المزيد من الأخبار






بنشريف يرد على وزير الصحة والمؤرخة "ماريا روزا" حول الأسلحة الكيماوية انتشار مرض السرطان


بنشريف يرد على وزير الصحة والمؤرخة "ماريا روزا" حول الأسلحة الكيماوية انتشار مرض السرطان
ناظورسيتي/ مصطفى بنشريف

تزامنت تصريحات السيد وزير الصحة المغربي البروفيسور الوردي مع ما نشرته المؤرخة الإسبانية ماريا روزا دي مادرياجا بجريدة الباييس، بخصوص العلاقة السببية بين استخدام الأسلحة الكيماوية من طرف اسبانيا وفرنسا إبان حرب الريف 1921-1927، والتي جاءت مواقفهما متطابقة. وتتمثل أساسا في إدعائهما بأنه لا يوجد دليل على قيام هذه العلاقة السببية، لأنه لا توجد إحصائيات رسمية أو دراسات علمية تثبت هذه الفرضية. وبناء عليه سنتولى الرد على مزاعمهما بشكل هادئ، استنادا إلى الحقائق التاريخية، وإلى الدراسات العلمية المتوفرة إلى غاية تاريخه.

لقد استعملت القوتين الاستعماريتين إسبانيا وفرنسا، الأسلحة الكيماوية في حرب الريف 1921-1927، بشكل ممنهج ضد مقاتلي حركة التحرير الريفية بقيادة الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي، وضد المدنيين والتجمعات السكنية، دون تمييز بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية ضدا على ما هو مقرر في اتفاقيات لاهاي 1899 و 1907 وبرتوكول جنيف لسنة 1925.

إن إسناد وقائع الحرب الكيماوية إلى اسبانيا و فرنسا يجد سنده في اعترافات الجنود الأسبان الذين شاركوا في حرب الريف، وإلى الوثائق السرية المتوفرة في الأرشيف العسكري لكل من اسبانيا وفرنسا وألمانيا وانجلترا، وهي حقائق موثقة لدى المؤرخة ماريا روزا دي مادرياجا في مقالاتها وفي محاضراتها وفي كتبها. لكن السيد وزير الصحة المغربي وبحكم تخصصه، لا يعلم هذه الحقائق التاريخية المرتبطة باستخدام الأسلحة الكيماوية، علما أنه ينحدر من منطقة آيت توزين- ميضار- التي كان نصيبها جد وافر من هذه الأسلحة الفتاكة.

خلافا لما ورد في تصريح السيد وزير الصحة المغربي، وفي مقال المؤرخة ماريا روزا دي مادرياجا، بأنه لم يثبت بعد قيام علاقة سببية بين استخدام الأسلحة الكيماوية وانتشار الأمراض السرطانية بالريف، فإن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال بأن الفرضية ليست حقيقة، وما على السيد الوزير إلا أن يثبت العكس بدلائل صحيحة وعلمية، بألا يمارس التضليل بشأن موضوع خطير وجد حساس مادام أن الدولة المغربية لم تفصح بعد عن موقفها الرسمي من الملف. وهو ما يعني أن تسجيل نسبة أعلى للأمراض السرطانية بالريف أو في شمال المغرب، لا يوجد لها تفسير سوى أنها نتيجة منطقية للاستخدام المركز والمكثف للأسلحة الكيماوية.

إذا كان حاليا لا توجد دراسة علمية ورسمية نطاقها ومجالها الريف للتأكد من صحة قيام علاقة سببية بين استخدام الأسلحة الكيماوية وانتشار الأمراض السرطانية، فإنه لا يعني بأن السبب يعود لعوامل أخرى، ما لم يثبت العكس. ولذلك فالمؤكد علميا أنه توجد علاقة مباشرة بين استخدام الأسلحة الكيماوية، غاز الخردل Ypérite، غاز الفوسجينPhosgèneوالكلور Chlore)، وغيرها من أنواع الأسلحة الكيماوية الأخرى، وهي كلها تماثل تلك التي استخدمت إبان الحرب العالمية الأولى 1914-1918.

من المعلوم أن الأسلحة الكيماوية لها تأثيرات على الإنسان والبيئة، وفقا للدراسات المتوفرة حاليا، وهي صادرة عن معاهد متخصصة وعن منظمة الصحة العالمية، وهذا خلافا لما ورد من مزاعم في تصريحات و أقوال المردود عليهما.

إن تقرير مجموعة البحث بتكليف من منظمة الصحة العالمية الصادر في سنة 1970 بجنيف (Genève) تحت عنوان الصحة العمومية والأسلحة الكيماوية والبيولوجية، والذي تم رفعه إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 28/11/1969، والذي أنجزه 19 خبير وطبيب وأستاذ من ذوي الكفاءات العالية والعالمية، خلص إلى وجود علاقة سببية ومباشرة بين استخدام الأسلحة الكيماوية وانتشار الأمراض السرطانية على الأمد البعيد (effets à long terme)، وتم التأكيد في التقرير بأن من آثار الأسلحة الكيماوية أنها: Cancérogénèse،Tératogénèse و Mutagenèse ( راجع ص: 15 و 16 من التقرير).

إن الإحصائيات المتوفرة بالمراكز الإستشفائية، وخاصة معهد الأنكولوجيا بالرباط، تفيد صراحة بأن منطقة الريف تسجل أعلى نسبة من الأمراض السرطانية تمثل 60 % مقارنة مع باقي مناطق المغرب، خاصة وأن الحالات السرطانية لدى الأطفال الذين ينحدرون من الشمال تمثل 49 % ..

وأقول بأنه يتعين على السيد وزير الصحة المغربي والمؤرخة الاسبانية ماريا روخا بأن يراجعا مواقفهما الغير المؤسسة والغير الصحيحة من وجهة نظري، ويتعين عليهما أن يأتيا ببرهانهما الذي من شأنه مناهضة ما أقوله تأسيسا على دراسات علمية دقيقة، من أبرزها تقرير منظمة الصحة العالمية لسنة 1970، والأرشيف المتعلق بالجنود الفرنسيين والألمان والانجليز المرضى، ضحايا الأسلحة الكيماوية خلال الحرب العالمية الأولى، فقد ثبت بأن وفاتهم كانت نتيجة تعرضهم لتأثيرات الأسلحة الكيماوية بنسبة فاقت 80 %..

· مصطفى بنشريف: محامي ودكتور في القانون الدولي، صدر له مؤخرا كتاب تحت عنوان “الجرائم الدولية وحق الضحايا في جبر الضرر: حالة حرب الريف 1921 ـ 1926″.


تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح