فاطمة سلام
"جبال الريف يا أم الفرسان، يا ما نبتو من أرضك شجعان، جبال الخير والهمة والشان، شهدت لكتب وايام زمان" هذه الكلمات من أغنية سعيدة فكري، تقول إن جبال الريف الخيرة في المغرب، تنبت الفرسان والشجعان وذوي الهمة، وتشهد بذلك الكتب وأحداث الزمن الماضي.
كانت تدور مقاطعها كالرحى في بالي وأنا أقطع المسافة بين مدينة الحسيمة والناظور وتقدر بـ140 كيلومترا، ثم ما يقارب الـ170 كيلومترا أخرى من الناظور إلى دوار أنوال، الذي تحمل اسمه الموقعة الشهيرة سنة 1921، بين الجيش الإسباني -المستعمر حينئذ لريف المغرب- وجيش الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائد ثورة الريف.
"جبال الريف يا أم الفرسان، يا ما نبتو من أرضك شجعان، جبال الخير والهمة والشان، شهدت لكتب وايام زمان" هذه الكلمات من أغنية سعيدة فكري، تقول إن جبال الريف الخيرة في المغرب، تنبت الفرسان والشجعان وذوي الهمة، وتشهد بذلك الكتب وأحداث الزمن الماضي.
كانت تدور مقاطعها كالرحى في بالي وأنا أقطع المسافة بين مدينة الحسيمة والناظور وتقدر بـ140 كيلومترا، ثم ما يقارب الـ170 كيلومترا أخرى من الناظور إلى دوار أنوال، الذي تحمل اسمه الموقعة الشهيرة سنة 1921، بين الجيش الإسباني -المستعمر حينئذ لريف المغرب- وجيش الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، قائد ثورة الريف.
أصل الحكاية
جبال الريف كانت دائما صامدة وما زالت إلى اليوم تبدو مترابطة في تراصها، تحيط بالسهول من عل، حتى أنها تبدو كاليد الواحدة، مستعدة للإطباق على الغرباء متى ما قصدوا الأذية. وهذا يذكر بتكتيك معركة أنوال، حين جرّت حنكة ابن عبد الكريم الخطابي الجيش الإسباني، وقوامه ثلاثون ألف جندي، إلى سهل تحيطه الجبال، ثم طوقه رجاله، وعددهم لا يتجاوز الثلاثمئة مجاهد، كعصف لم يبق أو يذر، محققين نصرا تاريخيا يسمى إلى اليوم في إسبانيا بكارثة أنوال "Desastre de Annual".
جبال الريف كانت دائما صامدة وما زالت إلى اليوم تبدو مترابطة في تراصها، تحيط بالسهول من عل، حتى أنها تبدو كاليد الواحدة، مستعدة للإطباق على الغرباء متى ما قصدوا الأذية. وهذا يذكر بتكتيك معركة أنوال، حين جرّت حنكة ابن عبد الكريم الخطابي الجيش الإسباني، وقوامه ثلاثون ألف جندي، إلى سهل تحيطه الجبال، ثم طوقه رجاله، وعددهم لا يتجاوز الثلاثمئة مجاهد، كعصف لم يبق أو يذر، محققين نصرا تاريخيا يسمى إلى اليوم في إسبانيا بكارثة أنوال "Desastre de Annual".
إرث الخطابي لمن يعود؟
التاريخ السياسي والإنساني الكبير لابن عبد الكريم الخطابي، يترك إلى اليوم وبعد نصف قرن على رحيله، صفحة إرثه مفتوحة. أبناء الريف الذين سيفتخرون دائما بكونهم أحفاد المجاهدين، يرون في شهادات استقتها مجلة الجزيرة من أنوال، أن لهم في مغرب اليوم حقوقا كثيرة لم تستوف بعد "تنمويا وسياسيا وللإنصاف التاريخي".
فيما يتمادى بعضهم "على قلتهم القليلة إلى إعلاء طرح انفصالي"، كما يقول مصدر - رفض ذكر اسمه- من أبناء الريف مقرب من "المطالبين بالانفصال". ويضيف "ضمن حاملي الطرح الانفصالي، يبرز تيار يدعو إلى حكم ذاتي للمنطقة بدل الانفصال عن المغرب". تصبح أنوال منبرا للإعلان عن المطلبين كلما حلت ذكرى المعركة في 21 يوليو/تموز من كل سنة.
حسب الشهادات التي استقتها مجلة الجزيرة، فأنوال تشهد خلال الاحتفالات بالذكرى، إنزالا أمنيا كبيرا من قبل السلطات المغربية، وفيما يحضر مسؤولو عمالة الدريوش التابع لها ترابيا أنوال، ورؤساء جماعة "تاليلت" المنضوي تحت اسمها كواحد من دواويرها، ويحضر المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يحضر أيضا "أربعة إلى خمسة أفراد ليسوا من أبناء أنوال، يمثلون الطرح الانفصالي، يتبادلون الرشق بالحجارة مع الأمن، ويتحول الاحتفال إلى مواجهة مهزلة" يقول يوسف بلك، الرئيس السابق لجمعية أبناء الريف لمجلة الجزيرة.
عدم انضمام أبناء أنوال للمواجهات "لا يعني أنه ليس بينهم من يحس بالغبن" كما يقول أحد شباب الدوار -رفض ذكر اسمه- لمجلة الجزيرة. مضيفا "سكان أنوال يعانون مما هو أفظع من التهميش. نحن نعامل على أننا جزء من التاريخ، بينما نحن من صنع تاريخ المنطقة".
في أنوال أيضا يعرف يونس (12 سنة) أنه واحد من أحفاد الخطابي، يشعر بالفخر لذلك كما يقول، لكن المفاجئ أنه يردف "كل سنة نجري معركة هنا، ليس بالسيوف، لكن يأتي رجال السيمي (من قوات الأمن المغربية) ويمنعوننا من دخول مبنى الجماعة، يفعلون ذلك لأنهم يأخذون الأموال التي ترك ابن عبد الكريم الخطابي".
يرد يوسف بلك على تصريح كهذا من طفل سيكون رجل الغد بالقول "الطفل مغسول دماغه وللأسف قد يكبر وهو مؤمن بالعنف، فهناك من يعمد إلى أن يغرس في نفوس الأطفال أن المخزن (الاسم التاريخي للقصر في المغرب) يسرق ويضرب. لكن تؤاخذ أيضا السلطات المعنية على أنها كل احتفال بذكرى أنوال، تكرم المناضلين الأشباح المحسوبين على الريف، والذين لا ينتمون لمنطقة أنوال، بدل أن تكرم أحفاد المقاومين".
نقطة ثانية تثير الغبن لدى شاب أنوال، يؤازره فيها يوسف بلك، هي تسمية جماعة المنطقة بـ"تاليلت" بدلا عن أنوال. يسمي بلك ذلك بـ"الطمس الممنهج لاسم أنوال" فيما يسميه الشاب بـ"مسح اسم أنوال من القاموس".
عند إجراء التقسيم الإداري في المغرب، بنيت جماعة "تاليلت" وهو دوار يبعد ستة كيلومترات عن دوار أنوال. وبعد مرور عامين نقل مقر الجماعة من تاليلت إلى أنوال محتفظة بذات الاسم، ما يعني أن الدوار سيوسم رسميا بجماعة تاليلت في الوثائق الإدارية إلى اليوم.
هذه الوثائق تشمل البطاقات الوطنية للمواطنين حسب بلك. يقول إنه "لا يكتب في بطاقة التعريف الوطنية اسم أنوال كمسقط رأس لأبنائها. الحالة الوحيدة التي يتم فيها ذلك، هي عندما يلجأ المواطن للاحتجاج عند الدرك، وهناك مواطنون من أنوال واعون بأهمية الأمر ويحتجون لأجله".
أمر آخر يدخل ضمن "الطمس" الذي يتحدث عنه بلك، يتعلق بأنه "لا يكتب في اللوحات التوجيهية على جنبات الطرق اسم أنوال، لا إشارة توجه إلى هذا المكان كما توجه إلى غيره".
هذا السياق طرحته مجلة الجزيرة على الكاتب السياسي المغربي، عبد الإله سخير. فيقول "اختزال مشكلة الريف بتهميشه لعقود، خطاب غير دقيق، ويحمل بين طياته قراءة سياسية مغلوطة، هدفها الركوب على مشاكل الريف لتحقيق مكاسب ظرفية لا تخدم المنطقة بالضرورة".
من جهته يقول البرلماني عن دائرة الناظور عن حزب العدالة والتنمية نور الدين البركاني، إن "صون التاريخ والتراث الريفي يحظى برعاية ملكية. وعندما اتخذ المغرب خطوة الإنصاف والمصالحة (مبادرة لإنصاف وتعويض المعتقلين السياسيين وضحايا سنوات الرصاص في المغرب) أنصف متضررين من أبناء الريف، يستفيدون حاليا من التعويض المالي والتغطية الصحية".
ويؤكد البركاني لمجلة الجزيرة "على أن لا ضرورة للتخوف من منطقة الريف". مضيفا "أنا مع من يؤيدون إعادة رفات ابن عبد الكريم الخطابي للمغرب ودفنه في العاصمة الرباط، لكونه بطلا مغربيا".
في حديث يوسف بلك والشاب من أنوال عن "الطمس" و"المسح" يتفق الاثنان بالنهاية على أن "أبناء أنوال لا يطالبون بالتحرر، بل يريدون ببساطة إصلاح البنى التحتية، والاستفادة من الخدمات العادية المستحقة لكل مواطن مغربي، وهم مواطنون مغاربة".
التاريخ السياسي والإنساني الكبير لابن عبد الكريم الخطابي، يترك إلى اليوم وبعد نصف قرن على رحيله، صفحة إرثه مفتوحة. أبناء الريف الذين سيفتخرون دائما بكونهم أحفاد المجاهدين، يرون في شهادات استقتها مجلة الجزيرة من أنوال، أن لهم في مغرب اليوم حقوقا كثيرة لم تستوف بعد "تنمويا وسياسيا وللإنصاف التاريخي".
فيما يتمادى بعضهم "على قلتهم القليلة إلى إعلاء طرح انفصالي"، كما يقول مصدر - رفض ذكر اسمه- من أبناء الريف مقرب من "المطالبين بالانفصال". ويضيف "ضمن حاملي الطرح الانفصالي، يبرز تيار يدعو إلى حكم ذاتي للمنطقة بدل الانفصال عن المغرب". تصبح أنوال منبرا للإعلان عن المطلبين كلما حلت ذكرى المعركة في 21 يوليو/تموز من كل سنة.
حسب الشهادات التي استقتها مجلة الجزيرة، فأنوال تشهد خلال الاحتفالات بالذكرى، إنزالا أمنيا كبيرا من قبل السلطات المغربية، وفيما يحضر مسؤولو عمالة الدريوش التابع لها ترابيا أنوال، ورؤساء جماعة "تاليلت" المنضوي تحت اسمها كواحد من دواويرها، ويحضر المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، يحضر أيضا "أربعة إلى خمسة أفراد ليسوا من أبناء أنوال، يمثلون الطرح الانفصالي، يتبادلون الرشق بالحجارة مع الأمن، ويتحول الاحتفال إلى مواجهة مهزلة" يقول يوسف بلك، الرئيس السابق لجمعية أبناء الريف لمجلة الجزيرة.
عدم انضمام أبناء أنوال للمواجهات "لا يعني أنه ليس بينهم من يحس بالغبن" كما يقول أحد شباب الدوار -رفض ذكر اسمه- لمجلة الجزيرة. مضيفا "سكان أنوال يعانون مما هو أفظع من التهميش. نحن نعامل على أننا جزء من التاريخ، بينما نحن من صنع تاريخ المنطقة".
في أنوال أيضا يعرف يونس (12 سنة) أنه واحد من أحفاد الخطابي، يشعر بالفخر لذلك كما يقول، لكن المفاجئ أنه يردف "كل سنة نجري معركة هنا، ليس بالسيوف، لكن يأتي رجال السيمي (من قوات الأمن المغربية) ويمنعوننا من دخول مبنى الجماعة، يفعلون ذلك لأنهم يأخذون الأموال التي ترك ابن عبد الكريم الخطابي".
يرد يوسف بلك على تصريح كهذا من طفل سيكون رجل الغد بالقول "الطفل مغسول دماغه وللأسف قد يكبر وهو مؤمن بالعنف، فهناك من يعمد إلى أن يغرس في نفوس الأطفال أن المخزن (الاسم التاريخي للقصر في المغرب) يسرق ويضرب. لكن تؤاخذ أيضا السلطات المعنية على أنها كل احتفال بذكرى أنوال، تكرم المناضلين الأشباح المحسوبين على الريف، والذين لا ينتمون لمنطقة أنوال، بدل أن تكرم أحفاد المقاومين".
نقطة ثانية تثير الغبن لدى شاب أنوال، يؤازره فيها يوسف بلك، هي تسمية جماعة المنطقة بـ"تاليلت" بدلا عن أنوال. يسمي بلك ذلك بـ"الطمس الممنهج لاسم أنوال" فيما يسميه الشاب بـ"مسح اسم أنوال من القاموس".
عند إجراء التقسيم الإداري في المغرب، بنيت جماعة "تاليلت" وهو دوار يبعد ستة كيلومترات عن دوار أنوال. وبعد مرور عامين نقل مقر الجماعة من تاليلت إلى أنوال محتفظة بذات الاسم، ما يعني أن الدوار سيوسم رسميا بجماعة تاليلت في الوثائق الإدارية إلى اليوم.
هذه الوثائق تشمل البطاقات الوطنية للمواطنين حسب بلك. يقول إنه "لا يكتب في بطاقة التعريف الوطنية اسم أنوال كمسقط رأس لأبنائها. الحالة الوحيدة التي يتم فيها ذلك، هي عندما يلجأ المواطن للاحتجاج عند الدرك، وهناك مواطنون من أنوال واعون بأهمية الأمر ويحتجون لأجله".
أمر آخر يدخل ضمن "الطمس" الذي يتحدث عنه بلك، يتعلق بأنه "لا يكتب في اللوحات التوجيهية على جنبات الطرق اسم أنوال، لا إشارة توجه إلى هذا المكان كما توجه إلى غيره".
هذا السياق طرحته مجلة الجزيرة على الكاتب السياسي المغربي، عبد الإله سخير. فيقول "اختزال مشكلة الريف بتهميشه لعقود، خطاب غير دقيق، ويحمل بين طياته قراءة سياسية مغلوطة، هدفها الركوب على مشاكل الريف لتحقيق مكاسب ظرفية لا تخدم المنطقة بالضرورة".
من جهته يقول البرلماني عن دائرة الناظور عن حزب العدالة والتنمية نور الدين البركاني، إن "صون التاريخ والتراث الريفي يحظى برعاية ملكية. وعندما اتخذ المغرب خطوة الإنصاف والمصالحة (مبادرة لإنصاف وتعويض المعتقلين السياسيين وضحايا سنوات الرصاص في المغرب) أنصف متضررين من أبناء الريف، يستفيدون حاليا من التعويض المالي والتغطية الصحية".
ويؤكد البركاني لمجلة الجزيرة "على أن لا ضرورة للتخوف من منطقة الريف". مضيفا "أنا مع من يؤيدون إعادة رفات ابن عبد الكريم الخطابي للمغرب ودفنه في العاصمة الرباط، لكونه بطلا مغربيا".
في حديث يوسف بلك والشاب من أنوال عن "الطمس" و"المسح" يتفق الاثنان بالنهاية على أن "أبناء أنوال لا يطالبون بالتحرر، بل يريدون ببساطة إصلاح البنى التحتية، والاستفادة من الخدمات العادية المستحقة لكل مواطن مغربي، وهم مواطنون مغاربة".
وزر غياب التنمية
في ثلاثة لقاءات متوالية، حضرها يوسف بلك، وتم عقدها بين مواطنين من أنوال مع عامل إقليم الدريوش، قدم طلب "إعادة الاعتبار لاسم أنوال" رد العامل بشأنه حسب تصريح بلك "كان إيجابيا، ووعدنا بتخصيص جماعة لأنوال، أو إضافة الاسم إلى جانب تاليلت فتصبح جماعة أنوال تاليلت. لكن إلى الآن لا تطبيق".
اللقاءات تطرقت إلى مواضيع أخرى، على رأسها إصلاح البنية التحتية "هشاشتها تحول الطرق إلى حفر كل الأيام، وشتاء إلى مغطس أوحال. إصلاحها سينعكس على نواح أخرى من حياة السكان، تبدأ من إمكانية ربط البيوت بالمياه إلى الكهرباء، وصولا إلى المشافي ومدارس الأطفال".
يقول الكاتب السياسي عبد الإله سخير "لا يمكن الحديث عن تهميش منطقة معينة بالمغرب، طالما أن غالبية مناطق المغرب عانت من الخصاص" لكن الخطير في الحديث عن "غياب التنمية أو تأخر تحقيقيها بأنوال" هو تصريحات كالتي يقول فيها بلك "نحن نتحمل وزر المواجهات التي تقع في أنوال، ربما ما نعانيه هو رد فعل أو عقاب".
يرد البركاني بالقول إن "عناية الملك محمد السادس بمنطقة الريف واضحة ولا نقاش فيها، لقد أطلق مشاريعا كبرى تخدم كل المنطقة وهي على طريق الإنجاز. أما على مستوى الجماعات المحلية، ولا أتكلم عن أنوال فقط، فهناك خلل في تسيير النخب المحلية لها، ما يراهن على تغييره حاليا عبر إفراز نخب جديدة تخدم الصالح العام لا مصلحتها الشخصية، وعبر ورش الجهوية المتقدمة".
في ثلاثة لقاءات متوالية، حضرها يوسف بلك، وتم عقدها بين مواطنين من أنوال مع عامل إقليم الدريوش، قدم طلب "إعادة الاعتبار لاسم أنوال" رد العامل بشأنه حسب تصريح بلك "كان إيجابيا، ووعدنا بتخصيص جماعة لأنوال، أو إضافة الاسم إلى جانب تاليلت فتصبح جماعة أنوال تاليلت. لكن إلى الآن لا تطبيق".
اللقاءات تطرقت إلى مواضيع أخرى، على رأسها إصلاح البنية التحتية "هشاشتها تحول الطرق إلى حفر كل الأيام، وشتاء إلى مغطس أوحال. إصلاحها سينعكس على نواح أخرى من حياة السكان، تبدأ من إمكانية ربط البيوت بالمياه إلى الكهرباء، وصولا إلى المشافي ومدارس الأطفال".
يقول الكاتب السياسي عبد الإله سخير "لا يمكن الحديث عن تهميش منطقة معينة بالمغرب، طالما أن غالبية مناطق المغرب عانت من الخصاص" لكن الخطير في الحديث عن "غياب التنمية أو تأخر تحقيقيها بأنوال" هو تصريحات كالتي يقول فيها بلك "نحن نتحمل وزر المواجهات التي تقع في أنوال، ربما ما نعانيه هو رد فعل أو عقاب".
يرد البركاني بالقول إن "عناية الملك محمد السادس بمنطقة الريف واضحة ولا نقاش فيها، لقد أطلق مشاريعا كبرى تخدم كل المنطقة وهي على طريق الإنجاز. أما على مستوى الجماعات المحلية، ولا أتكلم عن أنوال فقط، فهناك خلل في تسيير النخب المحلية لها، ما يراهن على تغييره حاليا عبر إفراز نخب جديدة تخدم الصالح العام لا مصلحتها الشخصية، وعبر ورش الجهوية المتقدمة".
نصبان وأثر وأغنية
عند الفاصل الحدودي بين قيادة "تمسان" وقيادة "بني وليشك" التي تنتمي لها أنوال، يقبع السهل الذي وقعت فيه المعركة الشهيرة. وعلى ناصية تطل عليه، بني نصب تذكاري يخلدها. وقعته الجمعية الثقافية والاجتماعية لحوض البحر الأبيض بتاريخ 11 يوليو/تموز 1979. لكن التوقيع كان بارزا باسم رئيس الجمعية المنصوري بن علي.
يقول الباحث في تاريخ الريف اليزيد الدريوش لمجلة الجزيرة "ردا على هذا النصب الذي اعتبره الريفيون يمثل السلطات الرسمية، أقاموا نصبا شعبيا غرس في تربة الموقعة" كان هناك كما عاينا وقد رسم عليه وجه ابن عبد الكريم الخطابي وحمل اسما وحيدا "أنوال".
الاختصار للكلمات المؤثرة التي كتبت على "النصب الرسمي" والتمييز بينه وبين "النصب الشعبي" يصفه يوسف بلك "برد سكان أنوال على استفزاز مشاعرهم وركوب أشخاص كالمنصوري بن علي على تاريخ الخطابي، ولا أحد بإمكانه الركوب على اسمه أو اسم أنوال". وهذا يفسر كما تظهر الصور التي التقطنا لما شطب على اسم "المنصوري بن علي" بـ"النصب الرسمي".
التاريخ مكتوب في أنوال أيضا بأجزاء من الدوار. بين بيوته الإسمنتية الزاحف عدد منها إلى طابقين وثلاث، هناك ما يشبه الخرائب في ظاهره، بينما يعود لواحدة من بين أولى المدارس الكولونيالية التي بناها الاستعمار الإسباني بعد إخماد ثورة الريف سنة 1926، حسب الدريوش.
أنشأ الاستعمار المدرسة لتعليم أبناء المغاربة بالريف اللغة والعلوم، بهندسة كولونيالية بادية للعيان ما إن تتجاوز أكوام القمامة التي تغمر أبوابها ونوافذها المقوسة.
إلى جانبها بمسافة غير بعيدة، هناك ما يمكن أن تسميه ردما، لكنه في الحقيقة مبنى مسجد، بني على طريقة أهل الريف البسطاء، يسمى "مسجد آيت بوزيان" أو المسجد العتيق. وحسب روايات شفوية سمعها يوسف بلك من شيوخ الدوار، وينقلها اليزيد الدريوش، فالأمير ابن عبد الكريم الخطابي، صلى فيه ركعتي الشكر لله بعد دخوله وجيش مجاهديه منتصرين من معركة أنوال.
سألنا السكان والأطفال الذين تحلقوا حول تكتكات الكاميرا بموقع المسجد والمدرسة، عن إن كانوا يعرفون شيئا عن المكانين؟ لكن الإجابات كانت بالنفي وعلامات الحيرة تقول إنها أنقاض وفقط. الأمر مبك للذاكرة، بالأخص وأن المآثر تمتد إلى مواقع أخرى في المنطقة، كـ"كرانخا" وتعني المزرعة بالإسبانية، وصممها المستعمر لإدارة شؤون المنطقة منها.
وموقع "ظهر أوشرقي" الذي يعني تل الحراسة بالريفية، وهو من بقايا القلعة التي كان يستجوب فيها المستعمر الريفيين المشتبه بحملهم السلاح مع الخطابي. كذلك "ثغروط" أو "كهوف المجاهدين" التي حفروها للاختباء من قذائف القوات الإسبانية.
وسط هذا "التاريخ المهمل" عادت أغنية سعيدة فكري لتصدح بالقول "يا جبال الريف أنا شفتك تبكي، ودموعك ذايقة المرارة، تكتمي همك ولا تشكي، من لونك بان البرهان".
الجزيرة
عند الفاصل الحدودي بين قيادة "تمسان" وقيادة "بني وليشك" التي تنتمي لها أنوال، يقبع السهل الذي وقعت فيه المعركة الشهيرة. وعلى ناصية تطل عليه، بني نصب تذكاري يخلدها. وقعته الجمعية الثقافية والاجتماعية لحوض البحر الأبيض بتاريخ 11 يوليو/تموز 1979. لكن التوقيع كان بارزا باسم رئيس الجمعية المنصوري بن علي.
يقول الباحث في تاريخ الريف اليزيد الدريوش لمجلة الجزيرة "ردا على هذا النصب الذي اعتبره الريفيون يمثل السلطات الرسمية، أقاموا نصبا شعبيا غرس في تربة الموقعة" كان هناك كما عاينا وقد رسم عليه وجه ابن عبد الكريم الخطابي وحمل اسما وحيدا "أنوال".
الاختصار للكلمات المؤثرة التي كتبت على "النصب الرسمي" والتمييز بينه وبين "النصب الشعبي" يصفه يوسف بلك "برد سكان أنوال على استفزاز مشاعرهم وركوب أشخاص كالمنصوري بن علي على تاريخ الخطابي، ولا أحد بإمكانه الركوب على اسمه أو اسم أنوال". وهذا يفسر كما تظهر الصور التي التقطنا لما شطب على اسم "المنصوري بن علي" بـ"النصب الرسمي".
التاريخ مكتوب في أنوال أيضا بأجزاء من الدوار. بين بيوته الإسمنتية الزاحف عدد منها إلى طابقين وثلاث، هناك ما يشبه الخرائب في ظاهره، بينما يعود لواحدة من بين أولى المدارس الكولونيالية التي بناها الاستعمار الإسباني بعد إخماد ثورة الريف سنة 1926، حسب الدريوش.
أنشأ الاستعمار المدرسة لتعليم أبناء المغاربة بالريف اللغة والعلوم، بهندسة كولونيالية بادية للعيان ما إن تتجاوز أكوام القمامة التي تغمر أبوابها ونوافذها المقوسة.
إلى جانبها بمسافة غير بعيدة، هناك ما يمكن أن تسميه ردما، لكنه في الحقيقة مبنى مسجد، بني على طريقة أهل الريف البسطاء، يسمى "مسجد آيت بوزيان" أو المسجد العتيق. وحسب روايات شفوية سمعها يوسف بلك من شيوخ الدوار، وينقلها اليزيد الدريوش، فالأمير ابن عبد الكريم الخطابي، صلى فيه ركعتي الشكر لله بعد دخوله وجيش مجاهديه منتصرين من معركة أنوال.
سألنا السكان والأطفال الذين تحلقوا حول تكتكات الكاميرا بموقع المسجد والمدرسة، عن إن كانوا يعرفون شيئا عن المكانين؟ لكن الإجابات كانت بالنفي وعلامات الحيرة تقول إنها أنقاض وفقط. الأمر مبك للذاكرة، بالأخص وأن المآثر تمتد إلى مواقع أخرى في المنطقة، كـ"كرانخا" وتعني المزرعة بالإسبانية، وصممها المستعمر لإدارة شؤون المنطقة منها.
وموقع "ظهر أوشرقي" الذي يعني تل الحراسة بالريفية، وهو من بقايا القلعة التي كان يستجوب فيها المستعمر الريفيين المشتبه بحملهم السلاح مع الخطابي. كذلك "ثغروط" أو "كهوف المجاهدين" التي حفروها للاختباء من قذائف القوات الإسبانية.
وسط هذا "التاريخ المهمل" عادت أغنية سعيدة فكري لتصدح بالقول "يا جبال الريف أنا شفتك تبكي، ودموعك ذايقة المرارة، تكتمي همك ولا تشكي، من لونك بان البرهان".
الجزيرة