ناظورسيتي*
" لا يستطيع احد الخروج حيا من هذه المأساة الا الاموات، ولو بوجود الاله" هكذا عبر احد الجنود الاسبان المحاصرين في مركز اغريبن من طرف المجاهدون، ويضيف الاخر" لا يستريح في هذه المنطقة الا الاموات"، وبعد حصار منبع الماء عين عبد الرحمان، اشتد الحصار وبات الجنود في حالة سيئة، يقول حد الجنود حول موضوع الماء " انه مقابل قطرة ماء سأضحي بعشر سنوات من حياتي".
حصار كان ذو خطة استراتيجية محكمة من طرف سي محمد بن عبد الكريم الخطابي، لقد دام الحصار مدة ستة ايام من 16 يوليوز 1921 الى 21 يوليوز من نفس العام وثلة من الباحثين اعتبروا هذا الحصار بداية تألق الامير وتميزه على المستوى العسكري الذي لم يأخذ فيه اي تكوين مسبق.
بسبب الحصار الذي خضع له موقع اغريبن باتت حالة ونفسية الجنود الاسبان في مأساة لم تكن في الحسبان، ولعل هذا الامر كان احد الاسباب التي كانت تدفع قائد المركز بنطيس يستسلم لولا تشجيعات الجنرال سلفستري له وارسال له دعم من مركز انوال من اجل اغاثة مركز اغريبن، لقد ابان الجنرال عن فشله في فك الحصار عن المركز بالرغم من ان المسؤولية كانت تقع على عاتقه، عامل الذات والانانية يمكن ان يكون سبب الفشل، القائد بنطيس كان يود البقاء والصمود ولم يرغب في الانسحاب، لكن سلفستري كان يلح على الانسحاب من المركز، والانسحاب اتى في وقت متأخر وكان بعد الحاح سلفستري على الانسحاب التام من المركز والاتجاه نحو مركز انوال، وما كان على المجاهدون الا ملاحقة الجنود والفتك بهم.
يقول الامير عن نجاح خطته والفوز الساحق الذي حققه في معركة اغريبن " الم اقل لك إن الجرأة وحسن التصرف يكفيان لقيادة الجند في المعارك" اثناء حديثه مع روجو ماثيو، بينما اندهش امامها الجندي الكوبي المدلل بعد خسارته لموقع اغريبن، وفشل في خططه العسكرية، وبالعودة الى المصادر التاريخية نجد الجنرال في ليلة الانسحاب جمع كبار الضباط معلنا الانسحاب من انوال الذي يعتبر المركز الرئيسي له، ان الظروف التاريخية في تلك المرحلة جعلت القوات الاسبانية النظامية تنسحب دوت وضع اي خطة عسكرية للانسحاب، كان هذا الاخير بشكل فوضوي لم يكن في المستوى العسكري المطلوب، ترجع بعض المصادر التاريخية ان السبب الرئيسي في الانسحاب بهذا الشكل هو امر عائد الى تخلي كبار العسكريين عن مهامهم التنظيمية، والقارئ قد يظن ان هذا التخلي كان صدفة لكنه امر عائد الى الخطة التي انجزها سي محمد بن عبد الكريم المتمثلة في استهداف كبار العسكريين، لقد اكتفى المجاهدون بملاحقة واطلاق النار على الجموع الفارة نحو مليلية، وتذكر احدى الروايات انه بسبب كثرة القتلى في صف الاسبان وصفت جبال انوال بالجبال الحمراء، كذلك تمكنوا المجاهدون من ملاحقتهم من انوال الى العروي، تذكر الكتب التاريخية ان الجنود الاسبانية كانت في حالة لا يرثى لها، اذ لم يكن لهم دفاع ولا هجوم مضاد.
ما سبق كان نظرة موجزة حول ما اطلق عنه الاسبان بـ كارثة انوال، وهذا الحدث ارتبط به وصف اخر وهو حرب العصابات.
الى اي حد يمكن القول على كارثة انوال معركة؟
من خلال ما سبق يتضح ان واقعة انوال لم تكن الا استمرارية للمعارك البطولية التي خضها المجاهدون في محاربة الاسبان، واعتبرتها بعض المصادر التاريخية على انها مجرد خاتمة للانتصار الحقيقي الذي كانت بدايته معركة اغريبن وذاك عبر احكام خطة الحصار التي كانت مدتها ستة ايام، ومن المعروف ان المعركة الحربية تجري احداثها بين طرفين متحاربين، لكن في انوال لم تحدث هذه القاعدة، يقول احمد لحميمي: "اذ كانت جموع الاسبان تنسحب بشكل فوضوي على اثر اعلان الجنرال سلفستري الانسحاب التام من هذا المركز".
وفي نفس السياق يقول الاستاذ محمد بن عزوز حكيم في كتابه "معركة انوال" : ” وهنا يجب ان الفت نظر القارئ الكريم الى شيئ وجب ايضاحه، وهو ان المعركة الحقيقية التي كانت اكبر هزيمة عرفها جيش دولة استعمارية في العالم خلال القرت20 لم تجر بأنوال كما يعتقد الجميع، بل جرت بإغريبن يوم 21 يوليوز 1921، وذلك لأن الذي وقع في 22 يوليوز وما يليه ما كان الا مجزرة تعرض لها جيش اسباني في حالة فرار، فلم تكن انوال معركة بالمعنى الصحيح" .
الباحث الامريكي دافيد هات يشيد بدوره بمعركة ادهار اوبران التي لها صدى كبير في الذاكرة الشعبية ولتعزيز طرحه استند الى اشعار المقاومة خاصة قصيدة ادهار اوبران واغريبن بينما تشير الى انوال بشكل عابر وفقط.
ويذهب البعض الى ان الاهمية التي اكتستها انوال تكمن لاهمية الخسائر الاسبانية، من جرحى وقتلى، وفقدان مركز انوال الذي يعتبر احد اهم المراكز العسكرية الاسبانية اذ من هنا كانت تنطلق الجنود الاسبانية نحو معاقل المقاومة الريفية في مختلف مراكزها الجغرافية.
وهناك من يقول ان سلفستري بإخلاء موقع أنوال، بعد إعلامه بقدوم حركة ريفية كبيرة العدد. جرى الإخلاء دون استشارة الضباط وضباط الصف، وتحول إلى هروب جماعي مذعور، سقط على إثرها سلفستري صريعا واستولى الريفيون على موقع أنوال
لا يمكن الجزم في المسألة ويبقى السؤال يطرح نفسه على كل باحث في المسألة التي باتت تستدعي دراسة شاملة من كل الجواب والاعتماد على مادة مصدرية خالية من الخلفيات السياسية والايديولوجية.
*محمد بدواو
طالب باحث
" لا يستطيع احد الخروج حيا من هذه المأساة الا الاموات، ولو بوجود الاله" هكذا عبر احد الجنود الاسبان المحاصرين في مركز اغريبن من طرف المجاهدون، ويضيف الاخر" لا يستريح في هذه المنطقة الا الاموات"، وبعد حصار منبع الماء عين عبد الرحمان، اشتد الحصار وبات الجنود في حالة سيئة، يقول حد الجنود حول موضوع الماء " انه مقابل قطرة ماء سأضحي بعشر سنوات من حياتي".
حصار كان ذو خطة استراتيجية محكمة من طرف سي محمد بن عبد الكريم الخطابي، لقد دام الحصار مدة ستة ايام من 16 يوليوز 1921 الى 21 يوليوز من نفس العام وثلة من الباحثين اعتبروا هذا الحصار بداية تألق الامير وتميزه على المستوى العسكري الذي لم يأخذ فيه اي تكوين مسبق.
بسبب الحصار الذي خضع له موقع اغريبن باتت حالة ونفسية الجنود الاسبان في مأساة لم تكن في الحسبان، ولعل هذا الامر كان احد الاسباب التي كانت تدفع قائد المركز بنطيس يستسلم لولا تشجيعات الجنرال سلفستري له وارسال له دعم من مركز انوال من اجل اغاثة مركز اغريبن، لقد ابان الجنرال عن فشله في فك الحصار عن المركز بالرغم من ان المسؤولية كانت تقع على عاتقه، عامل الذات والانانية يمكن ان يكون سبب الفشل، القائد بنطيس كان يود البقاء والصمود ولم يرغب في الانسحاب، لكن سلفستري كان يلح على الانسحاب من المركز، والانسحاب اتى في وقت متأخر وكان بعد الحاح سلفستري على الانسحاب التام من المركز والاتجاه نحو مركز انوال، وما كان على المجاهدون الا ملاحقة الجنود والفتك بهم.
يقول الامير عن نجاح خطته والفوز الساحق الذي حققه في معركة اغريبن " الم اقل لك إن الجرأة وحسن التصرف يكفيان لقيادة الجند في المعارك" اثناء حديثه مع روجو ماثيو، بينما اندهش امامها الجندي الكوبي المدلل بعد خسارته لموقع اغريبن، وفشل في خططه العسكرية، وبالعودة الى المصادر التاريخية نجد الجنرال في ليلة الانسحاب جمع كبار الضباط معلنا الانسحاب من انوال الذي يعتبر المركز الرئيسي له، ان الظروف التاريخية في تلك المرحلة جعلت القوات الاسبانية النظامية تنسحب دوت وضع اي خطة عسكرية للانسحاب، كان هذا الاخير بشكل فوضوي لم يكن في المستوى العسكري المطلوب، ترجع بعض المصادر التاريخية ان السبب الرئيسي في الانسحاب بهذا الشكل هو امر عائد الى تخلي كبار العسكريين عن مهامهم التنظيمية، والقارئ قد يظن ان هذا التخلي كان صدفة لكنه امر عائد الى الخطة التي انجزها سي محمد بن عبد الكريم المتمثلة في استهداف كبار العسكريين، لقد اكتفى المجاهدون بملاحقة واطلاق النار على الجموع الفارة نحو مليلية، وتذكر احدى الروايات انه بسبب كثرة القتلى في صف الاسبان وصفت جبال انوال بالجبال الحمراء، كذلك تمكنوا المجاهدون من ملاحقتهم من انوال الى العروي، تذكر الكتب التاريخية ان الجنود الاسبانية كانت في حالة لا يرثى لها، اذ لم يكن لهم دفاع ولا هجوم مضاد.
ما سبق كان نظرة موجزة حول ما اطلق عنه الاسبان بـ كارثة انوال، وهذا الحدث ارتبط به وصف اخر وهو حرب العصابات.
الى اي حد يمكن القول على كارثة انوال معركة؟
من خلال ما سبق يتضح ان واقعة انوال لم تكن الا استمرارية للمعارك البطولية التي خضها المجاهدون في محاربة الاسبان، واعتبرتها بعض المصادر التاريخية على انها مجرد خاتمة للانتصار الحقيقي الذي كانت بدايته معركة اغريبن وذاك عبر احكام خطة الحصار التي كانت مدتها ستة ايام، ومن المعروف ان المعركة الحربية تجري احداثها بين طرفين متحاربين، لكن في انوال لم تحدث هذه القاعدة، يقول احمد لحميمي: "اذ كانت جموع الاسبان تنسحب بشكل فوضوي على اثر اعلان الجنرال سلفستري الانسحاب التام من هذا المركز".
وفي نفس السياق يقول الاستاذ محمد بن عزوز حكيم في كتابه "معركة انوال" : ” وهنا يجب ان الفت نظر القارئ الكريم الى شيئ وجب ايضاحه، وهو ان المعركة الحقيقية التي كانت اكبر هزيمة عرفها جيش دولة استعمارية في العالم خلال القرت20 لم تجر بأنوال كما يعتقد الجميع، بل جرت بإغريبن يوم 21 يوليوز 1921، وذلك لأن الذي وقع في 22 يوليوز وما يليه ما كان الا مجزرة تعرض لها جيش اسباني في حالة فرار، فلم تكن انوال معركة بالمعنى الصحيح" .
الباحث الامريكي دافيد هات يشيد بدوره بمعركة ادهار اوبران التي لها صدى كبير في الذاكرة الشعبية ولتعزيز طرحه استند الى اشعار المقاومة خاصة قصيدة ادهار اوبران واغريبن بينما تشير الى انوال بشكل عابر وفقط.
ويذهب البعض الى ان الاهمية التي اكتستها انوال تكمن لاهمية الخسائر الاسبانية، من جرحى وقتلى، وفقدان مركز انوال الذي يعتبر احد اهم المراكز العسكرية الاسبانية اذ من هنا كانت تنطلق الجنود الاسبانية نحو معاقل المقاومة الريفية في مختلف مراكزها الجغرافية.
وهناك من يقول ان سلفستري بإخلاء موقع أنوال، بعد إعلامه بقدوم حركة ريفية كبيرة العدد. جرى الإخلاء دون استشارة الضباط وضباط الصف، وتحول إلى هروب جماعي مذعور، سقط على إثرها سلفستري صريعا واستولى الريفيون على موقع أنوال
لا يمكن الجزم في المسألة ويبقى السؤال يطرح نفسه على كل باحث في المسألة التي باتت تستدعي دراسة شاملة من كل الجواب والاعتماد على مادة مصدرية خالية من الخلفيات السياسية والايديولوجية.
*محمد بدواو
طالب باحث