المزيد من الأخبار






"الصفقة" المسلسل الريفي لرمضان هذه السنة صفعة مدوية على وجه الدراما الأمازيغية الريفية


"الصفقة" المسلسل الريفي لرمضان هذه السنة صفعة مدوية على وجه الدراما الأمازيغية الريفية
ناظورسيتي: محمد كمال

أحسن ما نبدأ به هو العنوان: الصفقة. هذا العنوان الذي يغيب مرادفه بالريفية يبين بشكل ملموس أن السيناريو كتب في الأصل بالعربية. حتى مرادفه بالأمازيغية TAMGHUNT المستعمل هو مرادف استوردوه من اللغة المعيارية. بل وحتى كلمة TAMGHUNT لا تعني الصفقة بل تعني العقد CONTRAT، أتت من كلمة YEQQEN/ UGHUN أي ربط يربط أو عقد يعقد.

بعد العنوان تأتي الأحداث والشوارع والفضاءات والأمكنة لتبين لنا بأننا إزاء عمل بعيد عن تربة الريف. لقد أوردوا فقط مشهدا واحدا صغيرا من فوق يعكس شارع الكورنيش بالناظور، وضعوه فقط على سبيل التقطيع من أجل الإيهام على أننا في الريف.

كل الأحداث تدور في الدار البيضاء وهو ما عهدناه في بعض الشركات التي ما أن تفور بالصفقة حتى تطير بها إلى داخل المغرب كي يستفيد بمبالغها الفنادق هناك والمحلات التجارية ودور الكراء فيما يتركون الوضع التجاري في الريف يزداد اختناقا عما هو عليه.


المسلسل وصل الآن إلى حلقته التاسعة والأحداث لا تزال تراوح مكانها، القصص لا تتطور إلى الأمام والشخصيات تائهة تدور في حلقة مفرغة وتكرر المعلومات التي نعرفها مما جعلها تسقط قي تمطيط الكثير من المشاهد؛ تقريبا في كل حلقة يوجد فيها على الأقل مشهد واحد فيه ما بين 6 إلى 8 دقائق. تصوروا مشهدا من 8 دقائق في فضاء مغلق والشخصيات جالسة لا تتحرك. هكذا نجد أن أغلبية الحلقات (في كل حلقة 30 دقيقة) لا يتعدى عدد مشاهدها 12 مشهدا. هذا يدل بشكل واضح اعتماد التمطيط والارتجال والكلام الكثير من أجل ربح الوقت فقط.

هذا التمطيط يظهر أيضا في الحرية اللامتناهية التي أعطيت للممثلين بحيث تركوا لهم الفرصة، بل ويبدو أنهم يطلبون منهم الارتجال ما أمكن وقول أي شيء من أجل الفوز ببعض الثواني وهذا ما أثر على الكثير من الحوارات الغير مفهومة والجملة الغير واضحة المعاني. لذلك لا يمكن الحديث هنا عن وجود سيناريو حقيقي بل كل ما هناك هو اللجوء إلى صناعة حوارات وقت التصوير وفق ملخص المشهد الذي يتلى على الممثلين مما جعل كثير من الأحداث تبدو غير متراصة ولا مترابطة وكأنها تمت ترقيعها فقط.

هذه الوضعية تبدو واضحة من خلال أداء الممثلين الذين بدوا تائهين، مرتبكين، مترددين ولا يكادون ينطقون بجملة مفيدة إلا وتخللها كثير من HESITATION، كل الممثلين بدون استثناء حواراتهم تتخللها ترددات بل والطامة الكبرى أن بعض الترددات توجد حتى في LES VOIX OFF التي كان بالإمكان تسجيلها وإعادة تسجيلها إلى أن تكون سليمة ما دام التسجيل صوتي فقط. والطامة الكبرى أن الممثل يعرف بأنه ارتبك في الحوار ووقع في تردد لكنه يسكت على ذلك ويترك المشهد يمر دون أن يطلب إعادته وهو ما يعد تواطؤا غير مبرر منه.

هل يمكن أن نغفر للمثلين هذه الزلات؟. لا أظن. لأن الممثل قبل أن يقدم على عمل ما عليه أن يطلع على السيناريو وعلى الحوارات ويحفظها قبل التصوير. ولو فعلا قام الممثلون بهذه المهمة كما ينبغي لما سقطوا في ما سقطوا فيه من ضعف وارتباك. ولكن مع الأسف يبدو أنهم قبلوا أن يصوروا مسلسلا دون أن يكون لديهم سيناريو أصلا بل ورضوا لأنفسهم ترجمة الحوارات وصناعة حوارات أخرى أثناء التصوير لذلك بدل أن يركزوا على الأداء وتقمص الشخصية أخذوا على عاتقهم عبء كتابة الحوارات وترجمتها إن وجدت أصلا وتاهوا ثم إلى أن فقدوا الصدق في أدائهم.

هل يمكن أن تصنع مسلسلا كاملا فقط بالمشاهد الداخلية؟. طبعا غير ممكن وإلا فنحن أما صنف آخر من العمل. بعد 9 حلقات كل المشاهد التي تابعناها في مسلسل الصفقة هي: "داخلي"، تدور في فضاءات مغلقة باستثناء بعض اللقطات الصغيرة التي تتعلق بوصول سيارة لأمام منزل ما أو خروجها منه. وهذا بطبيعة الحال عيب كبير من الناحية الفنية واقتصاد أكبر من الناحية الإنتاجية، بحيث نحرم المشاهد من تنوع الفضاءات الخارجية وبالتالي من التنفيس عليه بإيراد مناظر خارجية طبيعية تعطي للعمل الصدق والواقعية المطلوبة.

كذلك يمكن الانتباه إلى أن كل المشاهد خالية من الحركة، الممثلون إما جالسون أو واقفون لا يتحركون، STATIQUE الشيء الذي يخلق جمودا وركودا في اللقطة.

أما قصة المسلسل فهي لا تعدو قصة من القصص المستهلكة DU DEJA VU سبق وأن رأيناها. قصة بسيطة كلاسيكية لا تحمل أفكارا جديدة ولا مواضيع مهمة يمكن لها أن تأسر المشاهد أو أن يستفيد منها. حتى القصص الفرعية قليلة جدا في المسلسل وضعيفة من حيث تركيبها وأحداثها.

أما إن ركزنا على الأحداث وكيف تقع وكيف تتطور فإننا سنجدها أحداثا عادية جدا وبسيطة لا تشد المشاهد أو تفاجئه وفق ما هو مطلوب في الأعمال الدرامية. حتى بعض المعلومات التي تورد فغالبيتها تفتقد لأسس صحيحة وقانونية. (اعتقال المستوردين مثلا).

أضف إلى كل هذا، الضعف الكبير في المونتاج والموسيقى التصويرية (مشاهد فيها DES JINGLES مثل السيتكومات)، أخطاء بالجملة في ترتيب اللقطات من حيث أهميتها وفق الحدث وأيضا في الانتقال بين لقطة كبيرة إلى أخرى متوسطة ثم إلى أخرى صغيرة، بعض التقطع وسط الصورة.

على العموم، يمكن القول بدون تحفظ أن مسلسل الصفقة هو حقيقة وبدون مبالغة، صفعة قوية للمشاهد أولا وللقناة الأمازيغية ثانيا، خاصة وأنه تزامن مع تعيين المدير الجديد الذي وجد نفسه أمام أعمال لا تشرف المؤسسة فهل سيعمل على تغيير الوضع بالقناة الأمازيغية ويعمل على ترقية الأعمال المقدمة والسهر على ضمان العملتين الأساسيتين في كل إبداع: النوعية والجودة؟.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح