محمد بوتخريط . هولندا .
استحضار للذاكرة والمحيط ..وجراحات أمس لم تندمل أبدا.!
قطرات.
قطرات اليوم ليست هي تلك الباردة التي تتناثرعلى وجهك فى يوم حار فتنعشك ..هي قطرات أخرى تمزق وتكسرالقلوب.. قطرات من ينابيع طفولة ..لم تزهر في جنباتها زهور.
باختصار هي سيرة ذاتية واستحضار لذاكرة المؤلف نفسه ومحيطه وبيئته... قطرات من واقع يحكيه لنا صاحبه "علي أمازيغ"..
علي أمازيغ..الحامل فرحا دائما بأحلى الأحلام ؟
إنسان عصامي حتى النخاع ، تلقائي بطبعه ، صادق جدا في كتاباته .. يواصل التنقيب عن الحقيقة باستمتاع من غير ملل ولا كلل .. يحمل إحساساً تلقائياً عميقاً بلذة البحث .. مدفوعاً بعشق ذاتي شديد لفهم الأشياء .. فهمها ( أقول) وليس للنجاح . يُعد نموذجاً لهذا العشق وهذا الاندماج في ماضٍ لم يمت عنده أبدا .
لم يتلق من التعليم النظامي سوى بعض مراحله الأولى .. ولد فى أسرة بسيطة متواضعة كشأن كل أسر الريف الشامخ هناك شمال المغرب، لم يولد وفى يده قلم من ذهب ولا حَمل "أغلى" لقب.. وحين لم يجد لا قلما ولا ورقا، نحت حروفه على الحجر ..لا يملك سوى دعاء والدته الصباحي ..وبعض الأوراق .. وذِكرى قبلة لحبيبة لم يستأنس بها طويلا بعد أن لبَّت نداء الرب العالي ، تركته وسافرت دون رجعة.. كان الموت أقوى منها ومنه ولكن ابتسامته كانت ولازالت أقوى من كل شيء و أقوى من الموت ذاته ، لم يستطع الموت أن ينتزعها منه . يعرفه الجميع بتلقائية ابتسامة تسبقه دائما ، تحمل قمة الازدراء للحياة .. لأنه يكره الزيف وكل القناعات الزائفة ولا يبالي بقساوة الأيام . لا لشئ أكثر من أنه يحمل فرحا دائما بأحلى الأحلام هذا هو علي أولاد صديق . أو كما الإسم محفورا عند إيريفيين " عْرِي أمازيغ ( = علي أمازيغ ) .
عالم تتمازج فيه الحكايات.
صدر له مؤخرا بهولندا رائعته : " قطرات لا تجف " مجموعة قصصية جديدة بعد كتابه الشعري الأول "أنقار" (=الشروق) عن دار"أرويو 2009 بهولندا .
جاءت المجموعة القصصية (تُودُونِينْ وارْ يِ تِيزْغاَنْ ) (قطرات لا تجف) في 136 صفحة من القطع المتوسط تحمل 22 قصصة قصيرة في نصوص نثرية متصلة ممزوجة بإيقاعات شعرية وجدانية .. مكتوبة بأمازيغية الريف و بحروف لاتينية . كتب مقدمة الكتاب خالد موريق . وتتخلل صفحاته عدد من الرسومات من ريشة الفنان محمد أبطوي . اما الغلاف فهو من تصميم حميد السقال.
يحوي الكتاب قصص قصيرة هي عبارة عن سيرة ذاتية واستحضار لذاكرة المؤلف (علي أمازيغ) ومحيطه وبيئته، وكذلك جرد لعدد من الأحداث التي عاشها ..عن طفولته في المغرب.
تحكي سيرة الكاتب وتجربته بين الطفولة والضياع والتلاشي .. منذ صرخته الأ ولى بــ :" حي إصبانن بالناظور، حتى سؤال الهوية . هي سيرة تشبه سيرة الكثير من أهل الريف ومسار قضاياهم .
والجديد المبدع هذه المرة في كتاب علي أمازيغ هو : سموّ اللغة التي كتب بها . فحين نتناول نصوص المجموعة القصصية " تُودُونِينْ وارْ يِ تِيزْغاَنْ" نحس وكأننا لسنا امام كتاب يحكي مجموعة قصص أو سيرة الكاتب فقط ، بل ينتابنا شعور وكأننا امام كتاب تاريخ ؛ واللغة فيه هي الهوية وهي الزمان والمكان ... هي ظل الجغرافيا المسروقة ؛ كما هي علي أمازيغ نفسه ، ذاك المحمي بكثافة الذاكرة وندب الجروح . يجعلنا نعيش معه عالم ماضيه الخاص وبكل ثقله وهو يواجه الكل بحروف تستحظر الماضي لتعيد رسم المكان علها تشكل حاضرا جديدا، يقتل الخوف من أن يكون المستقبل هو ماضيه القادم .
قصصه لم ينسجها الخيال ولم تبنيها الخرافة .. هي واقع عاشه الكاتب في البيت واالشارع والمدرسة .. تُحسه أحيانا وكأنه يولّد حكايات البلد بأكمله من حكايات خاصة ، ويبني عالماً تتمازج فيه حكايات الجميع كما في حكاية "ثَامَزْيِيذَا" . قصة هي بنت الواقع ، تعيد ترتيب أبجديتها لتقول الحقيقة أمام سياسة استهدفت ولا تزال تستهدف قلب و شطب التاريخ .. لقتل اللغة. يعيد لنا فيها الكاتب التاريخ ليكتب تاريخا آخر جديدا .. يصف لنا فيها الحالة التي كانت تعيشها "المؤسسة التعليمية " أواخر الستينات وفي مختلف مستوياتها ...يطرح تساؤلات بل ويطرح معها حلولا أخرى .. ليجعل بذلك القارئ تائها حول متاهات الماضي وتساؤلات الحاظر.
يقول في ( ثامزييذا) :" لا زلت أتذكر ما مضى ..مدرسة ابن خلدون.. وكل ما عشته هناك ..الماضي لن يعود..ولكن ارى ان كل ما كان يحدث هناك لم يكن بالتأكيد على المستوى المطلوب .. لا المعلمات ولا الدراسة ولا الكتب كانت في المستوى .. لم تبلغ الأمور هناك مستوى النضج وتحمل المسؤوليات كما ينبغي (...) ما اريد قوله هو أن كل هذه القطرات مجتمعة هي التي جعلتني أقضي ثلاث أو أربع سنوات في قسم " التحضيري"( = القسم ما قبل الأول من التعليم الإبتدائي) ..."
هكذا أطل علينا علي أمازيغ هذه المرة جاء يكتب عن الواقع ، لأنه (كما صرح لي يوما في حوار سبق لي وأن أجرته معه صحبة خالد موريق لأمازيغ تيفي) "مؤمن بأن من يكتب بعيدا عن الحقيقة سيكشفه الواقع ذات يوم"
أحمد والعفريت..
هكذا إذن يحملنا علي امازيغ في مجموعته القصصية الجديدة الى عالم حكايات حياته من أولها.. من لحظة ميلاده، عام 1960 في ايصبانن نواحي مدينة الناظور، الى أن هاجر وهو ابن الرابعة عشر ربيعا مع عائلته الى هولندا. يحكي عن فترة طفولته .. يتحدّث عما أثّر عليه في مرحلته هذه ، فتحدّث عن مرحلة هجرة والده وعودته في العطل الى المغرب وأثر ذلك في نفسه وهو طفل ، وعن "ختانه" وهو صغيرا وأثره البالغ في نفسه ، وعن كلبه المفضل " بيسي" و عن الطريق الى المدرسة وعن أجواء المدينة الاجتماعية الحميمة .. عن رحلة التعليم الإبتدائي بمدرسة ابن خلدون ، وهو يتهيأ لدخول الصف الأول الابتدائي ( التحضيري) ليتعلم ابجديات الحروف الأولى بلسان غير لسانه وبلغة لا يعرفها و لا يفهمها ، وبميكنزمات لا زال لحد الآن يتساءل عن سرها ..
يحكي لنا عن حكاية " أحمد والعفريت" التي خلقت له مشكلات نفسية كثيرة رافقته لسنوات... يتسائل:"الم يكن من الاجدر ان يحكوا لنا عن حكايات اخرى تناسب عمرنا وتنمي بالتالي تفكيرنا .. بدل قصص العفاريت ".
هو كتاب يحمل قصص قد تبدو بسيطة جدا في شكلها بل أن لغة الرواية نفسها بسيطة جداً وغير متكلفة ، تحمل كلمات عامية و بسيطة .. ولكنها تشير للكثير من الأحداث داخل قالب تعمد الكاتب وضعنا فيه ليشعرنا بواقعيتها .
قطرة أخيرة
هكذا سافر بنا علي أمازيغ بتلقائيته وبساطته وعفويته بل وبعنفه احيانا الى عالم طفولته.. حكى لنا عن واقع مرعانى منه .. وعن حالات واقعية أخرى تم عرضها بطريقة مسلية وجذابة.. صورة مصغرة لمغرب أواخرالستينات وبداية السبعينات بايجابياته وسلبياته. عالم لم يكن مفروشا بالورود ، عالم قلوب كسيرة، عشش فيها الحزن وباض وفرخ .. عالم يحمل كل صنوف الهم ّ والأحزان التي شرب منها الكاتب قبل غيره .. تعثر فيه ما مرة ، لكنه واصل ملاحقة حلمه ، تشرب "ثقافة" محيطه تشرباً تلقائياً فتشكل بها عقله وتقولبت بها عواطفه و صيغت بها ذاته وتحددت بها اهتماماته .. أصبح بها يرى وبها يقيس وبها يحكم . نجح في اختبارات الحياة .. فتعلم كيف يعيش وكيف يَحيا وكيف .. يكتب .
فعلا نجح علي أمازيغ بعصامية عالية في اختبارات الحياة وأهدانا هذه المجموعة من " القطرات" القصصية التي تشبه الحكايات الشعبية الشفاهية ، تحمل من الشعرية الخفية ، ومن تقنية الأحاجي والأساطير القديمة ما يجعلها فعلا " قطرات لا تجف " .. قطرات تستفز القارئ .. فينا وتثيره بما يحرك تفكيره.
صدق ألبرت أينشتاين فعلا حين قال ذات يوم : "في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك ،اما الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس" .
استحضار للذاكرة والمحيط ..وجراحات أمس لم تندمل أبدا.!
قطرات.
قطرات اليوم ليست هي تلك الباردة التي تتناثرعلى وجهك فى يوم حار فتنعشك ..هي قطرات أخرى تمزق وتكسرالقلوب.. قطرات من ينابيع طفولة ..لم تزهر في جنباتها زهور.
باختصار هي سيرة ذاتية واستحضار لذاكرة المؤلف نفسه ومحيطه وبيئته... قطرات من واقع يحكيه لنا صاحبه "علي أمازيغ"..
علي أمازيغ..الحامل فرحا دائما بأحلى الأحلام ؟
إنسان عصامي حتى النخاع ، تلقائي بطبعه ، صادق جدا في كتاباته .. يواصل التنقيب عن الحقيقة باستمتاع من غير ملل ولا كلل .. يحمل إحساساً تلقائياً عميقاً بلذة البحث .. مدفوعاً بعشق ذاتي شديد لفهم الأشياء .. فهمها ( أقول) وليس للنجاح . يُعد نموذجاً لهذا العشق وهذا الاندماج في ماضٍ لم يمت عنده أبدا .
لم يتلق من التعليم النظامي سوى بعض مراحله الأولى .. ولد فى أسرة بسيطة متواضعة كشأن كل أسر الريف الشامخ هناك شمال المغرب، لم يولد وفى يده قلم من ذهب ولا حَمل "أغلى" لقب.. وحين لم يجد لا قلما ولا ورقا، نحت حروفه على الحجر ..لا يملك سوى دعاء والدته الصباحي ..وبعض الأوراق .. وذِكرى قبلة لحبيبة لم يستأنس بها طويلا بعد أن لبَّت نداء الرب العالي ، تركته وسافرت دون رجعة.. كان الموت أقوى منها ومنه ولكن ابتسامته كانت ولازالت أقوى من كل شيء و أقوى من الموت ذاته ، لم يستطع الموت أن ينتزعها منه . يعرفه الجميع بتلقائية ابتسامة تسبقه دائما ، تحمل قمة الازدراء للحياة .. لأنه يكره الزيف وكل القناعات الزائفة ولا يبالي بقساوة الأيام . لا لشئ أكثر من أنه يحمل فرحا دائما بأحلى الأحلام هذا هو علي أولاد صديق . أو كما الإسم محفورا عند إيريفيين " عْرِي أمازيغ ( = علي أمازيغ ) .
عالم تتمازج فيه الحكايات.
صدر له مؤخرا بهولندا رائعته : " قطرات لا تجف " مجموعة قصصية جديدة بعد كتابه الشعري الأول "أنقار" (=الشروق) عن دار"أرويو 2009 بهولندا .
جاءت المجموعة القصصية (تُودُونِينْ وارْ يِ تِيزْغاَنْ ) (قطرات لا تجف) في 136 صفحة من القطع المتوسط تحمل 22 قصصة قصيرة في نصوص نثرية متصلة ممزوجة بإيقاعات شعرية وجدانية .. مكتوبة بأمازيغية الريف و بحروف لاتينية . كتب مقدمة الكتاب خالد موريق . وتتخلل صفحاته عدد من الرسومات من ريشة الفنان محمد أبطوي . اما الغلاف فهو من تصميم حميد السقال.
يحوي الكتاب قصص قصيرة هي عبارة عن سيرة ذاتية واستحضار لذاكرة المؤلف (علي أمازيغ) ومحيطه وبيئته، وكذلك جرد لعدد من الأحداث التي عاشها ..عن طفولته في المغرب.
تحكي سيرة الكاتب وتجربته بين الطفولة والضياع والتلاشي .. منذ صرخته الأ ولى بــ :" حي إصبانن بالناظور، حتى سؤال الهوية . هي سيرة تشبه سيرة الكثير من أهل الريف ومسار قضاياهم .
والجديد المبدع هذه المرة في كتاب علي أمازيغ هو : سموّ اللغة التي كتب بها . فحين نتناول نصوص المجموعة القصصية " تُودُونِينْ وارْ يِ تِيزْغاَنْ" نحس وكأننا لسنا امام كتاب يحكي مجموعة قصص أو سيرة الكاتب فقط ، بل ينتابنا شعور وكأننا امام كتاب تاريخ ؛ واللغة فيه هي الهوية وهي الزمان والمكان ... هي ظل الجغرافيا المسروقة ؛ كما هي علي أمازيغ نفسه ، ذاك المحمي بكثافة الذاكرة وندب الجروح . يجعلنا نعيش معه عالم ماضيه الخاص وبكل ثقله وهو يواجه الكل بحروف تستحظر الماضي لتعيد رسم المكان علها تشكل حاضرا جديدا، يقتل الخوف من أن يكون المستقبل هو ماضيه القادم .
قصصه لم ينسجها الخيال ولم تبنيها الخرافة .. هي واقع عاشه الكاتب في البيت واالشارع والمدرسة .. تُحسه أحيانا وكأنه يولّد حكايات البلد بأكمله من حكايات خاصة ، ويبني عالماً تتمازج فيه حكايات الجميع كما في حكاية "ثَامَزْيِيذَا" . قصة هي بنت الواقع ، تعيد ترتيب أبجديتها لتقول الحقيقة أمام سياسة استهدفت ولا تزال تستهدف قلب و شطب التاريخ .. لقتل اللغة. يعيد لنا فيها الكاتب التاريخ ليكتب تاريخا آخر جديدا .. يصف لنا فيها الحالة التي كانت تعيشها "المؤسسة التعليمية " أواخر الستينات وفي مختلف مستوياتها ...يطرح تساؤلات بل ويطرح معها حلولا أخرى .. ليجعل بذلك القارئ تائها حول متاهات الماضي وتساؤلات الحاظر.
يقول في ( ثامزييذا) :" لا زلت أتذكر ما مضى ..مدرسة ابن خلدون.. وكل ما عشته هناك ..الماضي لن يعود..ولكن ارى ان كل ما كان يحدث هناك لم يكن بالتأكيد على المستوى المطلوب .. لا المعلمات ولا الدراسة ولا الكتب كانت في المستوى .. لم تبلغ الأمور هناك مستوى النضج وتحمل المسؤوليات كما ينبغي (...) ما اريد قوله هو أن كل هذه القطرات مجتمعة هي التي جعلتني أقضي ثلاث أو أربع سنوات في قسم " التحضيري"( = القسم ما قبل الأول من التعليم الإبتدائي) ..."
هكذا أطل علينا علي أمازيغ هذه المرة جاء يكتب عن الواقع ، لأنه (كما صرح لي يوما في حوار سبق لي وأن أجرته معه صحبة خالد موريق لأمازيغ تيفي) "مؤمن بأن من يكتب بعيدا عن الحقيقة سيكشفه الواقع ذات يوم"
أحمد والعفريت..
هكذا إذن يحملنا علي امازيغ في مجموعته القصصية الجديدة الى عالم حكايات حياته من أولها.. من لحظة ميلاده، عام 1960 في ايصبانن نواحي مدينة الناظور، الى أن هاجر وهو ابن الرابعة عشر ربيعا مع عائلته الى هولندا. يحكي عن فترة طفولته .. يتحدّث عما أثّر عليه في مرحلته هذه ، فتحدّث عن مرحلة هجرة والده وعودته في العطل الى المغرب وأثر ذلك في نفسه وهو طفل ، وعن "ختانه" وهو صغيرا وأثره البالغ في نفسه ، وعن كلبه المفضل " بيسي" و عن الطريق الى المدرسة وعن أجواء المدينة الاجتماعية الحميمة .. عن رحلة التعليم الإبتدائي بمدرسة ابن خلدون ، وهو يتهيأ لدخول الصف الأول الابتدائي ( التحضيري) ليتعلم ابجديات الحروف الأولى بلسان غير لسانه وبلغة لا يعرفها و لا يفهمها ، وبميكنزمات لا زال لحد الآن يتساءل عن سرها ..
يحكي لنا عن حكاية " أحمد والعفريت" التي خلقت له مشكلات نفسية كثيرة رافقته لسنوات... يتسائل:"الم يكن من الاجدر ان يحكوا لنا عن حكايات اخرى تناسب عمرنا وتنمي بالتالي تفكيرنا .. بدل قصص العفاريت ".
هو كتاب يحمل قصص قد تبدو بسيطة جدا في شكلها بل أن لغة الرواية نفسها بسيطة جداً وغير متكلفة ، تحمل كلمات عامية و بسيطة .. ولكنها تشير للكثير من الأحداث داخل قالب تعمد الكاتب وضعنا فيه ليشعرنا بواقعيتها .
قطرة أخيرة
هكذا سافر بنا علي أمازيغ بتلقائيته وبساطته وعفويته بل وبعنفه احيانا الى عالم طفولته.. حكى لنا عن واقع مرعانى منه .. وعن حالات واقعية أخرى تم عرضها بطريقة مسلية وجذابة.. صورة مصغرة لمغرب أواخرالستينات وبداية السبعينات بايجابياته وسلبياته. عالم لم يكن مفروشا بالورود ، عالم قلوب كسيرة، عشش فيها الحزن وباض وفرخ .. عالم يحمل كل صنوف الهم ّ والأحزان التي شرب منها الكاتب قبل غيره .. تعثر فيه ما مرة ، لكنه واصل ملاحقة حلمه ، تشرب "ثقافة" محيطه تشرباً تلقائياً فتشكل بها عقله وتقولبت بها عواطفه و صيغت بها ذاته وتحددت بها اهتماماته .. أصبح بها يرى وبها يقيس وبها يحكم . نجح في اختبارات الحياة .. فتعلم كيف يعيش وكيف يَحيا وكيف .. يكتب .
فعلا نجح علي أمازيغ بعصامية عالية في اختبارات الحياة وأهدانا هذه المجموعة من " القطرات" القصصية التي تشبه الحكايات الشعبية الشفاهية ، تحمل من الشعرية الخفية ، ومن تقنية الأحاجي والأساطير القديمة ما يجعلها فعلا " قطرات لا تجف " .. قطرات تستفز القارئ .. فينا وتثيره بما يحرك تفكيره.
صدق ألبرت أينشتاين فعلا حين قال ذات يوم : "في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك ،اما الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس" .