنامج واضح ؟وهل التزوير هو أساس مشكل انتخاباتنا بالمغرب ؟
المستقرئ لتاريخ العملية برمتها بشقيها المحلي والبرلماني، يجد التحكم والتزوير، ومع نوعيات وكائنات تقبل "الهامش" الضيق إما تلهفا على كرسي وتسرعا، وإما لقضاء مآرب أخرى، مع ما يتبع ذلك من توسع في المسكن والملبس والسيارة ومصالح الأسرة والعائلة، وتأمين مستقبل المقربين أو توظيفهم، يوازيه تخل تدريجي عن المبادئ التي كان يحلم بتحقيقها ذلك المناضل الصارخ الحاشد للجماهير من حوله .
وبقراءة سريعة للدستور القديم والحالي والقوانين التنظيمية التي تصاغ، والتي صارت في المتناول مع الشبكة العنكبوتية، يقف القارئ المطلع والباحث المهتم على حقيقة واحدة، أن الشعب مغيب عن الصناديق مستبعد من دوائر القرار ،وإن أدلى بصوته "الصوري" فهو لازال "قاصرا" في أعين من يحكم .
قوانينا تجعل الإرادة خارج الاختيار الحر للأمة، والمسيرون الحقيقيون يعينون بعيدا عن أي استحقاق أو موعد فرز تابعون لجهة غير منتخبة هي "المؤسسة الملكية "، يأتمرون لها دون تردد أو عودة لأي منطق أو قانون، فيهم المستشارون ولاموقع لهم في الدستور، وفيهم أجهزة ،وفيهم لجان، وفيهم مؤسسات، ولهم ميزانية خاصة يصادق عليها بالإجماع دون أدنى تردد، وهي أكبر مالية بالمغرب .
إذا عرجنا على مؤسسة البرلمان، سماه الراحل الحسن الثاني رحمه الله "سيركا"، فهو مبنى مفرغ المعنى والمضمون ينحصر حاضروه في إلقاء أسئلة كتابية وأخرى شفهية معدة مسبقا بعناية محكمة يجيبا عنا المسؤول بعد إحالتها على مستشاريه، أو تشكيل لجان للتحقيق في الغالب لا تخرج بنتيجة .
برلمان مكبل لا يستطيع إسقاط حكومة أو إفرازها، فإذا توفر النصاب والأغلبية، لابد أن تنتظر الإشارة ، لأن التعيين والإعفاء دائما من فوق هناك في القصر .
السيدة الحكومة إن انتخبت، محكومة ببلقنة سياسية "عدة أحزاب من توجهات مختلفة"، مما يفرض على الحزب الأغلبي منطق التوازنات والترضيات والتوافقات .
والكاتب العام لنفس الجهاز يبقى كذلك هو الآمر الناهي في حال وجود رئيس حكومة قد تحدثه نفسه بتجاوز خطوط ومربع الحكم ، وفي حالتنا المغربية هو السيد إدريس الضحاك الذي بقي هو نفسه منذ الحكومة السابقة .
والناظر في مجموع التراب الوطني يجد تراتبية إدارية قوية وعميقة ومتجذرة تمتد إلى أعلى سلطة في البلاد أقوى من أي سلطة قادمة من الصناديق. حتى الجهوية التي يتم الترويج لها أنيطت مهمة إنجازها إلى لجنة ملكية ، فلا الشعب أخذ رأيه ولا المؤسسات المنتخبة ولا الحكومة .
وهل الفساد والاستبداد الممركز ينفع معه التقسيم أو إعادة التوزيع ؟
أما الجماعات المحلية فهي محكومة بتقطيع "مدروس" بإشراف مباشر للإدارة يكون لأصحاب "المال الحرام" اليد الطولى والكلمة الفصل فيه، مع صلاحيات محدودة ومحبوكة .
وأداة التغيير وهي الحزب السياسي فهو "منحة" لا تخضع لمسطرة قانونية ، وإنما للتفاوض والقبول بخطوط لعبة يحدد المخزن حدودها وشروطها، وإلا فمصيرك القمع والمنع كما يقع مع كثير من النزهاء والصادقين .
مشكلتنا اليوم ليست مع نزهاء أو فاسدين أو مع “الملك” كشخص كما يحب أن يخلط عنه المتملقون والوصوليون بل المعضلة في "سيستيم" تقليدي قديم متشعب تجاوز الأشخاص، مهما كان صدقهم، والداخل إليه كما هو الآن سرعان ما يبتلعه، فيه التباس للأمور وتداخل للمهام، فلا يميز الناس بين الحاكم الفعلي وبين أناس تم استقدامهم لتجديد "الماكينة" أو لتدبير المرحلة فقط .
اليوم يجب على بلدنا الحبيب أن يختار الانسجام مع شعاراته المرفوعة بالانتقال الديمقراطي الحقيقي الواقعي و مصارحة الشعب، فالوضع متأزم والحال لا يقبل التأجيل أو الالتواء أو الترقيع، ونحن نرى ونسمع الخطر الداعشي والتوغل الشيعي والتطورات الإقليمية والدولية وحجم الإكراهات المتزايدة والقضايا الملحة والملفات الكبرى لعل أهمها الصحراء .
هذا الانتقال السياسي الذي تحتاجه البلاد اليوم ، لتعود للانتخابات معناها وللعملية السياسية جدواها ضروري أكثر من أي لحظة، لا مجال للتكهن فيه أو القراءات والمزيد من التحليل، يجب أن يتم القطع مع الماضي بمصارحة حقيقية قبل أي مصالحة ممكنة وجماعية .
إن المدخل الأساسي في العملية هو الخروج بمغربنا الغالي من "ظلمة" الكواليس والسراديب إلى شمس النهار، يجب أن يتعلم المواطن أن يختار ويتحمل مسؤوليته ، نفسح له المجال ليعبر ويقرر، وعليه أن يتحمل النتائج ، فإن اختار الممارسة الحالية بقواعدها في جو من الحرية التام وفي اختيار حر ونزيه أو استفتاء شعبي فله ذلك .
أو بدل هذا كله أن نستغني عن الانتخابات بإدارة تنفيذية دون الحاجة إلى حكومة وبرلمان لا يسمنان من جوع ولا يملكان قرارا .
ولنصارح المواطنين بكل شيء لكي يتحمل الجميع الوضع ويقبلوه بدل أن نروج شعارات كبيرة ونوزع الكذب وينقلب السحر على الساحر ، كل ذلك من أجل الوطن .
يستجد هذه الأيام ببلدنا الحبيب المغرب الحديث عن "الاستحقاقات" القادمة، وكأن الخمسين السنة السابقة بوعودها "المولوية" السخية طويت إلى غير رجعة مع ما تسجل فيها ومورس، ومع هذا العزوف الكبير للمواطنين الذين يئسوا من "عدل" طال أمده وانتقال ديمقراطي لا يكتمل .
ما الجدوى من الانتخابات إن لم تفرز لنا قرارا وسلطة حقيقين يتحمل فيهما السياسي المتقدم والمترشح مسؤوليته كاملة وفق برنامج واضح ؟وهل التزوير هو أساس مشكل انتخاباتنا بالمغرب ؟
المستقرئ لتاريخ العملية برمتها بشقيها المحلي والبرلماني، يجد التحكم والتزوير، ومع نوعيات وكائنات تقبل "الهامش" الضيق إما تلهفا على كرسي وتسرعا، وإما لقضاء مآرب أخرى، مع ما يتبع ذلك من توسع في المسكن والملبس والسيارة ومصالح الأسرة والعائلة، وتأمين مستقبل المقربين أو توظيفهم، يوازيه تخل تدريجي عن المبادئ التي كان يحلم بتحقيقها ذلك المناضل الصارخ الحاشد للجماهير من حوله .
وبقراءة سريعة للدستور القديم والحالي والقوانين التنظيمية التي تصاغ، والتي صارت في المتناول مع الشبكة العنكبوتية، يقف القارئ المطلع والباحث المهتم على حقيقة واحدة، أن الشعب مغيب عن الصناديق مستبعد من دوائر القرار ،وإن أدلى بصوته "الصوري" فهو لازال "قاصرا" في أعين من يحكم .
قوانينا تجعل الإرادة خارج الاختيار الحر للأمة، والمسيرون الحقيقيون يعينون بعيدا عن أي استحقاق أو موعد فرز تابعون لجهة غير منتخبة هي "المؤسسة الملكية "، يأتمرون لها دون تردد أو عودة لأي منطق أو قانون، فيهم المستشارون ولاموقع لهم في الدستور، وفيهم أجهزة ،وفيهم لجان، وفيهم مؤسسات، ولهم ميزانية خاصة يصادق عليها بالإجماع دون أدنى تردد، وهي أكبر مالية بالمغرب .
إذا عرجنا على مؤسسة البرلمان، سماه الراحل الحسن الثاني رحمه الله "سيركا"، فهو مبنى مفرغ المعنى والمضمون ينحصر حاضروه في إلقاء أسئلة كتابية وأخرى شفهية معدة مسبقا بعناية محكمة يجيبا عنا المسؤول بعد إحالتها على مستشاريه، أو تشكيل لجان للتحقيق في الغالب لا تخرج بنتيجة .
برلمان مكبل لا يستطيع إسقاط حكومة أو إفرازها، فإذا توفر النصاب والأغلبية، لابد أن تنتظر الإشارة ، لأن التعيين والإعفاء دائما من فوق هناك في القصر .
السيدة الحكومة إن انتخبت، محكومة ببلقنة سياسية "عدة أحزاب من توجهات مختلفة"، مما يفرض على الحزب الأغلبي منطق التوازنات والترضيات والتوافقات .
والكاتب العام لنفس الجهاز يبقى كذلك هو الآمر الناهي في حال وجود رئيس حكومة قد تحدثه نفسه بتجاوز خطوط ومربع الحكم ، وفي حالتنا المغربية هو السيد إدريس الضحاك الذي بقي هو نفسه منذ الحكومة السابقة .
والناظر في مجموع التراب الوطني يجد تراتبية إدارية قوية وعميقة ومتجذرة تمتد إلى أعلى سلطة في البلاد أقوى من أي سلطة قادمة من الصناديق. حتى الجهوية التي يتم الترويج لها أنيطت مهمة إنجازها إلى لجنة ملكية ، فلا الشعب أخذ رأيه ولا المؤسسات المنتخبة ولا الحكومة .
وهل الفساد والاستبداد الممركز ينفع معه التقسيم أو إعادة التوزيع ؟
أما الجماعات المحلية فهي محكومة بتقطيع "مدروس" بإشراف مباشر للإدارة يكون لأصحاب "المال الحرام" اليد الطولى والكلمة الفصل فيه، مع صلاحيات محدودة ومحبوكة .
وأداة التغيير وهي الحزب السياسي فهو "منحة" لا تخضع لمسطرة قانونية ، وإنما للتفاوض والقبول بخطوط لعبة يحدد المخزن حدودها وشروطها، وإلا فمصيرك القمع والمنع كما يقع مع كثير من النزهاء والصادقين .
مشكلتنا اليوم ليست مع نزهاء أو فاسدين أو مع “الملك” كشخص كما يحب أن يخلط عنه المتملقون والوصوليون بل المعضلة في "سيستيم" تقليدي قديم متشعب تجاوز الأشخاص، مهما كان صدقهم، والداخل إليه كما هو الآن سرعان ما يبتلعه، فيه التباس للأمور وتداخل للمهام، فلا يميز الناس بين الحاكم الفعلي وبين أناس تم استقدامهم لتجديد "الماكينة" أو لتدبير المرحلة فقط .
اليوم يجب على بلدنا الحبيب أن يختار الانسجام مع شعاراته المرفوعة بالانتقال الديمقراطي الحقيقي الواقعي و مصارحة الشعب، فالوضع متأزم والحال لا يقبل التأجيل أو الالتواء أو الترقيع، ونحن نرى ونسمع الخطر الداعشي والتوغل الشيعي والتطورات الإقليمية والدولية وحجم الإكراهات المتزايدة والقضايا الملحة والملفات الكبرى لعل أهمها الصحراء .
هذا الانتقال السياسي الذي تحتاجه البلاد اليوم ، لتعود للانتخابات معناها وللعملية السياسية جدواها ضروري أكثر من أي لحظة، لا مجال للتكهن فيه أو القراءات والمزيد من التحليل، يجب أن يتم القطع مع الماضي بمصارحة حقيقية قبل أي مصالحة ممكنة وجماعية .
إن المدخل الأساسي في العملية هو الخروج بمغربنا الغالي من "ظلمة" الكواليس والسراديب إلى شمس النهار، يجب أن يتعلم المواطن أن يختار ويتحمل مسؤوليته ، نفسح له المجال ليعبر ويقرر، وعليه أن يتحمل النتائج ، فإن اختار الممارسة الحالية بقواعدها في جو من الحرية التام وفي اختيار حر ونزيه أو استفتاء شعبي فله ذلك .
أو بدل هذا كله أن نستغني عن الانتخابات بإدارة تنفيذية دون الحاجة إلى حكومة وبرلمان لا يسمنان من جوع ولا يملكان قرارا .
ولنصارح المواطنين بكل شيء لكي يتحمل الجميع الوضع ويقبلوه بدل أن نروج شعارات كبيرة ونوزع الكذب وينقلب السحر على الساحر ، كل ذلك من أجل الوطن .