ناظور سيتي: عبد الوهاب بنعلي- محمد العبوسي
شهدت قاعة المؤتمرات بكلية الطب بوجدة يوم أمس الثلاثاء درسا افتتاحيا للسنة الجامعية 2017-2018 من تأطير الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج الدكتور عبد الله بوصوف بعنوان: "الاسلام والغرب: سوء الفهم المعرفي".
وبعد الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة السيد محمد بنقدور، افتتح الدكتور بوصوف محاضرته بتأكيده على أن التقسيم الجغرافي لم يعد منطقيا في تحديد علاقة الإسلام بالغرب، لأن الإسلام أصبح اليوم مكونا من مكونات الغرب الحديث، حتى أصبحنا نتحدث عن الإسلام الغربي..
لذلك دعا بوصوف إلى الاشتغال على الذهنيات بنفس طويل ومعرفة عميقة؛ هذه المعرفة التي نفتقدها نحن ويفتقدها الغرب أيضا، من أجل تجاوز ما أسماه إدوارد سعيد ب"صدام الجهالات" وتصحيح الصور النمطية التي تضع حواجز نفسية تمنع من تحقيق شروط العيش المشترك.
كما أكد أن العلاقة التي تحكم الإسلام بالغرب لا زالت تعتمد على الأحداث التاريخية مما يترتب عنه سوء الفهم المستمر. مشيرا إلى أنه عندما نطرح الأبعاد الاجتماعية ونقول بأن الإسلام دين ودنيا؛ فإن هذا الأمر يثير تشنجا تجاه المسلمين في الغرب، لأنه يذكرهم بالحروب التي خاضتها أوربا في صيرورتها التاريخية مع الكنيسة، التي كانت تمثل السلطة الروحية المستبدة بالسلطة الزمنية. و أكد في هذا الإطار على اختلاف السياقات التاريخية بين الإسلام والمسيحية ففي الغرب استبدت الكنيسة بالدين واضطهدت رجال السياسة، لكن في تاريخنا وقع العكس إذ السلطة السياسية هي التي استبدت واضطهدت علماء الدين، لذلك الإسقاط الذي يقوم به الغرب غير صحيح وغير منطقي - حسب تعبير المحاضر-.
وفي تصريح جريء أكد الدكتور بوصوف أن الجامعات المغربية لم تستطع لحد الآن أن تنجب متخصصين في مقارنة الأديان لمناقشة اليهودية والمسيحية انطلاقا من منهجية علمية دقيقة. في حين أن تاريخنا يشهد على نماذج مشرفة تبين فقهها لواقعها ومعرفتها بالأمم الأخرى وتعاليمها، مستشهدا في هذا السياق بالرسالة القبرصية التي أظهرت امتلاك محررها ابن تيمية لمعرفة حقيقية بالمسيحية، وهذا النموذج هو الذي نفتقد إليه للأسف الشديد في هذا العصر حسب بوصوف.
وفي سياق ذي صلة بموضوع المحاضرة أكد بوصوف أن المسلم حين يذهب إلى رئيس البلدية في بلد أوروبي يطلب منه مقبرة خاصة بالمسلمين، فإن ذلك يذكره بتاريخ الكنيسة الأسود حين كانت تدفن من لا يخضع لسلطتها في مقابر جماعية كتعبير عن طرده من "رحمة الرب". مضيفا أن العلمانية في الغرب قدمت للجاليات المسلمة خدمات كبيرة، فحسب بوصوف لولا العلمانية لما كان للإسلام موطئ قدم في الغرب. ولكنه دعا إلى ضرورة استيعاب أن العلمانية في أوربا علمانيات، ففرنسا وحدها فيها أربع علمانيات، وهذه العلمانية هي التي مكنتنا من التواجد واكتساب الحقوق، لذلك لا بد من فهم هذه الأمور وفق تعبيره.
وأثناء حديثه عن أنماط التدين في الغرب، قال الدكتور بوصوف "اليوم نمارس نوعا من التدين ينتمي إلى جغرافية أخرى وتاريخ آخر، وجعلنا منه دينا، ولم نستطع أن نبدع ممارسات دينية تحترم السياقات الثقافية للمجتمع الأوربي وأنا أومن بأن الإسلام أتى لكل زمان ومكان وله قابلية على التجدد".
مشددا على أن الشيء الذي يثير التشنج في الغرب هو التقاليد العربية والإسلامية وليس الدين، لأن الإسلام يحترم الخصوصيات ويتكيف مع الواقع ويجيب عن أسئلته بكل وضوح.
وفي سياق آخر أكد أمين مجلس الجالية أن المقصود بإعادة قراءة التراث هو إعطاء ديناميكية لهذا التراث وإحيائه وليس رميه في سلة المهملات، لأن تراثنا يستطيع أن يجيب عن الكثير من الأسئلة المطروحة بقوة في الغرب.
وفي ختام كلامه نوه الدكتور عبد الله بوصوف بنموذج التدين المغربي الذي يتوفر على خبرة ناتجة عن تجربته الحضارية في الأندلس وقدرته على التأسيس للتعايش والتعامل مع الآخرين، ويساعده في ذلك وسطية العقيدة الأشعرية التي تنبذ الغلو والعنف، ومرونة المذهب المالكي الغني بأصوله، والتصوف السني الذي حفظ للمغاربة قيمهم وأخلاقهم بفضل ما يحمله من قوة في لغته الإشارية والمجازية.
مؤكدا في السياق ذاته على أن هذا النموذج المغربي يساهم في إيجاد أرضية مشتركة ويمثل فرصة للمسلمين للصلح مع الذات والصلح مع الآخر.
وفي ختام الدرس الافتتاحي تم توقيع اتفاقية شراكة بين رئيس جامعة محمد الأول وأمين عام مجلس الجالية.
شهدت قاعة المؤتمرات بكلية الطب بوجدة يوم أمس الثلاثاء درسا افتتاحيا للسنة الجامعية 2017-2018 من تأطير الأمين العام لمجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج الدكتور عبد الله بوصوف بعنوان: "الاسلام والغرب: سوء الفهم المعرفي".
وبعد الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس جامعة محمد الأول بوجدة السيد محمد بنقدور، افتتح الدكتور بوصوف محاضرته بتأكيده على أن التقسيم الجغرافي لم يعد منطقيا في تحديد علاقة الإسلام بالغرب، لأن الإسلام أصبح اليوم مكونا من مكونات الغرب الحديث، حتى أصبحنا نتحدث عن الإسلام الغربي..
لذلك دعا بوصوف إلى الاشتغال على الذهنيات بنفس طويل ومعرفة عميقة؛ هذه المعرفة التي نفتقدها نحن ويفتقدها الغرب أيضا، من أجل تجاوز ما أسماه إدوارد سعيد ب"صدام الجهالات" وتصحيح الصور النمطية التي تضع حواجز نفسية تمنع من تحقيق شروط العيش المشترك.
كما أكد أن العلاقة التي تحكم الإسلام بالغرب لا زالت تعتمد على الأحداث التاريخية مما يترتب عنه سوء الفهم المستمر. مشيرا إلى أنه عندما نطرح الأبعاد الاجتماعية ونقول بأن الإسلام دين ودنيا؛ فإن هذا الأمر يثير تشنجا تجاه المسلمين في الغرب، لأنه يذكرهم بالحروب التي خاضتها أوربا في صيرورتها التاريخية مع الكنيسة، التي كانت تمثل السلطة الروحية المستبدة بالسلطة الزمنية. و أكد في هذا الإطار على اختلاف السياقات التاريخية بين الإسلام والمسيحية ففي الغرب استبدت الكنيسة بالدين واضطهدت رجال السياسة، لكن في تاريخنا وقع العكس إذ السلطة السياسية هي التي استبدت واضطهدت علماء الدين، لذلك الإسقاط الذي يقوم به الغرب غير صحيح وغير منطقي - حسب تعبير المحاضر-.
وفي تصريح جريء أكد الدكتور بوصوف أن الجامعات المغربية لم تستطع لحد الآن أن تنجب متخصصين في مقارنة الأديان لمناقشة اليهودية والمسيحية انطلاقا من منهجية علمية دقيقة. في حين أن تاريخنا يشهد على نماذج مشرفة تبين فقهها لواقعها ومعرفتها بالأمم الأخرى وتعاليمها، مستشهدا في هذا السياق بالرسالة القبرصية التي أظهرت امتلاك محررها ابن تيمية لمعرفة حقيقية بالمسيحية، وهذا النموذج هو الذي نفتقد إليه للأسف الشديد في هذا العصر حسب بوصوف.
وفي سياق ذي صلة بموضوع المحاضرة أكد بوصوف أن المسلم حين يذهب إلى رئيس البلدية في بلد أوروبي يطلب منه مقبرة خاصة بالمسلمين، فإن ذلك يذكره بتاريخ الكنيسة الأسود حين كانت تدفن من لا يخضع لسلطتها في مقابر جماعية كتعبير عن طرده من "رحمة الرب". مضيفا أن العلمانية في الغرب قدمت للجاليات المسلمة خدمات كبيرة، فحسب بوصوف لولا العلمانية لما كان للإسلام موطئ قدم في الغرب. ولكنه دعا إلى ضرورة استيعاب أن العلمانية في أوربا علمانيات، ففرنسا وحدها فيها أربع علمانيات، وهذه العلمانية هي التي مكنتنا من التواجد واكتساب الحقوق، لذلك لا بد من فهم هذه الأمور وفق تعبيره.
وأثناء حديثه عن أنماط التدين في الغرب، قال الدكتور بوصوف "اليوم نمارس نوعا من التدين ينتمي إلى جغرافية أخرى وتاريخ آخر، وجعلنا منه دينا، ولم نستطع أن نبدع ممارسات دينية تحترم السياقات الثقافية للمجتمع الأوربي وأنا أومن بأن الإسلام أتى لكل زمان ومكان وله قابلية على التجدد".
مشددا على أن الشيء الذي يثير التشنج في الغرب هو التقاليد العربية والإسلامية وليس الدين، لأن الإسلام يحترم الخصوصيات ويتكيف مع الواقع ويجيب عن أسئلته بكل وضوح.
وفي سياق آخر أكد أمين مجلس الجالية أن المقصود بإعادة قراءة التراث هو إعطاء ديناميكية لهذا التراث وإحيائه وليس رميه في سلة المهملات، لأن تراثنا يستطيع أن يجيب عن الكثير من الأسئلة المطروحة بقوة في الغرب.
وفي ختام كلامه نوه الدكتور عبد الله بوصوف بنموذج التدين المغربي الذي يتوفر على خبرة ناتجة عن تجربته الحضارية في الأندلس وقدرته على التأسيس للتعايش والتعامل مع الآخرين، ويساعده في ذلك وسطية العقيدة الأشعرية التي تنبذ الغلو والعنف، ومرونة المذهب المالكي الغني بأصوله، والتصوف السني الذي حفظ للمغاربة قيمهم وأخلاقهم بفضل ما يحمله من قوة في لغته الإشارية والمجازية.
مؤكدا في السياق ذاته على أن هذا النموذج المغربي يساهم في إيجاد أرضية مشتركة ويمثل فرصة للمسلمين للصلح مع الذات والصلح مع الآخر.
وفي ختام الدرس الافتتاحي تم توقيع اتفاقية شراكة بين رئيس جامعة محمد الأول وأمين عام مجلس الجالية.