عبد الوهاب بنعلي
Benali.pr@gmail.com
في مدينتي تجد الأرصفة مكتظّة بأصناف من السلع والبضائعلدرجة لا يجد المارة فيها موضع قدم للسير بطمأنينة .. في مدينتي تجد جدرانا ملطّخة بشتى أنواع الأوساخ، بل بعضها تزيّن بآثار بقايا الدماء التي أرهقت غدرا عن سبق إصرار وترصد تحت جنح الظلام ..فيمدينتيتنطفئالمصابيحويرحلالنورليتركمكانهللظلامالدامس ..في مدينتي انعدم الأمان وأصبح بإمكان كل متسول، أو مختل، أو عربيد، أو مجنون، أو... أن يهدد سلامتك وحياتك .. في مدينتي كل شيء موجود إلا معالم تلك المدينة الجميلة التي رسمتها في مخيلتي وأنا صغير...
في مدينتي لا توجد حديقة يتنزّه فيها إخواني، ولا مشروع حديقة سيأوي إليها في المستقبل أبنائي.. في مدينتي لا توجد ملاعب ولا دار للشّباب تأوي شباب مدينتي.. في مدينتي لا تجد فضاءات يأوي إليها الشّيوخ والعجزة.. في مدينتي لا توجد فضاءات للأطفال والنّساء .. في مدينتي لا توجد مستشفيات للمرضى .. في مدينتي لا توجد مقابر منظّمة تحترم كرامة الأموات .. في مدينتي يوجد كل شيء إلا رونق تلك المدينة النظيفة التي كنا نحلم بها ونحن صغار...
في مدينتي يوجد كل شيء إلا وجودا لتطبيق تلك الوعود الزّائفة التي سمعناها ذات حملة انتخابية من رئيس بلديتها ونوابه وزبانيته.. في مدينتي تنتشر كل الآفات وتستفحل الظواهر السلبية كالفطريات .. في مدينتي السّرقة، والرذيلة، والكذب، والغش، والغدر، والمكر، والخداع، والظلم، والفوضى، والتحرش، والاغتصاب، والفاحشة، والأزبال، والمخدرات، والمهرجانات و العاهرات، والشواذ...
في مدينتي تتناسل منصات المهرجانات بمناسبة وبغير مناسبة .. للغناء والرّقص منصات في مدينتي، وللضّحك والقفطان منصات أخرى .. مدينتي التي أضحت لا تتوفر على قاعة للسينما تجد فيها السينما منصات بدورها .. لكن مدينتي المسلمة لا تتوفر ولو على منصة للقرآن وأهل القرآن..!!
لا أريد مدينة فاضلة كما رسمها أفلاطون في مخيلته ونظّر لها في كتبه، لكن أريد للفضيلة أن تجد مكانها في مدينتي وتقلّص مساحات الرذائل فيها.. أريد مدينة لا تأكل أبناءها .. مدينة لا تفتح صدرها للقطاء وتبخل على أبنائها البررة بلقمة يابسة .. أريد مدينة يظهر اسمها في الإعلام كما تظهر أسماء مدنهم .. مدينة إذا تحدّثوا عنها قالوا: راقية، نظيفة، وتاريخية... وإذا تحدّثوا عن أهلها قالوا: شرفاء، كرماء، وأحرار...
إن مدينتي أيها الكرام مثل مدينة القدس التي أبدع الشاعر تميم البرغوثي في وصف حالها في هذه الكلمات الرائعة:
"فيالقدستنتظمُالقبورُ،كأنهنَّسطورُتاريخِالمدينةِوالكتابُترابُها
الكلمرُّوامنهُنا
القدس تقبلُمنأتاهاكافراًأومؤمنا
أُمرربهاواقرأشواهدَهابكلِّلغاتِأهلِالأرضِ
فيهاالزنجُوالإفرنجُوالقِفْجَاقُوالصِّقْلابُوالبُشْنَاقُ
والتاتارُوالأتراكُ،أهلُاللهوالهلاك،والفقراءُوالملاك،والفجارُوالنساكُ،
فيهاكلُّمنوطئَالثَّرى
كانواالهوامشَفيالكتابِفأصبحوانَصَّالمدينةِقبلنا
أتراهاضاقتعليناوحدنا
ياكاتبالتاريخِماذاجَدَّفاستثنيتنا
ياشيخُفلتُعِدِالكتابةَوالقراءةَمرةًأخرى،أراكلَحَنْتْ".
نعم يكثر لحنهم حينما يتحدثون عن مدننا، لذلك لا أريد أن يكتبوا أو يذيعوا أن مدينتي هي عاصمة المخدرات والتهريب، لا يشرّفني أن يقال عن مدينتي بأنها مدينة العهر والفساد. ..
عفوا سادتي، فمدينتي مدينة المقاومة والجهاد، هي مدينة التاريخ والتراث، هي مدينة العلم والحضارة، هي مدينة الحرية والتعايش.. فرجاء أيها الكرام ناضلوا من أجل شرف مدينتكم، دافعوا عن عذريتها التي تستباح من قبل اللئام، وقاوموا الثقافات المنحطة التي تريد نزع حجاب المحافظة على رأس مدينتي باسم الانفتاح والانفضاح.. عفوا أيها السادة فلكل مدينة عنوان، وعنوان مدينتي العزة والإثار .. عفوا أيها السادة فلكل مدينة باب وباب مدينتي التضامن والكرم .. عفوا أيها السادة فلكل مدينة رداء ورداء مدينتي الحشمة والوقار... فحافظوا على تقاليد وأعراف وخصوصيات مدينتي ودعونا نحيا بسلام حتى نلقى الله السلام بسلام ..
أيها الشباب، لا يمكن أن تدخلوا التاريخ إلا بالعمل، ولكن لا تكونوا كالذين عجزوا عن دخوله من باب الأحرار فدخلوه من باب العبيد، لا تكونوا كالذين عجزوا أن يدخلوا التاريخ من باب الوطنيين فدخلوه من باب الخونة، لا تكونوا كالذين عجزوا أن يدخلوا التاريخ من باب العلماء والعظماء فدخلوه من باب الجهلاء والسفهاء...
أيها الشباب شمّروا عن السواعد لتكونوا من الأماجد، واسعوا إلى التغيير حتى لا تكونوا مثل الحمير، وضحوا من أجل أمكم/مدينتكم حتى لا تنالوا عقوقا من أبنائكم...
أيها الشباب لم يعد يجدي العزوف في شيء، فهيا إلى العمل وحي على الفلاح، نريد شبابا ناضجا واعيا متحمسا لكنه مثقف ومتبصر، كل الميادين فارغة في مدينتي، لكن إذا أزف موعد الانتخابات تجد كل الساحات مكتظة بكائنات موسمية غريبة الشكل عجيبة المنطق .. فالفرصة أمامكم يا شباب مدينتي لتقفوا في وجه كل من سوّلت له نفسه أن يسرق مدينتي وأن ينتهك حرمتها...
أيها الشباب، حرام عليكم أن تتخلوا عن مدينتكم وتتركوها فريسة سهلة المنال على مأدبة اللئام، التئموا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان من أجل مدينتكم .. دافعوا عن نظافة مدينتكم، وشطبوا الأوساخ ومن أغرق بالأوساخ مدينتكم .. من جعل من مدينتكم أكبر مزبلة في الوطن فاجعلوا مكانه في مزبلة التاريخ...
أيها الشباب انخرطوا في العمل السياسي ونظّفوا الأحزاب من اللصوص، والوصوليين، والانتهازيين،والمسترزقين، والجهلة الأميين،والمفيوزيين وكل أفاك أثيم... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب انخرطوا في العمل الجمعوي ونظّفوا الجمعيات ممن جعل منها مقاولات صغرى وكبرى، واعملوا من أجل الفئات المهمّشة وكل من يوجد في وضعية صعبة، واطردوا منها كل مشّاء بنميم... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب، انخرطوا في العمل الثّقافي وابحثوا لأنفسكم عن قاعات ومنصات تفجرون فيها مواهبكم وتسمعون عبرها أصواتكم، أوجدوا فضاءات تلتقون فيها وترتقون من خلالها في مدارج المعرفة والعرفان، وسدّوا الباب عن أشباه المثقفين الذين أكثروا في الأرض الفساد... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب، من أجل مدينتكم قوموا بكل عمل مشروع وانخرطوا في كل مشروع، واجعلوا من كل فكرة مشروع، ومن كل عائق مشروع، حتى نرى البسمة على وجه مدينتنا ونمسح عنها الدموع التي أجحضت عينيها وأفقدت محياها تلك الوضاءة وذلك الجمال...
من أجل مدينتي أنا، ومدينتك أنت، ومدينتكم أنتم، ومدينتنا جميعا كونوا رجالا، واحجزوا موعدا مع التاريخ ولاتتخلفواعنه، فإنكم ببنائكم لمدنكم تبنون وطنكم، ومتى تخلّيتم عن مدنكم خنتم وطنكم، فكونوا من بناة الوطن لا من خونته وضحوا من أجل مدينتكم لتبرئوا ذمتكم وتكتبوا عند الله من المصلحين رعاكم الله.
Benali.pr@gmail.com
في مدينتي تجد الأرصفة مكتظّة بأصناف من السلع والبضائعلدرجة لا يجد المارة فيها موضع قدم للسير بطمأنينة .. في مدينتي تجد جدرانا ملطّخة بشتى أنواع الأوساخ، بل بعضها تزيّن بآثار بقايا الدماء التي أرهقت غدرا عن سبق إصرار وترصد تحت جنح الظلام ..فيمدينتيتنطفئالمصابيحويرحلالنورليتركمكانهللظلامالدامس ..في مدينتي انعدم الأمان وأصبح بإمكان كل متسول، أو مختل، أو عربيد، أو مجنون، أو... أن يهدد سلامتك وحياتك .. في مدينتي كل شيء موجود إلا معالم تلك المدينة الجميلة التي رسمتها في مخيلتي وأنا صغير...
في مدينتي لا توجد حديقة يتنزّه فيها إخواني، ولا مشروع حديقة سيأوي إليها في المستقبل أبنائي.. في مدينتي لا توجد ملاعب ولا دار للشّباب تأوي شباب مدينتي.. في مدينتي لا تجد فضاءات يأوي إليها الشّيوخ والعجزة.. في مدينتي لا توجد فضاءات للأطفال والنّساء .. في مدينتي لا توجد مستشفيات للمرضى .. في مدينتي لا توجد مقابر منظّمة تحترم كرامة الأموات .. في مدينتي يوجد كل شيء إلا رونق تلك المدينة النظيفة التي كنا نحلم بها ونحن صغار...
في مدينتي يوجد كل شيء إلا وجودا لتطبيق تلك الوعود الزّائفة التي سمعناها ذات حملة انتخابية من رئيس بلديتها ونوابه وزبانيته.. في مدينتي تنتشر كل الآفات وتستفحل الظواهر السلبية كالفطريات .. في مدينتي السّرقة، والرذيلة، والكذب، والغش، والغدر، والمكر، والخداع، والظلم، والفوضى، والتحرش، والاغتصاب، والفاحشة، والأزبال، والمخدرات، والمهرجانات و العاهرات، والشواذ...
في مدينتي تتناسل منصات المهرجانات بمناسبة وبغير مناسبة .. للغناء والرّقص منصات في مدينتي، وللضّحك والقفطان منصات أخرى .. مدينتي التي أضحت لا تتوفر على قاعة للسينما تجد فيها السينما منصات بدورها .. لكن مدينتي المسلمة لا تتوفر ولو على منصة للقرآن وأهل القرآن..!!
لا أريد مدينة فاضلة كما رسمها أفلاطون في مخيلته ونظّر لها في كتبه، لكن أريد للفضيلة أن تجد مكانها في مدينتي وتقلّص مساحات الرذائل فيها.. أريد مدينة لا تأكل أبناءها .. مدينة لا تفتح صدرها للقطاء وتبخل على أبنائها البررة بلقمة يابسة .. أريد مدينة يظهر اسمها في الإعلام كما تظهر أسماء مدنهم .. مدينة إذا تحدّثوا عنها قالوا: راقية، نظيفة، وتاريخية... وإذا تحدّثوا عن أهلها قالوا: شرفاء، كرماء، وأحرار...
إن مدينتي أيها الكرام مثل مدينة القدس التي أبدع الشاعر تميم البرغوثي في وصف حالها في هذه الكلمات الرائعة:
"فيالقدستنتظمُالقبورُ،كأنهنَّسطورُتاريخِالمدينةِوالكتابُترابُها
الكلمرُّوامنهُنا
القدس تقبلُمنأتاهاكافراًأومؤمنا
أُمرربهاواقرأشواهدَهابكلِّلغاتِأهلِالأرضِ
فيهاالزنجُوالإفرنجُوالقِفْجَاقُوالصِّقْلابُوالبُشْنَاقُ
والتاتارُوالأتراكُ،أهلُاللهوالهلاك،والفقراءُوالملاك،والفجارُوالنساكُ،
فيهاكلُّمنوطئَالثَّرى
كانواالهوامشَفيالكتابِفأصبحوانَصَّالمدينةِقبلنا
أتراهاضاقتعليناوحدنا
ياكاتبالتاريخِماذاجَدَّفاستثنيتنا
ياشيخُفلتُعِدِالكتابةَوالقراءةَمرةًأخرى،أراكلَحَنْتْ".
نعم يكثر لحنهم حينما يتحدثون عن مدننا، لذلك لا أريد أن يكتبوا أو يذيعوا أن مدينتي هي عاصمة المخدرات والتهريب، لا يشرّفني أن يقال عن مدينتي بأنها مدينة العهر والفساد. ..
عفوا سادتي، فمدينتي مدينة المقاومة والجهاد، هي مدينة التاريخ والتراث، هي مدينة العلم والحضارة، هي مدينة الحرية والتعايش.. فرجاء أيها الكرام ناضلوا من أجل شرف مدينتكم، دافعوا عن عذريتها التي تستباح من قبل اللئام، وقاوموا الثقافات المنحطة التي تريد نزع حجاب المحافظة على رأس مدينتي باسم الانفتاح والانفضاح.. عفوا أيها السادة فلكل مدينة عنوان، وعنوان مدينتي العزة والإثار .. عفوا أيها السادة فلكل مدينة باب وباب مدينتي التضامن والكرم .. عفوا أيها السادة فلكل مدينة رداء ورداء مدينتي الحشمة والوقار... فحافظوا على تقاليد وأعراف وخصوصيات مدينتي ودعونا نحيا بسلام حتى نلقى الله السلام بسلام ..
أيها الشباب، لا يمكن أن تدخلوا التاريخ إلا بالعمل، ولكن لا تكونوا كالذين عجزوا عن دخوله من باب الأحرار فدخلوه من باب العبيد، لا تكونوا كالذين عجزوا أن يدخلوا التاريخ من باب الوطنيين فدخلوه من باب الخونة، لا تكونوا كالذين عجزوا أن يدخلوا التاريخ من باب العلماء والعظماء فدخلوه من باب الجهلاء والسفهاء...
أيها الشباب شمّروا عن السواعد لتكونوا من الأماجد، واسعوا إلى التغيير حتى لا تكونوا مثل الحمير، وضحوا من أجل أمكم/مدينتكم حتى لا تنالوا عقوقا من أبنائكم...
أيها الشباب لم يعد يجدي العزوف في شيء، فهيا إلى العمل وحي على الفلاح، نريد شبابا ناضجا واعيا متحمسا لكنه مثقف ومتبصر، كل الميادين فارغة في مدينتي، لكن إذا أزف موعد الانتخابات تجد كل الساحات مكتظة بكائنات موسمية غريبة الشكل عجيبة المنطق .. فالفرصة أمامكم يا شباب مدينتي لتقفوا في وجه كل من سوّلت له نفسه أن يسرق مدينتي وأن ينتهك حرمتها...
أيها الشباب، حرام عليكم أن تتخلوا عن مدينتكم وتتركوها فريسة سهلة المنال على مأدبة اللئام، التئموا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان من أجل مدينتكم .. دافعوا عن نظافة مدينتكم، وشطبوا الأوساخ ومن أغرق بالأوساخ مدينتكم .. من جعل من مدينتكم أكبر مزبلة في الوطن فاجعلوا مكانه في مزبلة التاريخ...
أيها الشباب انخرطوا في العمل السياسي ونظّفوا الأحزاب من اللصوص، والوصوليين، والانتهازيين،والمسترزقين، والجهلة الأميين،والمفيوزيين وكل أفاك أثيم... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب انخرطوا في العمل الجمعوي ونظّفوا الجمعيات ممن جعل منها مقاولات صغرى وكبرى، واعملوا من أجل الفئات المهمّشة وكل من يوجد في وضعية صعبة، واطردوا منها كل مشّاء بنميم... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب، انخرطوا في العمل الثّقافي وابحثوا لأنفسكم عن قاعات ومنصات تفجرون فيها مواهبكم وتسمعون عبرها أصواتكم، أوجدوا فضاءات تلتقون فيها وترتقون من خلالها في مدارج المعرفة والعرفان، وسدّوا الباب عن أشباه المثقفين الذين أكثروا في الأرض الفساد... من أجل مدينتكم.
أيها الشباب، من أجل مدينتكم قوموا بكل عمل مشروع وانخرطوا في كل مشروع، واجعلوا من كل فكرة مشروع، ومن كل عائق مشروع، حتى نرى البسمة على وجه مدينتنا ونمسح عنها الدموع التي أجحضت عينيها وأفقدت محياها تلك الوضاءة وذلك الجمال...
من أجل مدينتي أنا، ومدينتك أنت، ومدينتكم أنتم، ومدينتنا جميعا كونوا رجالا، واحجزوا موعدا مع التاريخ ولاتتخلفواعنه، فإنكم ببنائكم لمدنكم تبنون وطنكم، ومتى تخلّيتم عن مدنكم خنتم وطنكم، فكونوا من بناة الوطن لا من خونته وضحوا من أجل مدينتكم لتبرئوا ذمتكم وتكتبوا عند الله من المصلحين رعاكم الله.