ذ. محمد فليل: عضو نادي قضاة المغرب
يسود نقاش كبير في صفوف قضاة المملكة حول التعويضات عن المهام التي يقومون بها، والتماطل في تنزيل المرسوم المتعلق بالتعويضات على المهام الإضافية التي يقوم بها القضاة؛ وتتجلى هذه التعويضات في ما هو منصوص عليه في المواد 26 و27 و28و29 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة الصادر بمقتضى الظهير شريف رقم 1.11161 صادر في 41 من جمادى الآخرة 1437 (24/3/2016) وهي كالتالي :
المادة 26: "يتقاضى القضاة أجرة تتضمن المرتب والتعويضات العائلية والتعويضات الاخرى كيفما كانت طبيعتها المحدثة بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل".
المادة 27 :"يستفيد القضاة بمناسبة مزاولتهم لمهامهم من: تعويض عن الديمومة؛ تعويض عن التنقل وإلاقامة للقيام بمهام خارج مقار عملهم أو من أجل المشاركة في دورات التكوين المستمر والتكوين التخصصي. يحدد مبلغ التعويضين المذكورين وشروط الاستفادة منهما بنص تنظيمي".
المادة 28: "يستفيد القضاة المكلفون بمهام الاشراف على التدبير والتسيير الاداري للمحاكم من تعويض عن المهام يحدد بنص تنظيمي".
المادة 29: "يستفيد المستشارون المساعدون بمحكمة النقض، المشار إليهم في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية، والمرتبون في الدرجة الثانية أوالاولى، من تعويض عن المهام يحدد بنص تنظيمي".
إن التعويضات أساسها هو القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الذي دخل حيز التنفيذ منذ اكثر من 3 سنوات ، دون أن تبادر الحكومة إلى إخراج النص أو المرسوم المتعلق به إلى حيز الوجود، مع العلم أن الأعمال الإضافية يقوم بها القضاة الآن على حساب وقت راحتهم وصحتهم دون تعويض؛ وهو ما يعتبر خرق لالتزام دستوري ، باعتبار ان الادارة ملزمة بمقتضى القانون بالعمل على حسن تطبيق النصوص القانونية في تراتبيتها ، وهو ما يثير مسؤولية الحكومة جراء امتناعها او تأخرها- بشكل غير معقول – في تنفيذ هذا الالتزام ، لما يترتب عن ذلك من تجميد للقوانين وعرقلة السير العادي لجهاز القضاء ، باعتباره حامي الحقوق الحقوق والحريات ، مما يطرح معه تساول حول الحلول العملية والواقعية للحد من السلطة التقديرية للحكومة في اصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بتعويضات رجال القضاء.
بداية فقد استقر الفقه والقضاء على اعتبار الطبيعة القانونية لالتزام الادارة بالتدخل لاصدار النصوص التنظيمية ، هو التزام قانوني ملقى على عاتق الادارة ، بموجب الدستور والقانون العادي الذي يسند لها اصدار النص التنظيمي ، ولكون النص التشريعي لا يتسع للتفصيل في الجزئيات الادارية التي تكون الادارة اولى بتحددها.
وهنا يبرز دور القضاء الإداري المقارن و المغربي ، في ايجاد حل عملي وواقعي يتجلى في بسط الرقابة على سلطة الادارة في تقدير التدخل من عدمه ،ليس فقط من خلال امكانية الغاء القرارات الصريحة السلبية بالامتناع عن اصدار النصوص التنظيمية، وانما قد تتعدى رقابته بشكل اعمق من خلال سلطة تقدير زمن اصدار هاته النصوص.
ولعل من بين المبررات التي تسمح بتسليط القضاء الاداري رقابته عن امتناع الادارة باصدار النصوص التنظيمية ، اسوة بما ذهب اليه مجلس الدولة الفرنسي ، في اطار دعوى الغاء قرار ضمني للادارة المعنية بالامتناع عن التدخل لاصدار النصوص التنظيمية، ما تنص عليه المادة 89 من الدستور ” تعمل الحكومة ،تحت سلطة رئيسها ،على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين ..” ، ولقد سنحت الفرصة لمجلس الدولة على تفسير كلمة يضمن ، ، بكونها تفيد الالزام لا الاختيار .
بل والأكثر من ذلك فقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي في اتجاه اكثر صرامة ، من خلال ترتيب الآثار القانونية عن اخلال الادارة (الوزير الاول ) بالتدخل لاصدار المقرر التنظيمي لتطبيق المادة 28 من قانون رقم 293/2007 المتعلق بحماية الاطفال والذي علق تطبيقها على اصدار مرسوم ،فإضافة الى الغائه للقرار الضمني بالامتناع عن اصدار المقرر التنظيمي، الزام الجهة المعنية باصدار المرسوم خلال اربعة اشهر تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 اور عن كل يوم تاخير عن التنفيذ ،مع الحكم على الدولة بتعويض الاضرار التي اصبت الطاعن بسبب التاخر لمدة سنتين عن اصدار المرسوم التطبيقي .
وهو توجه ينبغي على القضاء الإداري السير في طريقه ،في حالة قيام احدى الجمعيات الممثلة للقضاة برفع دعوى ادارية للحد من تقاعس السلطة الحكومية، من خلال تقديم دعوى الغاء القرار السلبي الضمني المتمثل في الامتناع عن التدخل لاقرار النصوص التنظيمية المتعلقة بالتعويض رغم مرور مدة غير يسيرة ، وهذه الآلية من شأنها ترسيخ مبدأ استقلال السلطة القضائية ، وعدم جعل ممارسة السلطة القضائية لاختصاصاتها او الحصول على التعويضات المنصوص عليها قانونا،رهين بمزاجية سلطة اخرى او توفر اعتمادات مالية قد تأتي أو لا تأتي، ولان القول بسلطة تقديرية مطلقة للادارة في اصدار النصوص التنظيمية ، خاصة اذ كان لها كلفة مالية ، من شاته ان يفرغ مبدأ الامن القانوني من محتواه.
يسود نقاش كبير في صفوف قضاة المملكة حول التعويضات عن المهام التي يقومون بها، والتماطل في تنزيل المرسوم المتعلق بالتعويضات على المهام الإضافية التي يقوم بها القضاة؛ وتتجلى هذه التعويضات في ما هو منصوص عليه في المواد 26 و27 و28و29 من القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الاساسي للقضاة الصادر بمقتضى الظهير شريف رقم 1.11161 صادر في 41 من جمادى الآخرة 1437 (24/3/2016) وهي كالتالي :
المادة 26: "يتقاضى القضاة أجرة تتضمن المرتب والتعويضات العائلية والتعويضات الاخرى كيفما كانت طبيعتها المحدثة بموجب النصوص التنظيمية الجاري بها العمل".
المادة 27 :"يستفيد القضاة بمناسبة مزاولتهم لمهامهم من: تعويض عن الديمومة؛ تعويض عن التنقل وإلاقامة للقيام بمهام خارج مقار عملهم أو من أجل المشاركة في دورات التكوين المستمر والتكوين التخصصي. يحدد مبلغ التعويضين المذكورين وشروط الاستفادة منهما بنص تنظيمي".
المادة 28: "يستفيد القضاة المكلفون بمهام الاشراف على التدبير والتسيير الاداري للمحاكم من تعويض عن المهام يحدد بنص تنظيمي".
المادة 29: "يستفيد المستشارون المساعدون بمحكمة النقض، المشار إليهم في القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية، والمرتبون في الدرجة الثانية أوالاولى، من تعويض عن المهام يحدد بنص تنظيمي".
إن التعويضات أساسها هو القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة الذي دخل حيز التنفيذ منذ اكثر من 3 سنوات ، دون أن تبادر الحكومة إلى إخراج النص أو المرسوم المتعلق به إلى حيز الوجود، مع العلم أن الأعمال الإضافية يقوم بها القضاة الآن على حساب وقت راحتهم وصحتهم دون تعويض؛ وهو ما يعتبر خرق لالتزام دستوري ، باعتبار ان الادارة ملزمة بمقتضى القانون بالعمل على حسن تطبيق النصوص القانونية في تراتبيتها ، وهو ما يثير مسؤولية الحكومة جراء امتناعها او تأخرها- بشكل غير معقول – في تنفيذ هذا الالتزام ، لما يترتب عن ذلك من تجميد للقوانين وعرقلة السير العادي لجهاز القضاء ، باعتباره حامي الحقوق الحقوق والحريات ، مما يطرح معه تساول حول الحلول العملية والواقعية للحد من السلطة التقديرية للحكومة في اصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بتعويضات رجال القضاء.
بداية فقد استقر الفقه والقضاء على اعتبار الطبيعة القانونية لالتزام الادارة بالتدخل لاصدار النصوص التنظيمية ، هو التزام قانوني ملقى على عاتق الادارة ، بموجب الدستور والقانون العادي الذي يسند لها اصدار النص التنظيمي ، ولكون النص التشريعي لا يتسع للتفصيل في الجزئيات الادارية التي تكون الادارة اولى بتحددها.
وهنا يبرز دور القضاء الإداري المقارن و المغربي ، في ايجاد حل عملي وواقعي يتجلى في بسط الرقابة على سلطة الادارة في تقدير التدخل من عدمه ،ليس فقط من خلال امكانية الغاء القرارات الصريحة السلبية بالامتناع عن اصدار النصوص التنظيمية، وانما قد تتعدى رقابته بشكل اعمق من خلال سلطة تقدير زمن اصدار هاته النصوص.
ولعل من بين المبررات التي تسمح بتسليط القضاء الاداري رقابته عن امتناع الادارة باصدار النصوص التنظيمية ، اسوة بما ذهب اليه مجلس الدولة الفرنسي ، في اطار دعوى الغاء قرار ضمني للادارة المعنية بالامتناع عن التدخل لاصدار النصوص التنظيمية، ما تنص عليه المادة 89 من الدستور ” تعمل الحكومة ،تحت سلطة رئيسها ،على تنفيذ البرنامج الحكومي وعلى ضمان تنفيذ القوانين ..” ، ولقد سنحت الفرصة لمجلس الدولة على تفسير كلمة يضمن ، ، بكونها تفيد الالزام لا الاختيار .
بل والأكثر من ذلك فقد ذهب مجلس الدولة الفرنسي في اتجاه اكثر صرامة ، من خلال ترتيب الآثار القانونية عن اخلال الادارة (الوزير الاول ) بالتدخل لاصدار المقرر التنظيمي لتطبيق المادة 28 من قانون رقم 293/2007 المتعلق بحماية الاطفال والذي علق تطبيقها على اصدار مرسوم ،فإضافة الى الغائه للقرار الضمني بالامتناع عن اصدار المقرر التنظيمي، الزام الجهة المعنية باصدار المرسوم خلال اربعة اشهر تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 اور عن كل يوم تاخير عن التنفيذ ،مع الحكم على الدولة بتعويض الاضرار التي اصبت الطاعن بسبب التاخر لمدة سنتين عن اصدار المرسوم التطبيقي .
وهو توجه ينبغي على القضاء الإداري السير في طريقه ،في حالة قيام احدى الجمعيات الممثلة للقضاة برفع دعوى ادارية للحد من تقاعس السلطة الحكومية، من خلال تقديم دعوى الغاء القرار السلبي الضمني المتمثل في الامتناع عن التدخل لاقرار النصوص التنظيمية المتعلقة بالتعويض رغم مرور مدة غير يسيرة ، وهذه الآلية من شأنها ترسيخ مبدأ استقلال السلطة القضائية ، وعدم جعل ممارسة السلطة القضائية لاختصاصاتها او الحصول على التعويضات المنصوص عليها قانونا،رهين بمزاجية سلطة اخرى او توفر اعتمادات مالية قد تأتي أو لا تأتي، ولان القول بسلطة تقديرية مطلقة للادارة في اصدار النصوص التنظيمية ، خاصة اذ كان لها كلفة مالية ، من شاته ان يفرغ مبدأ الامن القانوني من محتواه.