بقلم : سفيان الكامل
وأنا ذاهب للعمل صبيحة هذا اليوم، مارا على ثانوية من ثانويات مدينتي..أصادف زمر من الشباب.. لفت انتباهي وأثار فضولي العدد الهائل الذي كان على مقربة من تلك الثانوية.. سألت أحدهم عن دواعي هذا التجمهر، آهي ندوة فكرية ؟ آ شخصية قيادية سياسية حضرت وستُحاضر ؟ الجواب كان " راه كونكور ديال البوليس".. قلت له أعانك الله أخي ووفقك المولى.
بالصدفة، وإن الصدفة خير من ألف ميعاد.. سأصادف رفاق الأمس وهم في زاوية يتجادلون ويتناقشون، لكن هذه المرة على غير عادتهم ..على غير ألفاظهم ومصطلحاتهم اليسارية الحماسية.. هذه المرة ولأول مرة سأسمع رفيقا كان يرفع شارة النصر عاليا ويردد شعارات مناهضة "للمخزن"، و(يدعي) الحرية وعدم التقيد بالقوانين الموضوعة من أعلى سلطة في البلاد ..سأسمع وأتفاجأ به يُرشد بقية رفاقه بضرورة الولوج لسلك الشرطة وبذل قصارى جهدهم كي يناولوا حظا في المرور للمرحلة القادمة المتمثلة في الإختبار الشفوي ..وأي سلك للشرطة عزم رفيق الأمس على ضرورة ولوجه ؟..إنه التدخل السريع "السيمي " ..رفيقي الذي كان قبل ايام قليلة خلت ، يعتبر من أبرز مناضلي الحركة الطالبية، كان يدعي كرهه الشديد ونفوره التام من أجهزة السلطة ويعتبرها قوة قمع وردع لكل أشكال النضال والحرية لا أقل ولا أكثر ..بعد المصافحة والسؤال عن أحواله ، عرجت مباشرة إلى استفساره عن الدواعي التي جعلته يختار إجتياز هذه المباراة بالضبط ، فكان جوابه مختصرا، حيث قال .."رفيقي، ولست برفيق أحد ..انتهى زمن الرفاق ..إلى متى سأظل مناضلا وأمي تنتظر مني شيئا، إلى متى سأدافع عن مبادئ يستحيل تحققها في هذا الوطن الميؤوس ..إلى متى سأظل دون عمل وأنا في سن لا تقبل أبدا المفاوضات ..لا تقبل سعة الإختيارات .." كان كلامه صائبا بليغا ..
ودعت رفيقي ورفاق الأمس وطلبت منهم التركيز لبلوغ غايتهم..على خطوات وبعد انصرافي سأتذكر الحياة ومدى احتياج الإنسان للدربة بها، سأتذكر عالم المتناقضات واحتياجات الإنسان للتغير حسب ما تقتضيه الضرورة نافيا ضاربا كل المقدمات التي أعلنها أمس..ناكرا لكل ما تفوه به وأعلنه في كل حين... للضرورة أحكام وللإنسان غايات ولتحقيق الغايات يلزمه تغيير التصرفات..
رفيقي سئم الوضع وأخل بمبادئه في سبيل الحصول على قوت عيشه لا نلومه لكن كان عليه من الوهلة الأولى أن لا يعلن تمرده بقدر ما يعلن ولاءه ..حقا عالم المتناقضات..
وأنا ذاهب للعمل صبيحة هذا اليوم، مارا على ثانوية من ثانويات مدينتي..أصادف زمر من الشباب.. لفت انتباهي وأثار فضولي العدد الهائل الذي كان على مقربة من تلك الثانوية.. سألت أحدهم عن دواعي هذا التجمهر، آهي ندوة فكرية ؟ آ شخصية قيادية سياسية حضرت وستُحاضر ؟ الجواب كان " راه كونكور ديال البوليس".. قلت له أعانك الله أخي ووفقك المولى.
بالصدفة، وإن الصدفة خير من ألف ميعاد.. سأصادف رفاق الأمس وهم في زاوية يتجادلون ويتناقشون، لكن هذه المرة على غير عادتهم ..على غير ألفاظهم ومصطلحاتهم اليسارية الحماسية.. هذه المرة ولأول مرة سأسمع رفيقا كان يرفع شارة النصر عاليا ويردد شعارات مناهضة "للمخزن"، و(يدعي) الحرية وعدم التقيد بالقوانين الموضوعة من أعلى سلطة في البلاد ..سأسمع وأتفاجأ به يُرشد بقية رفاقه بضرورة الولوج لسلك الشرطة وبذل قصارى جهدهم كي يناولوا حظا في المرور للمرحلة القادمة المتمثلة في الإختبار الشفوي ..وأي سلك للشرطة عزم رفيق الأمس على ضرورة ولوجه ؟..إنه التدخل السريع "السيمي " ..رفيقي الذي كان قبل ايام قليلة خلت ، يعتبر من أبرز مناضلي الحركة الطالبية، كان يدعي كرهه الشديد ونفوره التام من أجهزة السلطة ويعتبرها قوة قمع وردع لكل أشكال النضال والحرية لا أقل ولا أكثر ..بعد المصافحة والسؤال عن أحواله ، عرجت مباشرة إلى استفساره عن الدواعي التي جعلته يختار إجتياز هذه المباراة بالضبط ، فكان جوابه مختصرا، حيث قال .."رفيقي، ولست برفيق أحد ..انتهى زمن الرفاق ..إلى متى سأظل مناضلا وأمي تنتظر مني شيئا، إلى متى سأدافع عن مبادئ يستحيل تحققها في هذا الوطن الميؤوس ..إلى متى سأظل دون عمل وأنا في سن لا تقبل أبدا المفاوضات ..لا تقبل سعة الإختيارات .." كان كلامه صائبا بليغا ..
ودعت رفيقي ورفاق الأمس وطلبت منهم التركيز لبلوغ غايتهم..على خطوات وبعد انصرافي سأتذكر الحياة ومدى احتياج الإنسان للدربة بها، سأتذكر عالم المتناقضات واحتياجات الإنسان للتغير حسب ما تقتضيه الضرورة نافيا ضاربا كل المقدمات التي أعلنها أمس..ناكرا لكل ما تفوه به وأعلنه في كل حين... للضرورة أحكام وللإنسان غايات ولتحقيق الغايات يلزمه تغيير التصرفات..
رفيقي سئم الوضع وأخل بمبادئه في سبيل الحصول على قوت عيشه لا نلومه لكن كان عليه من الوهلة الأولى أن لا يعلن تمرده بقدر ما يعلن ولاءه ..حقا عالم المتناقضات..