ندوة العلم والتعليم في بلاد المغرب من القرن التاسع إلى القرن الثاني عشر الهجري
بكلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة ومقرّ مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية-وجدة
يومي 16-17 نوفمبر 2011
تقديم
يُنظر عادة إلى فترة ما بعد ابن خلدون ببلاد المغرب (من القرن 9ه/15م إلى حدود القرن 12ه/18م) على أنّها فترة قاحلة من حيث الإنتاج العلمي خاصّة في مجال العلوم المسمّاة "علوما عقليّة". ويبدو أنّ الواقع ليس تماما كذلك، فقد نبغ علماء كثيرون جدّا في مختلف الفنون وخاصّة في الأصول والمنطق والحساب والجغرافيا وغيرها. صحيح أنّ الغالب على اهتمام العلماء ومراكز العلم والتعليم في هذه الفترة هي العلوم المرتبطة بالدين من تفسير وقراءة وحديث وفقه وأصول وغيرها. غير أنّ هذه العلوم لم تكن وحدها سيّدة الدرس والتدريس في حواضر بلاد المغرب على مدار كلّ هذه القرون، وإنّما كانت تدرّس مختلف العلوم العقليّة من رياضيّات وفلك وطبّ ومنطق وغير ذلك، وإن بدرجات متفاوتة. ولاشكّ أنّ التفاوت، تدريسا وتأليفا، كان قائما أيضا بين عواصم العلم: فاس والقيروان وتلمسان وبجاية ومراكش وغيرها من المناطق المغاربيّة.
ترمي هذه المائدة المستديرة إلى الوقوف على وضعية هذه العلوم "العقليّة" والتعريف بأعلام هذا العصر ومؤلّفاتهم ومساهماتهم العلميّة في مختلف حقول المعرفة؛ وذلك من خلال النبش والتعريف بنصوص علميّة في مجالات محدّدة، سواء كانت هذه النصوص مطبوعة أو مخطوطة، ودراسة وتقييم مخزونها العلميّ الذي لم يُستثمر في محيط كان قد دبّ الجمود والتقليد إلى مفاصله، وهيمنت في أوساطه التعليميّة، عموما، طريقة معيّنة في التأليف تعتمد على التلخيص وفي الدرس تعتمد على الحفظ.
ندعو الباحثين إلى المساهمة في كشف النقاب عن هذه المرحلة من بلاد المغرب الكبير عبر طَرْق باب أسئلة/محاور، من بين أخرى كثيرة قد تفرض نفسها في هذا الصدد، من قبيل:
أوّلا، ما هي بعض النماذج من النصوص والمفكّرين الذين اشتغلوا بالعلوم العقليّة من رياضيّات وفلك ومنطق وطبّ وأصول وفلسفة وجغرافيا وتاريخ واقتصاد واجتماع وغيرها في مرحلة ترسّخ الاعتقاد، أو كاد، بأنّها خالية من معالم أيّ فاعليّة عقليّة حقيقيّة، مهما كانت فرديّة أو هامشيّة؟
ومع افتراض، ثانيا، أنّ الإنتاج العلميّ لم يكن ممكنا في هذه الفترة إلا في شكل شروح وملخّصات وحواشي وأراجيز تسهّل نقل الأفكار النظريّة والعمليّة في العقيدة والتشريع والطبّ وغير ذلك، فهل تخلو هذه الملخّصات والحواشي والأراجيز من كلّ إبداع؟
ثمّ ماذا، ثالثا، عن مدارس العلم وبرامج التعليم وطرائق التدريس ومناهج البحث والتأليف وماذا عن خزانات الكتب في هذا العصر؟
ولا يخفى، رابعا، أنّ الخصوبة الفكريّة تقتضي توافر بيئة ملائمة وشروط اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة مناسبة وكذا تفاعلا وتواصلا بين العلماء وبين المدارس وتحفيز أهل العلم على العطاء في جوّ من المنافسة الشريفة. فهل توافرت شروط ما سياسيّة من قبيل تحفيز الحكام للعلماء على البحث، أو اقتصاديّة من رخاء في فترات ما من هذه المرحلة من تاريخ المغرب، أو منافسة بين مذاهب أو مدارس أو أشخاص وغير ذلك ممّا يمكن أن ينهض بالممارسة العلميّة؟
وأخيرا، ما هي الحالة الراهنة ممّا حقّق ونشر من نصوص رياضيّة وفلكيّة ومنطقيّة وأصوليّة وتاريخيّة وجغرافيّة وغير ذلك؟ ما وضع غير المنشور منه وما قيمته؟ وماذا كتب حديثا عن هذه الفترة من تاريخ المغرب العلمي؟
نقترح تسليط الضوء على مختلف أشكال الفاعلية العقليّة والحالة الفكريّة العامّة في بلاد المغرب الكبير في الفترة الممتدّة بين القرنين التاسع والثاني عشر الهجريّين في ضوء الأسئلة السابقة أو أسئلة أخرى ذات الصلة تحمل على أعلام هذا العصر وعلومه ومدارسه وما كتب عن ذلك حديثا وغير ذلك.
بكلّية الآداب والعلوم الإنسانيّة ومقرّ مركز الدراسات الإنسانية والاجتماعية-وجدة
يومي 16-17 نوفمبر 2011
تقديم
يُنظر عادة إلى فترة ما بعد ابن خلدون ببلاد المغرب (من القرن 9ه/15م إلى حدود القرن 12ه/18م) على أنّها فترة قاحلة من حيث الإنتاج العلمي خاصّة في مجال العلوم المسمّاة "علوما عقليّة". ويبدو أنّ الواقع ليس تماما كذلك، فقد نبغ علماء كثيرون جدّا في مختلف الفنون وخاصّة في الأصول والمنطق والحساب والجغرافيا وغيرها. صحيح أنّ الغالب على اهتمام العلماء ومراكز العلم والتعليم في هذه الفترة هي العلوم المرتبطة بالدين من تفسير وقراءة وحديث وفقه وأصول وغيرها. غير أنّ هذه العلوم لم تكن وحدها سيّدة الدرس والتدريس في حواضر بلاد المغرب على مدار كلّ هذه القرون، وإنّما كانت تدرّس مختلف العلوم العقليّة من رياضيّات وفلك وطبّ ومنطق وغير ذلك، وإن بدرجات متفاوتة. ولاشكّ أنّ التفاوت، تدريسا وتأليفا، كان قائما أيضا بين عواصم العلم: فاس والقيروان وتلمسان وبجاية ومراكش وغيرها من المناطق المغاربيّة.
ترمي هذه المائدة المستديرة إلى الوقوف على وضعية هذه العلوم "العقليّة" والتعريف بأعلام هذا العصر ومؤلّفاتهم ومساهماتهم العلميّة في مختلف حقول المعرفة؛ وذلك من خلال النبش والتعريف بنصوص علميّة في مجالات محدّدة، سواء كانت هذه النصوص مطبوعة أو مخطوطة، ودراسة وتقييم مخزونها العلميّ الذي لم يُستثمر في محيط كان قد دبّ الجمود والتقليد إلى مفاصله، وهيمنت في أوساطه التعليميّة، عموما، طريقة معيّنة في التأليف تعتمد على التلخيص وفي الدرس تعتمد على الحفظ.
ندعو الباحثين إلى المساهمة في كشف النقاب عن هذه المرحلة من بلاد المغرب الكبير عبر طَرْق باب أسئلة/محاور، من بين أخرى كثيرة قد تفرض نفسها في هذا الصدد، من قبيل:
أوّلا، ما هي بعض النماذج من النصوص والمفكّرين الذين اشتغلوا بالعلوم العقليّة من رياضيّات وفلك ومنطق وطبّ وأصول وفلسفة وجغرافيا وتاريخ واقتصاد واجتماع وغيرها في مرحلة ترسّخ الاعتقاد، أو كاد، بأنّها خالية من معالم أيّ فاعليّة عقليّة حقيقيّة، مهما كانت فرديّة أو هامشيّة؟
ومع افتراض، ثانيا، أنّ الإنتاج العلميّ لم يكن ممكنا في هذه الفترة إلا في شكل شروح وملخّصات وحواشي وأراجيز تسهّل نقل الأفكار النظريّة والعمليّة في العقيدة والتشريع والطبّ وغير ذلك، فهل تخلو هذه الملخّصات والحواشي والأراجيز من كلّ إبداع؟
ثمّ ماذا، ثالثا، عن مدارس العلم وبرامج التعليم وطرائق التدريس ومناهج البحث والتأليف وماذا عن خزانات الكتب في هذا العصر؟
ولا يخفى، رابعا، أنّ الخصوبة الفكريّة تقتضي توافر بيئة ملائمة وشروط اجتماعيّة وسياسيّة واقتصاديّة مناسبة وكذا تفاعلا وتواصلا بين العلماء وبين المدارس وتحفيز أهل العلم على العطاء في جوّ من المنافسة الشريفة. فهل توافرت شروط ما سياسيّة من قبيل تحفيز الحكام للعلماء على البحث، أو اقتصاديّة من رخاء في فترات ما من هذه المرحلة من تاريخ المغرب، أو منافسة بين مذاهب أو مدارس أو أشخاص وغير ذلك ممّا يمكن أن ينهض بالممارسة العلميّة؟
وأخيرا، ما هي الحالة الراهنة ممّا حقّق ونشر من نصوص رياضيّة وفلكيّة ومنطقيّة وأصوليّة وتاريخيّة وجغرافيّة وغير ذلك؟ ما وضع غير المنشور منه وما قيمته؟ وماذا كتب حديثا عن هذه الفترة من تاريخ المغرب العلمي؟
نقترح تسليط الضوء على مختلف أشكال الفاعلية العقليّة والحالة الفكريّة العامّة في بلاد المغرب الكبير في الفترة الممتدّة بين القرنين التاسع والثاني عشر الهجريّين في ضوء الأسئلة السابقة أو أسئلة أخرى ذات الصلة تحمل على أعلام هذا العصر وعلومه ومدارسه وما كتب عن ذلك حديثا وغير ذلك.