ناظورسيتي: عن أصوات مغاربية
يتحدث الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، حول عدد من القضايا التي تهم الجالية المغربية والمغاربية بالخارج، في ظل تزايد تهديدات الجماعات المتشددة التي أصبحت تستقطب، بشكل متزايد، أبناء الجالية بأوروبا... كيف يرى المسؤول المغربي هذا الوضع؟ هل هناك تنسيق مغاربي لمواجهة التشدد والإرهاب في صفوف الجالية؟ ما الدور الذي يقوم به المجلس في هذا الصدد؟
في عدد من الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أوروبا أساسا، يتصدر أشخاص مغاربة أو من أصول مغربية لائحة المتهمين، ما السبب في ذلك؟
رقعة الإرهاب العالمي لا تشمل الجنسيات المغربية فقط. وجود بعض الأسماء المغربية أو من أصول مغربية في الهجمات الأخيرة هو شيء طبيعي بالنظر للوجود المغربي المكثف بأوروبا؛ فنسبة 80 في المئة من المهاجرين المغاربة يعيشون في أوروبا، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الشباب المتورطين في الاعتداءات الأخيرة لا يربطهم بالمغرب أي انتماء روحي، فقد ولدوا في أوروبا وتمدرسوا هناك، ومرجعيتهم الدينية والإسلامية لا تمت للمغرب بصلة بالرغم من أصولهم.
الدول الأوروبية، وفي وقت سابق، منعت المغرب من الانخراط في مسلسل تأطير هذه الفئة في الأمور الدينية، وكانت دائما ما تربط الأمر بأنه شأن ديني داخلي هي من تتكلف به، وهذا ما أنتج لنا مثلا "إسلام فرنسا" أو "إسلام هولندا" أو أوروبا ككل.
الدول الأوروبية تتحمل هي كذلك المسؤولية، خاصة بعد فتحها الأبواب للوهابية ووضعت رهن إشارتها المراكز الكبرى في أوروبا.
لكن ألا يمكن أن تكون صعوبة التأقلم والشرخ الهوياتي لدى أبناء الجالية في الخارج من بين الأسباب المفسّرة كذلك لتزايد انخراط هذه الفئة ضمن الجماعات المتشددة؟
الأسباب متعددة، وفشل السياسات العمومية الأوروبية في ميدان الاندماج يعد سببا أساسيا، وهذا الفشل صرح به قادة الدول الأوروبية أنفسهم.
الأمر راجع لعدم الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفئات، التي نشأت في أوروبا أو تربت فيها أو حتى تلك التي التحقت بأوروبا من أجل العمل مثلا، لها انتماء معين، فضلا عن صعوبة العيش والعنصرية.
قضية الشرخ الهوياتي كان نتيجة لعنصرين اثنين: الأول أن البلدان المصدرة للهجرة في الستينات، ومن بينها المغرب، تخلصت من كتلة ديموغرافية ولم تقم بنوع من المرافقة الهوياتية، والدول المستقبلة كذلك لم تعر الانتباه للاهتمامات الهوياتية لهذه الفئة واستقبلتها كَيَدٍ عاملة فقط.
وبالتالي فالانتماء وضع على الهامش لا من طرف الدول المصدرة أو المستقبلة للهجرة، ما ترك المجال فارغا وتم ملؤه بمن استطاع الوصول أولا، بهؤلاء الذين ليس لهم لا خطاب ديني معتدل ووسطي ولا حتى أصيل.
هذا على مستوى التشخيص، بالنسبة للحل، ما الذي يقترح مجلس الجالية المغربية لتجاوز هذه المشاكل؟
المجلس مؤسسة استشارية تسهر على تقوية السياسات العمومية، ومؤسسة استشرافية كذلك.
سبق أن قمنا باستقصاء رأي حوالي 3000 شاب قبل سنوات، في ست دول أوروبية، وتبين أن سياسة الاندماج قطعت أشواطا ووصلت إلى نقطة اللاعودة.
وبالتالي فدورنا هو أن نحرص على ألا تكون السياسات العمومية بالمغرب عائقا أمام الاندماج، لكن هذا لا يعني أننا سنتدخل في الشؤون الأوروبية لأنه لا يسمح لنا بذلك أصلا.
لكن ممكن أن نقدم آراء وآليات مرافقة الشباب من ذوي الأصول المغربية من الناحية الدينية، وآخر برنامج أشرفنا عليه كان تكوين أئمة في ألمانيا.
سنعود لهذا الموضوع، لكن قبل ذلك هناك من ينتقد طريقة تعامل المجلس مع أبناء الجالية، ويعتبرها مزدوجة؛ بمعنى أنكم تتبنون مغاربة الخارج الذين ينجحون في مساراتهم ولكن تتبرؤون من نماذج سلبية من قبيل مغاربة متهمون في قضايا إرهاب، ما ردك؟
أعتقد أن الازدواجية موجودة في الطرف الآخر، فعندما تبرز كفاءة من أصول مغربية في أوروبا، لا تُنسب إلى المغرب إطلاقا، وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب والتطرف يبدأ الحديث عن أصله المغربي.
السؤال الذي أطرحه هو: ماذا نريد من المغرب؟ فعندما يريد (يقصد المغرب) مرافقة المنتمين إليه من ناحية الأصل، مرافقة دينية، يُتهم على أنه يتدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول، وعندما لا يقوم بشيء وتقع عملية إرهابية يطرحون السؤال: أين المغرب؟
أعتقد أن المغرب، وفي غير ما مرة، مدّ يده للتعاون وعبر عن استعداده للقيام بذلك، وطرح مقاربة مهمة جدا تنبني على التعاون البناء بين مختلف الأطراف، وفي هذا الصدد يمكن ذكر مبادرة تكوين 50 إماما في معهد محمد السادس هنا بالمغرب.
لكن أليست هناك آليات لتقريب أبناء الجيل الثالث من المهاجرين من وطنهم الأصلي، لتجاوز مسألة أنهم قد لا يعرفون عن بلدهم الأصلي الكثير؟
ربما على هذا المستوى هناك نقص كبير فعلا في السياسات العمومية، ونعتقد أن ما يربط الأجيال الناشئة في أوروبا بالمغرب هما العامل الروحي والعامل الثقافي، لكن في العامل الروحي نواجه سياسة حمائية من طرف الدول الأوروبية، وأتمنى أن تدفع الأحداث الأخيرة التي وقعت في الدول الأوروبية من أجل زرع بذور التعاون المغربي الأوروبي.
أما بالنسبة للعامل الثقافي، فالمشكل أننا هنا في المغرب نعاني من ضعف العرض الثقافي الذي يمكن أن يوجه لمواطن يحمل ازدواجية ثقافية وهوياتية. لا يمكن أن نحمل الثقافة كما هي في المغرب ونقدمها لشخص آخر يعيش في مجتمع غربي، وقد سبق للمجلس أن قدم مقترحا لإنشاء وكالة ثقافية على غرار جميع الدول التي تشتغل على ثقافتها في الخارج، تضم ممثلين عن القطاع العام والخاص ويكون هنالك نوع من التنسيق، لأن ما نلاحظ في الوقت الحالي هو غياب التنسيق.
هل هناك تنسيق بين المجلس ومؤسسات مغاربية أخرى من أجل وضع سياسة موحدة لمواجهة التشدد والإرهاب في صفوف الجالية المغاربية المقيمة بالخارج؟
منذ سنة 2009 طلبنا من جميع الهيئات التي تشتغل على موضوع الهجرة، سواء في المغرب العربي وأفريقيا كذلك، توحيد الصفوف وإجراء مشاورات دورية من أجل الاتفاق على الملفات المهمة والتعاون فيها.
قبل أسبوع استقبلنا هنا بالمجلس مجموعة من المسؤولين التونسيين يشتغلون على ملف الهجرة، وتم تقديم تجربة المجلس في هذا الخصوص، ونقلنا تجربتنا لساحل العاج كذلك.
وماذا عن باقي البلدان المغاربية، ليبيا وموريتانيا والجزائر؟
مع موريتانيا هناك تنسيق كذلك، واستقبلنا الهيئات التي تشتغل على الهجرة أكثر من ثلاث مرات. مع الجزائر ربما الطابع العام الذي يغلب على العلاقات المغربية الجزائرية هو النفور، وأتمنى ألا يستمر هذا النفور لأنه ليس في صالح البلدين.
إذن هناك غياب تواصل مع الجزائر في هذا الشأن؟
ليس هنالك تنسيق، فعندما يتعلق الأمر بإغلاق الحدود ورفض الطرف الجزائري التعاون، فلا يمكن أن نتحدث عن التعاون.
مسألة إغلاق الحدود قد تكون دبلوماسية، لكن ألا يمكن تجاوزها والتنسيق في قضايا تخص الجالية بالخارج؟
المغاربة والجزائريون والتونسيون يعيشون بشكل مشترك، وبطبيعة الحال هناك تنسيق وتعاون بينهم، وعلى سبيل المثال المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يجمع بين المغاربة والجزائريين والتونسيين وباقي الجاليات المسلمة، والشأن نفسه على صعيد الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.
ولماذا لم يتم مثلا تأسيس مجلس خاص بالجالية المغاربية بالخارج بمبادرة من إحدى البلدان المغاربية؟
الدول الأوروبية تعتبر الدين قضية سيادية، وبالتالي يمكن أن يجتمعوا على أساس المواطنة في إطار هياكل تنتمي لتلك الدول، تماما مثل المجالس التي ذكرت، وهذا شيء طبيعي، لكن يمكن أن نطور نحن، من جهتنا، سياستنا العمومية في دولنا، بشكل يضمن الحد الأدنى من التنسيق وإنتاج سياسات عمومية تدفع بهذا الاتجاه وهذا ما ليس موجودا في اللحظة الآنية.
سبق أن قمتم بمبادرة لتكوين الأئمة في ألمانيا، هل هذا إقرار بأن المساجد قد تكون مصدرا لنشر الأفكار المتشددة بأوروبا؟
لا يمكن القول إنها مصدر للتطرف، لكن تضم نوعا من التشنج وعدم الملاءمة مع ما يعيشه المجتمع، وهذا يمكن أن يساهم في إنتاج فكر بعيد عن المجتمع على الأقل.
وبالتالي فالإمام يعد حلقة أساسية في مسألة الاندماج في المجتمعات الأخرى، وكان من الضروري تكوين الإمام ثقافيا ولغويا ليتمكن من إيصال ومخاطبة أبناء الجيل الثالث.
في سياق آخر، هناك مجموعة من المغاربة الذين اختاروا اللجوء إلى الخارج، سواء لأسباب سياسية أو اختيارات دينية أو ميولات جنسية، هل يتم التواصل مع هذه الفئة؟
اللجوء يعتبر رفضا للمغرب ولمؤسساته، طبعا نحن نعتبرهم مغاربة لكن التواصل معهم يجب أن يأتي من طرفهم، لأن من طلب اللجوء إلى دولة أخرى يعني الرفض لكل ما له صلة بالمؤسسات الوطنية.
لكن مؤسساتنا مفتوحة للجميع، وإذا كانت المسألة تتطلب من يلعب دور الوساطة لحل الإشكالات التي من أجلها غادروا المغرب، فنحن مستعدون لنلعب هذا الدور.
خلال الانتخابات البرلمانية يتجدد النقاش حول إدراج مقاعد خاصة بمغاربة المهجر في البرلمان المغربي، ما موقف مجلس الجالية من هذا النقاش؟
أعتقد أن السؤال يجب أن يطرح على الحكومة السابقة والحكومة الحالية كذلك، ولو كانت الأغلبية مقتنعة بهذا الطرح لوضعت مشروع قانون وصوتت عليه بالأغلبية.
والترشح حق دستوري لا جدال فيه، لكن نعلم جميعا أن هناك تأخيرا كبيرا في تنزيل دستور 2011، ليس فقط على مستوى المشاركة السياسية.
يتحدث الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، في هذا الحوار مع "أصوات مغاربية"، حول عدد من القضايا التي تهم الجالية المغربية والمغاربية بالخارج، في ظل تزايد تهديدات الجماعات المتشددة التي أصبحت تستقطب، بشكل متزايد، أبناء الجالية بأوروبا... كيف يرى المسؤول المغربي هذا الوضع؟ هل هناك تنسيق مغاربي لمواجهة التشدد والإرهاب في صفوف الجالية؟ ما الدور الذي يقوم به المجلس في هذا الصدد؟
في عدد من الاعتداءات الإرهابية التي تستهدف أوروبا أساسا، يتصدر أشخاص مغاربة أو من أصول مغربية لائحة المتهمين، ما السبب في ذلك؟
رقعة الإرهاب العالمي لا تشمل الجنسيات المغربية فقط. وجود بعض الأسماء المغربية أو من أصول مغربية في الهجمات الأخيرة هو شيء طبيعي بالنظر للوجود المغربي المكثف بأوروبا؛ فنسبة 80 في المئة من المهاجرين المغاربة يعيشون في أوروبا، لكن لا بد من الإشارة إلى أن الشباب المتورطين في الاعتداءات الأخيرة لا يربطهم بالمغرب أي انتماء روحي، فقد ولدوا في أوروبا وتمدرسوا هناك، ومرجعيتهم الدينية والإسلامية لا تمت للمغرب بصلة بالرغم من أصولهم.
الدول الأوروبية، وفي وقت سابق، منعت المغرب من الانخراط في مسلسل تأطير هذه الفئة في الأمور الدينية، وكانت دائما ما تربط الأمر بأنه شأن ديني داخلي هي من تتكلف به، وهذا ما أنتج لنا مثلا "إسلام فرنسا" أو "إسلام هولندا" أو أوروبا ككل.
الدول الأوروبية تتحمل هي كذلك المسؤولية، خاصة بعد فتحها الأبواب للوهابية ووضعت رهن إشارتها المراكز الكبرى في أوروبا.
لكن ألا يمكن أن تكون صعوبة التأقلم والشرخ الهوياتي لدى أبناء الجالية في الخارج من بين الأسباب المفسّرة كذلك لتزايد انخراط هذه الفئة ضمن الجماعات المتشددة؟
الأسباب متعددة، وفشل السياسات العمومية الأوروبية في ميدان الاندماج يعد سببا أساسيا، وهذا الفشل صرح به قادة الدول الأوروبية أنفسهم.
الأمر راجع لعدم الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الفئات، التي نشأت في أوروبا أو تربت فيها أو حتى تلك التي التحقت بأوروبا من أجل العمل مثلا، لها انتماء معين، فضلا عن صعوبة العيش والعنصرية.
قضية الشرخ الهوياتي كان نتيجة لعنصرين اثنين: الأول أن البلدان المصدرة للهجرة في الستينات، ومن بينها المغرب، تخلصت من كتلة ديموغرافية ولم تقم بنوع من المرافقة الهوياتية، والدول المستقبلة كذلك لم تعر الانتباه للاهتمامات الهوياتية لهذه الفئة واستقبلتها كَيَدٍ عاملة فقط.
وبالتالي فالانتماء وضع على الهامش لا من طرف الدول المصدرة أو المستقبلة للهجرة، ما ترك المجال فارغا وتم ملؤه بمن استطاع الوصول أولا، بهؤلاء الذين ليس لهم لا خطاب ديني معتدل ووسطي ولا حتى أصيل.
هذا على مستوى التشخيص، بالنسبة للحل، ما الذي يقترح مجلس الجالية المغربية لتجاوز هذه المشاكل؟
المجلس مؤسسة استشارية تسهر على تقوية السياسات العمومية، ومؤسسة استشرافية كذلك.
سبق أن قمنا باستقصاء رأي حوالي 3000 شاب قبل سنوات، في ست دول أوروبية، وتبين أن سياسة الاندماج قطعت أشواطا ووصلت إلى نقطة اللاعودة.
وبالتالي فدورنا هو أن نحرص على ألا تكون السياسات العمومية بالمغرب عائقا أمام الاندماج، لكن هذا لا يعني أننا سنتدخل في الشؤون الأوروبية لأنه لا يسمح لنا بذلك أصلا.
لكن ممكن أن نقدم آراء وآليات مرافقة الشباب من ذوي الأصول المغربية من الناحية الدينية، وآخر برنامج أشرفنا عليه كان تكوين أئمة في ألمانيا.
سنعود لهذا الموضوع، لكن قبل ذلك هناك من ينتقد طريقة تعامل المجلس مع أبناء الجالية، ويعتبرها مزدوجة؛ بمعنى أنكم تتبنون مغاربة الخارج الذين ينجحون في مساراتهم ولكن تتبرؤون من نماذج سلبية من قبيل مغاربة متهمون في قضايا إرهاب، ما ردك؟
أعتقد أن الازدواجية موجودة في الطرف الآخر، فعندما تبرز كفاءة من أصول مغربية في أوروبا، لا تُنسب إلى المغرب إطلاقا، وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب والتطرف يبدأ الحديث عن أصله المغربي.
السؤال الذي أطرحه هو: ماذا نريد من المغرب؟ فعندما يريد (يقصد المغرب) مرافقة المنتمين إليه من ناحية الأصل، مرافقة دينية، يُتهم على أنه يتدخل في الشأن الداخلي لهذه الدول، وعندما لا يقوم بشيء وتقع عملية إرهابية يطرحون السؤال: أين المغرب؟
أعتقد أن المغرب، وفي غير ما مرة، مدّ يده للتعاون وعبر عن استعداده للقيام بذلك، وطرح مقاربة مهمة جدا تنبني على التعاون البناء بين مختلف الأطراف، وفي هذا الصدد يمكن ذكر مبادرة تكوين 50 إماما في معهد محمد السادس هنا بالمغرب.
لكن أليست هناك آليات لتقريب أبناء الجيل الثالث من المهاجرين من وطنهم الأصلي، لتجاوز مسألة أنهم قد لا يعرفون عن بلدهم الأصلي الكثير؟
ربما على هذا المستوى هناك نقص كبير فعلا في السياسات العمومية، ونعتقد أن ما يربط الأجيال الناشئة في أوروبا بالمغرب هما العامل الروحي والعامل الثقافي، لكن في العامل الروحي نواجه سياسة حمائية من طرف الدول الأوروبية، وأتمنى أن تدفع الأحداث الأخيرة التي وقعت في الدول الأوروبية من أجل زرع بذور التعاون المغربي الأوروبي.
أما بالنسبة للعامل الثقافي، فالمشكل أننا هنا في المغرب نعاني من ضعف العرض الثقافي الذي يمكن أن يوجه لمواطن يحمل ازدواجية ثقافية وهوياتية. لا يمكن أن نحمل الثقافة كما هي في المغرب ونقدمها لشخص آخر يعيش في مجتمع غربي، وقد سبق للمجلس أن قدم مقترحا لإنشاء وكالة ثقافية على غرار جميع الدول التي تشتغل على ثقافتها في الخارج، تضم ممثلين عن القطاع العام والخاص ويكون هنالك نوع من التنسيق، لأن ما نلاحظ في الوقت الحالي هو غياب التنسيق.
هل هناك تنسيق بين المجلس ومؤسسات مغاربية أخرى من أجل وضع سياسة موحدة لمواجهة التشدد والإرهاب في صفوف الجالية المغاربية المقيمة بالخارج؟
منذ سنة 2009 طلبنا من جميع الهيئات التي تشتغل على موضوع الهجرة، سواء في المغرب العربي وأفريقيا كذلك، توحيد الصفوف وإجراء مشاورات دورية من أجل الاتفاق على الملفات المهمة والتعاون فيها.
قبل أسبوع استقبلنا هنا بالمجلس مجموعة من المسؤولين التونسيين يشتغلون على ملف الهجرة، وتم تقديم تجربة المجلس في هذا الخصوص، ونقلنا تجربتنا لساحل العاج كذلك.
وماذا عن باقي البلدان المغاربية، ليبيا وموريتانيا والجزائر؟
مع موريتانيا هناك تنسيق كذلك، واستقبلنا الهيئات التي تشتغل على الهجرة أكثر من ثلاث مرات. مع الجزائر ربما الطابع العام الذي يغلب على العلاقات المغربية الجزائرية هو النفور، وأتمنى ألا يستمر هذا النفور لأنه ليس في صالح البلدين.
إذن هناك غياب تواصل مع الجزائر في هذا الشأن؟
ليس هنالك تنسيق، فعندما يتعلق الأمر بإغلاق الحدود ورفض الطرف الجزائري التعاون، فلا يمكن أن نتحدث عن التعاون.
مسألة إغلاق الحدود قد تكون دبلوماسية، لكن ألا يمكن تجاوزها والتنسيق في قضايا تخص الجالية بالخارج؟
المغاربة والجزائريون والتونسيون يعيشون بشكل مشترك، وبطبيعة الحال هناك تنسيق وتعاون بينهم، وعلى سبيل المثال المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية يجمع بين المغاربة والجزائريين والتونسيين وباقي الجاليات المسلمة، والشأن نفسه على صعيد الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا.
ولماذا لم يتم مثلا تأسيس مجلس خاص بالجالية المغاربية بالخارج بمبادرة من إحدى البلدان المغاربية؟
الدول الأوروبية تعتبر الدين قضية سيادية، وبالتالي يمكن أن يجتمعوا على أساس المواطنة في إطار هياكل تنتمي لتلك الدول، تماما مثل المجالس التي ذكرت، وهذا شيء طبيعي، لكن يمكن أن نطور نحن، من جهتنا، سياستنا العمومية في دولنا، بشكل يضمن الحد الأدنى من التنسيق وإنتاج سياسات عمومية تدفع بهذا الاتجاه وهذا ما ليس موجودا في اللحظة الآنية.
سبق أن قمتم بمبادرة لتكوين الأئمة في ألمانيا، هل هذا إقرار بأن المساجد قد تكون مصدرا لنشر الأفكار المتشددة بأوروبا؟
لا يمكن القول إنها مصدر للتطرف، لكن تضم نوعا من التشنج وعدم الملاءمة مع ما يعيشه المجتمع، وهذا يمكن أن يساهم في إنتاج فكر بعيد عن المجتمع على الأقل.
وبالتالي فالإمام يعد حلقة أساسية في مسألة الاندماج في المجتمعات الأخرى، وكان من الضروري تكوين الإمام ثقافيا ولغويا ليتمكن من إيصال ومخاطبة أبناء الجيل الثالث.
في سياق آخر، هناك مجموعة من المغاربة الذين اختاروا اللجوء إلى الخارج، سواء لأسباب سياسية أو اختيارات دينية أو ميولات جنسية، هل يتم التواصل مع هذه الفئة؟
اللجوء يعتبر رفضا للمغرب ولمؤسساته، طبعا نحن نعتبرهم مغاربة لكن التواصل معهم يجب أن يأتي من طرفهم، لأن من طلب اللجوء إلى دولة أخرى يعني الرفض لكل ما له صلة بالمؤسسات الوطنية.
لكن مؤسساتنا مفتوحة للجميع، وإذا كانت المسألة تتطلب من يلعب دور الوساطة لحل الإشكالات التي من أجلها غادروا المغرب، فنحن مستعدون لنلعب هذا الدور.
خلال الانتخابات البرلمانية يتجدد النقاش حول إدراج مقاعد خاصة بمغاربة المهجر في البرلمان المغربي، ما موقف مجلس الجالية من هذا النقاش؟
أعتقد أن السؤال يجب أن يطرح على الحكومة السابقة والحكومة الحالية كذلك، ولو كانت الأغلبية مقتنعة بهذا الطرح لوضعت مشروع قانون وصوتت عليه بالأغلبية.
والترشح حق دستوري لا جدال فيه، لكن نعلم جميعا أن هناك تأخيرا كبيرا في تنزيل دستور 2011، ليس فقط على مستوى المشاركة السياسية.