عبد الوهاب بنعلي
ورقة أخرى تسقط من شجرة العمر .. سنة أخرى تنضاف إلى سجل الزمان .. حول آخر راح بأسفاره الثقيلة من أفعال و أقوال البشر .. أرواح ولدت و أخرى قبضت ، امتلأت فضاءات الدنيا بضجيج الضحكات والقهقهات حينا وبصخب البكاء و الآهات أحيانا ..ابتسمت الحياة لأناس وتوجمت في وجه آخرين .. ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ).
لا يختلف اثنان في كون سنة 2011 مختلفة كثيرا عن سابقاتها ، ليس فقط لكونها من السنوات السمان التي اخضر فيها ربيع الشعوب بعد خريف السنوات العجاف الطويل ، و إنما أيضا من الأعوام التي يغاث فيها الناس .. لقد سقطت فيها صروح ضخمة ، وتآكلت عروش عظيمة، وتهاوت أنظمة عتيدة ، و انقلبت موازين عدة ... ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) .
نعم ، لا احد كان يتوقع هروب " زين تونس " ولا سقوط " هبل مصر" ولا قتل " مجنون ليبيا " .. لا احد كان يتوقع أن تتحول شوارع الكثير من الدول العربية إلى لوحات فنية يغلب عليها الطابع السريالي و التراجيدي لانتشار الدماء و الأشلاء على جنباتها .. لا احد كان يتوقع أن يفتح باب الشهادة على مصراعيه لاستقبال شهداء الكرامة الذين زفت أرواحهم إلى السماء بالآلاف .. لا احد كان يتوقع قومة الشعوب الإسلامية لخوض غمار ثورة عارمة ضد الفساد و الاستبداد .. لا احد كان يتوقع وصول الحركات الإسلامية المضطهدة لعقود إلى سدة الحكم .. لا احد كان يتوقع حصول " توكل " على جائزة نوبل للسلام (...) ، حتى أنا لم أكن أتوقع أن اصطدم مع شبح حول فؤادي إلى بركان لا زالت حممه تتدفق دون توقف .. بل وحتى المنجمين لم يتوقعوا أن تصطدم الأبراج و الكواكب ببعضها لتخلق هذا المناخ من الحرارة المفرطة .. لا احد كان يتوقع ... ولكن الله يفعل ما يريد .( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
مضت سنة 2011 بحسناتها و سيئاتها مخلفة ورائها العديد من القتلى و الجرحى ، فمن لم يقتله السلاح قتلته الليالي الملاح ، ومن لم يجرحه الحديد جرحه الحديث ، المهم أن الجميع في عداد المفقودين أو تعداد المفقوسين .. الكل يريد و الكل يشتكي ، فمن لم يشتكي الفقر يشتكي التخمة، أما الوسطية و الاعتدال فتكاد تكون غائبة بسبب طغيان الطبقية .. لكن لا حياة لمن تنادي ، ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) .
شكرا لسنة 2011 على ما صنعت من ثورات .. شكرا لها على ما أحيت من قيم .. شكرا لها على ما أيقظت من شباب .. شكرا لها على ما أعطت من دروس .. شكرا لها على ما أزاحت من ظلم .. شكرا لها على ما أنتجت من نضال .. شكرا لها على ما غرست من حرية .. شكرا لها على ما كشفت من مكر الليل و النهار .. شكرا لها على ما قربت من مسافات .. شكرا لها على ما وفرت من فرص .. شكرا لها على ما أنجبت من مبادئ .. شكرا لها على ما أحيت من ضمائر ... شكرا لمدرسة 2011 .. (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) .
ودعنا سنة التغيير 2011 بما خلفته من مأساة و انتصارات .. و رحبنا ب 2012 بما تخفيه من مفاجآت .. و الحمد لله على ما مضى و ما هو آت (.. فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) .
و كل عام و انتم بخير ..
Benali.pr@gmail.com
ورقة أخرى تسقط من شجرة العمر .. سنة أخرى تنضاف إلى سجل الزمان .. حول آخر راح بأسفاره الثقيلة من أفعال و أقوال البشر .. أرواح ولدت و أخرى قبضت ، امتلأت فضاءات الدنيا بضجيج الضحكات والقهقهات حينا وبصخب البكاء و الآهات أحيانا ..ابتسمت الحياة لأناس وتوجمت في وجه آخرين .. ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ).
لا يختلف اثنان في كون سنة 2011 مختلفة كثيرا عن سابقاتها ، ليس فقط لكونها من السنوات السمان التي اخضر فيها ربيع الشعوب بعد خريف السنوات العجاف الطويل ، و إنما أيضا من الأعوام التي يغاث فيها الناس .. لقد سقطت فيها صروح ضخمة ، وتآكلت عروش عظيمة، وتهاوت أنظمة عتيدة ، و انقلبت موازين عدة ... ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) .
نعم ، لا احد كان يتوقع هروب " زين تونس " ولا سقوط " هبل مصر" ولا قتل " مجنون ليبيا " .. لا احد كان يتوقع أن تتحول شوارع الكثير من الدول العربية إلى لوحات فنية يغلب عليها الطابع السريالي و التراجيدي لانتشار الدماء و الأشلاء على جنباتها .. لا احد كان يتوقع أن يفتح باب الشهادة على مصراعيه لاستقبال شهداء الكرامة الذين زفت أرواحهم إلى السماء بالآلاف .. لا احد كان يتوقع قومة الشعوب الإسلامية لخوض غمار ثورة عارمة ضد الفساد و الاستبداد .. لا احد كان يتوقع وصول الحركات الإسلامية المضطهدة لعقود إلى سدة الحكم .. لا احد كان يتوقع حصول " توكل " على جائزة نوبل للسلام (...) ، حتى أنا لم أكن أتوقع أن اصطدم مع شبح حول فؤادي إلى بركان لا زالت حممه تتدفق دون توقف .. بل وحتى المنجمين لم يتوقعوا أن تصطدم الأبراج و الكواكب ببعضها لتخلق هذا المناخ من الحرارة المفرطة .. لا احد كان يتوقع ... ولكن الله يفعل ما يريد .( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ) .
مضت سنة 2011 بحسناتها و سيئاتها مخلفة ورائها العديد من القتلى و الجرحى ، فمن لم يقتله السلاح قتلته الليالي الملاح ، ومن لم يجرحه الحديد جرحه الحديث ، المهم أن الجميع في عداد المفقودين أو تعداد المفقوسين .. الكل يريد و الكل يشتكي ، فمن لم يشتكي الفقر يشتكي التخمة، أما الوسطية و الاعتدال فتكاد تكون غائبة بسبب طغيان الطبقية .. لكن لا حياة لمن تنادي ، ( أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) .
شكرا لسنة 2011 على ما صنعت من ثورات .. شكرا لها على ما أحيت من قيم .. شكرا لها على ما أيقظت من شباب .. شكرا لها على ما أعطت من دروس .. شكرا لها على ما أزاحت من ظلم .. شكرا لها على ما أنتجت من نضال .. شكرا لها على ما غرست من حرية .. شكرا لها على ما كشفت من مكر الليل و النهار .. شكرا لها على ما قربت من مسافات .. شكرا لها على ما وفرت من فرص .. شكرا لها على ما أنجبت من مبادئ .. شكرا لها على ما أحيت من ضمائر ... شكرا لمدرسة 2011 .. (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) .
ودعنا سنة التغيير 2011 بما خلفته من مأساة و انتصارات .. و رحبنا ب 2012 بما تخفيه من مفاجآت .. و الحمد لله على ما مضى و ما هو آت (.. فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) .
و كل عام و انتم بخير ..
Benali.pr@gmail.com