عبد الله بوصوف:
أعتقد أن ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم 29 نوفمبر بمناسبة زيارته لكاتدرائية نوتردام بباريس، قبل افتتاحها الرسمي يوم السابع من شهر دجنبر القادم، يستحق التوقف عنده قليلاً، وخاصة قوله “صدمة أو صعقة الأمل”. فالرئيس ماكرون يعي جيدًا ماذا يقول، وأين يقول، ومتى يقول.
ففي كثير من الأحيان، أنقذت الصدمات الكهربائية حياة مرضى وأعادتهم للحياة بعد توقف دقات القلب، كما أن هناك حالات نفسية كان علاجها هو الصدمات الكهربائية. لذلك، فإن حادث إحراق كاتدرائية باريس في شهر أبريل من سنة 2019، وكل محطات شريط الاستنكار وجمع التبرعات وإعادة البناء والترميم طوال خمس سنوات، لم تكن بالعملية السهلة. كما أن “نوتردام دو باري” ليست مجرد بناء عادي أو مكان عادي، بل هي مكان يجمع بين المكون الديني والثقافي والتاريخي والحضاري. يكفي أن نقول إن كاتدرائية باريس تم بناؤها في القرن الثاني عشر الميلادي، وهي إحدى علامات الكاثوليكية من جهة، والمعمار “القوطي” من جهة ثانية، لذلك استحقت أن تكون في لائحة التراث الإنساني العالمي ضمن قائمة اليونيسكو.
فالقيمة الدينية والتاريخية والحضارية والإنسانية لكنيسة نوتردام كانت عامل جذب لأكثر من 11 مليون زائر وسائح سنويًا قبل حادث الحريق.
ولأن “رُب ضارة نافعة”، فقد كان حادث إحراق الكاتدرائية في أبريل 2019 سببًا قويًا لإعادة اكتشافها على المستوى التاريخي والحضاري، ومدى تأثيرها في محيط صُناع الرأي العام من مفكرين وسياسيين وفنانين، مثل الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، صاحب رواية “نوتردام دو باري” سنة 1831، الذي تنبأ بحريق الكاتدرائية ودافع عن إعادة ترميمها والحفاظ عليها في رواية “أحدب نوتردام” بعد أحداث الثورة الفرنسية وأعمال التخريب والإهمال التي أصابت كنيسة نوتردام، والتي دفعت نابليون بونابرت لبدء عمليات الترميم سنة 1802، لتكون مكان تتويجه إمبراطورًا سنة 1804. كما كانت نوتردام مكان زواج العديد من الملوك والرؤساء، وشهدت لحظات عزائهم ونعيهم، مثل الجنرال ديغول وضحايا إرهاب باريس في نوفمبر سنة 2015. يكفي أن نقول إن نوتردام هي الكاتدرائية الكاثوليكية الأكثر أهمية بعد كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان.
فكل هذه العوامل التاريخية والدينية والحضارية وغيرها تبرر كل ذلك الحزن والاستهجان بعد حادثة الإحراق. ومن أجل إعادة ترميمها وإنقاذ تاريخها، فقد فاقت قيمة التبرعات 800 مليون يورو، وتم إنشاء مؤسسة خاصة للإشراف على عمليات البناء والترميم بمعايير دقيقة.
فصدمة الأمل التي تحدث عنها الرئيس ماكرون جاءت بعد صباغة حياة الأفراد بألوان الشعبوية وثقافة الإلغاء والتطرف والعنصرية والكراهية والعنف والحروب، وهي كلها صدمات يجب أن تكون عونًا لنا في انطلاقة جديدة وولادة جديدة، تمامًا كما حدث بعد إحراق كاتدرائية نوتردام دو باري، التي يُنتظر أن يرتفع عدد زائريها وحُجاجها وسُياحها إلى 15 مليون سنويًا.
وتشاء الصدف أن يعيش سكان “العالم الآخر” مسلسلاً جديدًا من العزلة والانكسار والهزيمة، إذ إن المغربية رشيدة داتي هي المشرفة على عمليات الترميم بصفتها وزيرة الثقافة الفرنسية والوصية على التراث الإنساني العالمي في فرنسا. فهل سيقاطعون احتفالات افتتاح كاتدرائية باريس بعد مرور خمس سنوات على إحراقها؟ أم سيكتفون بمتابعة الحفل من الشاشات العملاقة التي أمرت وزارة رشيدة داتي بإقامتها في كل أحياء باريس؟
أعتقد أن ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم 29 نوفمبر بمناسبة زيارته لكاتدرائية نوتردام بباريس، قبل افتتاحها الرسمي يوم السابع من شهر دجنبر القادم، يستحق التوقف عنده قليلاً، وخاصة قوله “صدمة أو صعقة الأمل”. فالرئيس ماكرون يعي جيدًا ماذا يقول، وأين يقول، ومتى يقول.
ففي كثير من الأحيان، أنقذت الصدمات الكهربائية حياة مرضى وأعادتهم للحياة بعد توقف دقات القلب، كما أن هناك حالات نفسية كان علاجها هو الصدمات الكهربائية. لذلك، فإن حادث إحراق كاتدرائية باريس في شهر أبريل من سنة 2019، وكل محطات شريط الاستنكار وجمع التبرعات وإعادة البناء والترميم طوال خمس سنوات، لم تكن بالعملية السهلة. كما أن “نوتردام دو باري” ليست مجرد بناء عادي أو مكان عادي، بل هي مكان يجمع بين المكون الديني والثقافي والتاريخي والحضاري. يكفي أن نقول إن كاتدرائية باريس تم بناؤها في القرن الثاني عشر الميلادي، وهي إحدى علامات الكاثوليكية من جهة، والمعمار “القوطي” من جهة ثانية، لذلك استحقت أن تكون في لائحة التراث الإنساني العالمي ضمن قائمة اليونيسكو.
فالقيمة الدينية والتاريخية والحضارية والإنسانية لكنيسة نوتردام كانت عامل جذب لأكثر من 11 مليون زائر وسائح سنويًا قبل حادث الحريق.
ولأن “رُب ضارة نافعة”، فقد كان حادث إحراق الكاتدرائية في أبريل 2019 سببًا قويًا لإعادة اكتشافها على المستوى التاريخي والحضاري، ومدى تأثيرها في محيط صُناع الرأي العام من مفكرين وسياسيين وفنانين، مثل الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو، صاحب رواية “نوتردام دو باري” سنة 1831، الذي تنبأ بحريق الكاتدرائية ودافع عن إعادة ترميمها والحفاظ عليها في رواية “أحدب نوتردام” بعد أحداث الثورة الفرنسية وأعمال التخريب والإهمال التي أصابت كنيسة نوتردام، والتي دفعت نابليون بونابرت لبدء عمليات الترميم سنة 1802، لتكون مكان تتويجه إمبراطورًا سنة 1804. كما كانت نوتردام مكان زواج العديد من الملوك والرؤساء، وشهدت لحظات عزائهم ونعيهم، مثل الجنرال ديغول وضحايا إرهاب باريس في نوفمبر سنة 2015. يكفي أن نقول إن نوتردام هي الكاتدرائية الكاثوليكية الأكثر أهمية بعد كاتدرائية القديس بطرس بالفاتيكان.
فكل هذه العوامل التاريخية والدينية والحضارية وغيرها تبرر كل ذلك الحزن والاستهجان بعد حادثة الإحراق. ومن أجل إعادة ترميمها وإنقاذ تاريخها، فقد فاقت قيمة التبرعات 800 مليون يورو، وتم إنشاء مؤسسة خاصة للإشراف على عمليات البناء والترميم بمعايير دقيقة.
فصدمة الأمل التي تحدث عنها الرئيس ماكرون جاءت بعد صباغة حياة الأفراد بألوان الشعبوية وثقافة الإلغاء والتطرف والعنصرية والكراهية والعنف والحروب، وهي كلها صدمات يجب أن تكون عونًا لنا في انطلاقة جديدة وولادة جديدة، تمامًا كما حدث بعد إحراق كاتدرائية نوتردام دو باري، التي يُنتظر أن يرتفع عدد زائريها وحُجاجها وسُياحها إلى 15 مليون سنويًا.
وتشاء الصدف أن يعيش سكان “العالم الآخر” مسلسلاً جديدًا من العزلة والانكسار والهزيمة، إذ إن المغربية رشيدة داتي هي المشرفة على عمليات الترميم بصفتها وزيرة الثقافة الفرنسية والوصية على التراث الإنساني العالمي في فرنسا. فهل سيقاطعون احتفالات افتتاح كاتدرائية باريس بعد مرور خمس سنوات على إحراقها؟ أم سيكتفون بمتابعة الحفل من الشاشات العملاقة التي أمرت وزارة رشيدة داتي بإقامتها في كل أحياء باريس؟