محمد بابا حيدة / صحافي بجريدة المساء
شيء ما في المشتغلين في الصحافة، خاصة الرقمية، يجعلهم يبحثون عن كل ما هو مثيرفي كل شيء وفي كل الأحداث، حتى وإن كان تافها بحثاً عن le buzz، الذي ابتليت به هذه الحرفة، لكونها أصبحت مرهونة بعدد النقرات ، وعدد الزيارات وتصنيف الموقع ووو .. إلخ. وكل هذا على حساب الحد الأدنى من المهنية والصدق في إيصال الخبر ووصف الوقائع دون تضخيم!.
يوم الأحد الماضي كنت حاضراً لجنازة المرحوم محسن فكري، وكان الحضور بالآلاف (أزيد من 6 آلاف شخص)، وكانت الجنازة/المسيرة في غاية التنظيم العفوي، وعدد كبير من أبناء إمزورن تطوعوا لتوزيع المياه على المشاركين في الجنازة، ولم ترفع شعارات انفصالية كما ادعى كثيرون.
الذي حدث أن مجموعة صغيرة كانت معزولة لا يتعدى عدد أفرادها 30 شخصاً كلهم أقل من 20 سنة، رفعوا ثلاثة أعلام لما يسمى بجمهورية الريف، ورفعوا بعض الشعارات المناهضة للمخزن، وهذا يدخل ضمن الشاذ الذي لا يقاس عليه، وهو أمر عادي يحدث في جميع المسيرات والمظاهرات، وحتى عندما طلبوا مني تصويرهم وناقشتهم في الأمر كانوا على مستوى عالي من التربية، وعندما سألتهم : هل فعلاً تريدون ان يصبح الريف دولة مستقلة؟ كان جوابهم أن ضحكوا جميعاً من سؤالي وتكفل أحدهم بالجواب: حنا مغاربة وهاد الراية ورتناها على جدودنا اللي قاوموا الاستعمار!
وقبل يومين خرجت البرلمانية عن حزب الاتحاد الدستوري، خديجة الزياني بتدوينة على حسابها على فيسبوك، تقول إن الحسن الثاني كان صادقاً عندما وصف أهل الريف بـ”الأوباش”، في تعليق منها على صورة مفبركة لمسيرة الحسيمة تظهر فيها الراية الإسبانية، لتقوم نفس البرلمانية بحذف التدوينة بعد أن انتشرت على فيسبوك وأججت احتجاجات واسعة.
السيدة البرلمانية التي “سخن عليها راسها” قبل أن “تسخن” مقعدها في البرلمان، لم تفكر ولو لحظة قبل أن تكتب ما كتبته، ولم تقرأ عواقب كلام يخرج من واحدة تحمل صفة “ممثلي الأمة”، واعتقدت أن الكتابة على فيسبوك مثل الأحاديث التي تدور بين النساء داخل”حمام العيالات”، وتجهل أن صفة برلمانية التي منحها إياها المغاربة ستجعلها وغيرها ممن يحملون نفس الصفة تحت الأنظار، فكل كلامها وحركاتها في الفضاءات العامة مراقبة.
الزياني مثال حي على حقيقة النخب السياسية التي يعول عليها المغاربة في إنقاذ الوطن من التخلف في التعليم والصحة والشغل، نخبة تتحرك بالغرائز لا بالعقل، نخبة وجدت نفسها فجأة داخل المؤسسة التشريعية، دون امتلاك الحد الأدنى من المؤهلات التي تخول لها ممارسة التشريع والدفاع عن مصالح الشعب، وصلت فقط لأن الساحة فارغة.
الشباب الذين رفعوا علم ما يسمى “جمهورية الريف”، أغلبهم صغار تحركهم لحظة غضب طبيعية، ولو حدث مكروه لا قدر الله لهذا البلد أجزم أنهم سيكونون في مقدمة المدافعين عنه، وأن هؤلاء الذين يحذرون مما يسمونه “الفتنة” ستجدهم أول الهاربين.
لذا فإن هؤلاء الذين يقعدون خلف شاشة الهاتف او الحاسوب، ويحذرون من الفتنة ويهولون أمراً لا وجود له سوى في مخيلتهم، هم السبب الحقيقي وراء أي فتنة قد تأتي، ﻷن ليس هناك فتنة أعظم وأشد من التسرع في إطلاق الأحكام عن جهل، واستناداً فقط على ماينشر على فيسبوك وبعض وسائل الإعلام!
شيء ما في المشتغلين في الصحافة، خاصة الرقمية، يجعلهم يبحثون عن كل ما هو مثيرفي كل شيء وفي كل الأحداث، حتى وإن كان تافها بحثاً عن le buzz، الذي ابتليت به هذه الحرفة، لكونها أصبحت مرهونة بعدد النقرات ، وعدد الزيارات وتصنيف الموقع ووو .. إلخ. وكل هذا على حساب الحد الأدنى من المهنية والصدق في إيصال الخبر ووصف الوقائع دون تضخيم!.
يوم الأحد الماضي كنت حاضراً لجنازة المرحوم محسن فكري، وكان الحضور بالآلاف (أزيد من 6 آلاف شخص)، وكانت الجنازة/المسيرة في غاية التنظيم العفوي، وعدد كبير من أبناء إمزورن تطوعوا لتوزيع المياه على المشاركين في الجنازة، ولم ترفع شعارات انفصالية كما ادعى كثيرون.
الذي حدث أن مجموعة صغيرة كانت معزولة لا يتعدى عدد أفرادها 30 شخصاً كلهم أقل من 20 سنة، رفعوا ثلاثة أعلام لما يسمى بجمهورية الريف، ورفعوا بعض الشعارات المناهضة للمخزن، وهذا يدخل ضمن الشاذ الذي لا يقاس عليه، وهو أمر عادي يحدث في جميع المسيرات والمظاهرات، وحتى عندما طلبوا مني تصويرهم وناقشتهم في الأمر كانوا على مستوى عالي من التربية، وعندما سألتهم : هل فعلاً تريدون ان يصبح الريف دولة مستقلة؟ كان جوابهم أن ضحكوا جميعاً من سؤالي وتكفل أحدهم بالجواب: حنا مغاربة وهاد الراية ورتناها على جدودنا اللي قاوموا الاستعمار!
وقبل يومين خرجت البرلمانية عن حزب الاتحاد الدستوري، خديجة الزياني بتدوينة على حسابها على فيسبوك، تقول إن الحسن الثاني كان صادقاً عندما وصف أهل الريف بـ”الأوباش”، في تعليق منها على صورة مفبركة لمسيرة الحسيمة تظهر فيها الراية الإسبانية، لتقوم نفس البرلمانية بحذف التدوينة بعد أن انتشرت على فيسبوك وأججت احتجاجات واسعة.
السيدة البرلمانية التي “سخن عليها راسها” قبل أن “تسخن” مقعدها في البرلمان، لم تفكر ولو لحظة قبل أن تكتب ما كتبته، ولم تقرأ عواقب كلام يخرج من واحدة تحمل صفة “ممثلي الأمة”، واعتقدت أن الكتابة على فيسبوك مثل الأحاديث التي تدور بين النساء داخل”حمام العيالات”، وتجهل أن صفة برلمانية التي منحها إياها المغاربة ستجعلها وغيرها ممن يحملون نفس الصفة تحت الأنظار، فكل كلامها وحركاتها في الفضاءات العامة مراقبة.
الزياني مثال حي على حقيقة النخب السياسية التي يعول عليها المغاربة في إنقاذ الوطن من التخلف في التعليم والصحة والشغل، نخبة تتحرك بالغرائز لا بالعقل، نخبة وجدت نفسها فجأة داخل المؤسسة التشريعية، دون امتلاك الحد الأدنى من المؤهلات التي تخول لها ممارسة التشريع والدفاع عن مصالح الشعب، وصلت فقط لأن الساحة فارغة.
الشباب الذين رفعوا علم ما يسمى “جمهورية الريف”، أغلبهم صغار تحركهم لحظة غضب طبيعية، ولو حدث مكروه لا قدر الله لهذا البلد أجزم أنهم سيكونون في مقدمة المدافعين عنه، وأن هؤلاء الذين يحذرون مما يسمونه “الفتنة” ستجدهم أول الهاربين.
لذا فإن هؤلاء الذين يقعدون خلف شاشة الهاتف او الحاسوب، ويحذرون من الفتنة ويهولون أمراً لا وجود له سوى في مخيلتهم، هم السبب الحقيقي وراء أي فتنة قد تأتي، ﻷن ليس هناك فتنة أعظم وأشد من التسرع في إطلاق الأحكام عن جهل، واستناداً فقط على ماينشر على فيسبوك وبعض وسائل الإعلام!