الحلقة الثالثة 3...
رجل طويل القامة، متين البنية،يضع نظارات كلاسيكية... -يا إلهي هذا الوحش الآدمي الماثل أمامي يمكنه فعل أي شيئ في أية لحظة... بعد نقاش ثنائي بينه و بين سائق القارب، أخرج مسدسه مصوبا اياه على رأس هذا الأخير مؤمرا اياه بالاقلاع...لتبدأ بعدها حفلة من الصراخ و العويل... طلقة واحدة في السماء أخرست الجميع...مشهد لم أشاهده الا في الأفلام الأمريكية وأنا جالس في زاوية من زوايا مقهى "عبد الرحمان "، أبلع ريقي بروية و أنا أتخيل تلك الطلقة تخترق جسمي النحيف،صاد الصمت لدقائق قبل أن يعود السائق إلى رشده و يستسلم لامر الواقع.
أقلعنا من الشاطئ في تمام السادسة صباحا... كان البحر هادئا و السماء صافية،لحظة تذكرني بمغامرتي الأولى في غياهيب البحار،الفرق الوحيد هو الزمان و المكان.
تربعت في مكاني كالقرفصاء و أنا في تأمل مستمر يدفعني للتفكير في سر الحياة و الموت بعد كل ما شاهدته،أغوص في أعماق ذاكرتي و أنا أستحضر أجمل الايام التي عشتها رفقة الأصدقاء و العائلة في قريتي الصغيرة،شرود ذهني أيقظتني منه دورية شرطة بحرية"لمارين" التي بدأت في مطاردة مجموعة مكونة من ثلاثة قوارب كنا نحن نتوسطها..بعد مطاردة دامت لنصف ساعة استسلمت تلك الدورية لحلم اولائك المهاجرين و إيمانهم القوي بقضيتهم..نعم إنها قضية شعب يبحث عن لقمة عيش آمنة.
بدأنا في الاقتراب شيئا فشيئا من اليابسة..شابة سورية شقراء تجلس بمحذاتي سألتها :
-هل أنت من سوريا؟
_نعم أنا فتاة سورية و بالظبط من حلب.
-ممم...سأطلب منك طلبا واحدا، عندما سنصل إلى الى الجزيرة..أخبري رجال الامن اليونانيين أننا شباب سوريين أيضا...هل فهمت قصدي؟
_حدقت في وجهي قائلة:من غشنا فليس منا.
"يا إلهي لم تبقي الا انت لكي تكملي ما تبقى من قصة هذا اليوم البئيس الاسود، لكن لابأس يبدو أنها فتاة متشددة الى حد كبير " هكذا خاطبت نفسي...قبل أن تخرج سيجارة من محفظتها و تطلب من أحدهم و قيدا...{ وهيا من غشنا فليس منا ههه}.
وصلنا أخيرا إلى جزيرة "كوس" كان اليونانيون من أطباء و رجال أمن و مجتمع مدني في انتظارنا، إستقبلونا بحفاوة كبيرة و الإبتسامة لا تفارق وجوههم المشعة نورا..يحملون الاطفال و يلاعبونهم، يوزعون مشروبات ساخنة و بعض الاغطية...إنسانية لم ألمسها حتى في مسؤولي وطني...فرق كبير بين رجال امن "كفار" يعاملون الانسان انسانا و رجال أمن مسلمين يعاملون الانسان حيوانا...فهم اتسطى.
استقلينا سيارة أجرة ب10 يورو متجهين الى مركز لطبع اوراق اللاجئين... كان المكان مليئا و مكتظا..أناس يتدافعون فيما بينهم في طابور طويل كأنهم في انتظار استلام جوازات سفر لدخول الجنة.
تسلقت جدارا يبلغ ارتفاعه خمسة امتار أملا مني في الوصول بسرعة الى المركز،ومن سيتحمل طبعا صبر الوقوف في صف من الآلاف و نحن تربينا في إدارة إسمها الادارة المغربية.
يتبع
رجل طويل القامة، متين البنية،يضع نظارات كلاسيكية... -يا إلهي هذا الوحش الآدمي الماثل أمامي يمكنه فعل أي شيئ في أية لحظة... بعد نقاش ثنائي بينه و بين سائق القارب، أخرج مسدسه مصوبا اياه على رأس هذا الأخير مؤمرا اياه بالاقلاع...لتبدأ بعدها حفلة من الصراخ و العويل... طلقة واحدة في السماء أخرست الجميع...مشهد لم أشاهده الا في الأفلام الأمريكية وأنا جالس في زاوية من زوايا مقهى "عبد الرحمان "، أبلع ريقي بروية و أنا أتخيل تلك الطلقة تخترق جسمي النحيف،صاد الصمت لدقائق قبل أن يعود السائق إلى رشده و يستسلم لامر الواقع.
أقلعنا من الشاطئ في تمام السادسة صباحا... كان البحر هادئا و السماء صافية،لحظة تذكرني بمغامرتي الأولى في غياهيب البحار،الفرق الوحيد هو الزمان و المكان.
تربعت في مكاني كالقرفصاء و أنا في تأمل مستمر يدفعني للتفكير في سر الحياة و الموت بعد كل ما شاهدته،أغوص في أعماق ذاكرتي و أنا أستحضر أجمل الايام التي عشتها رفقة الأصدقاء و العائلة في قريتي الصغيرة،شرود ذهني أيقظتني منه دورية شرطة بحرية"لمارين" التي بدأت في مطاردة مجموعة مكونة من ثلاثة قوارب كنا نحن نتوسطها..بعد مطاردة دامت لنصف ساعة استسلمت تلك الدورية لحلم اولائك المهاجرين و إيمانهم القوي بقضيتهم..نعم إنها قضية شعب يبحث عن لقمة عيش آمنة.
بدأنا في الاقتراب شيئا فشيئا من اليابسة..شابة سورية شقراء تجلس بمحذاتي سألتها :
-هل أنت من سوريا؟
_نعم أنا فتاة سورية و بالظبط من حلب.
-ممم...سأطلب منك طلبا واحدا، عندما سنصل إلى الى الجزيرة..أخبري رجال الامن اليونانيين أننا شباب سوريين أيضا...هل فهمت قصدي؟
_حدقت في وجهي قائلة:من غشنا فليس منا.
"يا إلهي لم تبقي الا انت لكي تكملي ما تبقى من قصة هذا اليوم البئيس الاسود، لكن لابأس يبدو أنها فتاة متشددة الى حد كبير " هكذا خاطبت نفسي...قبل أن تخرج سيجارة من محفظتها و تطلب من أحدهم و قيدا...{ وهيا من غشنا فليس منا ههه}.
وصلنا أخيرا إلى جزيرة "كوس" كان اليونانيون من أطباء و رجال أمن و مجتمع مدني في انتظارنا، إستقبلونا بحفاوة كبيرة و الإبتسامة لا تفارق وجوههم المشعة نورا..يحملون الاطفال و يلاعبونهم، يوزعون مشروبات ساخنة و بعض الاغطية...إنسانية لم ألمسها حتى في مسؤولي وطني...فرق كبير بين رجال امن "كفار" يعاملون الانسان انسانا و رجال أمن مسلمين يعاملون الانسان حيوانا...فهم اتسطى.
استقلينا سيارة أجرة ب10 يورو متجهين الى مركز لطبع اوراق اللاجئين... كان المكان مليئا و مكتظا..أناس يتدافعون فيما بينهم في طابور طويل كأنهم في انتظار استلام جوازات سفر لدخول الجنة.
تسلقت جدارا يبلغ ارتفاعه خمسة امتار أملا مني في الوصول بسرعة الى المركز،ومن سيتحمل طبعا صبر الوقوف في صف من الآلاف و نحن تربينا في إدارة إسمها الادارة المغربية.
يتبع