* شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي تميزت بزخم فكري و معرفي واسع جمعت بين الجهاد و المقاصد وبين الدعوة للعودة إلى منابع الإسلام الأصيلة
* محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يخفي تأثره الكبير بمنهج الحركة السلفية وأقطابها ذات المنحى التحديثي و الوطني كما نفى كل إشاعة لسعيه نحو السلطة و الحكم
متابعة : خالد بنحمان
احتضنت قاعة محمد حجي بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط أكدال مناقشة أطروحة نيل الدكتوراه للأستاذ الباحث عبد الله كموني تحت عنوان: " المقاصد العقدية في نتاج محمد بن عبد الكريم الخطابي من خلال رسائله وأحكامه القضائية" وقد ضمت لجنة المناقشة الأساتذة د. عبد الرزاق الجاي رئيسا و د.قاسم الحسيني مقررا ود.حسن الفكيكي ود.علي الإدريسي ود. عبد السلام البكاري ود.عثمان بناني أعضاء، وبحسب هيئة الإشراف فقد كان موضوع الأطروحة إضافة نوعية و مبادرة جريئة نفذ من خلالها الباحث إلى عمق شخصية بارزة في تاريخ المغرب و العالم بأسره و سلط الضوء على مرحلة تغري بالمزيد من البحث.
وفي العرض الذي قدمه ذ. عبد الله كموني تضمن أهم محاور البحث ركز حول الدوافع الأولى التي شجعته على تناول موضوع من هذا القبيل منذ حصوله على شهادة الإجازة ثم دبلوم الدراسات المعمقة في موضوع " محمد بن عبد الكريم الخطابي المصلح الديني، العقدي، الإجتماعي" و التي شكلت لبنة أساسية تحددت من خلالها معالم طموحه لبلوغ مرتبة علمية تتوافق و مشروع فكري يتناول شخصية الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي في جوانب جديدة تطلبت من الباحث جهدا جهيدا و عملا متواصلا طيلة سنوات من البحث و السفر داخل أرض الوطن و خارجه حيث أجمع الأساتذة أعضاء اللجنة أن ما توصل إليه الباحث يمثل مستجدا جديرا بمتابعة البحث العلمي التاريخي لأنه كشف عن جانب مهم من حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي بعيدا عن أنماط أخرى من الكتابات التي لا تقل أهمية لكنها ركزت على شخصية الزعيم المجاهد و رجل الحرب وهي الصورة المترسخة في أذهان كل من سمع و عرف محمد بن عبد الكريم الخطابي كما ترسخت أكثر في المخيال العربي و الدولي.
وقد ركز الباحث في موضوع أطروحته على ما توصل إليه من زخم فكري ميز شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي من خلال تدفق معارفه و انفتاحها على جوانب قضائية كان له فيها مساهمات تؤكدها رسائله و أحكامه مستنده في ذلك المراجع والمصادر التي تحصل عليها الباحث انطلاقا من المخزون الوطني و العربي بمصر و أخرى عند بعض معارف الزعيم من بعض العائلات التي تحتفظ بوثائق بالغة الأهمية عبارة عن مخطوطات قضائية و أخرى تزخر بها مديرية الوثائق الملكية عبارة عن مراسلات و ظهائر يعود تاريخها إلى فترة حكم السلطان المولى الحسن الأول وتخص والد محمد عبد الكريم الخطابي بالإضافة إلى وثائق أخرى من فترة السلاطين المولى عبد العزيز و المولى عبد الحفيظ و المولى يوسف حتى حكم الملك محمد الخامس رحمة الله عليهم أجمعين.
وقد ميز الباحث في أطروحته بين أربع محطات أساسية في حياة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي أولها من 1907 إلى 1919 قضاها بمليلية المحتلة حين كان صحفيا بجريدة تلغراف الريف مكنته من التعرف على طبيعة المجتمع الريفي و مرجعيته الثقافية. والثانية بين 1921 و 1926 عرفت تجنده لمقاومة الغزو الأجنبي ظهرت فيها بوادر الفكر الجهادي إذ لم يفتأ يربط بين مفهوم الجهاد و المقاصد وبين الدعوة للعودة إلى منابع الإسلام الأصيلة وتبين أن الخطابي كان له تصوره بخصوص الإصلاح معتبرا إياه دعامة ترتكز على التصور ثم التشريع ثم الإصلاح السياسي حيث كان لا يخفي تأثره الكبير حينها بمنهج الحركة السلفية وأقطابها ذات المنحى التحديثي و الوطني. لتأتي المرحلة الثالثة بعد 1926 حتى 1947 ابتداءا بمحطة المنفى بجزيرة لاريينيون ومحاولة عزله عن محيطه لوأد كل أشكال المقاومة وأخيرا المرحلة الممتدة حتى 1963 وهي الأبرز بما تمثله من تحول تميز بنضج في التجربة و التدبير السياسي الذي يجمع بين تجديد إرادة حرب التحرير و توضيح تصوره لمستقبل المغرب وكل شمال إفريقيا تحت شعار مقولته الشهيرة " المغرب العربي بالإسلام كان و بالإسلام عاش و على الإسلام تستمر حياته المستقبلية".
ويعتبر الباحث أن المراحل بمحطاتها الغنية على مستوى الأحداث مهما اختلفت وتعددت سماتها فهي متكاملة فيما بينها وساهمت كل واحدة منها في إنتاج رصيد فكري امتد لنصف قرن سماه الباحث بالفكر السياسي المتنوع عند الخطابي الذي يعني أن حرب التحرير التي خاضها لم تكن توجها قائما على القوة و كسب المعارك وهزم الخصم بل تميز أيضا باعتداله و دعوته إلى السلم و التعايش في سلام وتآخ لأن الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يكن يدافع إلا عن واجب و حق مهضوم كفيل بإعادة الكرامة و الحرية. ومن بين أبرز النقط التي أتى بها البحث بجرأة و تحليل تاريخي تلك القراءات التي تشير إلى ميول الخطابي للسلطة و الحكم وتحولت فيما بعد إلى مادة دسمة لتحليلات و تأويلات تتضارب احيانا و تضفي حول مرحلة تاريخية المزيد من الغموض، وهو ما ذهب إليه الباحث مؤكدا أن محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يكن يوما من هواة طلاب الحكم أو الطامعين في سلطة أو تحقيق غرض شخصي لأنه كان ينفي ما كان يشيعه المستعمر من سعي الخطابي للانفصال بمنطقة الريف مقابل ذلك حرصه على بيان واجب العلماء في تقديم النصيحة والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
وحتى يعزز الباحث من القيمة العلمية و التحقيقية لموضوع الأطروحة فقد أصر على أن يضمنه مجموعة شهادات معاصرة في حق الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي كل منها سلط الضوء على جوانب من حياته وكانت أولها شهادة كريمته عائشة الخطابي و شهادات السادة الأجلاء عبد الكريم غلاب و محمد العربي المساري و العقيد الهاشمي الطود و عبد السلام الغازي و عبد السلام العراس و محمد حمادي العزيز و علي الإدريسي، مما جعل من مضمون البحث ميدانا شاسعا وخصبا يشجع على البحث التاريخي و العلمي مثل ما توصل إليه الباحث من مخزون فكري جمع بين حركة المقاومة و النضال السياسي و صيانة العقيدة الإسلامية باعتبارها مرتكز وضع القوانين و تحقيق الوحدة الوطنية.
و تميزت جلسة المناقشة بحضور وازن لباحثين و اساتذة و مفكرين تابعوا باهتمام موضوع الأطروحة التي أغنتها لجنة المناقشة بمزيد من التوجيهات و النصائح الدقيقية الكفيلة بتقوية صلب المضمون لاسيما وأن الباحث قد أصاب بمنهجية علمية الهدف من وراء اختياره للموضوع عبر الإجابة عن سؤال صعب و مركب بخصوص الجدوى من النبش في الجانب الإصلاحي عند الزعيم عبر دراسة تحليلية لخطاباته و رسائله التي كانت تمارس في الميدان الشرعي وهو ما يتوافق في جوهره مع السياق العام للحركة التصحيحية و الصحوة التي عاشها العالم الإسلامي خلال عصره والأهم من كل هذا أن فكره الإصلاحي لم يكن متأثرا لدرجة الخضوع بل فكرا متنورا بعيدا عن القومية و العرقية اقتناعا من محمد بن عبد الكريم الخطابي أن الدين عنصر وحدة. ونظرا للمقدرة العلمية التي أبان عنها الباحث من خلال أطروحته التي قامت على أسس علمية متوازنة و حمولة فكرية غنية سلطت الضوء على موضوع ظل منسيا و مغمورا و استحق التنويه فقد أجمعت لجنة المناقشة على حصول الباحث الأستاذ عبد الله كموني على الدكتوراه بميزة مشرف جدا. و تجدر الإشارة أن الأطروحة جاءت في لحظة قريبة تؤرخ لمرور 50 سنة على رحيل الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي.
* محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يخفي تأثره الكبير بمنهج الحركة السلفية وأقطابها ذات المنحى التحديثي و الوطني كما نفى كل إشاعة لسعيه نحو السلطة و الحكم
متابعة : خالد بنحمان
احتضنت قاعة محمد حجي بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالرباط أكدال مناقشة أطروحة نيل الدكتوراه للأستاذ الباحث عبد الله كموني تحت عنوان: " المقاصد العقدية في نتاج محمد بن عبد الكريم الخطابي من خلال رسائله وأحكامه القضائية" وقد ضمت لجنة المناقشة الأساتذة د. عبد الرزاق الجاي رئيسا و د.قاسم الحسيني مقررا ود.حسن الفكيكي ود.علي الإدريسي ود. عبد السلام البكاري ود.عثمان بناني أعضاء، وبحسب هيئة الإشراف فقد كان موضوع الأطروحة إضافة نوعية و مبادرة جريئة نفذ من خلالها الباحث إلى عمق شخصية بارزة في تاريخ المغرب و العالم بأسره و سلط الضوء على مرحلة تغري بالمزيد من البحث.
وفي العرض الذي قدمه ذ. عبد الله كموني تضمن أهم محاور البحث ركز حول الدوافع الأولى التي شجعته على تناول موضوع من هذا القبيل منذ حصوله على شهادة الإجازة ثم دبلوم الدراسات المعمقة في موضوع " محمد بن عبد الكريم الخطابي المصلح الديني، العقدي، الإجتماعي" و التي شكلت لبنة أساسية تحددت من خلالها معالم طموحه لبلوغ مرتبة علمية تتوافق و مشروع فكري يتناول شخصية الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي في جوانب جديدة تطلبت من الباحث جهدا جهيدا و عملا متواصلا طيلة سنوات من البحث و السفر داخل أرض الوطن و خارجه حيث أجمع الأساتذة أعضاء اللجنة أن ما توصل إليه الباحث يمثل مستجدا جديرا بمتابعة البحث العلمي التاريخي لأنه كشف عن جانب مهم من حياة محمد بن عبد الكريم الخطابي بعيدا عن أنماط أخرى من الكتابات التي لا تقل أهمية لكنها ركزت على شخصية الزعيم المجاهد و رجل الحرب وهي الصورة المترسخة في أذهان كل من سمع و عرف محمد بن عبد الكريم الخطابي كما ترسخت أكثر في المخيال العربي و الدولي.
وقد ركز الباحث في موضوع أطروحته على ما توصل إليه من زخم فكري ميز شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي من خلال تدفق معارفه و انفتاحها على جوانب قضائية كان له فيها مساهمات تؤكدها رسائله و أحكامه مستنده في ذلك المراجع والمصادر التي تحصل عليها الباحث انطلاقا من المخزون الوطني و العربي بمصر و أخرى عند بعض معارف الزعيم من بعض العائلات التي تحتفظ بوثائق بالغة الأهمية عبارة عن مخطوطات قضائية و أخرى تزخر بها مديرية الوثائق الملكية عبارة عن مراسلات و ظهائر يعود تاريخها إلى فترة حكم السلطان المولى الحسن الأول وتخص والد محمد عبد الكريم الخطابي بالإضافة إلى وثائق أخرى من فترة السلاطين المولى عبد العزيز و المولى عبد الحفيظ و المولى يوسف حتى حكم الملك محمد الخامس رحمة الله عليهم أجمعين.
وقد ميز الباحث في أطروحته بين أربع محطات أساسية في حياة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي أولها من 1907 إلى 1919 قضاها بمليلية المحتلة حين كان صحفيا بجريدة تلغراف الريف مكنته من التعرف على طبيعة المجتمع الريفي و مرجعيته الثقافية. والثانية بين 1921 و 1926 عرفت تجنده لمقاومة الغزو الأجنبي ظهرت فيها بوادر الفكر الجهادي إذ لم يفتأ يربط بين مفهوم الجهاد و المقاصد وبين الدعوة للعودة إلى منابع الإسلام الأصيلة وتبين أن الخطابي كان له تصوره بخصوص الإصلاح معتبرا إياه دعامة ترتكز على التصور ثم التشريع ثم الإصلاح السياسي حيث كان لا يخفي تأثره الكبير حينها بمنهج الحركة السلفية وأقطابها ذات المنحى التحديثي و الوطني. لتأتي المرحلة الثالثة بعد 1926 حتى 1947 ابتداءا بمحطة المنفى بجزيرة لاريينيون ومحاولة عزله عن محيطه لوأد كل أشكال المقاومة وأخيرا المرحلة الممتدة حتى 1963 وهي الأبرز بما تمثله من تحول تميز بنضج في التجربة و التدبير السياسي الذي يجمع بين تجديد إرادة حرب التحرير و توضيح تصوره لمستقبل المغرب وكل شمال إفريقيا تحت شعار مقولته الشهيرة " المغرب العربي بالإسلام كان و بالإسلام عاش و على الإسلام تستمر حياته المستقبلية".
ويعتبر الباحث أن المراحل بمحطاتها الغنية على مستوى الأحداث مهما اختلفت وتعددت سماتها فهي متكاملة فيما بينها وساهمت كل واحدة منها في إنتاج رصيد فكري امتد لنصف قرن سماه الباحث بالفكر السياسي المتنوع عند الخطابي الذي يعني أن حرب التحرير التي خاضها لم تكن توجها قائما على القوة و كسب المعارك وهزم الخصم بل تميز أيضا باعتداله و دعوته إلى السلم و التعايش في سلام وتآخ لأن الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يكن يدافع إلا عن واجب و حق مهضوم كفيل بإعادة الكرامة و الحرية. ومن بين أبرز النقط التي أتى بها البحث بجرأة و تحليل تاريخي تلك القراءات التي تشير إلى ميول الخطابي للسلطة و الحكم وتحولت فيما بعد إلى مادة دسمة لتحليلات و تأويلات تتضارب احيانا و تضفي حول مرحلة تاريخية المزيد من الغموض، وهو ما ذهب إليه الباحث مؤكدا أن محمد بن عبد الكريم الخطابي لم يكن يوما من هواة طلاب الحكم أو الطامعين في سلطة أو تحقيق غرض شخصي لأنه كان ينفي ما كان يشيعه المستعمر من سعي الخطابي للانفصال بمنطقة الريف مقابل ذلك حرصه على بيان واجب العلماء في تقديم النصيحة والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
وحتى يعزز الباحث من القيمة العلمية و التحقيقية لموضوع الأطروحة فقد أصر على أن يضمنه مجموعة شهادات معاصرة في حق الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي كل منها سلط الضوء على جوانب من حياته وكانت أولها شهادة كريمته عائشة الخطابي و شهادات السادة الأجلاء عبد الكريم غلاب و محمد العربي المساري و العقيد الهاشمي الطود و عبد السلام الغازي و عبد السلام العراس و محمد حمادي العزيز و علي الإدريسي، مما جعل من مضمون البحث ميدانا شاسعا وخصبا يشجع على البحث التاريخي و العلمي مثل ما توصل إليه الباحث من مخزون فكري جمع بين حركة المقاومة و النضال السياسي و صيانة العقيدة الإسلامية باعتبارها مرتكز وضع القوانين و تحقيق الوحدة الوطنية.
و تميزت جلسة المناقشة بحضور وازن لباحثين و اساتذة و مفكرين تابعوا باهتمام موضوع الأطروحة التي أغنتها لجنة المناقشة بمزيد من التوجيهات و النصائح الدقيقية الكفيلة بتقوية صلب المضمون لاسيما وأن الباحث قد أصاب بمنهجية علمية الهدف من وراء اختياره للموضوع عبر الإجابة عن سؤال صعب و مركب بخصوص الجدوى من النبش في الجانب الإصلاحي عند الزعيم عبر دراسة تحليلية لخطاباته و رسائله التي كانت تمارس في الميدان الشرعي وهو ما يتوافق في جوهره مع السياق العام للحركة التصحيحية و الصحوة التي عاشها العالم الإسلامي خلال عصره والأهم من كل هذا أن فكره الإصلاحي لم يكن متأثرا لدرجة الخضوع بل فكرا متنورا بعيدا عن القومية و العرقية اقتناعا من محمد بن عبد الكريم الخطابي أن الدين عنصر وحدة. ونظرا للمقدرة العلمية التي أبان عنها الباحث من خلال أطروحته التي قامت على أسس علمية متوازنة و حمولة فكرية غنية سلطت الضوء على موضوع ظل منسيا و مغمورا و استحق التنويه فقد أجمعت لجنة المناقشة على حصول الباحث الأستاذ عبد الله كموني على الدكتوراه بميزة مشرف جدا. و تجدر الإشارة أن الأطروحة جاءت في لحظة قريبة تؤرخ لمرور 50 سنة على رحيل الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي.