منير أبو المعالي
أظهرت التسجيلات الصوتية لمحادثات “الكوماندو” المغربي الذي نفذ الاعتداء الإرهابي في بروكسيل العام الفائت، كيف تطورت خطة الشقيقين إبراهيم وخالد البكراوي، فضلا عن نجيم العشراوي ومحمد عبريني، الذين ينحدرون من منطقة الريف بالمغرب، من استهداف مناطق في إنجلترا ثم فرنسا، إلى ضرب أهداف ببلجيكا.
محادثة مع “أبو أحمد”
تضمنت التسجيلات محادثات جمعت بين “الكوماندو” وبين قائد للعمليات في سوريا هو أسامة عطار، وهو من أقرباء الشقيقين البكراوي. وحصلت المحادثة الأولى شهرا قبل الاعتداء، بينما الثانية جرت قبيل تنفيذ العملية.
المحادثتان اللتان حصلتا يوم 15 فبراير و15 مارس 2016، تبدأ بالشكل التالي: “السلام عليكم أخي، إني أبعث إليك هذه الرسالة الصوتية للجواب عن أسئلتك.. وأيضا لنكون أكثر دقة حتى تتضح لديك الصورة عما تحقق، وما لم يتحقق حتى الآن”.
وجوابا عن أسئلة تتعلق بصناعة المتفجرات، فقد شرح العشراوي لمخاطبه بأنهم صنعوا حتى ذلك الوقت 130 كيلوغراما من المتفجرات: “لقد استطعنا صناعة 100 كيلوغرام من المتفجرات في 10 أيام، ولدينا هنا نحو 130 كيلوغراما منها، وقبل نهاية هذا الأسبوع ستكون لدينا مائتا كليوغرام من المتفجرات بإذن الله. وإنني الآن أفكر في القيام بعملية.. سنملأ شاحنة أو سيارة بنحو 600 أو 700 كليوغرام ثم سنفجرها، هل فهمت”.
غير أن أبو أحمد اقترح على أعضاء “الكوماندو” أن يضعوا المتفجرات في خط سككي، لكن العشراوي أشار إلى الصعوبات التي تكتنف مثل هذه العملية: “لقد طلبت مني ذاك الشيء المتعلق بالسكك الحديدية.. يجب أن ننسى هذا، لأنني كنت قد طلبت هذا من محمد علي وتكلمت حتى مع أبو عمر (عبدالحميد أباعوض) تقبله الله، وقد قال لي إننا نحتاج لفعل ذلك، إلى صفائح رقيقة وهي مكلفة للغاية”. وقد طلب من مخاطبه أن يجري تجارب في الرقة (سوريا) للتحقق من فعالية مثل هذه العملية: “لكن ما يمكننا الآن فعله، هو وضع عشرة كيلوغرامات من المتفجرات في خط سككي.. عشرة كيلوغرامات تحت كل خط للقطارات”. وقد طلب العشراوي، أيضا، من أبو أحمد أن يرسل إليه صورة عن المخطط، وهو ما يوحي بأن الخطة الأصلية لم تكن تتضمن تنفيذ عمليات انتحارية.
إنجلترا وفرنسا كهدفين
كدليل على الحرية التي أعطيت “لكوماندو” بروكسيل في اختيار أهدافه، فإن العشراوي كان يعرض المقترحات على أبو أحمد، وقد كانت إنجلترا هدفا يدرس بعناية حتى ذلك الوقت. ثم تحولوا إلى فرنسا، وبشكل مستعجل، قرروا ضرب بلجيكا. “لقد تحدثنا بخصوص إنجلترا.. علينا نسيان هذا الأمر”، يشرح العشراوي دون أن يوضح سبب هذا التراجع. لكن تتمة المحادثة تشير إلى أن أول خيار كان لدى “الكوماندو” هو تنفيذ عدة عمليات، وفي هذا الإطار، فقد أوضح العشراوي لأبي أحمد بأنه سيكون من المستحسن ضرب فرنسا، بينما يحتفظ ببلجيكا كقاعدة لوجستيكية. وقال إن مجموعته ترغب في خطف شخص أو اثنين لفرض إطلاق سراح بعض الإخوة مثل المهدي نموش، الذي قتل يهوديا في بروكسيل شهر ماي 2014، أو محمد البقالي، الذي اعتقل في سياق تحقيقات ما بعد اعتداءات باريس في 13 نونبر 2015. “إن الإخوة يتساءلون كيف يمكن أن يعملوا، هل يجب أن يعملوا على مدى بعيد؟ أم يجب أن يعملوا على تنفيذ عملية كبيرة لمرة واحدة وأخيرة، لأنك إن رغبت في أن نعمل على المدى البعيد، فإن الله وحده يعلم ما سيحدث.. إنك أنت الأمير وأنت من ستقرر، ولكن إن كنت تريد أن نعمل على مدى بعيد، فمن الأفضل ألا نركز على بلجيكا، حتى تبقى قاعدة للانسحاب”.
وأثار العشراوي، كذلك، موضوع وجود خلية نائمة في فرنسا: “إننا نريد منك، أيضا، بشأن الإخوة الموجودين في فرنسا ما إن كانوا جاهزين للعمل. وكيف يمكنهم العمل.. هل هم قادرون على صناعة مواد وتوزيع حقائب هنا وهناك، أم إنهم فقط، مرشحون للاستشهاد.. نرغب في تسليمهم حقائب وتسليحهم، لذلك ننتظر منك الرد على هذا الأمر”.
وقد كانت الفكرة الأولى لدى العشراوي ومجموعته تنفيذ اعتداء على مسابقة كأس أوروبا لكرة القدم، التي كانت ستعقد في يونيو 2016: “إن الإخوة يفضلون التركيز على فرنسا لأن مسابقة كأس أوروبا ستنظم هناك وهم يريدون أن تُلغى هذه المسابقة وستكون هذه أول مرة بإذن الله التي يحدث فيها هذا، وبهذه الطريقة سيكون الفزع قد دب فيهم، وستكون خسارة مالية هائلة، وسيكون درسا لجميع الذين يريدون المشاركة في ضرب الدولة الإسلامية”.
تغيير الخطة
في 15 مارس، داهمت الشرطة البلجيكية شقة في حي فوريست، وفر ثلاثة من أفراد الجماعة، بينما قُتل محمد بلقايد، وترك صلاح عبدالسلام وسفيان العياري سلاحهما واختفيا وسيلقى القبض عليهم بعد ذلك بثلاثة أيام. وبسبب هذه العملية، تغيرت الخطة، وتقرر تنفيذ اعتداء في بلجيكا. وفي تسجيل مكتوب مؤرخ في 21 مارس على الساعة 22 و43 دقيقة، وجه أفراد المجموعة رسالة وعِيد إلى الدولة البلجيكية: “كل ما استمررتم في إضعاف مصالح الدولة الإسلامية بمشاركتكم في هذا التحالف الدولي، فعليكم أن تقبلوا بأن تتعرضوا للضرب أيضا”.
وما تبقى من تفاصيل العملية، فهو موجود في التسجيل الثاني حيث يتحدث العشراوي مع أبو أحمد ويقول: “إننا بخير على كل حال، وإن الوضع لا يسمح بأي تأخير، لذلك يجب علينا أن نتحرك بأسرع وقت ممكن وسنبدأ غدا الثلاثاء 22 مارس”. ثم يضيف: “لم يعد لدينا بيت آمن، وليس هناك شخص آخر، ولم يعد هناك أشخاص مكلفون باللوجستيك.. إن الهدف سيكون إن شاء الله..”، ويقاطعه البكراوي قائلا: “المطار”.. ويتابع العشراوي: المطار والمترو.. ستكون هناك خمس عمليات، وسنضرب المطار لأن هناك طائرات أمريكية وإسرائيلية وروسية هذا الصباح وسنقوم بضربها.. إذا استعملنا بنادق الكلاشينكوف، فإن الأمر سيتطلب الكثير من “غرف الشحن”، ويوجد جنود في المكان، ولذلك، ولكي يكون عدد القتلى كبيرا، يجب أن نتسلل وسط الحشود ثم نفجر في وقت واحد”. ويقاطعه البكراوي مرة جديدة: “هكذا فجأة”.
أظهرت التسجيلات الصوتية لمحادثات “الكوماندو” المغربي الذي نفذ الاعتداء الإرهابي في بروكسيل العام الفائت، كيف تطورت خطة الشقيقين إبراهيم وخالد البكراوي، فضلا عن نجيم العشراوي ومحمد عبريني، الذين ينحدرون من منطقة الريف بالمغرب، من استهداف مناطق في إنجلترا ثم فرنسا، إلى ضرب أهداف ببلجيكا.
محادثة مع “أبو أحمد”
تضمنت التسجيلات محادثات جمعت بين “الكوماندو” وبين قائد للعمليات في سوريا هو أسامة عطار، وهو من أقرباء الشقيقين البكراوي. وحصلت المحادثة الأولى شهرا قبل الاعتداء، بينما الثانية جرت قبيل تنفيذ العملية.
المحادثتان اللتان حصلتا يوم 15 فبراير و15 مارس 2016، تبدأ بالشكل التالي: “السلام عليكم أخي، إني أبعث إليك هذه الرسالة الصوتية للجواب عن أسئلتك.. وأيضا لنكون أكثر دقة حتى تتضح لديك الصورة عما تحقق، وما لم يتحقق حتى الآن”.
وجوابا عن أسئلة تتعلق بصناعة المتفجرات، فقد شرح العشراوي لمخاطبه بأنهم صنعوا حتى ذلك الوقت 130 كيلوغراما من المتفجرات: “لقد استطعنا صناعة 100 كيلوغرام من المتفجرات في 10 أيام، ولدينا هنا نحو 130 كيلوغراما منها، وقبل نهاية هذا الأسبوع ستكون لدينا مائتا كليوغرام من المتفجرات بإذن الله. وإنني الآن أفكر في القيام بعملية.. سنملأ شاحنة أو سيارة بنحو 600 أو 700 كليوغرام ثم سنفجرها، هل فهمت”.
غير أن أبو أحمد اقترح على أعضاء “الكوماندو” أن يضعوا المتفجرات في خط سككي، لكن العشراوي أشار إلى الصعوبات التي تكتنف مثل هذه العملية: “لقد طلبت مني ذاك الشيء المتعلق بالسكك الحديدية.. يجب أن ننسى هذا، لأنني كنت قد طلبت هذا من محمد علي وتكلمت حتى مع أبو عمر (عبدالحميد أباعوض) تقبله الله، وقد قال لي إننا نحتاج لفعل ذلك، إلى صفائح رقيقة وهي مكلفة للغاية”. وقد طلب من مخاطبه أن يجري تجارب في الرقة (سوريا) للتحقق من فعالية مثل هذه العملية: “لكن ما يمكننا الآن فعله، هو وضع عشرة كيلوغرامات من المتفجرات في خط سككي.. عشرة كيلوغرامات تحت كل خط للقطارات”. وقد طلب العشراوي، أيضا، من أبو أحمد أن يرسل إليه صورة عن المخطط، وهو ما يوحي بأن الخطة الأصلية لم تكن تتضمن تنفيذ عمليات انتحارية.
إنجلترا وفرنسا كهدفين
كدليل على الحرية التي أعطيت “لكوماندو” بروكسيل في اختيار أهدافه، فإن العشراوي كان يعرض المقترحات على أبو أحمد، وقد كانت إنجلترا هدفا يدرس بعناية حتى ذلك الوقت. ثم تحولوا إلى فرنسا، وبشكل مستعجل، قرروا ضرب بلجيكا. “لقد تحدثنا بخصوص إنجلترا.. علينا نسيان هذا الأمر”، يشرح العشراوي دون أن يوضح سبب هذا التراجع. لكن تتمة المحادثة تشير إلى أن أول خيار كان لدى “الكوماندو” هو تنفيذ عدة عمليات، وفي هذا الإطار، فقد أوضح العشراوي لأبي أحمد بأنه سيكون من المستحسن ضرب فرنسا، بينما يحتفظ ببلجيكا كقاعدة لوجستيكية. وقال إن مجموعته ترغب في خطف شخص أو اثنين لفرض إطلاق سراح بعض الإخوة مثل المهدي نموش، الذي قتل يهوديا في بروكسيل شهر ماي 2014، أو محمد البقالي، الذي اعتقل في سياق تحقيقات ما بعد اعتداءات باريس في 13 نونبر 2015. “إن الإخوة يتساءلون كيف يمكن أن يعملوا، هل يجب أن يعملوا على مدى بعيد؟ أم يجب أن يعملوا على تنفيذ عملية كبيرة لمرة واحدة وأخيرة، لأنك إن رغبت في أن نعمل على المدى البعيد، فإن الله وحده يعلم ما سيحدث.. إنك أنت الأمير وأنت من ستقرر، ولكن إن كنت تريد أن نعمل على مدى بعيد، فمن الأفضل ألا نركز على بلجيكا، حتى تبقى قاعدة للانسحاب”.
وأثار العشراوي، كذلك، موضوع وجود خلية نائمة في فرنسا: “إننا نريد منك، أيضا، بشأن الإخوة الموجودين في فرنسا ما إن كانوا جاهزين للعمل. وكيف يمكنهم العمل.. هل هم قادرون على صناعة مواد وتوزيع حقائب هنا وهناك، أم إنهم فقط، مرشحون للاستشهاد.. نرغب في تسليمهم حقائب وتسليحهم، لذلك ننتظر منك الرد على هذا الأمر”.
وقد كانت الفكرة الأولى لدى العشراوي ومجموعته تنفيذ اعتداء على مسابقة كأس أوروبا لكرة القدم، التي كانت ستعقد في يونيو 2016: “إن الإخوة يفضلون التركيز على فرنسا لأن مسابقة كأس أوروبا ستنظم هناك وهم يريدون أن تُلغى هذه المسابقة وستكون هذه أول مرة بإذن الله التي يحدث فيها هذا، وبهذه الطريقة سيكون الفزع قد دب فيهم، وستكون خسارة مالية هائلة، وسيكون درسا لجميع الذين يريدون المشاركة في ضرب الدولة الإسلامية”.
تغيير الخطة
في 15 مارس، داهمت الشرطة البلجيكية شقة في حي فوريست، وفر ثلاثة من أفراد الجماعة، بينما قُتل محمد بلقايد، وترك صلاح عبدالسلام وسفيان العياري سلاحهما واختفيا وسيلقى القبض عليهم بعد ذلك بثلاثة أيام. وبسبب هذه العملية، تغيرت الخطة، وتقرر تنفيذ اعتداء في بلجيكا. وفي تسجيل مكتوب مؤرخ في 21 مارس على الساعة 22 و43 دقيقة، وجه أفراد المجموعة رسالة وعِيد إلى الدولة البلجيكية: “كل ما استمررتم في إضعاف مصالح الدولة الإسلامية بمشاركتكم في هذا التحالف الدولي، فعليكم أن تقبلوا بأن تتعرضوا للضرب أيضا”.
وما تبقى من تفاصيل العملية، فهو موجود في التسجيل الثاني حيث يتحدث العشراوي مع أبو أحمد ويقول: “إننا بخير على كل حال، وإن الوضع لا يسمح بأي تأخير، لذلك يجب علينا أن نتحرك بأسرع وقت ممكن وسنبدأ غدا الثلاثاء 22 مارس”. ثم يضيف: “لم يعد لدينا بيت آمن، وليس هناك شخص آخر، ولم يعد هناك أشخاص مكلفون باللوجستيك.. إن الهدف سيكون إن شاء الله..”، ويقاطعه البكراوي قائلا: “المطار”.. ويتابع العشراوي: المطار والمترو.. ستكون هناك خمس عمليات، وسنضرب المطار لأن هناك طائرات أمريكية وإسرائيلية وروسية هذا الصباح وسنقوم بضربها.. إذا استعملنا بنادق الكلاشينكوف، فإن الأمر سيتطلب الكثير من “غرف الشحن”، ويوجد جنود في المكان، ولذلك، ولكي يكون عدد القتلى كبيرا، يجب أن نتسلل وسط الحشود ثم نفجر في وقت واحد”. ويقاطعه البكراوي مرة جديدة: “هكذا فجأة”.