NadorCity.Com
 


البعد المحلي في التحولات السياسية


البعد المحلي في التحولات السياسية
فكري الأزراق

ليست التحولات التي عرفتها عملية صناعة القرار إلا جزءا من التحولات الشاملة العميقة والسريعة التي عرفتها مختلف المجتمعات العالمية وفي مقدمتها المجتمعات المتقدمة، فبروز التغييرات السياسية الجديدة والمطالب الاجتماعية المختلفة والتحولات الاقتصادية في مختلف بلدان العالم بالإضافة إلى الحاجة الملحة لتغيير الأنماط السياسية والسلطوية التقليدية جعل من إعادة صياغة الأنماط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية أحد الأولويات الكبرى في مختلف بقاع العالم لاسيما البلدان المتقدمة فإذا كان الفعل العمومي قد ارتكز منذ الحرب العالمية الثانية على فكرة التدخل الضروري للدولة المركزية فإن الأزمة الاقتصادية قد أعادت النظر بشكل شامل في هذه المعتقدات الكبرى التي اقتسمها العالم بأجمعه والتي قامت عليها مرحلة ما من تاريخ الدولة فما كان بالأمس عاملا للتقدم أصبح اليوم سببا للتراجع وهذا ما جعل الأنظمة الحاكمة في العالم بأسره تتجه نحو بيع وخوصصة المنشآت العمومية التي أممتها الدولة في مرحلة سابقة ،وتنحوا نحو تبني مشروعية سياسية جديدة قائمة على تعدد واختلاف الفاعلين واعتبار البعد المحلي محطة إستراتيجية في إعادة هيكلة الفعل والسياسات العمومية ، فالدولة المركزية التي تم اعتبارها وبشكل واسع أداة لحل المشاكل أصبحت الآن وبالنسبة للعديد من المفكرين وصناع القرار هي ذاتها مشكلة، وبالتالي لا بد من إبداع أشكال سياسية جديدة للإجابة عن مختلف القضايا المجتمعية بعدما أصبحت السلطة المركزية لم تعد تمتلك الوسائل الفعالة لمواجهة التراجع الاقتصادي وانعكاساته الاجتماعية الخطيرة، غير أن انسحاب السلطة المركزية من الشأن المحلي في العديد من البلدان المتقدمة لا يعني الغياب التام للسلطة المركزية بل يوحي إلى نموذج مرغوب فيه يساير هذه التحولات وبالتالي تكون السلطة المركزية هي تلك التي تساعد الفاعلين المحليين على مساعدة أنفسهم لتكون بذلك –أي السلطة المركزية- بمثابة الممول الرئيسي للخدمات ويصبح دورها يقتصر على المساعدة لضمان الالتقاء والاتصال والمساعدة على حل النزاعات، ووضع الشركاء على نفس الطاولة، ورفع الحواجز المالية والقانونية ،والسهر على المفاوضات أكثر من أخذ القرارات..

غير أنه وكيفما كانت التبريرات التي تعطي لانسحاب الدولة ، فإن الثابت هو الإجماع على كون مرحلة السبعينات من القرن الماضي شكلت مرحلة حاسمة لفهم التحولات والتبدلات السياسية والاقتصادية التي عرفها المجتمع الدولي ، فبعد أن حاول عالم الاقتصاد "كينز" التصدي بتحليلاته وتنظيراته لأزمة 1929 العالمية، حيث أدت تحليلاته إلى إعادة النظر في العلاقات الاجتماعية عبر التقليص من الفوارق الاجتماعية وتوطيد علاقة الدولة، والعناية بالديموقراطية الاجتماعية بما يتطلبه ذلك من توافق اجتماعي بين الدولة التي تمثل الرأسمال والنقابات التي تمثل الطبقة العاملة، ولم يعد بإمكان الدولة العناية في نهاية السبعينات بتجاوز المسألة الاجتماعية من جديد وأصبحت غير قادرة على إرساء توازنات اقتصادية واجتماعية جديدة بالنظر إلى تفاقم وتضخيم حجم الأزمة، فكان سؤال ما العمل؟ السؤال الرئيسي والعنوان العريض الذي أطر المرحلة. لتتمحور بعد ذلك مختلف الرؤى والإجابات عن السؤال في إطار تجاوز ثنائية المركز/الهامش وإعادة النظر في نسق القرار بإيلاء الأهمية للجماعات الترابية وللمجتمع المحلي بمختلف فاعليه في صناعة القرار . فبعدما انحصر دور الجماعات المحلية في وظيفة إدارية محضة لفترة طويلة دون أية دلالة اقتصادية تنموية بالنسبة لعلم الاقتصاد الذي من المفروض أن يكون له السبق في إدراك حجم وتجليات الأزمة التي يحتل فيها الجانب الاقتصادي موقعا أساسيا حيث النتيجة الأولى المباشرة والاستعجالية لهذه الأزمة هي ارتفاع معدل البطالة، فشهدت العديد من المجتمعات خصوصا المتقدمة انطلاق سياسات اللامركزية الترابية في أية سياسة أو تخطيط لما أصبحت تشكله المجالات الحضرية خصوصا من تهديد مباشر للنظام الاجتماعي والاقتصادي، وبالتالي انتقلت جل البلدان المتقدمة من السلطة المركزية المطلقة الشديدة التمركز في العاصمة إلى سلطات جهوية تمنح صلاحيات التسيير والتدبير لمختلف الجهات داخل الدولة الواحدة.













المزيد من الأخبار

الناظور

الفنان رشيد الوالي يخطف الأضواء خلال زيارته لأشهر معد "بوقاذيو نواتون" بالناظور

تلاميذ ثانوية طه حسين بأزغنغان يستفيدون من حملة تحسيسية حول ظاهرة الانحراف

بحضور ممثل الوزارة ومدير الأكاديمية.. الناظور تحتضن حفل تتويج المؤسسات الفائزة بالألوية الخضراء

البرلمانية فريدة خينيتي تكشف تخصيص وزارة السياحة 30 مليار سنتيم لإحداث منتجع سياحي برأس الماء

تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية

جماهير الفتح الناظوري تحتشد أمام مقر العمالة للمطالبة برحيل الرئيس

تعزية للصديقين فهد ونوردين بوثكنتار في وفاة والدتهما