المزيد من الأخبار






شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي بين التاريخ الفعلي والتاريخ الوهمي


شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي بين التاريخ الفعلي والتاريخ الوهمي
ناظورسيتي: عادل أداسكو

مازالت شخصية المقاوم الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي موضوع أخد ورد بين الأمازيغ والذين يحتكرون التاريخ الرسمي، مما جعل هذه الشخصية التاريخية الفريدة تتحول إلى نوع من الطابو السياسي الذي يتجلى في رفض السلطات تنقيل جثمان زعيم ثورة الريف من مصر الى موطنه الأصلي بأجدير.

ولعل من أكبر مظاهر التوتر التي تعكسها شخصية بن عبد الكريم الخطابي وجود تلات صور مختلفة لشخصيته:

- الصورة الأولى هي الصورة المطابقة للحقيقة التاريخية، وهي صورة موحند ن عبد لكريم لخطابي الرجل السياسي والقائد العسكري ابن منطقة الريف، الذي قاد الانتفاضة المسلحة بالريف ضد الاستعمار وضد المخزن المركزي الذي اعتبر حليفا للاستعمار، حيت عرف بن عبد الكريم الخطابي بمشروع تأسيس جمهوية الريف المستقلة بتنظيمها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري، كما تم اعتباره من أهم قادة الحركات التحررية في النصف الأول من القرن العشرين.

- الصورة الثانية هي الصورة التي صنعتها الحركة الوطنية، والتي اعتبرت عبد الكريم الخطابي مدافعا عن العرش ومقاوما للإستعمار في الشمال، من أجل إلحاق هذه المنطقة بباقي المناطق التابعة للسلطة المركزية.

- الصورة الثالثة صورة بن عبد الكريم المقيم في مصر في ضيافة النظام القومي لعبد الناصر، والذي انخرط في تحديات مرحلة الخمسينات التي عرفت الهجوم الثلاتي على مصر واحتلال فلسطين.

إن صورة محمد بن عبد الكريم الخطابي لابد أن تأخد انطلاقا مما كتبه عنه مؤرخو ثورة الريف، وليس انطلاقا من خطاب (الحركة الوطنية)، أو ماقيل عن عبد الكريم أيام إقامته بمصر فقط واختزال شخصيته في ذلك.

ومن المآثر التي سجلها التاريخ بحروف من ذهب بحق أسد الريف مولاي موحند في حربه، نذكر اعتماده على الموارد الذاتية والغنائم بدل انتظار المساعدات من جهات خارجية، حيت لم يكن هاجس الوصول إلى الحكم يشغل بال الخطابي، بل كان حرصا في مرحلة حشد الجماهير على إعطاء البرهان على نضاله من جل أبناء الريف، فاكتسب خطابه مصداقية عالية بين الناس والتف حوله المناصرون المخلصون المستعدون للموت في سبيل قضية الريف، هؤلاء المقاتلون تميزوا بمهاراتهم القتالية، تحت قيادة شخص سباق للشهادة في سبيل القضية، وكانت النتيجة انتصاره الباهر في معركة أنوال عام 1339 للهجرة (1921 للميلاد)، وخسارة إسبانيا حوالي 15 ألفا من جنودها بين قتيل وجريح.

أظهر عبد الكريم الخطابي مهارة رفيعة كرجل دولة ناجح في طريقة إدارته لجمهورية الريف، حيث شرع في كتابة دستور وأتى بهياكل إدارية وتنفيذية وتشريعية تعكس جميع ألوان القاعدة الشعبية لجمهورية الريف وأسس المحاكم واهتم بنظام التعليم وحرص على ربط مناطق جمهورية الريف بشبكة الاتصالات الهاتفية، وأقام شبكة مواصلات لا يزال بعضها قائما إلى اليوم ويسمى باسمه لأنها أنجزت خلال فترة حكمه.

مولاي موحند الزعيم الأمازيغي المتمرد والمقاتل من أجل الحرية والتحرر، الذي تحلي بالحكمة والاحتكام للقانون والحق، عمل على سنّ قوانين تضمن حياة الناس وتؤكد على مبادئ المواطنة، مثل قوانين تجرم الانتقام والثأر .

الخطابي المفجر الأول لحركات التحرر انتصر أخلاقيا وجسّد خلال رحلته أن قوة الحضارة أسمى وأبقى من حضارة القوة. ومن هنا نؤكد ظرورة اشتغال المؤرخين على فترات حياته، حتى تتشكل الصورة الكاملة والحقيقية لهذا البطل الحقيقي.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح