استفراد بالسُّلط وتعقيد للمساطر من أبرز مظاهرالمفهوم الجُمركي الجديد بالنّاظور
محمد دراز - ناظورسيتي
دوام الحال.. من المحال
في الوقت الذي تُباشر فيه مجهودات ملموسة على المديين المُتوسّط والبعيد من أجل النهوض بالوضعية الاجتماعية لساكنة الأقاليم الشمالية للمغرب عامّة، ووضعية إقليم الناظور بصفة خاصة، بنظرة تؤطّرها رغبات أعلى سُلط البلاد بالوقوف على أهم المشاكل الاقتصادية والتنموية للمنطقة، والتي منها ما ترجم إلى أوراش كبيرة ومشاريع ضخمة من المُنتظر أن تُغيّر البنية الاجتماعية للمنظقة نحو الأفضل، نجد من الإشكالات ما يقف بمثابة حجر عثرة وازن في وجه هذا الانتقال الاقتصادي. المأمول لكسب رهان التنمية البشرية المرفوع بإيلاء الأهمّية للعنصر البشري كجزء هام بمُعادلة الإشباع.
وإذا كانت ظاهرة التهريب من مليلية، التي عرفتها المنطقة منذ زمن، واحدة من أبشع الظواهر الاقتصادية ذات البُعد الاجتماعي الخطير، فإنّ المُلاحِظ يُمكن أن يلحظ بسلاسة بالغة مدى تقلّص نشاط التهريب المُنظّم الذي وصل إلى أدنى مستوياته رغم تحايُل بعض المُهرّبين بكساء نشاطهم بأشكال التهريب القوتي "المعيشي" الذي تُمارسه أسر َفقيرة تبتغي توفير قوت يومها، وهي الأُسر التي تتشكّل في الغالب من الأرامل وذوي العاهات المستديمة، وهي الشريحة التي تعرف تساهُلا مُعاملاتيا من لدن إدارة الجمارك وقد تم تسجيل تراجع كبير في عدد المحجوزات خلال السنوات الأخيرة بأن وصلت إلى أدنى المستويات، عدا بعض المواد المحظورة التي تنال مُعاملة جُمركية صارمة كالملابس المُستعملة، والخمور، كما سُجّل تناقص مُهمّ في عدد السيارات المجهولة، والمعروفة بـ "المقاتلات"، العاملة بحدود مدينة مليلية.
لا قطّ أنت ولا فأر أنا.. والقانون هو المرجع
مناظر لشاحنات مختلفة الأحجام أصبحت تسود وهي تخترق الطرقات، ناقلة لحاويات معدنية مُشتملة على سلع مُستوردة من الخارج بصفة قانونية مكّنتها من العبور صوب الوطن عبر ميناء بني انصار أو حدود مليلية المحتلة، في نتاج عملي مُترجم للإرادة القوية لأبناء المنطقة والعمل الجبار للفعالين والمنعشين الاقتصاديين ومحاولاتهم الطموحة للتغيير، في ظل ما يُمكن وصفه بوجود الوعي التام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة في القيام بالدور الهام الذي تضطلع به من جهتها لتأهيل المقاولة المغربية والرفع من مستوى تنافسيتها وذلك في إطار الأهداف المسطرة من طرف الإدارة لتبسيط المساطر المتعلق بحيازة البضائع، بهدف ملائمة العمليات الجمركية مع متطلبات وإكراهات المُناخ الاقتصادي الجديد ( سرعة المعالجة، التخفيض من العبء المالي ...) والمرور إلى مرحلة "صفر وثيقة"، حيث شهدت الفترة ما قبل الأخيرة سيادة علاقة جيدة بين الإدارة الجهوية للجمارك والضرائب غير المباشرة ببني انصار الناظور وكافة الفاعلين في مجال التجارة الدولية والمجتمع التجاري، وانتهت نسبيا وضعية القط والفأر التي سادت بين الطرفين سابقا، وأصبحت الجمارك خير عون نصح للمستوردين، خاصة وأن مدينة الناظور لوحدها تضم عبر شبكتها التجارية الكثيفة نحو 3000 محل تجاري، والعديد من الشركات التي تمارس العمليات التجارية الدولية من استيراد وتصدير، إلى جانب الالتحاق المكثف لشركات وتجار من أبناء مدينة مليلية المحتلة، ما أسفر على الإقبال الكثيف في استيراد معدات وسلع وسيطة تقوم عليها أنشطة المصانع من أجل إدارة عمليات الإنتاج، والتي تُساهم بدورتها الصناعية في تشغيل العمالة وخلق فرص عمل جديدة تعود بالنفع الكبير على النسيج الاقتصادية الوطني.
المُدير الإقليمي الجديد للجمارك.. وْحْدُو مْضْوّي لْبْلادْ
شلل في الحركة الاقتصادية ساد مُؤخّرا ببني انصار، وهو ما خلق أزمة حقيقة للمستوردين، وأحدث شرخا كبيرا في البناء الاقتصادي للإقليم وكذا الاستثمارات المحلية القادمة من مليلية المحتلة، كلّ ذلك نتيجة الإدارة الجديدة لشخص المدير الإقليمي الجديد نسبيا على رأس إدارة الجمارك والضرائب الغير المُباشرة . فمديرية بني انصار اختارت نظامها الجديد العامل بالقاعدة الذاتية للتشغيل عوض العمل بالنظام المعلوماتي الجديد للجمارك المُصطلح عليه بنظام بَدْر، زيادة على نزع العديد من الصلاحيات من رؤساء المصالح الجُمركية، ليقوم المُدير الإقليمي للجمارك بالتدخل في الشؤون الصغيرة والكبيرة مع عدم تفعيل التوصيات، مُفوّتا بذلك الاستفادة من التجارب التي خاضتها إدارة الجمارك في السابق، في ضرب لاستمرارية السير وفق الإستراتيجية التي وضعتها الإدارة المعنية على جميع المستويات.
كما فاجأ المدير الجديد للجمارك مرؤوسيه بممارسته المقرونة بالكثير من الإجحاف في حق أبناء الجالية المغربية من كبار السن، خصوصا حين قابل عددا من المتقاعدين بإجراءات تعسفية تمسّ رغبتهم في تدوين سياراتهم الخاصة التي جلبوها معهم للاستقرار في المغرب، وهو الإطار الذي يسمح بالاستفادة بنسبة الأعفاء الجمركي التي أقرّها المُشرّع قبل أن تتحوّل لدى الكثير من مُتقاعدي الجالية الوالجين من الناظور إلى مأزق كبير وموقف لا يحسد عليه بعد استيفائهم للمساطر وجلبوا معهم كل الوثائق المطلوبة لهذا الشأن، وذلك استنادا إلى المعلومات التي أخذوها بعد استفسار المسؤولين بالسفارات والقنصليات المُمثلة للمملكة المغربية في أرض المهجر، أو عبر موقع إدارة الجمارك والضرائب غير المباشر على شبكة الانترنت، إلاّ أنّ مُعاملة المُدير الجديد جمعت لديهم بين صعوبة إعادة السيارات التي تم شطبها من بلدان الإقامة ومشقّة العودة إلى استكمال الوثائق التي يطلبها المسؤول المذكور بالنّاظور، في الحين الذي تمّ تقديم نفس الملفات في مناطق أخرى بدون مشاكل تذكر، ودون لجوء لأخذ مكان ضمن الطوابير العريضة التي تنتظر لقاء كبير جُمركيي الإدارة
الزمن لم يعد يهمّ في المُعاملات بسيادة مُمارسات الزمن البائد
جل المستوردين والممارسين للتجارة الدولية بالمنطقة وجدوا أنفسهم رهينة قرارات مجحفة وأزمة مدمرة جراء الزيادة الصاروخية لتكلفة الاستخلاص الجمركي الذي تضاعف عشرات المرات على ما كان عليه الأمر من قبل وبدون سابق إنذار، مما سبب للبعض أزمة اقتصادية بدون أي سند قانوني وفي استعمال تشيزوفريني للسلطة التقديرية، حيث طال الإجحاف كذلك على يد الآمر بالصرف إجراءات الفحص والمعاينة التي تخضع لها السلع المستوردة بتعطيل الأخذ بمعطيات النظام المعلوماتي الجديد للجمارك (بدر) الذي تم تفعيله بداية السنة الحالية، إذ يتم إفراغ كل الحاويات والشاحنات في جميع الحالات، ما يعرض أصحابها للسرقات والاستفزازات، زيادة على التراكمات الكبيرة لمُستحقّات مُستودعات المرفأ. وقد نجمت عن التلكؤات التي يُسبّبها رئيس الإدارة الجُمركية والآمر بالصرف حريق مهول في المحطّة البحرية لبني أنصار، إذ اضطرّت شاحنتان إلى تشغيل مبردهما لأزيد من عشرين يوما قبل أن تندلع بهما النّيران جراء تماس كهربائي، وهو ما حرى بالمُستورد المُتضرّر إلى تحميل المسؤولية إلى المُدير الإقليمي الجديد للجمارك ومن معه . ليُفضّل البعض عدم مُباشرة إجراءات التعشير في انتظار تدخل الإدارة العامة للجمارك
صور مُعبّرة عن أكوام سلع طال انتظارها لتفعيل مساطر الجمركة