بقلم / عبد الواحد الشامي
بديهيًا، يتوجب اكتمال نِصاب الثلاثين حلقة للحكم على أي مُسلسل تلفزيوني وتقييم أدائه..لكن تجربة مسلسل "ثوذاث" الذي تُبث حلقاته آنيًا على القناة الامازيغية الثامنة، هي إحدى التجارب الاستثنائية في تاريخ الأعمال التلفزيونية المغربية الناطقة باللغة الامازيغية، الريفية على وجه الخصوص..ففكرة المسلسل بحد ذاتها جعلته يحظى بنسبة عالية من المشاهدة ناهيك عن التقدم والتحسن الملحوظين على مستوى أداء الممثلين رغم أننا لم نشاهد سوى 11 حلقة فقط من عمر المسلسل.
وتتلخص الفكرة المحورية لـ "ثوذاث" في معاناة شريحة واسعة من الأسر الريفية مع مرض "السرطان"، الذي ما فتئ يفتك ضحاياه من الرجال والنساء في ظل استفحال ظاهرة الصمت من قبل المرضى أنفسهم..فمن خلال أولى حلقات المسلسل نجد أنفسنا نعوم في أغوار معاناة "حياة" التي شخصتها بإتقان الفنانة المرموقة "نادية أسعيدي"، والتي تحاول جاهدة إخفاء مرضها عن أسرتها مُفضلة أن تعاني لوحدها في صمت حتى الموت حسب اعتقادها..فهي بذلك أبدعت في إيصال ما يترسخ في أذهان مرضانا بالريف من ثقافة الصمت وعدم البوح وكذا الزعم الخاطئ الذي يُسيطر على الجُل وهو أن السرطان مآله الهلاك ومُحاولات العلاج منه لن تأتي باي نتيجة..
إذ أن لـ "حياة" وهي الشابة الناضجة التي آمنت بدور المرأة في الحياة وركبت قطار مُشاركة الرجل من خلال خروجها للعمل كخياطة ناجحة، لها من الذكريات ما لم يحفزها أبدًا على المبادرة إلى الخضوع لمراحل العلاج الصعبة والطويلة..ويتعلق الأمر بماضيها الذي يُعيد لذهنها كيف خسرت أمها بسبب ذات المرض والتي عايشت حياة مراحل وفاتها..وهي مشاهد من الماضي نجح المُخرج "سعيد آزر" في الربط بينها وبين واقع "حياة" الحالي لتكون النتيجة صورة واضحة عن فكرة المسلسل التي تكمن في معاناة الريفيين مع الأورام السرطانية بشكل وراثي..
تسوء حالة "حياة" الصحية شيئًا فشيئًا مع توالي حالات الغثيان والقيء..فيما تواصل إخفاء الأمر على أسرتها، ولن تجد من يواسي محنتها غير صديقتها منذ الطفولة "آمال" التي جسدتها الفنانة الكوميدية "نوميديا"، التي لم تيئس من محاولات إقناعها بضرورة الخضوع للعلاج وبأهمية التشبث بالأمل في الحياة خاصة بظهور طرف رئيسي في معادلة مرض "حياة" وهو الدكتور الذي اكتشف إصابتها بالسرطان، من تشخيص الفنان "مصطفى الزروالي"
ومنذ الحلقة الأولى لغاية العاشرة منه، تتنوع أحداث المسلسل بشكل مُتسارع لتبصم على أنفاس المشاهد وتُصيبه بحالة لاشعورية من الإبهار على مستوى الأداء، ثم التشويق الذي تتصاعد وتيرته مع بروز شخصيات متتالية أضافت على "ثوذاث" نكهة فنية خاصة ملأت فراغات المسلسل ولو بشكل نسبي..حيث ينتقل المُشاهد بين مَشاهد الورش الميكانيكي لـ "أحمد" وهو زوج "حياة" الذي قام بتشخيصه بنجاح الممثل المقتدر "سعيد المرسي"، الذي يرافقه في ورش اصلاح السيارات "مصطفى" من تشخيص الفنان عبد الواحد الزاوكي..ومشاهد الحياة الأسرية لـ "حياة" خاصة التمثيل البارع للطفلين "نادية البشيري، ومحمد أمين" اللذان لعبا دور "سيليا، و ماسين" وهما أبناء حياة في المسلسل. ثم مشاهد أخ أحمد والذي ليس الا المشاغب "كريم" الذي أبدع فيه الفنان الصاعد "بوبكر فوركة" الذي لعب دور الشاب المتهور والاتكالي بإياعز ودعم من والدته الممثلة "فتيحة بلخير" التي لعبت دور "الأم" الشريرة لأحمد وكريم، والتي ما فتئت تحاول تفريق أحمد عن حياة لتزيد للأخيرة معاناة الحماة عن معاناتها مع السرطان. كما أن هناك مشاهد تُخرج المُتتبع من حالة الحزن لحالة الفكاهة والضحك مع مغامرات شاب مُدمن على القمار (تيرسي) الذي شخصه الممثل المتألق "الطيب المعاش" الى جانب قيدوم الممثلين بالريف النجم "فاروق أزنابط" الذي لعب دور الأب لحياة، وفي نفس الوقت شكل الثنائي مع "المعاش" في درب الهوس بالقمار من اجل كسب المال..
ثم مشاهد الحميمية والرومانسية، التي لم يألفها المُشاهد الريفي..والتي أبدعتها بجرأة وإتقان الممثلة الشابة "هويام لمسيسي" التي لعبت دور "سلوى" التي تقيم بألمانيا وكانت لها ذكريات شبابية مع "أحمد" لتحاول ممارسة الإغراء لتكسب وده واعجابه بها..وهذا يشكل عنصرًا جديدًا نجح المخرج في دمجه مع عناصر الصورة في المسلسل لكي لا تستمر (القتامة) كلون يطغى على المسلسل وللخروج من روتين المرض والمعاناة..
مشاهد تليها أخرى أتقنها طاقم ممُيز من الممثلين الذين سنحاول ذكرهم حسب الظهور في الجنيريك، رغم غياب التطرق لأدوارهم في ورقتنا المتواضعة هاته، وذلك رجع لكون المسلسل لم ينتهي بعد.. وقائمة الممثلين المُتبقين: سميرة المصلوحي، عبد الغني بوحميدي، علاء البشيري، مراد مجلد، بنعيسى المستيري، طارق الشامي، فهد بوثكونتار، محمد العبوسي.. ثم المشاركة الجيدة للأطفال المُتبقين: بيجو عزيز، عبد المهيمن القديري، أمين الحافظ، البشيري محمد.
البناء الدرامي كان لحد كبير متماسك ويُحسب ان العمل تمخض عن فكرة "جيهان البحار" و"نادية كاميلي"، وخضع للسيناريست "أكسيل" الذي أشرف على صياغة أحداث المسلسل بشكل بارع و مشوق.. فالتناغم الحواري الذي قدمه كان احترافيًا رغم أن الحوار غابت عنه التلقائية في كثير من الأحيان.. أما الموسيقى التصويرية فقد غابت عنها الاحترافية بعدد المشاهد..وطغى الصمت في أخرى، ليبرز ضعف تكوين المشرف عن الموسيقى التصويرية "حميد بنعمر"
وهناك نقطة أخرى سلبية حسب تقييمنا المتواضع، وهي طريقة إنهاء الحلقات..التي انعدم منها عنصر الاثارة والتشويق لجعل المُشاهد ينتظر حلقة الغد بشغف..فقد لاحظنا توقف الحلقات بشكل عشوائي كأن مقصًا استُعمل في فصل الحلقات بحسب وقتها الزمني دون مراعاة عنصر التشويق والتوقف عند نقطة التي يتمناها المشاهد ان تستمر..
لعل ابرز ماميز هذا العمل وجعله يغطي على بعض سلبياته، فكرته وأداء الممثلين..أما الفكرة فهي تظل تجربة مختلفة تمامًا عما ألفناه، ويمكن اعتبارها فريدة على الأعمال التفزيونية الوطنية، ويستحق عنها صناع المسلسل كل التنويه والتقدير. ذلك أن المسلل نكح جراح الريفين برمتهم في موضوع الأورام السرطانية التي تقطف حياة العديد سنويًا بسبب ما
بديهيًا، يتوجب اكتمال نِصاب الثلاثين حلقة للحكم على أي مُسلسل تلفزيوني وتقييم أدائه..لكن تجربة مسلسل "ثوذاث" الذي تُبث حلقاته آنيًا على القناة الامازيغية الثامنة، هي إحدى التجارب الاستثنائية في تاريخ الأعمال التلفزيونية المغربية الناطقة باللغة الامازيغية، الريفية على وجه الخصوص..ففكرة المسلسل بحد ذاتها جعلته يحظى بنسبة عالية من المشاهدة ناهيك عن التقدم والتحسن الملحوظين على مستوى أداء الممثلين رغم أننا لم نشاهد سوى 11 حلقة فقط من عمر المسلسل.
وتتلخص الفكرة المحورية لـ "ثوذاث" في معاناة شريحة واسعة من الأسر الريفية مع مرض "السرطان"، الذي ما فتئ يفتك ضحاياه من الرجال والنساء في ظل استفحال ظاهرة الصمت من قبل المرضى أنفسهم..فمن خلال أولى حلقات المسلسل نجد أنفسنا نعوم في أغوار معاناة "حياة" التي شخصتها بإتقان الفنانة المرموقة "نادية أسعيدي"، والتي تحاول جاهدة إخفاء مرضها عن أسرتها مُفضلة أن تعاني لوحدها في صمت حتى الموت حسب اعتقادها..فهي بذلك أبدعت في إيصال ما يترسخ في أذهان مرضانا بالريف من ثقافة الصمت وعدم البوح وكذا الزعم الخاطئ الذي يُسيطر على الجُل وهو أن السرطان مآله الهلاك ومُحاولات العلاج منه لن تأتي باي نتيجة..
إذ أن لـ "حياة" وهي الشابة الناضجة التي آمنت بدور المرأة في الحياة وركبت قطار مُشاركة الرجل من خلال خروجها للعمل كخياطة ناجحة، لها من الذكريات ما لم يحفزها أبدًا على المبادرة إلى الخضوع لمراحل العلاج الصعبة والطويلة..ويتعلق الأمر بماضيها الذي يُعيد لذهنها كيف خسرت أمها بسبب ذات المرض والتي عايشت حياة مراحل وفاتها..وهي مشاهد من الماضي نجح المُخرج "سعيد آزر" في الربط بينها وبين واقع "حياة" الحالي لتكون النتيجة صورة واضحة عن فكرة المسلسل التي تكمن في معاناة الريفيين مع الأورام السرطانية بشكل وراثي..
تسوء حالة "حياة" الصحية شيئًا فشيئًا مع توالي حالات الغثيان والقيء..فيما تواصل إخفاء الأمر على أسرتها، ولن تجد من يواسي محنتها غير صديقتها منذ الطفولة "آمال" التي جسدتها الفنانة الكوميدية "نوميديا"، التي لم تيئس من محاولات إقناعها بضرورة الخضوع للعلاج وبأهمية التشبث بالأمل في الحياة خاصة بظهور طرف رئيسي في معادلة مرض "حياة" وهو الدكتور الذي اكتشف إصابتها بالسرطان، من تشخيص الفنان "مصطفى الزروالي"
ومنذ الحلقة الأولى لغاية العاشرة منه، تتنوع أحداث المسلسل بشكل مُتسارع لتبصم على أنفاس المشاهد وتُصيبه بحالة لاشعورية من الإبهار على مستوى الأداء، ثم التشويق الذي تتصاعد وتيرته مع بروز شخصيات متتالية أضافت على "ثوذاث" نكهة فنية خاصة ملأت فراغات المسلسل ولو بشكل نسبي..حيث ينتقل المُشاهد بين مَشاهد الورش الميكانيكي لـ "أحمد" وهو زوج "حياة" الذي قام بتشخيصه بنجاح الممثل المقتدر "سعيد المرسي"، الذي يرافقه في ورش اصلاح السيارات "مصطفى" من تشخيص الفنان عبد الواحد الزاوكي..ومشاهد الحياة الأسرية لـ "حياة" خاصة التمثيل البارع للطفلين "نادية البشيري، ومحمد أمين" اللذان لعبا دور "سيليا، و ماسين" وهما أبناء حياة في المسلسل. ثم مشاهد أخ أحمد والذي ليس الا المشاغب "كريم" الذي أبدع فيه الفنان الصاعد "بوبكر فوركة" الذي لعب دور الشاب المتهور والاتكالي بإياعز ودعم من والدته الممثلة "فتيحة بلخير" التي لعبت دور "الأم" الشريرة لأحمد وكريم، والتي ما فتئت تحاول تفريق أحمد عن حياة لتزيد للأخيرة معاناة الحماة عن معاناتها مع السرطان. كما أن هناك مشاهد تُخرج المُتتبع من حالة الحزن لحالة الفكاهة والضحك مع مغامرات شاب مُدمن على القمار (تيرسي) الذي شخصه الممثل المتألق "الطيب المعاش" الى جانب قيدوم الممثلين بالريف النجم "فاروق أزنابط" الذي لعب دور الأب لحياة، وفي نفس الوقت شكل الثنائي مع "المعاش" في درب الهوس بالقمار من اجل كسب المال..
ثم مشاهد الحميمية والرومانسية، التي لم يألفها المُشاهد الريفي..والتي أبدعتها بجرأة وإتقان الممثلة الشابة "هويام لمسيسي" التي لعبت دور "سلوى" التي تقيم بألمانيا وكانت لها ذكريات شبابية مع "أحمد" لتحاول ممارسة الإغراء لتكسب وده واعجابه بها..وهذا يشكل عنصرًا جديدًا نجح المخرج في دمجه مع عناصر الصورة في المسلسل لكي لا تستمر (القتامة) كلون يطغى على المسلسل وللخروج من روتين المرض والمعاناة..
مشاهد تليها أخرى أتقنها طاقم ممُيز من الممثلين الذين سنحاول ذكرهم حسب الظهور في الجنيريك، رغم غياب التطرق لأدوارهم في ورقتنا المتواضعة هاته، وذلك رجع لكون المسلسل لم ينتهي بعد.. وقائمة الممثلين المُتبقين: سميرة المصلوحي، عبد الغني بوحميدي، علاء البشيري، مراد مجلد، بنعيسى المستيري، طارق الشامي، فهد بوثكونتار، محمد العبوسي.. ثم المشاركة الجيدة للأطفال المُتبقين: بيجو عزيز، عبد المهيمن القديري، أمين الحافظ، البشيري محمد.
البناء الدرامي كان لحد كبير متماسك ويُحسب ان العمل تمخض عن فكرة "جيهان البحار" و"نادية كاميلي"، وخضع للسيناريست "أكسيل" الذي أشرف على صياغة أحداث المسلسل بشكل بارع و مشوق.. فالتناغم الحواري الذي قدمه كان احترافيًا رغم أن الحوار غابت عنه التلقائية في كثير من الأحيان.. أما الموسيقى التصويرية فقد غابت عنها الاحترافية بعدد المشاهد..وطغى الصمت في أخرى، ليبرز ضعف تكوين المشرف عن الموسيقى التصويرية "حميد بنعمر"
وهناك نقطة أخرى سلبية حسب تقييمنا المتواضع، وهي طريقة إنهاء الحلقات..التي انعدم منها عنصر الاثارة والتشويق لجعل المُشاهد ينتظر حلقة الغد بشغف..فقد لاحظنا توقف الحلقات بشكل عشوائي كأن مقصًا استُعمل في فصل الحلقات بحسب وقتها الزمني دون مراعاة عنصر التشويق والتوقف عند نقطة التي يتمناها المشاهد ان تستمر..
لعل ابرز ماميز هذا العمل وجعله يغطي على بعض سلبياته، فكرته وأداء الممثلين..أما الفكرة فهي تظل تجربة مختلفة تمامًا عما ألفناه، ويمكن اعتبارها فريدة على الأعمال التفزيونية الوطنية، ويستحق عنها صناع المسلسل كل التنويه والتقدير. ذلك أن المسلل نكح جراح الريفين برمتهم في موضوع الأورام السرطانية التي تقطف حياة العديد سنويًا بسبب ما