حاوره محمد مقصيدي
عن مرايا بريس
تحية مليئة بالتقديــر. يـشـرفـنا مـد خيوط الكلام والأفكار مع مناضل من طينة وعيار الأستاذ أحمد الدغرني الأمين العام للحزب الأمازيغي الديموقراطي المغربي الذي حلته ماكينة الدولة، والمدافع عن قضايا الحرية وحقوق الإنسان في المغرب. مرحبا بك في قلوبنا لتشعل بعض الشموع من أجل المغرب الجديد.
طبعا، تنظرون باستياء كبير لحل الحزب . أين كان الخلل بالضبط لإشعال التوتر بينكم وبين الدولة ما دامت سمحت لكم بالإشتغال سالفا ؟ وما تقييمكم لمسار الحزب ومآله ؟
نعم، يشعر المؤسسون للحزب اليموقراطي الامازيغي باستياء من سلوك الدولة المغربية تجاه الحزب، والدولة المبنية على الخنوع والولاء السياسي يضرها أي نوع من الاستياء ،لانه ينقص من وزنها ، ويهدم مزاعمها حول المساواة والديموقراطية، والدولة هي الخاسر الأول في فقدان الثقة بسياستها الحالية من طرف الأمازيغ، وعليها ان تنتظر سوء العواقب.. أما الخلل فيوجد في كوننا نعيش تحت حكم دولة تعتبر نفسها عربية، وتحكم شعبا أمازيغيا، ولايمكن في الواقع تصور حزب أمازيغي في دولة عربية، ولذلك يصبح الخلل
ظاهرا لا لبس عليه،لأن الحزب السياسي هو مشروع حكم، ولايمكن الحديث عن حزب بدون مشروع حكم، وهذا التناقض موروث منذ قرون طويلة من الزمن ، ونحن الآن نحاول حل هذا التناقض، والدولة نفسها تعيش بحدة هذا التناقض،بين عروبة الدول، وأمازيغية الشعب..
وليس صحيحا ان يقال بأن الدولة سمحت لنا سابقا بتأسيس الحزب الديموقراطي الأمازيغي ، بل ان الدولة حاولت بجميع الوسائل القضاء على الحزب منذ تأسيسه ، لكنها كانت تعيش التناقضات، وتوجد تحت ضغوط الرأي العام، وأخيرا استقر رأي أجهزة الحكم على جعل القضاء وسيلة تستخدم لتصبح العدالة تحمل في التاريخ ظلم السياسة.. أما مآل الحزب ، فيرتبط بمآل الدولة العربية في المغرب، فاذا تكرست عروبة الدولة فان الحزب سيبقى تحت حكم الدولة العربية منهزما تحت الخضوع .. والأمثلة كثيرة ، مقتل كسيلة بن لمزم من طرف حسان ابن النعمان، ومقتل الأميرة تهيا، آخر زعيمة حاكمة لبلادالأمازيغ، قبل اقامة الدولة العربية في تامازغا ، وفي الأخير دولة الريف التي أسسها الخطابي...
أثار تأييدكم لجمعية الصداقة اليهودية الأمازيغية حفيظة الكثيرين داخل المغرب , وتحملتم على أكتافكم عبء ذلك ، بل حاول البعض تلطيخ سمعتكم بحرب الإشاعات وتضليل الرأي العام بتهويل القضية وتلوينها بأبعاد أخرى . نريد أن نعرف أهدافكم من وراء ذلك ؟ وهل بالإمكان وصول الجمعية إلى أهدافها, في ظل الأحكام الجاهزة والنهائية ضد اليهود وإسرائيل ، سواء من طرف العرب أو حتى بعض الأطياف الأمازيغية التي هاجمتكم مباشرة بلا هوادة أو تريث ؟ وأين وصل مشروع الجمعية الآن ؟
الهدف واضح ، هو تكريس الديبلوماسية الشعبية التي انطلقت على يد الأمازيغ بالاتصال مع العالم الخارجي، وبما أننا نوجد تحت حكم دولة عربية، فلابد من فتح العلاقات مع العجم كافة مثل اليهود والهنود والفرس وغيرهم، وعلى الأمازيغ أن يعتبروا اليهود جزءا فقط من سياسة عامة، تنفتح على غير العرب، ولذلك فنحن ضد قطع المغرب العلاقات مع ايران، ومع حرية التجارة مع كوريا والصين ، والهند،وباكستان وأفغانستان والأكراد، وغير هؤلاء، وأنا ادعو الى انشاء جمعية الصداقة الامازيغية الهندوسية والفرسية والافغانية والكردية والفيتنامية، والروسية وغيرها، وهذا وعي جديد ومهم لنفرض وجودنا أمام العالم، وأما معارضة العرب لسياستنا فهو أمر طبيعي ،لأنهم يدافعون عن دولهم وقوميتهم على حساب الأمازيغ، وهم في موقع القوة، وعليهم أن يكونو منفتحين ومتسامحين حتى يمكن أن نعيش في جو السلام والتعدد والحرية ..
أما مشروع جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية فهو قطرة في بحر، بالنسبة للهند والفرس وجنوب افريقيا وجنوب السودان، والروس ودول البلقان ودول آسيا مثل اندونيسيا وغيرها نحن في بداية الفهم والعمل السياسي ،بعد زمن طويل من انشاء الدول العربية في بلاد الامازيغ.. ولذلك فالأمازيغ الذين الفوا دولة العروبة نسوا اصولهم وحكمهم ،لاينتظر منهم سوى التظاهر بمحاربة الصداقة مع العجم..والامازيغ المستفيدين من الدولة العربية اكثر عداوة من العرب انفسهم،فالحملة من داخل أجهزة الدولة العربية يقودها بالوساطة مرتزقة الامازيغ، فلم يهاجم عربي واحد الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي وانما هاجمه خونة يقولون اولا بأنهم أمازيغ، وقد لقينا استقبالا حسنا من قنوات العرب مثل الجزيرة والعالم والعربية معاملة طيبة، في حين ان صحافيي الأمازيغية في القنوات المغربية خائفون منا ولم يجرؤ أي واحد من الصحافيين ولا القنوات من تمرير خطاب الحزب في التلفزات والاذاعات بل تلقوا تعليمات بسد وسائل الاعلام المغربية في وجوه شخصيات الحزب ومشاركته في الاعلام وسخر بعضهم للادلاء بتصريحات معادية ولا أحد ممن يدعي انه عربي من المغاربة ظهر على وسائل الاعلام يهاجم الحزب مثل ماعرف به رئيس مدى الحياة لجمعية امازيغية مسخرة ضد الحزب
تعرضتم في الأيام الأخيرة إلى تهديدات بالتصفية الجسدية من طرف بعض الإرهابيين، ما هي المعلومات التي وصلتكم عن التهديد وأسبابه الحقيقية والجهات التي دفعت به ؟
التهديدات كثيرة، ومستمرة، وهي متنوعة منها ماهو كلام ، وقذف ، وتضييق على الحريات، وأخيرا التصفية الجسدية ، نحن في علاقات سيئة مع الدولة العربية لأنها أيضا تشعر بالتهديد، ولا تريد أن تقبل الحلول العقلانية وتلتجئ الى همجية المنع والتهديد وهذه مظاهر مألوفة، ونحن واعون بها،اما الجهات الحقيقية فهي الجهات التي تريد أن تحكم بالعنف وتفرض العروبة ولها سوابق كثيرة، فعندما قوي حزب البعث في العراق قررمحو ايران من الوجود، وعندما قوي الناصريون في السودان قرروا محو الافارقة في جنوب تلك البلاد، والنموذج الصارخ موجود عندنا في الصحراء..
وتلبس منظمات العنف اثوابا متنوعة، وقناعات مصنوعة من طرف أجهزة المخابرات، وأنا شخصيا اعتبر تنظيم القاعدة غير عربي في أغلبية جمهوره ، ودعاة العروبة هم المتشددون ضد الأمازيغ،ولكن الموت والحياة ليست بيد أحد منهم ولـو كانت بيده لضمن الحياة والدوام لنفسه، فالعمود الفقري للقاعدة هم الأفغان والباكستان، وغيرهم من العجم، أما العرب فلديهم منظمات أخرى أكثر كرها للأمازيغ مثل حماس وحزب الله ومنظمات التطرف الفلسطيني ..
كيف تتعاملون مع فتوى القتل، ونحن نعرف أن مثل هذه الأمور لا ينبغي التعاطي معها باللامبالاة ؟
القتل ليس مجرد فتوى بل هو أصلا قانون طبيعي، لأننا سنموت حتى لو لم تصدر أية فتوى ضدنا، والمشكل هو التعامل مع الموت، وليس مع الفتوى ، والذين يصدرون الفتاوي بالقتل ينسون موتهم ولا إيمان لهم بالله .. وأنا غير مقتنع بما يروج حول القاعدة، ولكني مقتنع بخبث المخابرات في شمال افريقيا، ولي معلومات مدققة بأن بعض أئمة وزارة الأوقاف المغربية ألقوا ضدي خطب الجمعة في عدة مدن منها طنجة ، القنيطرة ، الناضور ،سلا، قبيل أسابيع من وصول التهديد الى عنواني الالكتروني ،وتحريض أئمة الجمعة لابد أنه في علم السلطات، وهو توجيه خطير وأنتظر نتائج التحقيق مع هؤلاء الأئمة.. أما القاعدة فهي تنظيم سري لاعلم لي بما يروج لديهم حولي .. وما هو ملموس هو تحريض بعض الصحف في المغرب والائمة وبعض المنظمات الموالية لأجهزة العروبة..
ما موقفكم من تجمع مراكش لإنشاء حزب أمازيغي جديد ؟ وفي أي محطة تسير الآن التنسيقات ؟ وما الإختلاف الجوهري بينه وبين حزبكم السابق ؟ أم سيسير على نفس خطواته وبنفس المرجعيات ؟
يصعب الحديث عن حزب جديد وأنا وضحت أن طبيعة الدولة هي العروبة، والجديد سيكون بتغيير شئ من طبيعة الدولة، حتى يمكن ان نقول بأن دولتنا ذات طبيعة تعددية او ديموقراطية مشتركة ، ان الحركة الوطنية بين قوسين ورطت المغرب في دولة العروبة ونحن جميعا يجب علينا ان نعالج عملية الخروج من هذه الورطة الخطيرة ، ولاشك ان الملك محمد السادس يحاول الخروج من مأزق العروبة وما يرتبط بها من أثقال غير ملائمة لوقتنا ولذلك فنحن نمهد الطريق لدولتنا الديموقراطية التي نريد ان نعيش فيها جميعا بدون استثناء. وفي الافق تظهر ضرورة تغيير قوانين الاحزاب، وتعديل الدستور،وفي الوضع الحالي هناك ثلاثة اطراف تتحكم في اللعبة طرف التحالف اليميني اليساري الذي يقوده حزب الاصالة والمعاصرة، وهو ضد فكرة الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي وهو المسؤل عن محنتناعندما كان عالي الهمة يسير وزارة الداخلية، وهو الآن اقوى مما كان عليه، واتضح ان هذا الحزب يخطط للتراجع عن مهام المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ويقوم طاقمه بدعاية مستمرة ضد المعهد، كما ظهر من سياسة وزيره في التعليم تكريس فشل تدريس الامازيغة... والطرف الثاني هو لوبي الحزبيين الذين يتولون حاليا الوزارة الاولى ووزارات الدولة وهم لوبيات عائلية نافذة وشبكات مسيطرة على الاموال والادارات، وهؤلاء متوافقون على برامج الحركة الوطنية بين قوسين وضد أي جديد فيما يخص الحزب الامازيغي وطرف ثالث هو القصر الملكي، وبتحليل الوضع السياسي الحالي يظهر ان الحزبية التي تحترم نفسها سوف تعيش محنة الوجود امام قوة اصحاب التهريب والمخدرات ،ومستغلي نفوذ الدولة الذين سيطروا على اهم مواقع الدولة، والمغاربة في هذه الفترة يعيشون وضعية سياسية صعبة مرتبطة بمصير الصحراء ، وسياسة اوباما، ومستقبل اليمين الفرنسي الذي يسيطر على المغرب...فالسياسة الافريقية لاوباما لاتزال لم تشمل الأمازيغ..
بصفتكم محاميا ومدافعا عن قضية المعتقلين الأمازيغيين في مكناس والذين وصلت الأحكام في حقهم إلى 10 سنوات، هل بالإمكان التوضيح للرأي العام ما حدث بالضبط في تلك القضية ؟ وهل حقا، كانت محاكمة سياسية وليست قانونية ؟ وأين تكمن إشارات ذلك ؟
محاكمة مكناس واكادير والراشدية متوازية مع دعوى وزارة الداخلية ضد الحزب ففي اوائل شهر ماي 2007 كنت بمكناس اتابع كمحامي تقديم الطلبة المعتقلين الى النيابةالعامة بلغني ان وزير الداخلية طلب من الوكيل القضائي رفع دعوى حل الحزب، فهي تهديد، وجزاء على كوننا لم نتخل عن المعتقلين بمكناس والراشدية واكادير، وتعتبر الدولة العربية في المغرب بأن اعتقال الطلبة هو جزء مهم من محاربة السياسة الامازيغية، وتتابع الاجهزة حاليا سلسلة المحاربة في جميع الجهات، وخاصة المناطق الصحراوية مثل تاغجيجت،واقترح على الباحثين في مجال الامازيغية ان يشرعوا فورا في دراسة سلسلة المحاكمات التي بدأت سنة 2007ضد الامازيغ في المغرب،وهو ملف ضخم يرتبط به المصير السياسي للأمازيغية في مرحلتنا هذه فقد عرفت فترة2007-2009اكبرعدد من المحاكمات الموجهة ضد الامازيغ في بولمان دادس ، وصفرو ، وايت باعمران،وميدالت، ومكناس ، وأكادير والحسيمة..
ما ملاحظاتكم ونوع العلاقات التي تربطكم بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ؟وهل حققت الحركة الأمازيغية مكاسب عبر نضالها في المغرب بالمقارنة مع نظيراتها في دول أخرى ؟
العلاقات مع المعهد الملكي للثقافة الامازيغية عادية، وعلينا جميعا ان نحافظ على وجود المعهد ، ونسعى الى ما هو احسن منه،أما الحركة الامازيغية بالمغرب فهي تتقدم وتحقق بعض المكاسب ، وهناك امل كبير في المستقبل، وما يجري في الجزائر وليبيا ومناطق التوارق وتونس وموريطانيا هو تكامل وتنوع يغني نتائج العمل الجماعي للأمازيغ، والجميع يحقق بعض الخطوات الى الأمام احسن من السنوات الفارطة
في كثير من الأحيان، تتعالى الأصوات بضرورة الإصلاح الدستوري، أين تضعون أقدامكم داخل هذه الدائرة ؟ وما هي التعديلات الضرورية التي ترونها شرطا أساسيا من أجل الدخول بالأمازيغية في المغرب إلى مكانها الطبيعي ورد الإعتبار لها , وهل علمانية المغرب على لائحة مطالبكم ؟
مطلب الدسترة للأمازيغية هو ركن اساسي في مطالبنا، وسوف يتحقق في الامد القريب
بالرغم من العوائق الحالية،التعديلات بسيطة وواقعية تتعلق بالاعتراف الدستوري بالهوية الامازيغية للمغرب،وبلغتنا وحقوقنا في جميع المجالات مع الانفتاح والتعددوقبول الآخر..
اما العلمانية فهي موضوع اهتمام الاسلاميين والديموقراطيين جميعا،وفرنسا التي تفرض سياستها على المغرب هي دولة علمانية، ولذلك فالعلمانية لها ضمانات فرنسية حتى ولو لم تتضمنها قوانين المغرب،والعلمانية تفرضها العولمة، وحرية التجارة...وهي تطبق شئنا ام ابينا..ولكن العلمانية كما يعرف الجميع قد تصبح علمانية ديكتاتورية كما وقع ببعض الدول الالحادية التي تمحو الدين وتقيم الاستبداد بتبديل الدين بأيديولوجية السلطة وهي اخطر من الدين..او علمانية على شكل مناهضة الاقطاع لنفوذ الارستقراطية الدينية...
كيف تنظرون لحقوق الإنسان في المغرب ؟ خاصة مع الإعتقالات الكثيرة التي بصمت 2009 ، وكذا ما طال الصحافة من ارتكاسات فاضحة ...
ازمة حقوق الانسان في المغرب مرتبطة ايضا بالاطراف الثلاثة التي شرحت سابقا والتي تتحكم في المجال السياسي، ومرتبطة بقوة اجهزة التحكم المختلفة ، اما المنظمات الحقوقية، التي يحتفظ بها المخزن فهي مثل الاحزاب التقليدية ا صبحت منضمة الى الواجهة الديموقراطية لتبرير الوضعية المزرية التي يعيشها الشعب في مجال حقوق الانسان ، وينتظر ان تقع تغيرات جوهرية في وضعية الجمعيات الحقوقية بعد تغيير الدستور ونهاية ملف الصحراء...ونلاحظ ان المنظمات الحقوقية التي تحاول الحفاظ على معالمها الامازغية تواجه نفس الصعوبات التي واجهها الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي.
كلمة أخيرة، توجهونها للمغاربة ولمناضلي الحركة الامازيغية وللنظام المخزني ولهؤلاء الظلاميون الذين أفتوا بقتلكم ؟
في الختام ادعوا الدولة الى ان تعمل على تجاوز مرحلة تعريب الدولة الى دولة مشتركة، كما ادعو الحركات المنتمية الى مجال السياسة الدينية ان تجعل اسلام اليوم دينا للجميع ولا يمارسوا العنف ،لأن الاديان نفسها تحتاج الى السلام ونبذ الخوف كما تحتاج الى الاقناع والجدل المتحضر..اما الامازيغ فانني ادعوهم الى التسييس وتخطيط برامج المستقبل والنضال من اجل دول مشتركة بين المكونات المختلفة.
عن مرايا بريس
تحية مليئة بالتقديــر. يـشـرفـنا مـد خيوط الكلام والأفكار مع مناضل من طينة وعيار الأستاذ أحمد الدغرني الأمين العام للحزب الأمازيغي الديموقراطي المغربي الذي حلته ماكينة الدولة، والمدافع عن قضايا الحرية وحقوق الإنسان في المغرب. مرحبا بك في قلوبنا لتشعل بعض الشموع من أجل المغرب الجديد.
طبعا، تنظرون باستياء كبير لحل الحزب . أين كان الخلل بالضبط لإشعال التوتر بينكم وبين الدولة ما دامت سمحت لكم بالإشتغال سالفا ؟ وما تقييمكم لمسار الحزب ومآله ؟
نعم، يشعر المؤسسون للحزب اليموقراطي الامازيغي باستياء من سلوك الدولة المغربية تجاه الحزب، والدولة المبنية على الخنوع والولاء السياسي يضرها أي نوع من الاستياء ،لانه ينقص من وزنها ، ويهدم مزاعمها حول المساواة والديموقراطية، والدولة هي الخاسر الأول في فقدان الثقة بسياستها الحالية من طرف الأمازيغ، وعليها ان تنتظر سوء العواقب.. أما الخلل فيوجد في كوننا نعيش تحت حكم دولة تعتبر نفسها عربية، وتحكم شعبا أمازيغيا، ولايمكن في الواقع تصور حزب أمازيغي في دولة عربية، ولذلك يصبح الخلل
ظاهرا لا لبس عليه،لأن الحزب السياسي هو مشروع حكم، ولايمكن الحديث عن حزب بدون مشروع حكم، وهذا التناقض موروث منذ قرون طويلة من الزمن ، ونحن الآن نحاول حل هذا التناقض، والدولة نفسها تعيش بحدة هذا التناقض،بين عروبة الدول، وأمازيغية الشعب..
وليس صحيحا ان يقال بأن الدولة سمحت لنا سابقا بتأسيس الحزب الديموقراطي الأمازيغي ، بل ان الدولة حاولت بجميع الوسائل القضاء على الحزب منذ تأسيسه ، لكنها كانت تعيش التناقضات، وتوجد تحت ضغوط الرأي العام، وأخيرا استقر رأي أجهزة الحكم على جعل القضاء وسيلة تستخدم لتصبح العدالة تحمل في التاريخ ظلم السياسة.. أما مآل الحزب ، فيرتبط بمآل الدولة العربية في المغرب، فاذا تكرست عروبة الدولة فان الحزب سيبقى تحت حكم الدولة العربية منهزما تحت الخضوع .. والأمثلة كثيرة ، مقتل كسيلة بن لمزم من طرف حسان ابن النعمان، ومقتل الأميرة تهيا، آخر زعيمة حاكمة لبلادالأمازيغ، قبل اقامة الدولة العربية في تامازغا ، وفي الأخير دولة الريف التي أسسها الخطابي...
أثار تأييدكم لجمعية الصداقة اليهودية الأمازيغية حفيظة الكثيرين داخل المغرب , وتحملتم على أكتافكم عبء ذلك ، بل حاول البعض تلطيخ سمعتكم بحرب الإشاعات وتضليل الرأي العام بتهويل القضية وتلوينها بأبعاد أخرى . نريد أن نعرف أهدافكم من وراء ذلك ؟ وهل بالإمكان وصول الجمعية إلى أهدافها, في ظل الأحكام الجاهزة والنهائية ضد اليهود وإسرائيل ، سواء من طرف العرب أو حتى بعض الأطياف الأمازيغية التي هاجمتكم مباشرة بلا هوادة أو تريث ؟ وأين وصل مشروع الجمعية الآن ؟
الهدف واضح ، هو تكريس الديبلوماسية الشعبية التي انطلقت على يد الأمازيغ بالاتصال مع العالم الخارجي، وبما أننا نوجد تحت حكم دولة عربية، فلابد من فتح العلاقات مع العجم كافة مثل اليهود والهنود والفرس وغيرهم، وعلى الأمازيغ أن يعتبروا اليهود جزءا فقط من سياسة عامة، تنفتح على غير العرب، ولذلك فنحن ضد قطع المغرب العلاقات مع ايران، ومع حرية التجارة مع كوريا والصين ، والهند،وباكستان وأفغانستان والأكراد، وغير هؤلاء، وأنا ادعو الى انشاء جمعية الصداقة الامازيغية الهندوسية والفرسية والافغانية والكردية والفيتنامية، والروسية وغيرها، وهذا وعي جديد ومهم لنفرض وجودنا أمام العالم، وأما معارضة العرب لسياستنا فهو أمر طبيعي ،لأنهم يدافعون عن دولهم وقوميتهم على حساب الأمازيغ، وهم في موقع القوة، وعليهم أن يكونو منفتحين ومتسامحين حتى يمكن أن نعيش في جو السلام والتعدد والحرية ..
أما مشروع جمعية الصداقة الأمازيغية اليهودية فهو قطرة في بحر، بالنسبة للهند والفرس وجنوب افريقيا وجنوب السودان، والروس ودول البلقان ودول آسيا مثل اندونيسيا وغيرها نحن في بداية الفهم والعمل السياسي ،بعد زمن طويل من انشاء الدول العربية في بلاد الامازيغ.. ولذلك فالأمازيغ الذين الفوا دولة العروبة نسوا اصولهم وحكمهم ،لاينتظر منهم سوى التظاهر بمحاربة الصداقة مع العجم..والامازيغ المستفيدين من الدولة العربية اكثر عداوة من العرب انفسهم،فالحملة من داخل أجهزة الدولة العربية يقودها بالوساطة مرتزقة الامازيغ، فلم يهاجم عربي واحد الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي وانما هاجمه خونة يقولون اولا بأنهم أمازيغ، وقد لقينا استقبالا حسنا من قنوات العرب مثل الجزيرة والعالم والعربية معاملة طيبة، في حين ان صحافيي الأمازيغية في القنوات المغربية خائفون منا ولم يجرؤ أي واحد من الصحافيين ولا القنوات من تمرير خطاب الحزب في التلفزات والاذاعات بل تلقوا تعليمات بسد وسائل الاعلام المغربية في وجوه شخصيات الحزب ومشاركته في الاعلام وسخر بعضهم للادلاء بتصريحات معادية ولا أحد ممن يدعي انه عربي من المغاربة ظهر على وسائل الاعلام يهاجم الحزب مثل ماعرف به رئيس مدى الحياة لجمعية امازيغية مسخرة ضد الحزب
تعرضتم في الأيام الأخيرة إلى تهديدات بالتصفية الجسدية من طرف بعض الإرهابيين، ما هي المعلومات التي وصلتكم عن التهديد وأسبابه الحقيقية والجهات التي دفعت به ؟
التهديدات كثيرة، ومستمرة، وهي متنوعة منها ماهو كلام ، وقذف ، وتضييق على الحريات، وأخيرا التصفية الجسدية ، نحن في علاقات سيئة مع الدولة العربية لأنها أيضا تشعر بالتهديد، ولا تريد أن تقبل الحلول العقلانية وتلتجئ الى همجية المنع والتهديد وهذه مظاهر مألوفة، ونحن واعون بها،اما الجهات الحقيقية فهي الجهات التي تريد أن تحكم بالعنف وتفرض العروبة ولها سوابق كثيرة، فعندما قوي حزب البعث في العراق قررمحو ايران من الوجود، وعندما قوي الناصريون في السودان قرروا محو الافارقة في جنوب تلك البلاد، والنموذج الصارخ موجود عندنا في الصحراء..
وتلبس منظمات العنف اثوابا متنوعة، وقناعات مصنوعة من طرف أجهزة المخابرات، وأنا شخصيا اعتبر تنظيم القاعدة غير عربي في أغلبية جمهوره ، ودعاة العروبة هم المتشددون ضد الأمازيغ،ولكن الموت والحياة ليست بيد أحد منهم ولـو كانت بيده لضمن الحياة والدوام لنفسه، فالعمود الفقري للقاعدة هم الأفغان والباكستان، وغيرهم من العجم، أما العرب فلديهم منظمات أخرى أكثر كرها للأمازيغ مثل حماس وحزب الله ومنظمات التطرف الفلسطيني ..
كيف تتعاملون مع فتوى القتل، ونحن نعرف أن مثل هذه الأمور لا ينبغي التعاطي معها باللامبالاة ؟
القتل ليس مجرد فتوى بل هو أصلا قانون طبيعي، لأننا سنموت حتى لو لم تصدر أية فتوى ضدنا، والمشكل هو التعامل مع الموت، وليس مع الفتوى ، والذين يصدرون الفتاوي بالقتل ينسون موتهم ولا إيمان لهم بالله .. وأنا غير مقتنع بما يروج حول القاعدة، ولكني مقتنع بخبث المخابرات في شمال افريقيا، ولي معلومات مدققة بأن بعض أئمة وزارة الأوقاف المغربية ألقوا ضدي خطب الجمعة في عدة مدن منها طنجة ، القنيطرة ، الناضور ،سلا، قبيل أسابيع من وصول التهديد الى عنواني الالكتروني ،وتحريض أئمة الجمعة لابد أنه في علم السلطات، وهو توجيه خطير وأنتظر نتائج التحقيق مع هؤلاء الأئمة.. أما القاعدة فهي تنظيم سري لاعلم لي بما يروج لديهم حولي .. وما هو ملموس هو تحريض بعض الصحف في المغرب والائمة وبعض المنظمات الموالية لأجهزة العروبة..
ما موقفكم من تجمع مراكش لإنشاء حزب أمازيغي جديد ؟ وفي أي محطة تسير الآن التنسيقات ؟ وما الإختلاف الجوهري بينه وبين حزبكم السابق ؟ أم سيسير على نفس خطواته وبنفس المرجعيات ؟
يصعب الحديث عن حزب جديد وأنا وضحت أن طبيعة الدولة هي العروبة، والجديد سيكون بتغيير شئ من طبيعة الدولة، حتى يمكن ان نقول بأن دولتنا ذات طبيعة تعددية او ديموقراطية مشتركة ، ان الحركة الوطنية بين قوسين ورطت المغرب في دولة العروبة ونحن جميعا يجب علينا ان نعالج عملية الخروج من هذه الورطة الخطيرة ، ولاشك ان الملك محمد السادس يحاول الخروج من مأزق العروبة وما يرتبط بها من أثقال غير ملائمة لوقتنا ولذلك فنحن نمهد الطريق لدولتنا الديموقراطية التي نريد ان نعيش فيها جميعا بدون استثناء. وفي الافق تظهر ضرورة تغيير قوانين الاحزاب، وتعديل الدستور،وفي الوضع الحالي هناك ثلاثة اطراف تتحكم في اللعبة طرف التحالف اليميني اليساري الذي يقوده حزب الاصالة والمعاصرة، وهو ضد فكرة الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي وهو المسؤل عن محنتناعندما كان عالي الهمة يسير وزارة الداخلية، وهو الآن اقوى مما كان عليه، واتضح ان هذا الحزب يخطط للتراجع عن مهام المعهد الملكي للثقافة الامازيغية ويقوم طاقمه بدعاية مستمرة ضد المعهد، كما ظهر من سياسة وزيره في التعليم تكريس فشل تدريس الامازيغة... والطرف الثاني هو لوبي الحزبيين الذين يتولون حاليا الوزارة الاولى ووزارات الدولة وهم لوبيات عائلية نافذة وشبكات مسيطرة على الاموال والادارات، وهؤلاء متوافقون على برامج الحركة الوطنية بين قوسين وضد أي جديد فيما يخص الحزب الامازيغي وطرف ثالث هو القصر الملكي، وبتحليل الوضع السياسي الحالي يظهر ان الحزبية التي تحترم نفسها سوف تعيش محنة الوجود امام قوة اصحاب التهريب والمخدرات ،ومستغلي نفوذ الدولة الذين سيطروا على اهم مواقع الدولة، والمغاربة في هذه الفترة يعيشون وضعية سياسية صعبة مرتبطة بمصير الصحراء ، وسياسة اوباما، ومستقبل اليمين الفرنسي الذي يسيطر على المغرب...فالسياسة الافريقية لاوباما لاتزال لم تشمل الأمازيغ..
بصفتكم محاميا ومدافعا عن قضية المعتقلين الأمازيغيين في مكناس والذين وصلت الأحكام في حقهم إلى 10 سنوات، هل بالإمكان التوضيح للرأي العام ما حدث بالضبط في تلك القضية ؟ وهل حقا، كانت محاكمة سياسية وليست قانونية ؟ وأين تكمن إشارات ذلك ؟
محاكمة مكناس واكادير والراشدية متوازية مع دعوى وزارة الداخلية ضد الحزب ففي اوائل شهر ماي 2007 كنت بمكناس اتابع كمحامي تقديم الطلبة المعتقلين الى النيابةالعامة بلغني ان وزير الداخلية طلب من الوكيل القضائي رفع دعوى حل الحزب، فهي تهديد، وجزاء على كوننا لم نتخل عن المعتقلين بمكناس والراشدية واكادير، وتعتبر الدولة العربية في المغرب بأن اعتقال الطلبة هو جزء مهم من محاربة السياسة الامازيغية، وتتابع الاجهزة حاليا سلسلة المحاربة في جميع الجهات، وخاصة المناطق الصحراوية مثل تاغجيجت،واقترح على الباحثين في مجال الامازيغية ان يشرعوا فورا في دراسة سلسلة المحاكمات التي بدأت سنة 2007ضد الامازيغ في المغرب،وهو ملف ضخم يرتبط به المصير السياسي للأمازيغية في مرحلتنا هذه فقد عرفت فترة2007-2009اكبرعدد من المحاكمات الموجهة ضد الامازيغ في بولمان دادس ، وصفرو ، وايت باعمران،وميدالت، ومكناس ، وأكادير والحسيمة..
ما ملاحظاتكم ونوع العلاقات التي تربطكم بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ؟وهل حققت الحركة الأمازيغية مكاسب عبر نضالها في المغرب بالمقارنة مع نظيراتها في دول أخرى ؟
العلاقات مع المعهد الملكي للثقافة الامازيغية عادية، وعلينا جميعا ان نحافظ على وجود المعهد ، ونسعى الى ما هو احسن منه،أما الحركة الامازيغية بالمغرب فهي تتقدم وتحقق بعض المكاسب ، وهناك امل كبير في المستقبل، وما يجري في الجزائر وليبيا ومناطق التوارق وتونس وموريطانيا هو تكامل وتنوع يغني نتائج العمل الجماعي للأمازيغ، والجميع يحقق بعض الخطوات الى الأمام احسن من السنوات الفارطة
في كثير من الأحيان، تتعالى الأصوات بضرورة الإصلاح الدستوري، أين تضعون أقدامكم داخل هذه الدائرة ؟ وما هي التعديلات الضرورية التي ترونها شرطا أساسيا من أجل الدخول بالأمازيغية في المغرب إلى مكانها الطبيعي ورد الإعتبار لها , وهل علمانية المغرب على لائحة مطالبكم ؟
مطلب الدسترة للأمازيغية هو ركن اساسي في مطالبنا، وسوف يتحقق في الامد القريب
بالرغم من العوائق الحالية،التعديلات بسيطة وواقعية تتعلق بالاعتراف الدستوري بالهوية الامازيغية للمغرب،وبلغتنا وحقوقنا في جميع المجالات مع الانفتاح والتعددوقبول الآخر..
اما العلمانية فهي موضوع اهتمام الاسلاميين والديموقراطيين جميعا،وفرنسا التي تفرض سياستها على المغرب هي دولة علمانية، ولذلك فالعلمانية لها ضمانات فرنسية حتى ولو لم تتضمنها قوانين المغرب،والعلمانية تفرضها العولمة، وحرية التجارة...وهي تطبق شئنا ام ابينا..ولكن العلمانية كما يعرف الجميع قد تصبح علمانية ديكتاتورية كما وقع ببعض الدول الالحادية التي تمحو الدين وتقيم الاستبداد بتبديل الدين بأيديولوجية السلطة وهي اخطر من الدين..او علمانية على شكل مناهضة الاقطاع لنفوذ الارستقراطية الدينية...
كيف تنظرون لحقوق الإنسان في المغرب ؟ خاصة مع الإعتقالات الكثيرة التي بصمت 2009 ، وكذا ما طال الصحافة من ارتكاسات فاضحة ...
ازمة حقوق الانسان في المغرب مرتبطة ايضا بالاطراف الثلاثة التي شرحت سابقا والتي تتحكم في المجال السياسي، ومرتبطة بقوة اجهزة التحكم المختلفة ، اما المنظمات الحقوقية، التي يحتفظ بها المخزن فهي مثل الاحزاب التقليدية ا صبحت منضمة الى الواجهة الديموقراطية لتبرير الوضعية المزرية التي يعيشها الشعب في مجال حقوق الانسان ، وينتظر ان تقع تغيرات جوهرية في وضعية الجمعيات الحقوقية بعد تغيير الدستور ونهاية ملف الصحراء...ونلاحظ ان المنظمات الحقوقية التي تحاول الحفاظ على معالمها الامازغية تواجه نفس الصعوبات التي واجهها الحزب الديموقراطي الامازيغي المغربي.
كلمة أخيرة، توجهونها للمغاربة ولمناضلي الحركة الامازيغية وللنظام المخزني ولهؤلاء الظلاميون الذين أفتوا بقتلكم ؟
في الختام ادعوا الدولة الى ان تعمل على تجاوز مرحلة تعريب الدولة الى دولة مشتركة، كما ادعو الحركات المنتمية الى مجال السياسة الدينية ان تجعل اسلام اليوم دينا للجميع ولا يمارسوا العنف ،لأن الاديان نفسها تحتاج الى السلام ونبذ الخوف كما تحتاج الى الاقناع والجدل المتحضر..اما الامازيغ فانني ادعوهم الى التسييس وتخطيط برامج المستقبل والنضال من اجل دول مشتركة بين المكونات المختلفة.