ناظور سيتي
تحدث رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم السيد عبد السلام بوطيب في حوار له مع يومية الصباح المغربية، عن مجموعة من المعطيات الدقيقة حول زيارة رئيس الحكومة الإسبانية الجديدة ماريانو راخوي إلى المغرب وعن واقع ومستقبل علاقة البلدين الجارين، ولأهمية الحوار نعيد نشره .
ـ ما هي دلالات زيارة السيد مانوييل راخوي الى المغرب ؟
- الزيارة التي يقوم بها اليوم السيد ماريانو الراخوي الى المغرب لها أكثر من دلالة سياسية ، فهي رسالة قوية إلى كل الأطراف المغربية المتدخلة في شأن العلاقة المغربية الاسبانية من حكومة وأحزاب و مجتمع مدني . ففي الوقت الذي كان ينتظر الكل أن يتوجه السيد رئيس الحكومة الاسبانية في أول سفر رسمي له بعد أن سحق الاشتراكيين إلى بروكسيل، للتباحث مع قادة الاتحاد الأوروبي – بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعرفها المملكة الاسبانية و التي لم يسبق لها مثيل في تاريخها المعاصر - قرر أن يتوجه جنوبا ، و هو بذلك يعبر عن ذكاء كبير و حس سياسي رفيع، باعتبار أن المغرب هو العمق الحقيقي – اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا – لأسبانيا اليوم .فلا مفر لاسبانيا من المغرب ، و لا مفر للمغرب من اسبانيا .
لننتبه ، الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها معظم البلدان الأوروبية المطلة على المتوسط و تفاعلات الربيع العربي و ما يحدث في منطقة جنوب الصحراء - حيث تحولت المنطقة إلى بؤرة للجهاديين، و مرتعا لتجار الأسلحة و المخدرات بكل أنواعها - أركبتنا ، أي الأزمة،نحن و الأسبان ، في مركب واحد، و يتطلب قيادة هذا المركب ذكاءا كبيرا ،و من مهام قائدي المركب أن يبجروا بنا إلى شاطئ الأمان السياسي – أي العمل المشترك من أجل الرفع من جودة الديمقراطية في البلدين و محيطهما عبر الاعلاء من ثقافتها و التربية على قيمها والاعلاؤ من ثقافة حقوق الإنسان و المواطنة – و الأمان الاقتصادي – أي المساهمة في معالجة الأزمة الاقتصادية و أثرها هنا و هناك – ، و الأمن البشري – أي المساهمة في استتباب الأمن، بمفهومه الحقوقي، في منطقة غرب المتوسط عبر المساهمة الجماعية لإيقاف الخطر الزاحف من الجنوب .و الأمر الأخير سيتطلب جرأة سياسية من قبل الإخوة الأسبان في ما يتعلق بقضية و حدتنا الترابية .
ـ في اعتقادك ما هي المواضيع التي سوف يناقشها الطرفين ؟
الزيارة السريعة للسيد ماريانو الراخوي ، هي زيارة لإعلان حسن نية الحزب الشعبي الحاكم تجاه الدولة المغربية و تصفية الأجواء ، لدا فهي ذات طابع رمزي ، و سوف لن تسمح بالتطرق إلى كل المشاكل العالقة بين المغرب و اسبانيا و البحث العميق لإيجاد الحلول لها . بإمكان الطرفين إعلان المواقف المبدئية من كل المشاكل العالقة قبل بداية الزيارة كما حدث قبل أيام أو خلالها . لكن تقنيا ، فالمشاكل المغربية الاسبانية تتطلب وقتا طويلا و ذكاءا جماعيا عميقا .
لكن دعني أؤكد على شئ هام بالنسبة لنا في مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم ، العلاقة المغربية الاسبانية تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضي إلى التخلى عن النظرة التقليدية في حل المشاكل العالقة بين الدول المجاورة و الى كثير من الذكاء الجماعي . الرهانات المطروحة اليوم على البلدين أكثر بكثير من مشاكل الطماطم و السردين و الهجرة . علينا الرقي بهذه العلاقة الى مستوي تاريخ البلدين و أحلام شعبيهما . يجب أن لا ننسى أننا نحن بوابة المتوسط ، و أن بإمكاننا بصم مستقبل هذه البحيرة على مستوي السياسي و الحقوقي .
الرهان الأساسي اليوم و المطروح على البلدين معا ،هو كيف يمكن الرقي بالممارسة الديمقراطية في المنطقة و الاستثمار في جودة الديمقراطية و التربية على قيمها ، وكيف يمكن حفظ الأمن الإنساني بالمنطقة و تجنيبها كل أشكال الحروب و التدمير ، و كيف يمكن إخراج المنطقة من دائرة أحلام الأصوليين مهما كانت مرجعيتهم .
– سبق الزيارة تصريحات و تصريحات مضادة حول مستقبل سبتة و مليلية و الجزر ، كيف يمكن للحكومة الحالية ، في ظل ما ذكرت ، طرح هذا الملف ؟
لنكن واضحين ، ملف سبتة و مليلية و الجزر ملف عالق مند أزيد من 5 قرون ، و يتطلب تعميق الحوار و الاستفادة من التجارب الدولية المماثلة ، و لا يمكن أن نرهن مستقبل العلاقة المغربية بهذا الملف ، أو بأي ملف تاريخي آخر ، لكن يجب أن يقر الطرفين بأن بينهما مشاكل تاريخية عالقة لها - كما لكل بلدان الجوار – و يجب التفكير الجدي لايجاد حلول لها ،مثل ملف سبتة و مليلية و الجزر، و ملف الدين الاستعماري برمته ، وملف الغازات السامة التي سحق بها شمال المغرب ، وملف إقحام المغاربة في الحرب الأهلية الاسبانية ،ملف قضية الصحراء و استحواذ اسبانيا على أهو الوثائق المرتبطة به ، كلها ملفات ثقيلة تتطلب مرة أخري ذكاءا استثنائيا و ابتعادا عن التسييس المباشر و استغلالها في فترات الأزمات العصيبة .
بالنسبة لملف سبتة و مليلية و الجزر ، فقد سبق للاخ سعد الدين العثماني أن ساهم معنا في المركز في ندوة " سبتة و مليلية و الجزر المتوسطية على ضوء التجارب الدولية والقانون الدولي وموقعها في أجندة الأحزاب السياسية المغربية ، التي عقدناها بالرباط بتاريخ 25 شتنبر 2010 ، وفيها طرح رزمانة حل مكونة من سبعة خطوات و التي يمكن الاطلاع عليها في التقارير التركيبية التي ينشرها المركز عقب كل ندوة .
ورغم ذلك فمستقبل الثغور و الجزر لا يتعلق بالحزب الحاكم وحده بل هو يدخل ضمن الاستراتيجية السياسية للدولة و لا يمكن لا طرحها و لا حلها في زيارة تدوم أقل من يوم كامل . إنما على الحكومة الحالية أن تعلن عن مواقفها بصدد القضايا العالقة مع اسبانيا بكل جرأة خدمة لمستقبل هذه العلاقة . فالمشاكل المعقدة تحل بالنقاش ذو النفس الطويل و ليس بالسكوت و التاماطل .
في اعتقادي المتواضع ، فمفاتيح حل المشاكل العالقة بين اسبانيا و المغرب ، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا ، هي في يد من يستطيع مأسسة الحوار بين البلدين ، لقد انتهينا في المركز إلى ضرورة الدعوة و الدفع بمأسسة الحوار الدائم بين المغرب و اسبانيا ، فعلاقة المغرب و اسبانيا علاقة خاصة و تحتاج إلى تدابير خاصة فيها كثير من الذكاء الجماعي .
أرشيف
تحدث رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم السيد عبد السلام بوطيب في حوار له مع يومية الصباح المغربية، عن مجموعة من المعطيات الدقيقة حول زيارة رئيس الحكومة الإسبانية الجديدة ماريانو راخوي إلى المغرب وعن واقع ومستقبل علاقة البلدين الجارين، ولأهمية الحوار نعيد نشره .
ـ ما هي دلالات زيارة السيد مانوييل راخوي الى المغرب ؟
- الزيارة التي يقوم بها اليوم السيد ماريانو الراخوي الى المغرب لها أكثر من دلالة سياسية ، فهي رسالة قوية إلى كل الأطراف المغربية المتدخلة في شأن العلاقة المغربية الاسبانية من حكومة وأحزاب و مجتمع مدني . ففي الوقت الذي كان ينتظر الكل أن يتوجه السيد رئيس الحكومة الاسبانية في أول سفر رسمي له بعد أن سحق الاشتراكيين إلى بروكسيل، للتباحث مع قادة الاتحاد الأوروبي – بالنظر إلى الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعرفها المملكة الاسبانية و التي لم يسبق لها مثيل في تاريخها المعاصر - قرر أن يتوجه جنوبا ، و هو بذلك يعبر عن ذكاء كبير و حس سياسي رفيع، باعتبار أن المغرب هو العمق الحقيقي – اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا – لأسبانيا اليوم .فلا مفر لاسبانيا من المغرب ، و لا مفر للمغرب من اسبانيا .
لننتبه ، الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها معظم البلدان الأوروبية المطلة على المتوسط و تفاعلات الربيع العربي و ما يحدث في منطقة جنوب الصحراء - حيث تحولت المنطقة إلى بؤرة للجهاديين، و مرتعا لتجار الأسلحة و المخدرات بكل أنواعها - أركبتنا ، أي الأزمة،نحن و الأسبان ، في مركب واحد، و يتطلب قيادة هذا المركب ذكاءا كبيرا ،و من مهام قائدي المركب أن يبجروا بنا إلى شاطئ الأمان السياسي – أي العمل المشترك من أجل الرفع من جودة الديمقراطية في البلدين و محيطهما عبر الاعلاء من ثقافتها و التربية على قيمها والاعلاؤ من ثقافة حقوق الإنسان و المواطنة – و الأمان الاقتصادي – أي المساهمة في معالجة الأزمة الاقتصادية و أثرها هنا و هناك – ، و الأمن البشري – أي المساهمة في استتباب الأمن، بمفهومه الحقوقي، في منطقة غرب المتوسط عبر المساهمة الجماعية لإيقاف الخطر الزاحف من الجنوب .و الأمر الأخير سيتطلب جرأة سياسية من قبل الإخوة الأسبان في ما يتعلق بقضية و حدتنا الترابية .
ـ في اعتقادك ما هي المواضيع التي سوف يناقشها الطرفين ؟
الزيارة السريعة للسيد ماريانو الراخوي ، هي زيارة لإعلان حسن نية الحزب الشعبي الحاكم تجاه الدولة المغربية و تصفية الأجواء ، لدا فهي ذات طابع رمزي ، و سوف لن تسمح بالتطرق إلى كل المشاكل العالقة بين المغرب و اسبانيا و البحث العميق لإيجاد الحلول لها . بإمكان الطرفين إعلان المواقف المبدئية من كل المشاكل العالقة قبل بداية الزيارة كما حدث قبل أيام أو خلالها . لكن تقنيا ، فالمشاكل المغربية الاسبانية تتطلب وقتا طويلا و ذكاءا جماعيا عميقا .
لكن دعني أؤكد على شئ هام بالنسبة لنا في مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم ، العلاقة المغربية الاسبانية تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضي إلى التخلى عن النظرة التقليدية في حل المشاكل العالقة بين الدول المجاورة و الى كثير من الذكاء الجماعي . الرهانات المطروحة اليوم على البلدين أكثر بكثير من مشاكل الطماطم و السردين و الهجرة . علينا الرقي بهذه العلاقة الى مستوي تاريخ البلدين و أحلام شعبيهما . يجب أن لا ننسى أننا نحن بوابة المتوسط ، و أن بإمكاننا بصم مستقبل هذه البحيرة على مستوي السياسي و الحقوقي .
الرهان الأساسي اليوم و المطروح على البلدين معا ،هو كيف يمكن الرقي بالممارسة الديمقراطية في المنطقة و الاستثمار في جودة الديمقراطية و التربية على قيمها ، وكيف يمكن حفظ الأمن الإنساني بالمنطقة و تجنيبها كل أشكال الحروب و التدمير ، و كيف يمكن إخراج المنطقة من دائرة أحلام الأصوليين مهما كانت مرجعيتهم .
– سبق الزيارة تصريحات و تصريحات مضادة حول مستقبل سبتة و مليلية و الجزر ، كيف يمكن للحكومة الحالية ، في ظل ما ذكرت ، طرح هذا الملف ؟
لنكن واضحين ، ملف سبتة و مليلية و الجزر ملف عالق مند أزيد من 5 قرون ، و يتطلب تعميق الحوار و الاستفادة من التجارب الدولية المماثلة ، و لا يمكن أن نرهن مستقبل العلاقة المغربية بهذا الملف ، أو بأي ملف تاريخي آخر ، لكن يجب أن يقر الطرفين بأن بينهما مشاكل تاريخية عالقة لها - كما لكل بلدان الجوار – و يجب التفكير الجدي لايجاد حلول لها ،مثل ملف سبتة و مليلية و الجزر، و ملف الدين الاستعماري برمته ، وملف الغازات السامة التي سحق بها شمال المغرب ، وملف إقحام المغاربة في الحرب الأهلية الاسبانية ،ملف قضية الصحراء و استحواذ اسبانيا على أهو الوثائق المرتبطة به ، كلها ملفات ثقيلة تتطلب مرة أخري ذكاءا استثنائيا و ابتعادا عن التسييس المباشر و استغلالها في فترات الأزمات العصيبة .
بالنسبة لملف سبتة و مليلية و الجزر ، فقد سبق للاخ سعد الدين العثماني أن ساهم معنا في المركز في ندوة " سبتة و مليلية و الجزر المتوسطية على ضوء التجارب الدولية والقانون الدولي وموقعها في أجندة الأحزاب السياسية المغربية ، التي عقدناها بالرباط بتاريخ 25 شتنبر 2010 ، وفيها طرح رزمانة حل مكونة من سبعة خطوات و التي يمكن الاطلاع عليها في التقارير التركيبية التي ينشرها المركز عقب كل ندوة .
ورغم ذلك فمستقبل الثغور و الجزر لا يتعلق بالحزب الحاكم وحده بل هو يدخل ضمن الاستراتيجية السياسية للدولة و لا يمكن لا طرحها و لا حلها في زيارة تدوم أقل من يوم كامل . إنما على الحكومة الحالية أن تعلن عن مواقفها بصدد القضايا العالقة مع اسبانيا بكل جرأة خدمة لمستقبل هذه العلاقة . فالمشاكل المعقدة تحل بالنقاش ذو النفس الطويل و ليس بالسكوت و التاماطل .
في اعتقادي المتواضع ، فمفاتيح حل المشاكل العالقة بين اسبانيا و المغرب ، سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا ، هي في يد من يستطيع مأسسة الحوار بين البلدين ، لقد انتهينا في المركز إلى ضرورة الدعوة و الدفع بمأسسة الحوار الدائم بين المغرب و اسبانيا ، فعلاقة المغرب و اسبانيا علاقة خاصة و تحتاج إلى تدابير خاصة فيها كثير من الذكاء الجماعي .
أرشيف