ناظورسيتي
نظم مركز الدراسات القانونية والاجتماعية وبدعم من جماعة إمزورن ندوة وطنية في موضوع: "ظاهرة الانتحار: مقاربة سوسيوقانونية"، وذلك يوم السبت 02 دجنبر 2017 بالمركب البلدي للتنشيط الثقتفي والفني بمدينة إمزورن، إقليم الحسيمة.
وقد استهلت الندوة العلمية بكلمة ألقاها رئيس المركز السيد محمد أمزيان، رحب فيها بالمتدخلين والحضور، ثم طرح أرضية الموضوع للنقاش، مبرزا أهميته في هذه الظرفية التي تتصاعد فيها المعدلات والأرقام المسجلة لحالات الانتحار عبر العالم، وكون الظاهرة ظلت مستعصية على التناول الأكاديمي، ومستعصية على الخوض في طرحها للنقاش العمومي، لغياب الجرأة من جهة ولخطورة الموضوع على المجتمع من جهة أخرى.
وكانت المداخلة الأولى مع فضيلة الدكتور عبد الحفيظ العبدلاوي، أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، الذي تناول الموضوع من الزاوية الشرعية بمداخلة تحت عنوان "حرمة النفس في الإسلام"، وأشار فيها إلى أن الله عز وجل يتعامل مع مخلوقاته بمبدأ الرحمة، معززا قوله بمجموعة من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية والأدلة من الواقع المعاش، وأن الله سبحانه وتعالى ربط رحمته بالإنسان برحمة هذا الأخير بنفسه، كما أورد مجموعة من الأحاديث النبوية التي تحرم قتل الإنسان، مستعرضا عدة أسباب تدفع الإنسان إلى الانتحار، ومرجحا أن الفقر وحده لا يمكن أن يكون سببا مباشرا للانتحار بدليل انتشار الظاهرة بمجموعة من الدول الغنية والمتقدمة.
وبعد ذلك تناول الكلمة السيد يوسف أشلحي دكتور في الفلسفة- تخصص علم الاجتماع وأستاذ باحث بكلية الحقوق بفاس، حيث تطرق إلى الموضوع من زاوية علم الاجتماع بمداخلة تحت عنوان "الانتحار واستعصاء الفهم: الفهم السوسيولوجي وجدوى المقاربة"، واستهل مداخلته باستعراض مجموعة من الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، التي تبين أن ما يقارب 800.000 شخص ينتحرون سنويا أي بمعدل منتحر كل 40 ثانية، واعتبر أن هذه الظاهرة تشهدها جميع مجتمعات العالم وبدون استثناء، كما شدد على أن كل حالة انتحار تعتبر حالة فريدة ولا يمكن أن نطبق عليها العلاقة السببية ولذلك يستعصى فهمها، كما يرى أنه لمعالجة هذه الظاهرة يجب الربط بين علم الاجتماع وعلم النفس.
ثم تطرق ذات المتدخل إلى الأسباب التي تجعل الإنسان يفكر في الانتحار، وتحدث عن الظروف التي قد تؤدي بالإنسان إلى إنهاء حياته الوحيدة فوق هذه الأرض، معتبرا أن هذه الظروف تبقى نسبية ولا يمكن الجزم بكونها تؤدي حتما إلى الإقدام على الانتحار، وبعد ذلك استعرض مجموعة من المخارج الممكنة لمعالجة هذه الظاهرة.
أما المداخلة الثالثة فكانت من نصيب الدكتور عبد الكريم أكروح أخصائي نفساني بالحسيمة، والمعنونة بـ "الانتحار من الزاوية السيكولوجية"، وقد استهل عرضه باستحضار المراحل التي يمر بها الإنسان من طفولة ومراهقة وشباب وشيخوخة، واعتبر أن هذه الرحلة بين المراحل الأربعة لها تأثيرات كثيرة، وأكد على أن عدم التوازن في شخصية الإنسان التي تؤدي به إلى اليأس هو ما يجعله يفكر في الانتحار.
ثم أورد بعض الأسباب التي تؤدي الإجهاز على النفس، مثل الانتحار من أجل مبدأ ما أو فكرة ما، أو الإدمان على المخدرات والكحول والقمار وعلى وسائل الاتصال الحديثة التي تقدم مشاهد تشجع الإنسان على هذه الظاهرة، بالإضافة إلى انتحار بعض النساء نتيجة الانفصال أو الطلاق، وكذا اضطرابات الهوية الجنسية (المثلية..)، وإلى غير ذلك من الأسباب الأخرى.
وأعطى مجموعة من الكلمات المفاتيح التي يفهم منها أن شخصا يحمل أعراض الإقدام على الانتحار، كما تقدم بمجموعة من الحلول التي يمكن اللجوء إليها للتدخل من أجل كبح الأسباب المؤدية إلى الانتحار.
وبعد ذلك تسلم الكلمة الأستاذ أشرف الصابري، باحث في صف الدكتوراه بكلية الحقوق بالرباط، ليلقي مداخلته الموسومة بـ: "موقف القانون الجنائي من ظاهرة الانتحار"، وأكد فيها على كون الانتحار ليس بجريمة في منظور القانون الجنائي، وإن كان الأمر يتعلق باعتداء على حق الإنسان في الحياة، وذلك انطلاقا من أن صفتي الجاني والمجني عليه متحدتين في شخص واحد، ويترتب على هذا الأمر حالتين: الأولى هي أن الوفاة تعد من أسباب سقوط المتابعة، أما الثانية والمتعلقة بفشل عملية الانتحار (الشروع ) فينتفي فيها الغرض من العقوبة على اعتبار أن من لم يوقفه رعب الموت والروابط الإنسانية والجزاء الأخروي -إذا كان مؤمنا- لن تردعه العقوبات المقررة قانونا كالسجن أو الغرامة...
وأكد ذات المتدخل على أن المشرع المغربي إن لم يجرم فعل الانتحار بحد ذاته، فإنه جرم المساعدة على الانتحار دون التحريض.
ومباشرة بعد انتهاء هذه المداخلات، تم فتح باب النقاش، حيث تفاعلت القاعة التي عرفت حضورا مهما، بشكل كبير مع أشغال الندوة، وعملت مداخلات القاعة على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه، كما طرحت الأسئلة للمحاضرين، وتقدمت بوجهات نظر حول هذه الظاهرة.
ولقد خلصت الندوة، بعد أربع ساعات من النقاش العلمي الأكاديمي، إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات من بينها:
• خلق مراصد وطنية وتخصيص برامج واستراتيجيات وطنية تعنى بظاهرة الانتحار من جميع جوانبها؛
• تفعيل مقتضيات الظهير بشأن ضمان الوقاية مـن الأمراض العقلية ومعالجتها وحمايـة المرضى المصابين بهـا، بما في ذلك توسيع صلاحيات اللجان المكلف بالصحة العقلية وتبني توصيات تقرير منظمة الصحة العالمية في الشق المتعلق بإدراج سبل الوقاية من الأمراض النفسية والعقلية كإحدى مرتكزات الرعاية الصحية للأفراد.
• ترشيد السياسات العمومية في شقها المتعلق بمكافحة الانحراف عن طريق رصد البرامج المرتبطة بتنفيذ السياسة الجنائية في بعدها الوقائي لمواجهة المعضلات الاجتماعية بما في ذلك ظاهرة الانتحار.
• التعجيل بإحداث مركز معالجة الإدمان بالحسيمة؛
• تشجيع وتطوير آليات الوساطة والمساعدة الاجتماعية في المستشفيات والمحاكم والمؤسسات التعليمية وغير ذلك من المؤسسات؛
• تخصيص الإمكانيات اللازمة للقيام بالحملات التوعوية والتحسيسية بإشراك كل المتدخلين من مؤسسات عمومية ومجالس منتخبة وهيآت المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
• التربية على قيم الحياة وتكريس قوة الإرادة لتكيف الأفراد مع تناقضاتها وتقلباتها.
• معالجة التوترات الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية خاصة معضلة البطالة وارتفاع مستوى المعيشة والصحة .
• إيلاء الأهمية الضرورية لمسألة الصحة النفسية والتفكير الجدي في إصلاحات جذرية في مصلحة الطب النفسي بالمستشفى الإقليمي بالحسيمة.
وفي الأخير جدد رئيس المركز شكره للمتدخلين والحاضرين، وقدم الشواهد التقديرية للمساهمين في إنجاح هذه التظاهرة العلمية، وأكد على استمرار المركز في طرح مثل هكذا مواضيع للنقاش، وعلى تنفيذ البرنامج السنوي للمركز .
نظم مركز الدراسات القانونية والاجتماعية وبدعم من جماعة إمزورن ندوة وطنية في موضوع: "ظاهرة الانتحار: مقاربة سوسيوقانونية"، وذلك يوم السبت 02 دجنبر 2017 بالمركب البلدي للتنشيط الثقتفي والفني بمدينة إمزورن، إقليم الحسيمة.
وقد استهلت الندوة العلمية بكلمة ألقاها رئيس المركز السيد محمد أمزيان، رحب فيها بالمتدخلين والحضور، ثم طرح أرضية الموضوع للنقاش، مبرزا أهميته في هذه الظرفية التي تتصاعد فيها المعدلات والأرقام المسجلة لحالات الانتحار عبر العالم، وكون الظاهرة ظلت مستعصية على التناول الأكاديمي، ومستعصية على الخوض في طرحها للنقاش العمومي، لغياب الجرأة من جهة ولخطورة الموضوع على المجتمع من جهة أخرى.
وكانت المداخلة الأولى مع فضيلة الدكتور عبد الحفيظ العبدلاوي، أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات بالناظور، الذي تناول الموضوع من الزاوية الشرعية بمداخلة تحت عنوان "حرمة النفس في الإسلام"، وأشار فيها إلى أن الله عز وجل يتعامل مع مخلوقاته بمبدأ الرحمة، معززا قوله بمجموعة من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية والأدلة من الواقع المعاش، وأن الله سبحانه وتعالى ربط رحمته بالإنسان برحمة هذا الأخير بنفسه، كما أورد مجموعة من الأحاديث النبوية التي تحرم قتل الإنسان، مستعرضا عدة أسباب تدفع الإنسان إلى الانتحار، ومرجحا أن الفقر وحده لا يمكن أن يكون سببا مباشرا للانتحار بدليل انتشار الظاهرة بمجموعة من الدول الغنية والمتقدمة.
وبعد ذلك تناول الكلمة السيد يوسف أشلحي دكتور في الفلسفة- تخصص علم الاجتماع وأستاذ باحث بكلية الحقوق بفاس، حيث تطرق إلى الموضوع من زاوية علم الاجتماع بمداخلة تحت عنوان "الانتحار واستعصاء الفهم: الفهم السوسيولوجي وجدوى المقاربة"، واستهل مداخلته باستعراض مجموعة من الإحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، التي تبين أن ما يقارب 800.000 شخص ينتحرون سنويا أي بمعدل منتحر كل 40 ثانية، واعتبر أن هذه الظاهرة تشهدها جميع مجتمعات العالم وبدون استثناء، كما شدد على أن كل حالة انتحار تعتبر حالة فريدة ولا يمكن أن نطبق عليها العلاقة السببية ولذلك يستعصى فهمها، كما يرى أنه لمعالجة هذه الظاهرة يجب الربط بين علم الاجتماع وعلم النفس.
ثم تطرق ذات المتدخل إلى الأسباب التي تجعل الإنسان يفكر في الانتحار، وتحدث عن الظروف التي قد تؤدي بالإنسان إلى إنهاء حياته الوحيدة فوق هذه الأرض، معتبرا أن هذه الظروف تبقى نسبية ولا يمكن الجزم بكونها تؤدي حتما إلى الإقدام على الانتحار، وبعد ذلك استعرض مجموعة من المخارج الممكنة لمعالجة هذه الظاهرة.
أما المداخلة الثالثة فكانت من نصيب الدكتور عبد الكريم أكروح أخصائي نفساني بالحسيمة، والمعنونة بـ "الانتحار من الزاوية السيكولوجية"، وقد استهل عرضه باستحضار المراحل التي يمر بها الإنسان من طفولة ومراهقة وشباب وشيخوخة، واعتبر أن هذه الرحلة بين المراحل الأربعة لها تأثيرات كثيرة، وأكد على أن عدم التوازن في شخصية الإنسان التي تؤدي به إلى اليأس هو ما يجعله يفكر في الانتحار.
ثم أورد بعض الأسباب التي تؤدي الإجهاز على النفس، مثل الانتحار من أجل مبدأ ما أو فكرة ما، أو الإدمان على المخدرات والكحول والقمار وعلى وسائل الاتصال الحديثة التي تقدم مشاهد تشجع الإنسان على هذه الظاهرة، بالإضافة إلى انتحار بعض النساء نتيجة الانفصال أو الطلاق، وكذا اضطرابات الهوية الجنسية (المثلية..)، وإلى غير ذلك من الأسباب الأخرى.
وأعطى مجموعة من الكلمات المفاتيح التي يفهم منها أن شخصا يحمل أعراض الإقدام على الانتحار، كما تقدم بمجموعة من الحلول التي يمكن اللجوء إليها للتدخل من أجل كبح الأسباب المؤدية إلى الانتحار.
وبعد ذلك تسلم الكلمة الأستاذ أشرف الصابري، باحث في صف الدكتوراه بكلية الحقوق بالرباط، ليلقي مداخلته الموسومة بـ: "موقف القانون الجنائي من ظاهرة الانتحار"، وأكد فيها على كون الانتحار ليس بجريمة في منظور القانون الجنائي، وإن كان الأمر يتعلق باعتداء على حق الإنسان في الحياة، وذلك انطلاقا من أن صفتي الجاني والمجني عليه متحدتين في شخص واحد، ويترتب على هذا الأمر حالتين: الأولى هي أن الوفاة تعد من أسباب سقوط المتابعة، أما الثانية والمتعلقة بفشل عملية الانتحار (الشروع ) فينتفي فيها الغرض من العقوبة على اعتبار أن من لم يوقفه رعب الموت والروابط الإنسانية والجزاء الأخروي -إذا كان مؤمنا- لن تردعه العقوبات المقررة قانونا كالسجن أو الغرامة...
وأكد ذات المتدخل على أن المشرع المغربي إن لم يجرم فعل الانتحار بحد ذاته، فإنه جرم المساعدة على الانتحار دون التحريض.
ومباشرة بعد انتهاء هذه المداخلات، تم فتح باب النقاش، حيث تفاعلت القاعة التي عرفت حضورا مهما، بشكل كبير مع أشغال الندوة، وعملت مداخلات القاعة على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه، كما طرحت الأسئلة للمحاضرين، وتقدمت بوجهات نظر حول هذه الظاهرة.
ولقد خلصت الندوة، بعد أربع ساعات من النقاش العلمي الأكاديمي، إلى مجموعة من التوصيات والمقترحات من بينها:
• خلق مراصد وطنية وتخصيص برامج واستراتيجيات وطنية تعنى بظاهرة الانتحار من جميع جوانبها؛
• تفعيل مقتضيات الظهير بشأن ضمان الوقاية مـن الأمراض العقلية ومعالجتها وحمايـة المرضى المصابين بهـا، بما في ذلك توسيع صلاحيات اللجان المكلف بالصحة العقلية وتبني توصيات تقرير منظمة الصحة العالمية في الشق المتعلق بإدراج سبل الوقاية من الأمراض النفسية والعقلية كإحدى مرتكزات الرعاية الصحية للأفراد.
• ترشيد السياسات العمومية في شقها المتعلق بمكافحة الانحراف عن طريق رصد البرامج المرتبطة بتنفيذ السياسة الجنائية في بعدها الوقائي لمواجهة المعضلات الاجتماعية بما في ذلك ظاهرة الانتحار.
• التعجيل بإحداث مركز معالجة الإدمان بالحسيمة؛
• تشجيع وتطوير آليات الوساطة والمساعدة الاجتماعية في المستشفيات والمحاكم والمؤسسات التعليمية وغير ذلك من المؤسسات؛
• تخصيص الإمكانيات اللازمة للقيام بالحملات التوعوية والتحسيسية بإشراك كل المتدخلين من مؤسسات عمومية ومجالس منتخبة وهيآت المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
• التربية على قيم الحياة وتكريس قوة الإرادة لتكيف الأفراد مع تناقضاتها وتقلباتها.
• معالجة التوترات الاجتماعية والمشاكل الاقتصادية خاصة معضلة البطالة وارتفاع مستوى المعيشة والصحة .
• إيلاء الأهمية الضرورية لمسألة الصحة النفسية والتفكير الجدي في إصلاحات جذرية في مصلحة الطب النفسي بالمستشفى الإقليمي بالحسيمة.
وفي الأخير جدد رئيس المركز شكره للمتدخلين والحاضرين، وقدم الشواهد التقديرية للمساهمين في إنجاح هذه التظاهرة العلمية، وأكد على استمرار المركز في طرح مثل هكذا مواضيع للنقاش، وعلى تنفيذ البرنامج السنوي للمركز .