محمـد زاهـد
تنطلق هذه القراءة من رصد وتحديد موقع الأمازيغيّة في البرامج الانتخابية للتشكيلات السياسيـّة بالمغرب خلال الانتخابات التشريعيّة لـ 7 أكتوبر 2016، وهي ثاني استحقاقات برلمانية تُجرى في البلاد بعد تحولات الحراك الشبابي والاجتماعي، وكذا بعد إقرار دستور 2011 للطّابع الرسمي للغة الأمازيغية تبعا لما جاء في الفصل الخامس من الوثيقة الدستورية ذاتها. كما تنطلق هذه القراءة من دراسة وتناول طبيعة حضور الأمازيغيّة ضمن انشغالات الكيانات الحزبية من خلال ما تقدمه من إجابات وتصورات للقضايا الكبرى في برامجها الانتخابيّة.
وفي ظلّ تأكيد الدارسين والباحثين في حقل العلوم السياسيّة والمتتبعين للشأن الحزبي بالمغرب على صعوبة تصنيف هذه الأحزاب على أساس تحديدٍ إيديولوجي: يسار، يمين، وسط...، أو على أساس تحديدٍ وفق البرامج والمرجعيات، أمام تشابها وتداخلها، تبقى إذن هوية البرامج الانتخابية لا تخضع لمقاييس محدّدة ومرجعيات واضحة.
ومن جملة هذه القضايا التي لا تخضع هي الأخرى لوضوح الموقف السياسي والخلفيات الفكرية والايديولوجيّة لـ "الأحزاب السياسيّة"، نجد القضية الأمازيغيـّة التي ظلت طيلة التجارب السابقة خارج الزمن الانتخابي والحزبي بالمغرب. كما ظلت مغيّبة ومقصية من البرامج الانتخابية، اللهم التعامل المناسباتي والحربائي لبعض هذه التشكيلات الحزبية خلال السنين الماضية، قبل أن يَحدث "انقلاب" مفاجئ في مواقفها من الأمازيغية بعد الاعتراف الرسمي بها.
وعلى ضوء الملاحظات السابقة، يمكن تسجيل عدة استنتاجات أولية تهم كيفية معالجة ومقاربة البرامج الانتخابية لهذه القضية، من خلال رصد أبرز نماذج هذه البرامج التي تقدمت بها 8 أحزاب، بحكم أن البرنامج الانتخابي هو الذي يترجم تصورات ومواقف الأحزاب، رغم أن هذه البرامج تبقى مرة أخرى شكلية في ظل وجود ميكانيزمات وآليات وممارسات أخرى تحدِّدُ الواقع السياسي والحزبي. كما أن واقع الممارسة الفعلية والمواقف الحقيقيـّة يؤكد أن الأحزاب لا تـجعل من الأمـازيغيـّة أولوية، لاسيما مع قرب أو حلول كل موسم انتخابي.
حزب "المصباح"
يعد حزب العدالة والتنمية، أو الحزب الأغلبي خلال التجربة الحكومية الحالية 2011-2016، من أبرز الأحزاب المتشدِّدة في مواقفها المعادية للقضية الأمازيغية رغم التنصيص الدستوري على الطابع الرسمي لها. ولعل في التأخير الذي ميز إخراج القانون التنظيمي الخاص بتفعيل وتنزيل رسمية اللغة الأمازيغية في الوقت الميت من عمر الولاية التشريعية، خير دليل على ذلك. علاوة على المواقف التي عبر عنها هذا التنظيم الحزبي مراراً بخصوص القضية ذاتها.
وإذا كان البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية خلال انتخابات 7 أكتوبر قد أكد على التشبث بالمرجعية الدينية- الإسلامية للحزب والقيم الحضارية والروحية، فإن حضور الأمازيغية فيه لا يتعدى حدود الإشارة إليها ضمن محور "صون كرامة المواطن وحقوقه" من خلال عبارة "النهوض بالأمازيغية باعتبارها ورشا وطنيّا" وفق الصيغة الواردة في البرنامج ذاته، وهو ما يعكس طبيعة المنظور الذي لا زال حزب "المصباح" يتعامل به مع الأمازيغية رغم التحول الذي طرأ على مواقف الكثير من الأحزاب الأخرى، وكذا رغم التقدم النسبي في التعاطي الرسمي معها.
كما أن الحديث عن تفعيل الطابع الدستوري للغة الأمازيغية مغيب بصفة نهائية من برنامج هذا الحزب. فضلا عن السكوت وتغييب الحديث عن تعزيز تدريسها في مختلف أسلاك التعليم، بما في ذلك التعليم العالي، وتعزيز إدماجها في الحياة العامة والشأن الثقافي والفني والإعلامي، وموقعها في النسيج المجتمعي، وهو ما يعكس موقفا سلبيّـا لإخوان "المصباح" من "الشِّنْوِيَّة" كما سماها ذات مرة الأمين العام للحزب.
حزب "الكتاب"
حزب التقدم والاشتراكية من التنظيمات السياسية التي كانت سباقة إلى المطالبة بإحقاق الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي. كما كانت موافقه على العموم إيجابية من "الخصوصية الأمازيغية"، رغم أنه مشاركته خلال الـ 4 تجارب الحكومية الأخيرة، أي منذ سنة 1998، لم تسجل سوى إنشاء القناة الأمازيغية سنة 2010 على عهد تدبير الحزب لوزارة الاتصال. كما سُجل تقاعس الحزب في الدفاع عن مواقفه عن الأمازيغية أمام حليفه العدالة والتنمية خلال الحكومة الحالية على مستوى مضمون مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية.
أما ما يتعلق بالبرنامج الانتخابي لحزب علي يعته خلال استحقاق 7 أكتوبر، فالملاحظ أن الحزب لم يُبوئ الأمازيغيّة مكانتها وفق تصور واضح يُفترض أنه يعكس وعي الحزب بأهمية واستراتيجية ومحورية هذه القضية في أبعادها الهوياتية والثقافية والسياسية؛ إذ اكتفى بـ "تثمين التنوع الثقافي" والمطالبة بـ "وضع سياسية لغوية متناسقة من خلال المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وتثمين اللغة العربية والتفعيل التدريجي للمقتضيات الدستورية التي جعلت من الأمازيغية لغة رسمية"، كما ورد في برنامج الحزب ضمن محور "التنزيل الديمقراطي للدستور"، رغم أن الحزب شكل واحدا من مكونات الحكومة الحالية، كما أشرف على تدبير وزارة الثقافة التي أشرفت على التنسيق في إعداد مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي رفضته الحركة الأمازيغية جملة وتفصيلاً لما تضمنه من تراجعات وتأجيل تفعيل الطابع الرسمي.
وقد كان بإمكان حزب التقدم والاشتراكية أن يثبت موقفه أكثر بدل التراجع عن ذلك، علاوة على إغفاله بصفة كلية كل ما يتعلق بإدماج وتعزيز الأمازيغية في المنظومة الإعلامية والتعليمية والأكاديميّة والقضاء ومجالات أخرى تعتبر أكثر حيوية.
حزب "السنبلة"
عادة ما يُقدّم حزب الحركة الشعبية على أساس كونه حزب "العالم القروي" و"البادية" المدافع عن الأمازيغية. ورغم ذلك، فقد ظل الحزب "يُتّهم" بالاستغلال السياسي والانتخابي للأمازيغية كورقة رابحة بدليل أن الحزب لم يسبق له أن قدم أي شيء في سبيل رفع الإقصاء والتهميش الذي عاشته اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وإذا كان حزب "الزّايغ" يرفع شعارات تطالب بالمصالحة مع الأمازيغية، إلاّ أنه، وباعتباره أحد مكونات الأغلبية الحكومية الحالية، لم يسجل موقفه خلال إعداد وإخراج مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، رغم أن الأمين العام للحزب امحند العنصر صرح مؤخرا عن عدم رضا "السنبلة" عن ذلك.
أما بخصوص البرنامج الانتخابي الذي تقدم به حزب الحركة الشعبية لانتخابات 7 أكتوبر، فمن بين 77 إجراء من أجل "الإصلاح والالتزام" التي يقترحها الحزب، نجد أن نقطة واحدة فقط تتضمن إشارة إلى الأمازيغية من خلال القول بـ "وضع برنامج عمل متعدد السنوات لإدماج الأمازيغية في كل مستويات التعليم"، دون أية إشارة إلى ضرورة تفعيل طابعها الرسمي أو تعزيز موقعها في الإعلام أو في مجالات الثقافة والبحث الأكاديمي أو دواليب الحياة العامة.
حزب "الحمامة"
هو من الأحزاب التي لم يسبق لها أن طرحت موقفا من الأمازيغية أو دافعت عنها في وقت من الأوقات رغم المشاركات المكثفة في مختلف الحكومات المتعاقبة طيلة الـ 40 سنة الماضية. ولأن طبيعة الحزب والخلفية السياسية التي تأسس من أجلها كانت محكومة بسياق خاص، فلم يسبق لحزب التجمع الوطني للأحرار أن ساند المطالب الأمازيغية حتى خلال فترة ترأسه من طرف مصطفى المنصوري. كما أن الأمازيغية ظلت مسألة جانبية وثانوية في خطاب وبرامج هذا الحزب.
أما علاقة بالبرنامج الانتخابي الذي تقدّم به حزب "الحمامة" خلال تشريعيات 7 أكتوبر القادم، فالغريب، وحتى من باب الاستهلاك السياسي والاستغلال المناسباتي للأمازيغية في هذا الظرف، لا نجد ولو كلمة في البرنامج تشير إلى الاجراءات أو الخطوات التي يمكن أن يتخذها هذا الحزب تجاه الأمازيغية إذا ما طُبٍّق برنامجه، وكأنه غير معني بتاتا بهذه القضية. بل وحتى الحديث عن التنوع الثقافي والتعدد والجانب الحضاري للمغرب غائب عن البرنامج المذكور.
كما أننا لا نجد أية إشارة سواء من خلال التطرق للمدرسة وإصلاح التعليم، أو خلال التطرق للشق الثقافي والإعلامي. علاوة عن غياب أدنى إشارة إلى تفعيل ترسيمها وتعزيز حضور الأمازيغية في مناحي الحياة العامة.
حزب "الميزان"
عبر التاريخ السياسي المعاصر للمغرب، ظل حزب الاستقلال من أشدّ الأحزاب السياسية معادة ومناهضة لكل ما هو أمازيغي. وبالعودة إلى الكثير من المحطات والأحداث التاريخية، يتبيّـن لنا حجم هذا العداء، خاصة حينما نستحضر الخلفيات الإيديولوجية والإطار الفكري والمرجعية التي أطّرت مواقف هذا الحزب تجاه الأمازيغية باسم "الوحدة" و"التعادلية" و"الإنسية المغربية". كما أن سياسة التعريب الشامل كمخطط استهدف مسخ الهوية الوطنية للمغرب، شكلت إحدى عناصر أوجه مناهضة التنوع اللغوي والثقافي من طرف الحزب. وهذا الأمر له جذور تاريخية تقارب حوالي قرن من الزمن.
ومع تزايد النضالات الأمازيغية وترسيخ فكرة الانتماء الحقيقي للهوية الأمازيغية بدل الهويات المفروضة قسرا، وأصبحت القضية الأمازيغية حقيقة لا يُعلى عليها، ومشيا على عادة الكيانات الحزبية في مواقفها الحربائية، أصبح حزب الاستقلال هو الآخر يدعي تبنيه للأمازيغية، وهو ما يشير إليه البرنامج الانتخابي للحزب لـ 7 أكتوبر ضمن محور ضمان الحقوق الأساسية والحريات، لكن للأسف دون أن يستطيع الحزب "الوحيد" سابقا أن يتخلص من رواسب وبقايا الماضي، وهو ما يتجلى من خلال مطالبته بـ "الإسراع بتفعيل أكاديمية اللغة العربية لتقوية اللغة العربية وتعميمها في التعليم والإعلام والحياة العامة"، تليها المطالبة بـ "إصدار القانون التنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية بما يضمن إدماجها في التعليم وتعميم استعمالها في مجالات الحياة العامة" وكذا "حماية اللهجات المستعملة في المغرب"
فإذا كان الأمر بالنسبة للغة العربية يحتاج إلى الإسراع بتفعيلها وتقويتها وتعميمها في التعليم والإعلام والحياة العامة – رغم أنها تُعمَّم منذ أزيد من 60 سنة- فالأمر بالنسبة للأمازيغية لا يحتاج سوى إلى إدماجها واستعمالها.
حزب "الجرار"
يبدو أنه الحزب الأكثر براغماتية في تعامله واستحضاره للمطالب الأمازيغية خلال هذه الانتخابات. فبعد المذكرة التي قدمها الحزب بعد مهزلة مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي أصدرته حكومة عبد الإله بنكيران، وفي سياق التجاذب القائم بين الحزبين، أكد البرنامج الانتخابي لـ "البام" على جعل الأمازيغية من جملة الالتزامات الـ 10 التي يتقدّم بها حزب الأصالة والمعاصرة عبر الالتزام بـ "تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وضمان الحقوق الثقافية لمكونات الهوية الوطنية"، رغم أن العديد من القراءات والمؤشرات تذهب في سياق التأكيد على وجود قوة الواقع كمُحدِّد في تبني هذا الموقف أكثر مما هي قناعة واضحة على غرار تبني الحزب لمواقف من قضايا أخرى.
ورغم أن الأمر قد يتعلق بضرورات التسويق السياسي، إلاّ أن الملاحظ هو أن هذه الخلفية البراغماتية صاحبتها إجراءات من قبيل إقدام حزب "الجرار" على ترجمة مخلص البرنامج الانتخابي للأمازيغية وكتابته بحروف تيفيناغ، في وقت اقتصرت فيه الأحزاب الأخرى على الاكتفاء بكتابة شعار الحملة أو اسم الحزب بتيفيناغ وكلها أخطاء وركاكة.
حزب "الوردة "
يرتبط حزب الاتحاد الاشتراكي تاريخيا بالتشكيلات السياسية التي كانت لها مقاربة سلبية من الثقافة واللغة الأمازيغيتين. في هذا الصدد، لازالت ذاكرة الحركة الأمازيغية تستحضر مقولة "إنعاش الأمازيغية" سنة 1998 خلال التصريح الحكومي الذي تقدم به عبد الرحمان اليوسفي مع تجربة ما سمي بـ "التناوب التوافقي"، وفيما بعد ميثاق التربية والتكوين. أما المواقف التي عبر عنها الكثير من "القادة" الاتحاديون مثل: بنبركة، الجابري، وآخرون من الأسماء التي ظلت تناصر "العروبة"، فكانت بمثابة مواقف تعكس طبيعة الإيديولوجية التي أطرت تصورات ومرجعية الاتحاد. كما أن تدريس الأمازيغية مع الانطلاقة الأولى سنة 2003 أيام الحبيب المالكي الذي أشرف سابقا على تدبير شؤون التعليم، كانت بمثابة العملية الكاريكاتورية التي أدخلت إدماج الامازيغية في المنظومة التعليمية في متاهات وفشل مقصود.
أما من خلال البرنامج الانتخابي الذي تقدم به هذا الحزب سنة 2016، فقد تضمن عدة إشارات للغة الأمازيغية، خاصة في مجال الثقافة واللغات، مثل الإشارة إلى ضرورة "اعتماد مقاربة جديدة ومتكاملة لمعالجة الوضع اللغوي، وبما يرسخ مكتسبات اللغتين –العربية والأمازيغية"، ثم تسجيل البرنامج المذكور الإشارة إلى أهمية "إعمال اللغة الأمازيغية كلغة رسمية". فضلا عن "عدم تفعيل المقتضيات الدستورية فيما يتعلق باللغتين الرسميتين"، وكذا تأكيد برنامج حزب "الوردة" على "تسجيل تراجعات كبيرة في مجال تدريس الأمازيغية" وغياب "عدالة وإنصاف لغوي".
تحالف "الرسالة"
تعد فيدرالية اليسار الديمقراطي تحالفا انتخابيا سيتقدم للانتخابات التشريعية لـ 7 أكتوبر بلوائح مشتركة بين 3 أحزاب هي: الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد. ورغم التباين النسبي في مواقف هذه المكونات الحزبية من القضية الأمازيغيّة، إلا أن طبيعة مرجعيتها الإيديولوجية جعلت منها تاريخيا أحزابا معادية في مواقفها من الأمازيغية، لاسيما حزب الطليعة المتشبع بالإيديولوجية القومية العروبية.
وبالعودة إلى البرنامج الانتخابي للتحالف الحزبي، نجد أنه من أصل 365 نقطة برنامجية وإجراء تتقدم به هذه الأحزاب كتعهد أمام الناخبين، لم يأت ذكر الأمازيغية إلاّ من خلال نقطتين؛ الأولى ضمن محور الإصلاح السياسي عبر المطالبة بـ "اتخاذ كافة الإجراءات لتطوير اللغة العربية وتمكينها من القيام بجميع أدوارها الدستورية، والتفعيل العملي لدسترة اللغة الأمازيغية واتخاذ كافة الإجراءات التطبيقية بأجندة دقيقة متعاقد عليها"، ثم ضمن محور إصلاح قطاع التربية والتكوين عبر "الاهتمام باللغة العربية وتمكين الأمازيغية من وظائفها التربوية". إلاّ أن الملاحظ في هذا الشأن هو اقتران ذكر الأمازيغيّة بالحديث عن ضرورة تطوير والاهتمام بالعربية مسبقا، وكأن هناك تمايزا بين اللغتين، أو أن الأمازيغية ستهدد العربية في إطار صراع وهمي أكثر مما هو واقعي.
خلاصات أوليّـة
من خلال استقراء البرامج الانتخابية لـ "الأحزاب السياسية" خلال تشريعيات 7 أكتوبر، تتجلى لنا طبيعة المقاربة الحزبية لهذه التشكيلات تجاه القضية الأمازيغية، وهي مقاربة تقوم على المناسبتية والاستحضار البراغماتي الذي لا يتجاوز حدود التسويق السياسي وكسب ود الأصوات الانتخابية. كما أن هذه الكيانات لا تجعل من الأمازيغية أولوية ذات أهمية، وفق مقاربة تؤسس للمساواة اللغوية وإيجاد معالجة متوازنة للواقع اللغوي والثقافي بالمغرب، على أساسا التمييز الإيجابي لصالح الأمازيغية، وليس تكريس سياسة الميز ضد الأمازيغية. علاوة على أن هذه الأحزاب لم تتخلص، إلى حد الآن، من إرثها الإيديولوجي ورواسب الماضي.
تنطلق هذه القراءة من رصد وتحديد موقع الأمازيغيّة في البرامج الانتخابية للتشكيلات السياسيـّة بالمغرب خلال الانتخابات التشريعيّة لـ 7 أكتوبر 2016، وهي ثاني استحقاقات برلمانية تُجرى في البلاد بعد تحولات الحراك الشبابي والاجتماعي، وكذا بعد إقرار دستور 2011 للطّابع الرسمي للغة الأمازيغية تبعا لما جاء في الفصل الخامس من الوثيقة الدستورية ذاتها. كما تنطلق هذه القراءة من دراسة وتناول طبيعة حضور الأمازيغيّة ضمن انشغالات الكيانات الحزبية من خلال ما تقدمه من إجابات وتصورات للقضايا الكبرى في برامجها الانتخابيّة.
وفي ظلّ تأكيد الدارسين والباحثين في حقل العلوم السياسيّة والمتتبعين للشأن الحزبي بالمغرب على صعوبة تصنيف هذه الأحزاب على أساس تحديدٍ إيديولوجي: يسار، يمين، وسط...، أو على أساس تحديدٍ وفق البرامج والمرجعيات، أمام تشابها وتداخلها، تبقى إذن هوية البرامج الانتخابية لا تخضع لمقاييس محدّدة ومرجعيات واضحة.
ومن جملة هذه القضايا التي لا تخضع هي الأخرى لوضوح الموقف السياسي والخلفيات الفكرية والايديولوجيّة لـ "الأحزاب السياسيّة"، نجد القضية الأمازيغيـّة التي ظلت طيلة التجارب السابقة خارج الزمن الانتخابي والحزبي بالمغرب. كما ظلت مغيّبة ومقصية من البرامج الانتخابية، اللهم التعامل المناسباتي والحربائي لبعض هذه التشكيلات الحزبية خلال السنين الماضية، قبل أن يَحدث "انقلاب" مفاجئ في مواقفها من الأمازيغية بعد الاعتراف الرسمي بها.
وعلى ضوء الملاحظات السابقة، يمكن تسجيل عدة استنتاجات أولية تهم كيفية معالجة ومقاربة البرامج الانتخابية لهذه القضية، من خلال رصد أبرز نماذج هذه البرامج التي تقدمت بها 8 أحزاب، بحكم أن البرنامج الانتخابي هو الذي يترجم تصورات ومواقف الأحزاب، رغم أن هذه البرامج تبقى مرة أخرى شكلية في ظل وجود ميكانيزمات وآليات وممارسات أخرى تحدِّدُ الواقع السياسي والحزبي. كما أن واقع الممارسة الفعلية والمواقف الحقيقيـّة يؤكد أن الأحزاب لا تـجعل من الأمـازيغيـّة أولوية، لاسيما مع قرب أو حلول كل موسم انتخابي.
حزب "المصباح"
يعد حزب العدالة والتنمية، أو الحزب الأغلبي خلال التجربة الحكومية الحالية 2011-2016، من أبرز الأحزاب المتشدِّدة في مواقفها المعادية للقضية الأمازيغية رغم التنصيص الدستوري على الطابع الرسمي لها. ولعل في التأخير الذي ميز إخراج القانون التنظيمي الخاص بتفعيل وتنزيل رسمية اللغة الأمازيغية في الوقت الميت من عمر الولاية التشريعية، خير دليل على ذلك. علاوة على المواقف التي عبر عنها هذا التنظيم الحزبي مراراً بخصوص القضية ذاتها.
وإذا كان البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية خلال انتخابات 7 أكتوبر قد أكد على التشبث بالمرجعية الدينية- الإسلامية للحزب والقيم الحضارية والروحية، فإن حضور الأمازيغية فيه لا يتعدى حدود الإشارة إليها ضمن محور "صون كرامة المواطن وحقوقه" من خلال عبارة "النهوض بالأمازيغية باعتبارها ورشا وطنيّا" وفق الصيغة الواردة في البرنامج ذاته، وهو ما يعكس طبيعة المنظور الذي لا زال حزب "المصباح" يتعامل به مع الأمازيغية رغم التحول الذي طرأ على مواقف الكثير من الأحزاب الأخرى، وكذا رغم التقدم النسبي في التعاطي الرسمي معها.
كما أن الحديث عن تفعيل الطابع الدستوري للغة الأمازيغية مغيب بصفة نهائية من برنامج هذا الحزب. فضلا عن السكوت وتغييب الحديث عن تعزيز تدريسها في مختلف أسلاك التعليم، بما في ذلك التعليم العالي، وتعزيز إدماجها في الحياة العامة والشأن الثقافي والفني والإعلامي، وموقعها في النسيج المجتمعي، وهو ما يعكس موقفا سلبيّـا لإخوان "المصباح" من "الشِّنْوِيَّة" كما سماها ذات مرة الأمين العام للحزب.
حزب "الكتاب"
حزب التقدم والاشتراكية من التنظيمات السياسية التي كانت سباقة إلى المطالبة بإحقاق الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي. كما كانت موافقه على العموم إيجابية من "الخصوصية الأمازيغية"، رغم أنه مشاركته خلال الـ 4 تجارب الحكومية الأخيرة، أي منذ سنة 1998، لم تسجل سوى إنشاء القناة الأمازيغية سنة 2010 على عهد تدبير الحزب لوزارة الاتصال. كما سُجل تقاعس الحزب في الدفاع عن مواقفه عن الأمازيغية أمام حليفه العدالة والتنمية خلال الحكومة الحالية على مستوى مضمون مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية.
أما ما يتعلق بالبرنامج الانتخابي لحزب علي يعته خلال استحقاق 7 أكتوبر، فالملاحظ أن الحزب لم يُبوئ الأمازيغيّة مكانتها وفق تصور واضح يُفترض أنه يعكس وعي الحزب بأهمية واستراتيجية ومحورية هذه القضية في أبعادها الهوياتية والثقافية والسياسية؛ إذ اكتفى بـ "تثمين التنوع الثقافي" والمطالبة بـ "وضع سياسية لغوية متناسقة من خلال المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وتثمين اللغة العربية والتفعيل التدريجي للمقتضيات الدستورية التي جعلت من الأمازيغية لغة رسمية"، كما ورد في برنامج الحزب ضمن محور "التنزيل الديمقراطي للدستور"، رغم أن الحزب شكل واحدا من مكونات الحكومة الحالية، كما أشرف على تدبير وزارة الثقافة التي أشرفت على التنسيق في إعداد مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي رفضته الحركة الأمازيغية جملة وتفصيلاً لما تضمنه من تراجعات وتأجيل تفعيل الطابع الرسمي.
وقد كان بإمكان حزب التقدم والاشتراكية أن يثبت موقفه أكثر بدل التراجع عن ذلك، علاوة على إغفاله بصفة كلية كل ما يتعلق بإدماج وتعزيز الأمازيغية في المنظومة الإعلامية والتعليمية والأكاديميّة والقضاء ومجالات أخرى تعتبر أكثر حيوية.
حزب "السنبلة"
عادة ما يُقدّم حزب الحركة الشعبية على أساس كونه حزب "العالم القروي" و"البادية" المدافع عن الأمازيغية. ورغم ذلك، فقد ظل الحزب "يُتّهم" بالاستغلال السياسي والانتخابي للأمازيغية كورقة رابحة بدليل أن الحزب لم يسبق له أن قدم أي شيء في سبيل رفع الإقصاء والتهميش الذي عاشته اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وإذا كان حزب "الزّايغ" يرفع شعارات تطالب بالمصالحة مع الأمازيغية، إلاّ أنه، وباعتباره أحد مكونات الأغلبية الحكومية الحالية، لم يسجل موقفه خلال إعداد وإخراج مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية، رغم أن الأمين العام للحزب امحند العنصر صرح مؤخرا عن عدم رضا "السنبلة" عن ذلك.
أما بخصوص البرنامج الانتخابي الذي تقدم به حزب الحركة الشعبية لانتخابات 7 أكتوبر، فمن بين 77 إجراء من أجل "الإصلاح والالتزام" التي يقترحها الحزب، نجد أن نقطة واحدة فقط تتضمن إشارة إلى الأمازيغية من خلال القول بـ "وضع برنامج عمل متعدد السنوات لإدماج الأمازيغية في كل مستويات التعليم"، دون أية إشارة إلى ضرورة تفعيل طابعها الرسمي أو تعزيز موقعها في الإعلام أو في مجالات الثقافة والبحث الأكاديمي أو دواليب الحياة العامة.
حزب "الحمامة"
هو من الأحزاب التي لم يسبق لها أن طرحت موقفا من الأمازيغية أو دافعت عنها في وقت من الأوقات رغم المشاركات المكثفة في مختلف الحكومات المتعاقبة طيلة الـ 40 سنة الماضية. ولأن طبيعة الحزب والخلفية السياسية التي تأسس من أجلها كانت محكومة بسياق خاص، فلم يسبق لحزب التجمع الوطني للأحرار أن ساند المطالب الأمازيغية حتى خلال فترة ترأسه من طرف مصطفى المنصوري. كما أن الأمازيغية ظلت مسألة جانبية وثانوية في خطاب وبرامج هذا الحزب.
أما علاقة بالبرنامج الانتخابي الذي تقدّم به حزب "الحمامة" خلال تشريعيات 7 أكتوبر القادم، فالغريب، وحتى من باب الاستهلاك السياسي والاستغلال المناسباتي للأمازيغية في هذا الظرف، لا نجد ولو كلمة في البرنامج تشير إلى الاجراءات أو الخطوات التي يمكن أن يتخذها هذا الحزب تجاه الأمازيغية إذا ما طُبٍّق برنامجه، وكأنه غير معني بتاتا بهذه القضية. بل وحتى الحديث عن التنوع الثقافي والتعدد والجانب الحضاري للمغرب غائب عن البرنامج المذكور.
كما أننا لا نجد أية إشارة سواء من خلال التطرق للمدرسة وإصلاح التعليم، أو خلال التطرق للشق الثقافي والإعلامي. علاوة عن غياب أدنى إشارة إلى تفعيل ترسيمها وتعزيز حضور الأمازيغية في مناحي الحياة العامة.
حزب "الميزان"
عبر التاريخ السياسي المعاصر للمغرب، ظل حزب الاستقلال من أشدّ الأحزاب السياسية معادة ومناهضة لكل ما هو أمازيغي. وبالعودة إلى الكثير من المحطات والأحداث التاريخية، يتبيّـن لنا حجم هذا العداء، خاصة حينما نستحضر الخلفيات الإيديولوجية والإطار الفكري والمرجعية التي أطّرت مواقف هذا الحزب تجاه الأمازيغية باسم "الوحدة" و"التعادلية" و"الإنسية المغربية". كما أن سياسة التعريب الشامل كمخطط استهدف مسخ الهوية الوطنية للمغرب، شكلت إحدى عناصر أوجه مناهضة التنوع اللغوي والثقافي من طرف الحزب. وهذا الأمر له جذور تاريخية تقارب حوالي قرن من الزمن.
ومع تزايد النضالات الأمازيغية وترسيخ فكرة الانتماء الحقيقي للهوية الأمازيغية بدل الهويات المفروضة قسرا، وأصبحت القضية الأمازيغية حقيقة لا يُعلى عليها، ومشيا على عادة الكيانات الحزبية في مواقفها الحربائية، أصبح حزب الاستقلال هو الآخر يدعي تبنيه للأمازيغية، وهو ما يشير إليه البرنامج الانتخابي للحزب لـ 7 أكتوبر ضمن محور ضمان الحقوق الأساسية والحريات، لكن للأسف دون أن يستطيع الحزب "الوحيد" سابقا أن يتخلص من رواسب وبقايا الماضي، وهو ما يتجلى من خلال مطالبته بـ "الإسراع بتفعيل أكاديمية اللغة العربية لتقوية اللغة العربية وتعميمها في التعليم والإعلام والحياة العامة"، تليها المطالبة بـ "إصدار القانون التنظيمي لترسيم اللغة الأمازيغية بما يضمن إدماجها في التعليم وتعميم استعمالها في مجالات الحياة العامة" وكذا "حماية اللهجات المستعملة في المغرب"
فإذا كان الأمر بالنسبة للغة العربية يحتاج إلى الإسراع بتفعيلها وتقويتها وتعميمها في التعليم والإعلام والحياة العامة – رغم أنها تُعمَّم منذ أزيد من 60 سنة- فالأمر بالنسبة للأمازيغية لا يحتاج سوى إلى إدماجها واستعمالها.
حزب "الجرار"
يبدو أنه الحزب الأكثر براغماتية في تعامله واستحضاره للمطالب الأمازيغية خلال هذه الانتخابات. فبعد المذكرة التي قدمها الحزب بعد مهزلة مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي أصدرته حكومة عبد الإله بنكيران، وفي سياق التجاذب القائم بين الحزبين، أكد البرنامج الانتخابي لـ "البام" على جعل الأمازيغية من جملة الالتزامات الـ 10 التي يتقدّم بها حزب الأصالة والمعاصرة عبر الالتزام بـ "تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وضمان الحقوق الثقافية لمكونات الهوية الوطنية"، رغم أن العديد من القراءات والمؤشرات تذهب في سياق التأكيد على وجود قوة الواقع كمُحدِّد في تبني هذا الموقف أكثر مما هي قناعة واضحة على غرار تبني الحزب لمواقف من قضايا أخرى.
ورغم أن الأمر قد يتعلق بضرورات التسويق السياسي، إلاّ أن الملاحظ هو أن هذه الخلفية البراغماتية صاحبتها إجراءات من قبيل إقدام حزب "الجرار" على ترجمة مخلص البرنامج الانتخابي للأمازيغية وكتابته بحروف تيفيناغ، في وقت اقتصرت فيه الأحزاب الأخرى على الاكتفاء بكتابة شعار الحملة أو اسم الحزب بتيفيناغ وكلها أخطاء وركاكة.
حزب "الوردة "
يرتبط حزب الاتحاد الاشتراكي تاريخيا بالتشكيلات السياسية التي كانت لها مقاربة سلبية من الثقافة واللغة الأمازيغيتين. في هذا الصدد، لازالت ذاكرة الحركة الأمازيغية تستحضر مقولة "إنعاش الأمازيغية" سنة 1998 خلال التصريح الحكومي الذي تقدم به عبد الرحمان اليوسفي مع تجربة ما سمي بـ "التناوب التوافقي"، وفيما بعد ميثاق التربية والتكوين. أما المواقف التي عبر عنها الكثير من "القادة" الاتحاديون مثل: بنبركة، الجابري، وآخرون من الأسماء التي ظلت تناصر "العروبة"، فكانت بمثابة مواقف تعكس طبيعة الإيديولوجية التي أطرت تصورات ومرجعية الاتحاد. كما أن تدريس الأمازيغية مع الانطلاقة الأولى سنة 2003 أيام الحبيب المالكي الذي أشرف سابقا على تدبير شؤون التعليم، كانت بمثابة العملية الكاريكاتورية التي أدخلت إدماج الامازيغية في المنظومة التعليمية في متاهات وفشل مقصود.
أما من خلال البرنامج الانتخابي الذي تقدم به هذا الحزب سنة 2016، فقد تضمن عدة إشارات للغة الأمازيغية، خاصة في مجال الثقافة واللغات، مثل الإشارة إلى ضرورة "اعتماد مقاربة جديدة ومتكاملة لمعالجة الوضع اللغوي، وبما يرسخ مكتسبات اللغتين –العربية والأمازيغية"، ثم تسجيل البرنامج المذكور الإشارة إلى أهمية "إعمال اللغة الأمازيغية كلغة رسمية". فضلا عن "عدم تفعيل المقتضيات الدستورية فيما يتعلق باللغتين الرسميتين"، وكذا تأكيد برنامج حزب "الوردة" على "تسجيل تراجعات كبيرة في مجال تدريس الأمازيغية" وغياب "عدالة وإنصاف لغوي".
تحالف "الرسالة"
تعد فيدرالية اليسار الديمقراطي تحالفا انتخابيا سيتقدم للانتخابات التشريعية لـ 7 أكتوبر بلوائح مشتركة بين 3 أحزاب هي: الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، المؤتمر الوطني الاتحادي، والحزب الاشتراكي الموحد. ورغم التباين النسبي في مواقف هذه المكونات الحزبية من القضية الأمازيغيّة، إلا أن طبيعة مرجعيتها الإيديولوجية جعلت منها تاريخيا أحزابا معادية في مواقفها من الأمازيغية، لاسيما حزب الطليعة المتشبع بالإيديولوجية القومية العروبية.
وبالعودة إلى البرنامج الانتخابي للتحالف الحزبي، نجد أنه من أصل 365 نقطة برنامجية وإجراء تتقدم به هذه الأحزاب كتعهد أمام الناخبين، لم يأت ذكر الأمازيغية إلاّ من خلال نقطتين؛ الأولى ضمن محور الإصلاح السياسي عبر المطالبة بـ "اتخاذ كافة الإجراءات لتطوير اللغة العربية وتمكينها من القيام بجميع أدوارها الدستورية، والتفعيل العملي لدسترة اللغة الأمازيغية واتخاذ كافة الإجراءات التطبيقية بأجندة دقيقة متعاقد عليها"، ثم ضمن محور إصلاح قطاع التربية والتكوين عبر "الاهتمام باللغة العربية وتمكين الأمازيغية من وظائفها التربوية". إلاّ أن الملاحظ في هذا الشأن هو اقتران ذكر الأمازيغيّة بالحديث عن ضرورة تطوير والاهتمام بالعربية مسبقا، وكأن هناك تمايزا بين اللغتين، أو أن الأمازيغية ستهدد العربية في إطار صراع وهمي أكثر مما هو واقعي.
خلاصات أوليّـة
من خلال استقراء البرامج الانتخابية لـ "الأحزاب السياسية" خلال تشريعيات 7 أكتوبر، تتجلى لنا طبيعة المقاربة الحزبية لهذه التشكيلات تجاه القضية الأمازيغية، وهي مقاربة تقوم على المناسبتية والاستحضار البراغماتي الذي لا يتجاوز حدود التسويق السياسي وكسب ود الأصوات الانتخابية. كما أن هذه الكيانات لا تجعل من الأمازيغية أولوية ذات أهمية، وفق مقاربة تؤسس للمساواة اللغوية وإيجاد معالجة متوازنة للواقع اللغوي والثقافي بالمغرب، على أساسا التمييز الإيجابي لصالح الأمازيغية، وليس تكريس سياسة الميز ضد الأمازيغية. علاوة على أن هذه الأحزاب لم تتخلص، إلى حد الآن، من إرثها الإيديولوجي ورواسب الماضي.