د. بلقاسم الجطاري
جامعة محمد الأول – وجدة
بعد أن عانت المناطق الشمالية والشرقية لعقود طويلة من التهميش والإقصاء على مستوى المشاريع الإنمائية مقارنة بباقي جهات المملكة، حظيت هذه الربوع بعناية مولوية خاصة لاسيما بعد إعلان جلالته عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه الجهة والتي كانت بمثابة قطيعة مع السياسة الاستعمارية التي قسمت المغرب إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع ،وقد تجسدت هذه السياسة من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع التي استهدفت تنمية هذه الأقاليم وتمكينها من البنيات التحتية الأساسية. ولهذه الغاية أنشئت وكالة تنمية أقاليم الشمال ثم لاحقا وكالة تنمية الأقاليم الشرقية.
وفي هذا السياق رأت النور مجموعة من المشاريع الكبرى كان من صلب اهتمامها توفير البنيات التحتية والاقتصادية التي من شأنها أن تكون رافعة لتحقيق التنمية المستدامة، بعضها أنجز، من قبيل ميناء طنجة المتوسط، ومشروع السعيدية السياحي وربط الناظور بالشبكة السككية الوطنية ،وتوسيع ميناء الحسيمة، وإنجاز الطريق الساحلية، وبناء مطار الناظور العروي، وتوسيع مطار وجدة أنجاد، وبناء الطريق السيار وجدة – فاس، والميناء المتوسطي غرب الناظور، ومشروع مارتشيكاميد السياحي إلخ.
وتأتي هذه المشاريع في إطار سياسة ورؤية استراتيجية تستهدف تنمية المناطق الحدودية الشرقية أو المتاخمة للمدينتين المحتلتين في الشمال بغاية محاصرة أنشطة التهريب من خلال أدوات اقتصادية صرفة وإنعاش السوق الداخلية، وتوفير آليات لتحقيق الاندماج في الفضاء المتوسطي، ثم الفضاء المغاربي المحتمل.
إن ارتباط مفهوم التنمية بكل الأزمنة والأمكنة جعل المصطلح يفقد معناه عن قصد أو غير قصد. فمفهوم التنمية يظل مصطلحا مبهما ونسبيا ولا يمكن أن نستعمله بشكل عام وعلى نطاق واسع دون معرفة مسبقة بشروط وأهداف الاستعمال.
فالتنمية في نظرنا هو ذلك الإطار العام الذي يوفر ظروف حياة كريمة للإنسان عن طريق صياغة استراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الإمكانات وكذا الإكراهات.
إنه من الصعب التفكير في تنمية الريف دون معرفة دقيقة لموارده ونواقصه من جهة وإدماجه بطريقة جذرية في السياسة التنموية الوطنية من جهة ثانية.
يدخل في صلب تصور الجهوية الموسعة تحضير كل القطاعات والبنايات في أفق خلق تفاعل جدلي يهدف بالأساس إلى تحقيق الرخاء للإنسان الذي يعتبر العنصر الأساسي في نسق كل مشروع تنموي .
من هذا المنطلق صار الشعور ثوبا بِرَاهِنِيَّةِ الاهتمام بالمجال التنموي الجهوي المحلي وتَكَيُّفِ عناصره القابلة لأن تكون منتوجا اقتصاديا يساهم في توسيع وعاء الدخل المحلي وتحقيق روافد الدخل القومي.
إن التنمية المستدامة قي إطار الجهوية الموسعة هي في عمقها تحفيز المواطن للانخراط والمساهمة وفق آليات متداخلة يحصل بموجبها الاقتناع ثم الانخراط والمشاركة في قاطرة التنمية البشرية وكأني بذلك أريد أن أشير إلى مرحلة أساسية في سيرورة التنمية وهي إقناع المواطن وإخراجه من حالة الاغتراب المفروضة عليه في عناصر هويته وتكسير حواجز الممانعة ورد الاعتبار هي –في نظرنا- السبل الكفيلة لإنجاح التنمية المستدامة.
ولتحقيق ذلك لابد من تسطير الأهداف التالية:
1- تشخيص الواقع الميداني المحلي وإبراز الإشكاليات والأولويات.
2- تعبئة المؤهلات ذات العلاقة القوية بالكفاءة وترجمتها في شكل مبادرات تنموية وتحسيس الفاعلين المحليين بالانخراط في حركة تنموية تنطلق من التوجهات المستوحاة من الجهوية الموسعة لخلق التنمية الوطنية.
3- توظيف الديناميات والمبادرات المحلية المنبثقة عن المجتمع المدني في جهود تأهيل المجالات التنموية ووضع أسس استراتيجية محلية لتقويم الحس السوسيوثقافي اقتصادي لساكنة منطقة الريف.
4- وضع بنك للمعلومات والأفكار والمشاريع الكفيلة للمساعدة على تحقيق مختلف الأهداف من خلال جرد كافة المؤهلات المتوفرة.
وهنا لابد من التذكير أن المبادرات التنموية السابقة بمنطقة الريف غلب عليها طابع الاستعجال والبعد الأحادي والفردي الإداري والفردي التقني دون اعتبار للإنسان الذي يعتبر المحور الرئيسي في كل عملية تنموية فكان مآل هذه التجارب الفشل المطلق، فبدون اعتبار الإنسان العمود الفقري في كل مشروع تنموي وإشراك في اتخاذ القرار والمساهمة في صياغة هذا القرار فإن الفشل سوف يكون مآل هذه المشاريع لا محالة.
إن مطلب رد الاعتبار للمجال التنموي المحلي لجهة الريف يشتغل في ضوء هذه الاستراتيجية فليست المطالبة بتصحيح وإنقاذ الأقاليم الشمالية سوى عنصرا واحدا من عناصرها المتعددة ومستوياتها المختلفة.
جامعة محمد الأول – وجدة
بعد أن عانت المناطق الشمالية والشرقية لعقود طويلة من التهميش والإقصاء على مستوى المشاريع الإنمائية مقارنة بباقي جهات المملكة، حظيت هذه الربوع بعناية مولوية خاصة لاسيما بعد إعلان جلالته عن انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في هذه الجهة والتي كانت بمثابة قطيعة مع السياسة الاستعمارية التي قسمت المغرب إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع ،وقد تجسدت هذه السياسة من خلال إطلاق مجموعة من المشاريع التي استهدفت تنمية هذه الأقاليم وتمكينها من البنيات التحتية الأساسية. ولهذه الغاية أنشئت وكالة تنمية أقاليم الشمال ثم لاحقا وكالة تنمية الأقاليم الشرقية.
وفي هذا السياق رأت النور مجموعة من المشاريع الكبرى كان من صلب اهتمامها توفير البنيات التحتية والاقتصادية التي من شأنها أن تكون رافعة لتحقيق التنمية المستدامة، بعضها أنجز، من قبيل ميناء طنجة المتوسط، ومشروع السعيدية السياحي وربط الناظور بالشبكة السككية الوطنية ،وتوسيع ميناء الحسيمة، وإنجاز الطريق الساحلية، وبناء مطار الناظور العروي، وتوسيع مطار وجدة أنجاد، وبناء الطريق السيار وجدة – فاس، والميناء المتوسطي غرب الناظور، ومشروع مارتشيكاميد السياحي إلخ.
وتأتي هذه المشاريع في إطار سياسة ورؤية استراتيجية تستهدف تنمية المناطق الحدودية الشرقية أو المتاخمة للمدينتين المحتلتين في الشمال بغاية محاصرة أنشطة التهريب من خلال أدوات اقتصادية صرفة وإنعاش السوق الداخلية، وتوفير آليات لتحقيق الاندماج في الفضاء المتوسطي، ثم الفضاء المغاربي المحتمل.
إن ارتباط مفهوم التنمية بكل الأزمنة والأمكنة جعل المصطلح يفقد معناه عن قصد أو غير قصد. فمفهوم التنمية يظل مصطلحا مبهما ونسبيا ولا يمكن أن نستعمله بشكل عام وعلى نطاق واسع دون معرفة مسبقة بشروط وأهداف الاستعمال.
فالتنمية في نظرنا هو ذلك الإطار العام الذي يوفر ظروف حياة كريمة للإنسان عن طريق صياغة استراتيجية وطنية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الإمكانات وكذا الإكراهات.
إنه من الصعب التفكير في تنمية الريف دون معرفة دقيقة لموارده ونواقصه من جهة وإدماجه بطريقة جذرية في السياسة التنموية الوطنية من جهة ثانية.
يدخل في صلب تصور الجهوية الموسعة تحضير كل القطاعات والبنايات في أفق خلق تفاعل جدلي يهدف بالأساس إلى تحقيق الرخاء للإنسان الذي يعتبر العنصر الأساسي في نسق كل مشروع تنموي .
من هذا المنطلق صار الشعور ثوبا بِرَاهِنِيَّةِ الاهتمام بالمجال التنموي الجهوي المحلي وتَكَيُّفِ عناصره القابلة لأن تكون منتوجا اقتصاديا يساهم في توسيع وعاء الدخل المحلي وتحقيق روافد الدخل القومي.
إن التنمية المستدامة قي إطار الجهوية الموسعة هي في عمقها تحفيز المواطن للانخراط والمساهمة وفق آليات متداخلة يحصل بموجبها الاقتناع ثم الانخراط والمشاركة في قاطرة التنمية البشرية وكأني بذلك أريد أن أشير إلى مرحلة أساسية في سيرورة التنمية وهي إقناع المواطن وإخراجه من حالة الاغتراب المفروضة عليه في عناصر هويته وتكسير حواجز الممانعة ورد الاعتبار هي –في نظرنا- السبل الكفيلة لإنجاح التنمية المستدامة.
ولتحقيق ذلك لابد من تسطير الأهداف التالية:
1- تشخيص الواقع الميداني المحلي وإبراز الإشكاليات والأولويات.
2- تعبئة المؤهلات ذات العلاقة القوية بالكفاءة وترجمتها في شكل مبادرات تنموية وتحسيس الفاعلين المحليين بالانخراط في حركة تنموية تنطلق من التوجهات المستوحاة من الجهوية الموسعة لخلق التنمية الوطنية.
3- توظيف الديناميات والمبادرات المحلية المنبثقة عن المجتمع المدني في جهود تأهيل المجالات التنموية ووضع أسس استراتيجية محلية لتقويم الحس السوسيوثقافي اقتصادي لساكنة منطقة الريف.
4- وضع بنك للمعلومات والأفكار والمشاريع الكفيلة للمساعدة على تحقيق مختلف الأهداف من خلال جرد كافة المؤهلات المتوفرة.
وهنا لابد من التذكير أن المبادرات التنموية السابقة بمنطقة الريف غلب عليها طابع الاستعجال والبعد الأحادي والفردي الإداري والفردي التقني دون اعتبار للإنسان الذي يعتبر المحور الرئيسي في كل عملية تنموية فكان مآل هذه التجارب الفشل المطلق، فبدون اعتبار الإنسان العمود الفقري في كل مشروع تنموي وإشراك في اتخاذ القرار والمساهمة في صياغة هذا القرار فإن الفشل سوف يكون مآل هذه المشاريع لا محالة.
إن مطلب رد الاعتبار للمجال التنموي المحلي لجهة الريف يشتغل في ضوء هذه الاستراتيجية فليست المطالبة بتصحيح وإنقاذ الأقاليم الشمالية سوى عنصرا واحدا من عناصرها المتعددة ومستوياتها المختلفة.