بقلم: عبد الكريم بولعيون
من الصعب الحديث عن ملابسات ما آل إليه العمل السياسي بالمدينة دون الإحاطة الموضوعية بالجوانب المادية و البشرية والتاريخية التي أثثت لمسرح الانسياب و التمزق والتفرقة، إن لم نقل للمتاهة التي أصبح البعض يدور فيها فرادى و مجموعات دورانا في حلقة مغلقة تدعي كل منها الأحقية و الشرعية وترفض منطق الآخر ووجوده ورأيه.
حقيقة وأنا أكتب هذه الورقة لا أرغب من خلالها أن أدخل في سجال عقيم، أو أحاول أن أختار من بين الأطراف أحسنهم و أقربهم إلى الصواب و أي صواب أقصد في منطق السياسة ؟ بل مهمتي أن أسجل بعض النقاط التي أراها من الممكن أن تأخذ بعين الاعتبار لتتضح الرؤية ويتضح المسار وبذلك لفتح معابر للتواصل و التفاهم حول مستقبل عمل سياسي و حزبي لم يرى النور بعد !
أنا لا أدعي تقديم هنا وصفة للعلاج السريع لتريح الجميع ، لكن على الأقل إيضاحات قد تمكن المتتبع من معرفة من يكون بالدرجة الأولى ثم في أي بالون يتواجد ، ليتأكد من أن منطق رفض الآخر و المصلحة الشخصية و الركوب على الأمواج و تتبع العورات ... ليس هنا مكانه،كما ان من الواجب ايضا التأكيد على أهمية الوعي و التأطير الثقافي و السياسي الذي هو بيت القصيد عندنا.
الحزب ابن منطقته ـ النموذج الناظوري ـ
إن كان ضروريا ذكر فيما بعد بعض المسببات الداخلية و الأخطاء الذاتية التي أصابت الجسم الحزبي داخليا والتي كرست منطق الانشطار و التأزم و التحزب وتوجيه المشروع إلى غير وجهته الصحيحة ، لابد أولا من وضع هذا الشخص المعنوي أي الحزب في وسطه و بيئته ، بمعنى ذكر بعض الأسباب الخارجية أو الموضوعية التي ساهمت و تساهم في تكريس الوضع سواء من حيث ندري أولا ندري و ستبقى مستمرة ومتزامنة معه مع استمرار العقلية الجمعية للمجتمع الناظوري و التي أبانت مؤخرا في الانتخابات الأخيرة بكل وضوح عن وجود أزمة أخلاقية و ثقافية من ثم سياسية . لذلك فالتربة الثقافية التي تكونت و تراكمت عبر الزمن القريب نتيجة التهميش الممنهج، و انعدام مراكز التثقيف و التربية و التوجيه، و تهجير أبناء المدينة ،ثم الهجرة المعاكسة نحو المنطقة ذاتها وهذه المرة من فئات غالبيتها مهمشة ضعيفة التكوين ، و اعتبار المنطقة عاصمة للتهريب و المخدرات ومنطقة للعبور إلى الضفة الأخرى ، ساهمت في خلق "نموذج " لدى الساكنة عامة وعند البعض من الطبقة المثقفة خاصة ؛حيث في هذا المجتمع يختفي المثقف المؤهل من ممارسة الحياة العامة تاركا المجال للشعبوي "السياسي" العابث بالمصير و المستقبل ليكون فيما بعد هو النموذج المفضل . ليس هنا حديثنا عن الأزمة المجتمعية سوى إشارة للبيئة غير المؤهلة التي تبعثر العمل و تدنس الفعل السياسي لكل الأطراف ،مما يعني القيام بمجهود مضاعف لتخليق هذه الحياة العامة بدل التناطح و التنازع الذي يساهم في تأزم الوضع أكثر. هذا إن لم تساهم هذه الأحزاب هي نفسها في ترهل المؤسسة الحزبية و بالتالي تأزم الحياة السياسية بأكملها ،وفي هذا الإطار نذكر ثلاث أزمات داخلية فقط ساهمت في هتك عرض كرامة كل ما هو سياسي، وهي تسلط اللغط (أوهام السوق) و أزمة الزعامة (أوهام المسرح) و أزمة "المثقف"
أوهام السوق وأوهام المسرح
لقد دعى فرانسيس بيكون إلى تطهير العقل من بعض الأوهام خدمة للعقل العلمي و التجريبي ، و لعل استعارة وهمين من هذه الأوهام في حديثنا عن بعض العوائق التي أصابت الحقل السياسي و الحزبي مفيدة هنا.
لذلك ف"أوهام السوق" يقصد بها طغيان المناقشات الفارغة و الخاوية من الحكمة و استعمال الألفاظ النابية و الساقطة كما هو حاصل في السوق الأسبوعي مثلا ،حيث يكثر فيه اللغط و السب و القذف و التشويش و الاتهام المتبادل وتغيب الحكمة و الكلمة الطيبة و النقاش السليم و النقد البناء، إن دخول مثل هذا الحزب أو هذا الحقل عامة لابد لفاعله أن يستعيذ بالله من الشيطان كما يفعل عند دخوله أي سوق !
أما عن "أوهام المسرح" فالمقصود هو سيطرة أصحاب النفوذ و المال أو سيطرة القدماء منهم بفرض سلطتهم على الأتباع فيدينون بدين "الزعيم" ويعملون بأوامره دون اعتراض أو مواجهة من أحد،تماما كما تسيطر شخصيات الممثلين في المسرح على بقية المتفرجين يتألمون لألمهم و يفرحون عند تبسمهم. هذه التبعية العمياء يمكن تبريرها إذا ما كان التابع من طينة المتبوع أي من العوام ، لكن تتعقد عندما تستهدف المثقف النخبوي .
مشكلة المثقف النخبوي مع السياسي
إن مما يندى له الجبين أن تجد مثقفا نخبويا أو إطارا كفئا يتخلى في مرحلة من المراحل عن كل مبادئه و قيمه ليكون بيدقا من البيادق تلعب به أصابع "الزعيم" من أصحاب النفوذ ؛ لتعيد إشكالية الغلبة و التأثير بين المثقف و السياسي. فحين يكون المثقف تلميذا بين يدي السياسي المعلم يكون العمل السياسي أقرب إلى الانتحار والموت ، لأن المعول عليه في التأطير والتوجيه و التخليق أصبح في قفة المصلحي المتهور، فتعود مهمته الأولى بما يملك من براعة في الخطاب و التحليل هي أن يأمر بالمنكر وينكر المعروف ، يبرر الخطأ و يتغاضى عن الصواب. فحينما يعيش المثقف بين مجموعة كبيرة من العمالقة الحمقى و الذين لا تحركهم سوى المصلحة الشخصية تسهل عملية غسله من مشروعه الفكري الذي دافع عنه طوال حياته ليعود يدافع عن مشروع و أفكار هؤلاء بكل ما يملك من وسيلة و حيلة ، ليجد نفسه أحيانا في مأزق خطير لأنه لم يعد يستطع الإجابة عن كل الأخطاء المرتكبة فيتوارى أحيانا عن الأنظار استحياء من أصحابه المثقفين، إن كان يملك وجها طبعا ! كما أنه إن فكر يوما ما من التخلص من القيود التي وضعها لنفسه يكون من الصعب جدا عليه ربما لأنه قد ذاق هو أيضا من طعم المصلحة، لذلك فهو مهدد دائما بالفضيحة.
إن لم يكن في وسعي تقديم وصفة للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الحياة السياسية ،فعلى الأقل يجب التذكير بأخلاقها و التي لا يمكن أن نصنع صلاحها إلا بالأخذ من منبع هويتنا و هي الثقافة الاسلامية.
السياسة عبادة من العبادات
إن ما لا ينبغي نسيانه و تجاهله هو أن العمل السياسي ليس إلا عملا من الأعمال التعبدية التي يتقرب بها الفرد من ربه كبقية الأعمال الأخرى الفكرية والثقافية و الإجتماعية والتربوية... لذلك وجب تصحيح النية و القصد قبل الخوض في العملية السياسية و أثناءها و كذلك بعدها ، فاستحضار مرضات الله في جميع أطوار الحراك السياسي واجب شرعي وإلا فلا يجني صاحبه من هذا العمل إلا التعب و العياء .
بالإضافة إلى القصد لابد من استحضار الغرض من هذا العمل من جهة ثم طريقة هذا العمل من جهة ثانية ؛ فكما هو معلوم أن من وراء العمل السياسي هو خدمة الصالح العام و المصلحة الجماعية ،لذلك فكل عمل لا يخدم الصالح المشترك و يضره أو يخدم المصلحة الشخصية الضيقة فهي من الأعمال الفاسدة التي تهدف إلى تكريس الفساد والكساد في المجتمع ، قال تعالى " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" ، لذلك فالسعي إلى تقليد المناصب أوالمساعدة على ذلك لكسب الامتيازات الشخصية وتسهيل الصفقات و المصالح و تسخير السياسي في خدمة التجاري هي من الأعمال التي تدنس العمل السياسي وتفلسه ، لذلك قيل " تجارة الحكام من الفساد في الأرض" . إن السياسة المتخلقة والتجارة خصمان دائمان ، إذا فازت الأولى حل الصلاح و إذا تغلبت الثانية حل الكساد .
كما أن الطريقة التي ينبغي أن نتوسل بها في العمل السياسي لابد أن تكون مشروعة و سليمة ، فلا مجال للقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" و التي اصبحت تكتسح و تنخر الجسد السياسي بواسطة الإغراءات والرشاوي التي تقدم بكل سخاء حيث أصبحت قاعدة عندنا و ليست استثناء. إن الغاية و إن كانت مشروعة و سليمة فلابد من اتخاذ وسائل مشروعة ومعقولة ،فلا مجال من تبرير السلوك القبيح و إن كان القصد منه خيرا.
ليس ما قدمته هنا سوى بعض الملاحظات التي أثارت انتباهي و التي أصابت الجسد الحزبي عامة بهذه المدينة الحبيبة، و هذه العوائق التي ذكرتها من الصعب تجاوزها بسهولة في بيئة حائرة خذلها المثقفون و أهانها المسؤولون عنها و لعب بحرمتها أصحاب النفوذ.
من الصعب الحديث عن ملابسات ما آل إليه العمل السياسي بالمدينة دون الإحاطة الموضوعية بالجوانب المادية و البشرية والتاريخية التي أثثت لمسرح الانسياب و التمزق والتفرقة، إن لم نقل للمتاهة التي أصبح البعض يدور فيها فرادى و مجموعات دورانا في حلقة مغلقة تدعي كل منها الأحقية و الشرعية وترفض منطق الآخر ووجوده ورأيه.
حقيقة وأنا أكتب هذه الورقة لا أرغب من خلالها أن أدخل في سجال عقيم، أو أحاول أن أختار من بين الأطراف أحسنهم و أقربهم إلى الصواب و أي صواب أقصد في منطق السياسة ؟ بل مهمتي أن أسجل بعض النقاط التي أراها من الممكن أن تأخذ بعين الاعتبار لتتضح الرؤية ويتضح المسار وبذلك لفتح معابر للتواصل و التفاهم حول مستقبل عمل سياسي و حزبي لم يرى النور بعد !
أنا لا أدعي تقديم هنا وصفة للعلاج السريع لتريح الجميع ، لكن على الأقل إيضاحات قد تمكن المتتبع من معرفة من يكون بالدرجة الأولى ثم في أي بالون يتواجد ، ليتأكد من أن منطق رفض الآخر و المصلحة الشخصية و الركوب على الأمواج و تتبع العورات ... ليس هنا مكانه،كما ان من الواجب ايضا التأكيد على أهمية الوعي و التأطير الثقافي و السياسي الذي هو بيت القصيد عندنا.
الحزب ابن منطقته ـ النموذج الناظوري ـ
إن كان ضروريا ذكر فيما بعد بعض المسببات الداخلية و الأخطاء الذاتية التي أصابت الجسم الحزبي داخليا والتي كرست منطق الانشطار و التأزم و التحزب وتوجيه المشروع إلى غير وجهته الصحيحة ، لابد أولا من وضع هذا الشخص المعنوي أي الحزب في وسطه و بيئته ، بمعنى ذكر بعض الأسباب الخارجية أو الموضوعية التي ساهمت و تساهم في تكريس الوضع سواء من حيث ندري أولا ندري و ستبقى مستمرة ومتزامنة معه مع استمرار العقلية الجمعية للمجتمع الناظوري و التي أبانت مؤخرا في الانتخابات الأخيرة بكل وضوح عن وجود أزمة أخلاقية و ثقافية من ثم سياسية . لذلك فالتربة الثقافية التي تكونت و تراكمت عبر الزمن القريب نتيجة التهميش الممنهج، و انعدام مراكز التثقيف و التربية و التوجيه، و تهجير أبناء المدينة ،ثم الهجرة المعاكسة نحو المنطقة ذاتها وهذه المرة من فئات غالبيتها مهمشة ضعيفة التكوين ، و اعتبار المنطقة عاصمة للتهريب و المخدرات ومنطقة للعبور إلى الضفة الأخرى ، ساهمت في خلق "نموذج " لدى الساكنة عامة وعند البعض من الطبقة المثقفة خاصة ؛حيث في هذا المجتمع يختفي المثقف المؤهل من ممارسة الحياة العامة تاركا المجال للشعبوي "السياسي" العابث بالمصير و المستقبل ليكون فيما بعد هو النموذج المفضل . ليس هنا حديثنا عن الأزمة المجتمعية سوى إشارة للبيئة غير المؤهلة التي تبعثر العمل و تدنس الفعل السياسي لكل الأطراف ،مما يعني القيام بمجهود مضاعف لتخليق هذه الحياة العامة بدل التناطح و التنازع الذي يساهم في تأزم الوضع أكثر. هذا إن لم تساهم هذه الأحزاب هي نفسها في ترهل المؤسسة الحزبية و بالتالي تأزم الحياة السياسية بأكملها ،وفي هذا الإطار نذكر ثلاث أزمات داخلية فقط ساهمت في هتك عرض كرامة كل ما هو سياسي، وهي تسلط اللغط (أوهام السوق) و أزمة الزعامة (أوهام المسرح) و أزمة "المثقف"
أوهام السوق وأوهام المسرح
لقد دعى فرانسيس بيكون إلى تطهير العقل من بعض الأوهام خدمة للعقل العلمي و التجريبي ، و لعل استعارة وهمين من هذه الأوهام في حديثنا عن بعض العوائق التي أصابت الحقل السياسي و الحزبي مفيدة هنا.
لذلك ف"أوهام السوق" يقصد بها طغيان المناقشات الفارغة و الخاوية من الحكمة و استعمال الألفاظ النابية و الساقطة كما هو حاصل في السوق الأسبوعي مثلا ،حيث يكثر فيه اللغط و السب و القذف و التشويش و الاتهام المتبادل وتغيب الحكمة و الكلمة الطيبة و النقاش السليم و النقد البناء، إن دخول مثل هذا الحزب أو هذا الحقل عامة لابد لفاعله أن يستعيذ بالله من الشيطان كما يفعل عند دخوله أي سوق !
أما عن "أوهام المسرح" فالمقصود هو سيطرة أصحاب النفوذ و المال أو سيطرة القدماء منهم بفرض سلطتهم على الأتباع فيدينون بدين "الزعيم" ويعملون بأوامره دون اعتراض أو مواجهة من أحد،تماما كما تسيطر شخصيات الممثلين في المسرح على بقية المتفرجين يتألمون لألمهم و يفرحون عند تبسمهم. هذه التبعية العمياء يمكن تبريرها إذا ما كان التابع من طينة المتبوع أي من العوام ، لكن تتعقد عندما تستهدف المثقف النخبوي .
مشكلة المثقف النخبوي مع السياسي
إن مما يندى له الجبين أن تجد مثقفا نخبويا أو إطارا كفئا يتخلى في مرحلة من المراحل عن كل مبادئه و قيمه ليكون بيدقا من البيادق تلعب به أصابع "الزعيم" من أصحاب النفوذ ؛ لتعيد إشكالية الغلبة و التأثير بين المثقف و السياسي. فحين يكون المثقف تلميذا بين يدي السياسي المعلم يكون العمل السياسي أقرب إلى الانتحار والموت ، لأن المعول عليه في التأطير والتوجيه و التخليق أصبح في قفة المصلحي المتهور، فتعود مهمته الأولى بما يملك من براعة في الخطاب و التحليل هي أن يأمر بالمنكر وينكر المعروف ، يبرر الخطأ و يتغاضى عن الصواب. فحينما يعيش المثقف بين مجموعة كبيرة من العمالقة الحمقى و الذين لا تحركهم سوى المصلحة الشخصية تسهل عملية غسله من مشروعه الفكري الذي دافع عنه طوال حياته ليعود يدافع عن مشروع و أفكار هؤلاء بكل ما يملك من وسيلة و حيلة ، ليجد نفسه أحيانا في مأزق خطير لأنه لم يعد يستطع الإجابة عن كل الأخطاء المرتكبة فيتوارى أحيانا عن الأنظار استحياء من أصحابه المثقفين، إن كان يملك وجها طبعا ! كما أنه إن فكر يوما ما من التخلص من القيود التي وضعها لنفسه يكون من الصعب جدا عليه ربما لأنه قد ذاق هو أيضا من طعم المصلحة، لذلك فهو مهدد دائما بالفضيحة.
إن لم يكن في وسعي تقديم وصفة للخروج من هذا المأزق الذي تعيشه الحياة السياسية ،فعلى الأقل يجب التذكير بأخلاقها و التي لا يمكن أن نصنع صلاحها إلا بالأخذ من منبع هويتنا و هي الثقافة الاسلامية.
السياسة عبادة من العبادات
إن ما لا ينبغي نسيانه و تجاهله هو أن العمل السياسي ليس إلا عملا من الأعمال التعبدية التي يتقرب بها الفرد من ربه كبقية الأعمال الأخرى الفكرية والثقافية و الإجتماعية والتربوية... لذلك وجب تصحيح النية و القصد قبل الخوض في العملية السياسية و أثناءها و كذلك بعدها ، فاستحضار مرضات الله في جميع أطوار الحراك السياسي واجب شرعي وإلا فلا يجني صاحبه من هذا العمل إلا التعب و العياء .
بالإضافة إلى القصد لابد من استحضار الغرض من هذا العمل من جهة ثم طريقة هذا العمل من جهة ثانية ؛ فكما هو معلوم أن من وراء العمل السياسي هو خدمة الصالح العام و المصلحة الجماعية ،لذلك فكل عمل لا يخدم الصالح المشترك و يضره أو يخدم المصلحة الشخصية الضيقة فهي من الأعمال الفاسدة التي تهدف إلى تكريس الفساد والكساد في المجتمع ، قال تعالى " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها" ، لذلك فالسعي إلى تقليد المناصب أوالمساعدة على ذلك لكسب الامتيازات الشخصية وتسهيل الصفقات و المصالح و تسخير السياسي في خدمة التجاري هي من الأعمال التي تدنس العمل السياسي وتفلسه ، لذلك قيل " تجارة الحكام من الفساد في الأرض" . إن السياسة المتخلقة والتجارة خصمان دائمان ، إذا فازت الأولى حل الصلاح و إذا تغلبت الثانية حل الكساد .
كما أن الطريقة التي ينبغي أن نتوسل بها في العمل السياسي لابد أن تكون مشروعة و سليمة ، فلا مجال للقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" و التي اصبحت تكتسح و تنخر الجسد السياسي بواسطة الإغراءات والرشاوي التي تقدم بكل سخاء حيث أصبحت قاعدة عندنا و ليست استثناء. إن الغاية و إن كانت مشروعة و سليمة فلابد من اتخاذ وسائل مشروعة ومعقولة ،فلا مجال من تبرير السلوك القبيح و إن كان القصد منه خيرا.
ليس ما قدمته هنا سوى بعض الملاحظات التي أثارت انتباهي و التي أصابت الجسد الحزبي عامة بهذه المدينة الحبيبة، و هذه العوائق التي ذكرتها من الصعب تجاوزها بسهولة في بيئة حائرة خذلها المثقفون و أهانها المسؤولون عنها و لعب بحرمتها أصحاب النفوذ.