محمد كاريم / كريم بركة
نظم المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بالناظور، زوال يوم السبت 13 مارس الجاري، ندوة تأبينية لشهداء إنتفاضة الخميس الأسود المصادف ليوم 19 يناير من سنة 1984 تخليدا وإحياء لأربعينية دفن رفات الشهداء وذلك بمقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بالناظور، من أجل تكريم لأرواح الشهداء، والتأكيد على مطلب إستجلاء الحقيقة الكاملة من حيث هويات الشهداء وعددهم
وقد نظمت هذه الندوة التأبينية بتنسيق بين الفرع المحلي بالناظور لمنتدى الضحايا، وأعضاء المكتب التنفيذي على الصعيد الوطني للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف للتنسيق والتخطيط حول الإستراتيجية المستقبلية للمنتدى لمواصلة النضال الحقوقي للكشف عن الحقيقة الحقيقية وذلك بتنسيق مع عائلات الضحايا وفعاليات المجتمع المدني الحقوقية والسياسية والجمعوية
وتشرف الأستاذ زاوزاو عضو المكتب المحلي بتقديم الندوة وتسييرها وعرض أعضاء المكتب الوطني على الحضور، بعدما كشف عن مغزى ودلالات هذه الندوة التأبينية للإحتفال بأربعينية دفن شهداء الكرامة والأنفة لإنتفاضة 19 يناير 1984، ثم تناول الكلمة الأستاذ الحجار عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي تتطرق بتفصيل إلى مسؤولية الدولة الجسيمة على ماضي الإنتهاكات الدموية لحقوق الإنسان بالمغرب في مختلف الهزات الإجتماعية، وعرج على حالة الناظور بالتحديد وقال بأن تحرك الدولة وأجهزتها القمعية والتنكيل بالمواطنين الأبرياء والعزل بكل الأساليب، وذلك بإعطاء الأوامر المباشرة لرجال الأمن، والدرك، والجيش، لإصابة المتظاهرين والمحاكاة عليهم في أماكن معينة في أماكن معينة من الجسم وبالتحديد في الرأس والصدر، وهو أسلوب من أساليب الردع والهمجية المتعمدة من طرف الدولة في مواجهة هذه الأحداث، وهو ما وصلت إليه هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها النهائي الذي تركته كإرث نهائي للمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان لتنفيذ توصياته
وقد قارن الأستاذ الحجار في معرض مداخلته بين طريقة نبش المقبرة الجماعية في مقر الوقاية المدنية بالدار البيضاء، ونبش المقبرة الجماعية لضحايا أحداث 1984 بمقر الوقاية المدنية بالناظور، وما واكبها من إجراءات مسطرية من طرف أعضاء منتدى الضحايا عبر المراسلات المتكررة للمنتدى للسيد الوكيل العام للملك بالدار البيضاء، والذي كان يجيب بأن الموضوع تقادم ولا يمكن الخوض والنبش في ذاكرة الماضي، وكان رد وجواب المنتدى في كل مرة هو أن الجرائم ضد الإنسانية لا تخضع لأي تقادم حسب خبراء القانون الدولي
وإستشاظ الأستاذ الحجار في سيرورة مداخلته من طريقة دفن ضحايا إنتفاضة يناير 1984 بمقبرة أولاد سالم بالناظور، حيث وصف الطريقة التي تم بها دفن رفات الضحايا بأنها تقبير جماعي وإعادة جراح عائلات الشهداء، وختم مداخلته بالتنصيص على أنه لا مجال للإنصاف والمصالحة بالريف خصوصا دون تقديم الدولة للإعتذار الرسمي، وإبعاد الجلادين الجبناء من مراكز القرار والمسؤولية في إنتضار إحالتهم على العدالة، وركز على المساءلة وعدم الإفلات من العقاب كفلسفة جوهرية يشتغل عليها المنتدى منذ تأسيسه بالتنسيق مع عائلات الضحايا
وقد تناول بعد ذلك الكلمة الأستاذ بودونت رئيس الفرع المحلي لمنتدى الضحايا بالناظور، والتي لخص من خلالها موقف المنتدى بالإقليم من طريقة دفن الضحايا، وركز على الحقيقة والمساءلة، وإبعاد المسؤولين من مراكز القرار السياسي، وإعتذار الدولة الرسمي وهي الوسيلة الوحيسدة والكفيلة نوعا ما للملمة الجراح، وضمان تدابير عدم التكرار لما جرى للأبرياء في إنتفاضة يناير المجيدة من أجل الحرية والديمقراطية، ومن النقط التي ثمنها جميع الحضور في القاعة، وإستحسنتها عائلات الضحايا إشكالية إقتراح النصب التذكاري ووضعه في أي مكان من جغرافية مدينة الناظور التي عرفت تساقط الأرواح الآدمية كتساقط أوراق الخريف، في ذلك الخميس الأسود المصادف لـ: 19 يناير 1984، ليكون هذا النصب التذكاري للشهداء الذين سقطوا برصاص الغدر المخزني، معلمة تاريخية وإرث حقوقي ونضالي بالريف كمدخل لحفظ الذاكرة، ورد الإعتبار لساكنة الريف، والناظور بالتحديد
وأضاف الأستاذ بودونت في مداخلته المطولة إلى أن شهداء إنتفاضة يناير المجيدة بالريف 1984، ذهبوا في مقتبل أعمارهم وريعان شبابهم في لحظة جور وطغيان وجبروت للآلة القمعية المخزنية، وطالب بالكشف عن حقيقة من قتل هؤلاء الأبرياء، وغطى على هذه الأحداث الدموية، وإستطرد في معرض تحليله لما جرى تركيزه على الضمانات المستقبلية لعدم تكرار ما جرى بالإلحاح على تكريس قيم المواطنة وتكريم الشهداء، وأشار إلى موقف المنتدى الرافض لطريقة وعملية دفن الضحايا التي تمكت في سرية تامة وإخفاء، وكتمان وحرمان العائلات من حضور الموكب الجنائزي الرهيب
وخلص بودونت في مداخلته بالقول بأنه كيف يعقل أن يكون من ساهم في هذه الأحداث أن يكون عنصرا في عملية الدفن، وإستشهد بمقولة: "كمن يقتل الشهيد ويسير في جنازته"، وإعتبر عملية وطريقة دفن الضحايا أسلوبا إستفزازيا لعائلات الضحايا، خصوصا وأنه تزامن مع تاريخ 19 يناير 1984 وهو يوم أحداث الخميس الأسود الدموي
وأنهى مداخلته بالتعريج على المغزى الكوني للعدالة الإنتقالية، والطريقة الشكلية التي عالج بها المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان دفن الضحايا، والطريقة التضليلية لإقبار الحقيقة، وإيهام الناس بنتائج التحليل الجيني(أد ن)للضحايا، وإعتبر أن الشهداء والضحايا الذين لم تحدد هويتهم في مقبرة أولاد سالم ولم يتعرف المجلس على عائلاتهم أكبر إهانة للمجلس في حد ذاته، ودحض أسلوب التنسيقية المحلية بالريف التي إنحرفت عن الهدف المعلن، وإعتبرها مجرد تجمع لبعض الإنتهازيين المسترزقين بدماء الشهداء، ولخص مواقف المنتدى المبدئية في لائحة مطلبية يتقدمها كمطلب رئيسي الإعتذار الرسني للدولة من طرف رئيس الدولة، بدل فلسفة الصفح الجميل التي يروجها حرزني لمواساة عائلات الضحايا، ثم أشار إلى مسألة النصب التذكاري ومركز حفض الذاكرة وإبعاد الجلادين المسؤولين على هذه الأحداث الدموية من مراكز القرار السياسي
وختم الأستاذ محمد الصلحيوي مداخلات الندوة بعنوان بارز كان قمة في التعبير عن الإستياء الكبير من فلسفة الظاهرة الحرزنية، في طمس الحقائق التاريخية لذاكرة الشعب المغربي والريف على وجه التديد، وعنون مداخلته بإشكالية التعامل مع الريف بوقوفه المطول عند عدد الضحايا التي أعلنت وحصرتهم هيئة الإنصاف والمصالحة في 16 قتيل، ثم تطرق إلى متاهات التحليل الجيني للضحايا الذي ضاعت نتائجه بين المغرب وفرنسا، إذ قام بتحليل مطول وعلمي لدلالة يوم دفن الضحايا، يوما وتاريخا، فاليوم حسب الأستاذ الصلحيوي يوم الجمعة حيث غالبا ما هو يوم ديني مقدس، تكون فيه خطبة الجمعة بجميع المساجد، وإعتبره ملتقى أسبوعي لجميع المسلمين يسود فيه التراحم والتودد والمحبة، حيث إختار مجلس حرزني بكل تكتم وسرية، الإختلاء والإنعزال ببعض من عائلات الضحايا في صبيحة يوم 19 يناير الماضي 2010، بفندق بابل بالناظور قبل الإنتقال إلى مقبرة أولاد سالم، وذلك دون علم وإخبار وإستشارة النسيج الجمعوي والسياسي والحقوقي
وعرج الرفيق الصلحيوي على مجهولي الهوية الذين كتبت على جثثهم علامة إكس(x)، حيث لم يتم التعرف على هويتهم، وشكك الصلحيوي كذلك في إشكالية إستعمال التحاليل الجينية التي تاهت حتمية حقيقتها بين مختبرات المغرب وفرنسا، وكون قناعة مبدئية وذاتية زلزل بها الحضور في القاعة بتشكيكه بكون الضحايا تعرضوا لهذا التحلي الجيني إطلاقا، كما شكك أيضا في عدد الضحايا حيث إعتبر العدد أكبر بكثير من 16 شهيد المعلنة رسميا من طرف هيئة الراحل بنزكري
وختم مداخلته بشرح مفهوم الصفح الجميل المتداول بكثرة كبديل عن الإعتذار الرسمي للدولة عن ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف وبالناظور تحديدا، ووصف طريقة تعامل مجلس حرزني بمعالجة هذا الملف بالكتمان والسرية وجمع وطي الأوراق، دون تحديد المسؤوليات وتقديم الإعتذار الرسمي لعائلات الشهداء، يتناسب مع حجم المرتكب بالريف
وتطرق ختاما في معرض مداخلته العلمية والدقيقة كعادته إلى ظاهرة أعيان المنطقة المحسوبين على الصف المخزني، والذين ساهموا بشكل أو بآخر في هذه الأحداث الدموية بإرسال بلاغات وتقارير كاذبة عن الأوضاع بمنطقة الريف، وبإقليم الناظور تحديدا، من قبيل بعض الترهات كدوس المتظاهرين على الأعلام الوطنية وإحراقها، ورفع رايات الجمهورية الريفية، رفع صورة عبد الكريم الخطابي، تمزيق صور الملك، إلى غير ذلك من الأكاذيب والترهات اللتي أرسلت كتقارير رسمية من قبل الأعيان الجبناء إلى مراكز القرار الرسمية
وفي الأخير ختم الرفيق محمد الصلحيوي بالإشارة إلى مستجد الجهوية فقال بأن أي تجمع يفصل الحسيمة عن الناظور يعتبر مرفوضا أصلا، وإعتبره كسابق التقسيم الجهوي الذي تحكمت فيه الإديولوجية الأمنية، بإعتبار أن قطبي الناظور والحسيمة يتقاسمان نفس المؤشرات الثقافية والإقتصادية واللغوية، وإعتبر الجهوية الموسعة بهذا القطب المشار إليه كبوابة من أبواب جبر الضرر الجماعي للمنطقة، وإعتبر أنه من مصلحة المغرب أن يتجاوز ماضيه المؤلم، وندد بالأقزام الذين يتاجرون بالبيع والشراء بالذمم ودماء الشهداء ولسياسة والأخلاق بإعتبار أن المغرب الجديد لا يمكن له أن يسير إلى الأمام بهذه النوع من الكائنات التي تتغذى بفتات الموائد ، وتسترزق بإرث الريف التاريخي
وساد الحزن القاعة عندما تقدمت إلى المنصة أم أحد الضحايا تبكي رثاءا لإبنها الشهيد الترحيب عبد الحكيم، حيث طالبت بتمكينها برفات إبنها لإعادة دفنه بنفسها ليرتاح ضميرها
وقد ختمت الأمسية التأبينية بوقفة إحتجاجية قصيرة بباب غرفة التجارة، رفعت خلالها شعارات تندد بظاهرة حرزني المخزنية، وتضامنا مع عائلات الشهداء، إحتجاجا على الطريقة التي أعيد بها دفن رفات الشهداء من طرف المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان خلسة بمقبرة أولاد سالم بالناظور
تصريحات
نظم المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف بالناظور، زوال يوم السبت 13 مارس الجاري، ندوة تأبينية لشهداء إنتفاضة الخميس الأسود المصادف ليوم 19 يناير من سنة 1984 تخليدا وإحياء لأربعينية دفن رفات الشهداء وذلك بمقر غرفة الصناعة والتجارة والخدمات بالناظور، من أجل تكريم لأرواح الشهداء، والتأكيد على مطلب إستجلاء الحقيقة الكاملة من حيث هويات الشهداء وعددهم
وقد نظمت هذه الندوة التأبينية بتنسيق بين الفرع المحلي بالناظور لمنتدى الضحايا، وأعضاء المكتب التنفيذي على الصعيد الوطني للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف للتنسيق والتخطيط حول الإستراتيجية المستقبلية للمنتدى لمواصلة النضال الحقوقي للكشف عن الحقيقة الحقيقية وذلك بتنسيق مع عائلات الضحايا وفعاليات المجتمع المدني الحقوقية والسياسية والجمعوية
وتشرف الأستاذ زاوزاو عضو المكتب المحلي بتقديم الندوة وتسييرها وعرض أعضاء المكتب الوطني على الحضور، بعدما كشف عن مغزى ودلالات هذه الندوة التأبينية للإحتفال بأربعينية دفن شهداء الكرامة والأنفة لإنتفاضة 19 يناير 1984، ثم تناول الكلمة الأستاذ الحجار عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف الذي تتطرق بتفصيل إلى مسؤولية الدولة الجسيمة على ماضي الإنتهاكات الدموية لحقوق الإنسان بالمغرب في مختلف الهزات الإجتماعية، وعرج على حالة الناظور بالتحديد وقال بأن تحرك الدولة وأجهزتها القمعية والتنكيل بالمواطنين الأبرياء والعزل بكل الأساليب، وذلك بإعطاء الأوامر المباشرة لرجال الأمن، والدرك، والجيش، لإصابة المتظاهرين والمحاكاة عليهم في أماكن معينة في أماكن معينة من الجسم وبالتحديد في الرأس والصدر، وهو أسلوب من أساليب الردع والهمجية المتعمدة من طرف الدولة في مواجهة هذه الأحداث، وهو ما وصلت إليه هيئة الإنصاف والمصالحة في تقريرها النهائي الذي تركته كإرث نهائي للمجلس الإستشاري لحقوق الإنسان لتنفيذ توصياته
وقد قارن الأستاذ الحجار في معرض مداخلته بين طريقة نبش المقبرة الجماعية في مقر الوقاية المدنية بالدار البيضاء، ونبش المقبرة الجماعية لضحايا أحداث 1984 بمقر الوقاية المدنية بالناظور، وما واكبها من إجراءات مسطرية من طرف أعضاء منتدى الضحايا عبر المراسلات المتكررة للمنتدى للسيد الوكيل العام للملك بالدار البيضاء، والذي كان يجيب بأن الموضوع تقادم ولا يمكن الخوض والنبش في ذاكرة الماضي، وكان رد وجواب المنتدى في كل مرة هو أن الجرائم ضد الإنسانية لا تخضع لأي تقادم حسب خبراء القانون الدولي
وإستشاظ الأستاذ الحجار في سيرورة مداخلته من طريقة دفن ضحايا إنتفاضة يناير 1984 بمقبرة أولاد سالم بالناظور، حيث وصف الطريقة التي تم بها دفن رفات الضحايا بأنها تقبير جماعي وإعادة جراح عائلات الشهداء، وختم مداخلته بالتنصيص على أنه لا مجال للإنصاف والمصالحة بالريف خصوصا دون تقديم الدولة للإعتذار الرسمي، وإبعاد الجلادين الجبناء من مراكز القرار والمسؤولية في إنتضار إحالتهم على العدالة، وركز على المساءلة وعدم الإفلات من العقاب كفلسفة جوهرية يشتغل عليها المنتدى منذ تأسيسه بالتنسيق مع عائلات الضحايا
وقد تناول بعد ذلك الكلمة الأستاذ بودونت رئيس الفرع المحلي لمنتدى الضحايا بالناظور، والتي لخص من خلالها موقف المنتدى بالإقليم من طريقة دفن الضحايا، وركز على الحقيقة والمساءلة، وإبعاد المسؤولين من مراكز القرار السياسي، وإعتذار الدولة الرسمي وهي الوسيلة الوحيسدة والكفيلة نوعا ما للملمة الجراح، وضمان تدابير عدم التكرار لما جرى للأبرياء في إنتفاضة يناير المجيدة من أجل الحرية والديمقراطية، ومن النقط التي ثمنها جميع الحضور في القاعة، وإستحسنتها عائلات الضحايا إشكالية إقتراح النصب التذكاري ووضعه في أي مكان من جغرافية مدينة الناظور التي عرفت تساقط الأرواح الآدمية كتساقط أوراق الخريف، في ذلك الخميس الأسود المصادف لـ: 19 يناير 1984، ليكون هذا النصب التذكاري للشهداء الذين سقطوا برصاص الغدر المخزني، معلمة تاريخية وإرث حقوقي ونضالي بالريف كمدخل لحفظ الذاكرة، ورد الإعتبار لساكنة الريف، والناظور بالتحديد
وأضاف الأستاذ بودونت في مداخلته المطولة إلى أن شهداء إنتفاضة يناير المجيدة بالريف 1984، ذهبوا في مقتبل أعمارهم وريعان شبابهم في لحظة جور وطغيان وجبروت للآلة القمعية المخزنية، وطالب بالكشف عن حقيقة من قتل هؤلاء الأبرياء، وغطى على هذه الأحداث الدموية، وإستطرد في معرض تحليله لما جرى تركيزه على الضمانات المستقبلية لعدم تكرار ما جرى بالإلحاح على تكريس قيم المواطنة وتكريم الشهداء، وأشار إلى موقف المنتدى الرافض لطريقة وعملية دفن الضحايا التي تمكت في سرية تامة وإخفاء، وكتمان وحرمان العائلات من حضور الموكب الجنائزي الرهيب
وخلص بودونت في مداخلته بالقول بأنه كيف يعقل أن يكون من ساهم في هذه الأحداث أن يكون عنصرا في عملية الدفن، وإستشهد بمقولة: "كمن يقتل الشهيد ويسير في جنازته"، وإعتبر عملية وطريقة دفن الضحايا أسلوبا إستفزازيا لعائلات الضحايا، خصوصا وأنه تزامن مع تاريخ 19 يناير 1984 وهو يوم أحداث الخميس الأسود الدموي
وأنهى مداخلته بالتعريج على المغزى الكوني للعدالة الإنتقالية، والطريقة الشكلية التي عالج بها المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان دفن الضحايا، والطريقة التضليلية لإقبار الحقيقة، وإيهام الناس بنتائج التحليل الجيني(أد ن)للضحايا، وإعتبر أن الشهداء والضحايا الذين لم تحدد هويتهم في مقبرة أولاد سالم ولم يتعرف المجلس على عائلاتهم أكبر إهانة للمجلس في حد ذاته، ودحض أسلوب التنسيقية المحلية بالريف التي إنحرفت عن الهدف المعلن، وإعتبرها مجرد تجمع لبعض الإنتهازيين المسترزقين بدماء الشهداء، ولخص مواقف المنتدى المبدئية في لائحة مطلبية يتقدمها كمطلب رئيسي الإعتذار الرسني للدولة من طرف رئيس الدولة، بدل فلسفة الصفح الجميل التي يروجها حرزني لمواساة عائلات الضحايا، ثم أشار إلى مسألة النصب التذكاري ومركز حفض الذاكرة وإبعاد الجلادين المسؤولين على هذه الأحداث الدموية من مراكز القرار السياسي
وختم الأستاذ محمد الصلحيوي مداخلات الندوة بعنوان بارز كان قمة في التعبير عن الإستياء الكبير من فلسفة الظاهرة الحرزنية، في طمس الحقائق التاريخية لذاكرة الشعب المغربي والريف على وجه التديد، وعنون مداخلته بإشكالية التعامل مع الريف بوقوفه المطول عند عدد الضحايا التي أعلنت وحصرتهم هيئة الإنصاف والمصالحة في 16 قتيل، ثم تطرق إلى متاهات التحليل الجيني للضحايا الذي ضاعت نتائجه بين المغرب وفرنسا، إذ قام بتحليل مطول وعلمي لدلالة يوم دفن الضحايا، يوما وتاريخا، فاليوم حسب الأستاذ الصلحيوي يوم الجمعة حيث غالبا ما هو يوم ديني مقدس، تكون فيه خطبة الجمعة بجميع المساجد، وإعتبره ملتقى أسبوعي لجميع المسلمين يسود فيه التراحم والتودد والمحبة، حيث إختار مجلس حرزني بكل تكتم وسرية، الإختلاء والإنعزال ببعض من عائلات الضحايا في صبيحة يوم 19 يناير الماضي 2010، بفندق بابل بالناظور قبل الإنتقال إلى مقبرة أولاد سالم، وذلك دون علم وإخبار وإستشارة النسيج الجمعوي والسياسي والحقوقي
وعرج الرفيق الصلحيوي على مجهولي الهوية الذين كتبت على جثثهم علامة إكس(x)، حيث لم يتم التعرف على هويتهم، وشكك الصلحيوي كذلك في إشكالية إستعمال التحاليل الجينية التي تاهت حتمية حقيقتها بين مختبرات المغرب وفرنسا، وكون قناعة مبدئية وذاتية زلزل بها الحضور في القاعة بتشكيكه بكون الضحايا تعرضوا لهذا التحلي الجيني إطلاقا، كما شكك أيضا في عدد الضحايا حيث إعتبر العدد أكبر بكثير من 16 شهيد المعلنة رسميا من طرف هيئة الراحل بنزكري
وختم مداخلته بشرح مفهوم الصفح الجميل المتداول بكثرة كبديل عن الإعتذار الرسمي للدولة عن ماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالريف وبالناظور تحديدا، ووصف طريقة تعامل مجلس حرزني بمعالجة هذا الملف بالكتمان والسرية وجمع وطي الأوراق، دون تحديد المسؤوليات وتقديم الإعتذار الرسمي لعائلات الشهداء، يتناسب مع حجم المرتكب بالريف
وتطرق ختاما في معرض مداخلته العلمية والدقيقة كعادته إلى ظاهرة أعيان المنطقة المحسوبين على الصف المخزني، والذين ساهموا بشكل أو بآخر في هذه الأحداث الدموية بإرسال بلاغات وتقارير كاذبة عن الأوضاع بمنطقة الريف، وبإقليم الناظور تحديدا، من قبيل بعض الترهات كدوس المتظاهرين على الأعلام الوطنية وإحراقها، ورفع رايات الجمهورية الريفية، رفع صورة عبد الكريم الخطابي، تمزيق صور الملك، إلى غير ذلك من الأكاذيب والترهات اللتي أرسلت كتقارير رسمية من قبل الأعيان الجبناء إلى مراكز القرار الرسمية
وفي الأخير ختم الرفيق محمد الصلحيوي بالإشارة إلى مستجد الجهوية فقال بأن أي تجمع يفصل الحسيمة عن الناظور يعتبر مرفوضا أصلا، وإعتبره كسابق التقسيم الجهوي الذي تحكمت فيه الإديولوجية الأمنية، بإعتبار أن قطبي الناظور والحسيمة يتقاسمان نفس المؤشرات الثقافية والإقتصادية واللغوية، وإعتبر الجهوية الموسعة بهذا القطب المشار إليه كبوابة من أبواب جبر الضرر الجماعي للمنطقة، وإعتبر أنه من مصلحة المغرب أن يتجاوز ماضيه المؤلم، وندد بالأقزام الذين يتاجرون بالبيع والشراء بالذمم ودماء الشهداء ولسياسة والأخلاق بإعتبار أن المغرب الجديد لا يمكن له أن يسير إلى الأمام بهذه النوع من الكائنات التي تتغذى بفتات الموائد ، وتسترزق بإرث الريف التاريخي
وساد الحزن القاعة عندما تقدمت إلى المنصة أم أحد الضحايا تبكي رثاءا لإبنها الشهيد الترحيب عبد الحكيم، حيث طالبت بتمكينها برفات إبنها لإعادة دفنه بنفسها ليرتاح ضميرها
وقد ختمت الأمسية التأبينية بوقفة إحتجاجية قصيرة بباب غرفة التجارة، رفعت خلالها شعارات تندد بظاهرة حرزني المخزنية، وتضامنا مع عائلات الشهداء، إحتجاجا على الطريقة التي أعيد بها دفن رفات الشهداء من طرف المجلس الإستشاري لحقوق الإنسان خلسة بمقبرة أولاد سالم بالناظور
تصريحات