أمين بنسعيد
يلاحظ المتتبع لواقع الفكر عندنا في مرحلة ما بعد الاستعمار الانقسام الذي تعيشه النخب المثقفة في رفع تحديات هذا العصر و الإجابة عن الأسئلة الملحة التي يفرضها و التي تمس كافة فئات المجتمع المعاصر , فما بين داع إلى ربط الحاضر بماضي الأمة الإسلامية و طالب لإلحاق حاضرها بحاضر الغرب تاهت العقول التواقة للنهضة الفكرية والاقتصادية المنشودة
فأما الفئة الأولى من المفكرين فقد اجتهدت في تقليد الماضي مما جعلها تعيش غربة فكرية و قصورا منهجيا و موضوعيا في التواصل مع الكثير من فئات المجتمع- إن لم نقل جلها- و منهمكة في البحث عن الذات المفقودة بين صفحات تاريخ الأمة المجيد متناسية أن المستقبل يبنى بسواعد رجال الحاضر , فالتاريخ يمكن أن يستثمر في اخذ العبر و ليس في التقليد الأعمى للأسلاف لأنه لكل جيل نسق عيش مختلف عن سابقه, و نحن لا ندعو من خلال هذا المقال إلى إحداث قطيعة مع الماضي بقدر ما ندعو إلى الاستفادة منه لكن دون الذوبان فيه, كي لا نعيش زمننا بفكر لا يمت له بصلة عازفين عن الغير متجاهلين خصوصيات عصرنا و متطلباته
أما الفئة الثانية من هذه النخب فقد اعتبرت الغرب مثلها الأعلى و النموذج السامي المتكامل الذي لا يشوبه نقصان ما دفعها إلى أن تدعو باستماتة إلى تقليده و الاقتداء به, فهي تنظر إلى الذات نظرة دونية, فالمجتمع الذي لم يفلح في الالتحاق بركب الحضارة المعاصرة و التشبع بجميع قيمها و مبادئها لا يستحق الاحترام , و لن يتمكن من التطور الايجابي إلا إذا نزع عباءة الرجعية, و انخرط بجميع مكوناته في المشاريع التنموية الضخمة التي لن تتحقق أو تنجح في نظرهم إلا إذا تم التخلص من القيم البالية و الأفكار التقليدية, وتم تبني مرجعيات الغرب مبادئه و قواعده مغفلين أن ثقافات الشعوب كنوز تتوارثها الأجيال و تمررها بكل فخر و أمانة بعد أن يضفي عليها كل جيل بعضا من خصوصياته لكي تصل إلى الجيل الذي بعده أصيلة عصرية و منقحة. لقد غاب عن أذهانهم أن لكل مجتمع مميزاته التي ينفرد بها ولا يمكن أن يفرط فيها بسهولة أو أن يغيرها, انه بطبعه تواق إلى التطور وتقبل الجديد في كل المجالات لكن دون تجاوز الخطوط الحمراء التي أمعن في رسمها عبر التاريخ و التي تتمثل في خصوصياته الثقافية الاجتماعية و الدينية. هذا الصراع الخفي بين هذين الاتجاهين الفكريين الذي يدور رحاه في ساحة المجتمع, خلق تشوهات فكرية و سلوكية لدى عدد من أفراده
هذه التشوهات تظهر جلية إذا حللنا سلوكيات بعض الأشخاص بغض النظر عن الطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها.فما بين شابة تفننت في إبراز مفاتنها من خلال زي غربي فاضح لا يمت لثقافتها بصلة, و شاب يلبس لباسا آسيويا غريبا , يتخبط الكثير من شبابنا في رحلة البحث عن الذات المفقودة, معانين غيبوبة فكرية ناتجة بشكل أساسي عن انسلاخهم عن فضاءهم الجغرافي و التاريخي
الحل يكمن في نظري في إكساب فلذات أكبادنا ثقافة وطنهم, ما يضمن لهم التجذر الأمثل في واقعهم و الإحساس العميق به ,و تربيتهم على روح التسامح و الانفتاح على الآخر للنهل من معين علومه و الاستفادة من تجاربه و أفكاره, التي لا تتعارض و مبادئ و خصوصيات مجتمعهم, و التي تضمن لهم الانخراط الأمثل في ركب التنمية و تفتح أمام أعينهم آفاقا رحبة للإبداع و التميز في عالم سريع التغير و التطور
يلاحظ المتتبع لواقع الفكر عندنا في مرحلة ما بعد الاستعمار الانقسام الذي تعيشه النخب المثقفة في رفع تحديات هذا العصر و الإجابة عن الأسئلة الملحة التي يفرضها و التي تمس كافة فئات المجتمع المعاصر , فما بين داع إلى ربط الحاضر بماضي الأمة الإسلامية و طالب لإلحاق حاضرها بحاضر الغرب تاهت العقول التواقة للنهضة الفكرية والاقتصادية المنشودة
فأما الفئة الأولى من المفكرين فقد اجتهدت في تقليد الماضي مما جعلها تعيش غربة فكرية و قصورا منهجيا و موضوعيا في التواصل مع الكثير من فئات المجتمع- إن لم نقل جلها- و منهمكة في البحث عن الذات المفقودة بين صفحات تاريخ الأمة المجيد متناسية أن المستقبل يبنى بسواعد رجال الحاضر , فالتاريخ يمكن أن يستثمر في اخذ العبر و ليس في التقليد الأعمى للأسلاف لأنه لكل جيل نسق عيش مختلف عن سابقه, و نحن لا ندعو من خلال هذا المقال إلى إحداث قطيعة مع الماضي بقدر ما ندعو إلى الاستفادة منه لكن دون الذوبان فيه, كي لا نعيش زمننا بفكر لا يمت له بصلة عازفين عن الغير متجاهلين خصوصيات عصرنا و متطلباته
أما الفئة الثانية من هذه النخب فقد اعتبرت الغرب مثلها الأعلى و النموذج السامي المتكامل الذي لا يشوبه نقصان ما دفعها إلى أن تدعو باستماتة إلى تقليده و الاقتداء به, فهي تنظر إلى الذات نظرة دونية, فالمجتمع الذي لم يفلح في الالتحاق بركب الحضارة المعاصرة و التشبع بجميع قيمها و مبادئها لا يستحق الاحترام , و لن يتمكن من التطور الايجابي إلا إذا نزع عباءة الرجعية, و انخرط بجميع مكوناته في المشاريع التنموية الضخمة التي لن تتحقق أو تنجح في نظرهم إلا إذا تم التخلص من القيم البالية و الأفكار التقليدية, وتم تبني مرجعيات الغرب مبادئه و قواعده مغفلين أن ثقافات الشعوب كنوز تتوارثها الأجيال و تمررها بكل فخر و أمانة بعد أن يضفي عليها كل جيل بعضا من خصوصياته لكي تصل إلى الجيل الذي بعده أصيلة عصرية و منقحة. لقد غاب عن أذهانهم أن لكل مجتمع مميزاته التي ينفرد بها ولا يمكن أن يفرط فيها بسهولة أو أن يغيرها, انه بطبعه تواق إلى التطور وتقبل الجديد في كل المجالات لكن دون تجاوز الخطوط الحمراء التي أمعن في رسمها عبر التاريخ و التي تتمثل في خصوصياته الثقافية الاجتماعية و الدينية. هذا الصراع الخفي بين هذين الاتجاهين الفكريين الذي يدور رحاه في ساحة المجتمع, خلق تشوهات فكرية و سلوكية لدى عدد من أفراده
هذه التشوهات تظهر جلية إذا حللنا سلوكيات بعض الأشخاص بغض النظر عن الطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها.فما بين شابة تفننت في إبراز مفاتنها من خلال زي غربي فاضح لا يمت لثقافتها بصلة, و شاب يلبس لباسا آسيويا غريبا , يتخبط الكثير من شبابنا في رحلة البحث عن الذات المفقودة, معانين غيبوبة فكرية ناتجة بشكل أساسي عن انسلاخهم عن فضاءهم الجغرافي و التاريخي
الحل يكمن في نظري في إكساب فلذات أكبادنا ثقافة وطنهم, ما يضمن لهم التجذر الأمثل في واقعهم و الإحساس العميق به ,و تربيتهم على روح التسامح و الانفتاح على الآخر للنهل من معين علومه و الاستفادة من تجاربه و أفكاره, التي لا تتعارض و مبادئ و خصوصيات مجتمعهم, و التي تضمن لهم الانخراط الأمثل في ركب التنمية و تفتح أمام أعينهم آفاقا رحبة للإبداع و التميز في عالم سريع التغير و التطور