موقف الجمعية بخصوص اعتزام المجلس الأعلى للتعليم إعادة النظر في قرار تدريس الأمازيغية
تقرير إخباري :
بلغ إلى علم مكتب "جمعية الهوية الأمازيغية" بسلوان (إقليم الناظور) أن المجلس الأعلى للتعليم يفكر في إعادة النظر في مبدأ تعميم وإجبارية تدريس الأمازيغية الذي شرع فيه منذ سبتمبر 2003، وذلك بالعودة إلى مبدأ "الاستئناس" المنصوص عليه في "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، واستبدال الحرف الأمازيغي بالحرف العربي.
ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر من هذا المجلس أن يصدر قرارات شجاعة ومنصفة للأمازيغية لتجاوز حالة العبث والاستخفاف التي يعرفها تدريس الأمازيغية، مع إلزام وزارة التربية الوطنية، إعمالا لمضامين الظهير الملكي لـ 17 أكتوبر 2001، بتعميم التدريس الإجباري إلى كل التلاميذ ابتداء من 2010، كما سبق لهذه الوزارة أن التزمت هي نفسها بذلك في البرنامج الذي أعدته لهذا الغرض في 24 يونيو 2003، فإذا بالمجلس يفكر في التراجع حتى عن هذه الحالة من العبث والاستخفاف التي ميزت عملية تدريس الأمازيغية منذ انطلاقتها، ليعود بالأمازيغية إلى ما قبل إنشاء "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية".
ولا يتعلق الأمر هنا بالتراجع عن "المكتسبات" التي سبق أن "تحققت" في مجال تدريس الأمازيغية لأنه ليست هناك، إلى الآن، مكاسب حقيقية بعد أن تحوّل تدريس الأمازيغية إلى عبث واستخفاف، كما أشرنا، ولا حتى بالتراجع عن أحكام ظهير أجدير لـ17 أكتوبر 2001، وإنما ـ وهذا هو الأخطر ـ يتعلق الأمر بتراجع في "الإرادة السياسية" للنهوض بالأمازيغية ورد الاعتبار لها، والتي يتبجح مسؤولو "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" أن أعلى سلطة في الدولة أعلنت عن هذه "الإرادة السياسية" وأقرتها لصالح الأمازيغية. وكل هذه التراجعات تعني شيئا واحدا: غياب هذه "الإرادة السياسية" التي هي الشرط الأول للنهوض بالأمازيغية والمصالحة معها.
وفي حالة ما إذا نفذ "المجلس الأعلى للتعليم" مخططه، ووافقت عليه وطبقته الحكومة، فهذا سيكون دليلا، قاطعا وساطعا، أن التعامل الرسمي مع الأمازيغية، لا زال يوجهه هاجس "الأمازيغوفوبيا"، بكل مضامينها العنصرية الإقصائية التي تهدد الانسجام الاجتماعي الذي ينعم به المغرب، بكل مكوناته العرقية واللغوية المتنوعة، ضمن هوية واحدة هي هوية الأرض الأمازيغية التي تنتمي إليها كل هذه المكونات.
إن ما يخطط له "المجلس الأعلى للتعليم" في ما يخص تدريس الأمازيغية، فضلا على أنه تراجع خطير على ما تم إقراره في ظهير أجدير، فإن فيه، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بإصلاح للمنظومة التربوية، نوعا من التحريض والتأليب ضد الأمازيغية بإبرازها كمسؤولة عن فشل النظام التعليمي بالمغرب، ولهذا ينبغي إعادة النظر في مبدأ تدريسها الإجباري والعمومي. مع أن المسؤول عن هذا الفشل، على العكس من ذلك، هو التعريب الإيديولوجي والعرقي والسياسي والهوياتي الذي نهجته الدولة منذ الاستقلال، والذي كان يرمي إلى إقصاء الأمازيغية وتهميشها. والدليل على ذلك أن آثار هذا الفشل كانت بادية للعيان قبل إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية كما يعترف بذلك "تقرير الخمسينية للتنمية البشرية في المغرب".
ولهذا فإننا، في جمعية "الهوية الأمازيغية"، نعارض بشدة هذه "المناورات" الأمازيغوفوبية "للمجلس الأعلى للتعليم"، ونرفض بقوة كذلك كل ما قد يصدره من قرارات تمس بالحقوق الأمازيغية، ونحّمل أصحاب هذه القرارات مسؤولية ما قد ينتج عن هذه "المناورات" من عواقب ونتائج قد تضر بالاستقرار ولأمن الاجتماعيين.
ولا يفوتنا أن نعترف بأن مسؤولي "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، بعمادته ومجلسه الإداري، مسؤولون بشكل أساسي عن أي تطاول "للمجلس الأعلى للتعليم" على الحق الأمازيغي ومحاولة المس به والنيل منه. فمسؤولو المعهد ظلوا، منذ 2004، يتفرجون على "مذبحة" تدريس الأمازيغية، متمثلة في سلسلة التراجعات والتماطلات التي عرفها هذا التدريس، الذي تحوّل، بفعل ذلك، إلى عبث واستخفاف، كما قلنا. لكنهم لم يحركوا ساكنا ولم يعلنوا عن أي موقف تجاه هذه "المذبحة". وهنا نستحضر انسحاب سبعة أعضاء من مجلس إدارة المعهد في 21 فبراير 2005، احتجاجا على إخلال المسؤولين الحكوميين بالتزاماتهم تجاه الأمازيغية طبقا لما ينص عليه ظهير أجدير، وعدم تجاوبهم الإيجابي مع قرارات المعهد التي صادق عليها الملك. وهو ما أقنع المنسحبين بغياب الإرادة السياسية الضرورية للنهوض بالأمازيغية. ورغم أن هذا الانسحاب دق ناقوس الخطر فيما يخص تدبير الشأن الأمازيغي، ورغم تمادي المسؤولين على قطاع التعليم في الاستخفاف بقرارات المعهد المتعلقة بتدريس الأمازيغية وعدم تطبيق حتى مضامين المذكرات التي تصدرها وزارة التربية نفسها، والخاصة بتدريس الأمازيغية، رغم كل ذلك فإن مسؤولي المعهد استمروا، من جهتهم، في الإدلاء للتلفزيون والصحف، بتصريحات ابتهاجية تنوه بـ"المنجزات" التي تحققت للأمازيغية بفضل "الإرادة السياسية" للدولة، إلى أن "صفعهم" الخبر القادم من "المجلس الأعلى للتعليم"، المتعلق، ليس بإدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، بل بإخراجها من هذه المنظومة، وليؤكد لهم أن المنسحبين السبعة كانوا على صواب في موقفهم، أما هم فكانوا يخدعون أنفسهم ويخدعون غيرهم من الأمازيغيين.
أما من جهة الحركة الأمازيغية، فإن مطالبها، بشكلها الحالي، المتفرق، التجزيئي والقطاعي، لا يمكن إلا أن تشجع أصحاب القرار على "المناورة"، وتسمح لهم بأن يسحبوا باليد اليسرى ما يمنحونه للأمازيغية باليد اليمنى، دون أن يلقوا صعوبة في إيجاد ألف مسوّغ ومسوّغ لتبرير وتمرير قراراتهم الجائرة في حق الأمازيغية والأمازيغيين. ولا يمكن الخروج من هذه اللعبة التي تخسر فيها الأمازيغية ويربح فيها خصومها، إلا بتبني المطلب الأصلي الاستراتيجي الكلي والشامل، المتمثل في المطالبة باستعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب، لأن مشكل الأمازيغية بالمغرب ليس مشكلا مع "عرب" ولا مشكل لغة أو ثقافة، وإنما هو مشكل مع الدولة التي أصبحت "عربية" منذ 1912، تاريخ بداية الإقصاء السياسي للأمازيغية، الذي هو أصل كل الإقصاءات الأخرى المتفرعة عنه. فتمزيغ هوية الدولة بالمغرب، يؤدي، ليس إلى إدماج الأمازيغية في النظام التعليمي، بل إلى إدماج النظام التعليمي في الأمازيغية التي تشكل الإطار الهوياتي المرجعي. وهذا حل جذري وكلي وشامل لقضية تدريس وتعليم الأمازيغية، عكس المطلب الجزئي والفرعي المتمثل في "إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية"، والذي هو حل خاص باللغات الأجنبية.
فمتى تعي الحركة هذه الحقيقة وتغير من أولوياتها وإستراتيجيتها بالتركيز على مطلب الهوية الأمازيغية للدولة، كشرط لتحقيق جميع المطالب الفرعية الأخرى؟
تقرير إخباري :
بلغ إلى علم مكتب "جمعية الهوية الأمازيغية" بسلوان (إقليم الناظور) أن المجلس الأعلى للتعليم يفكر في إعادة النظر في مبدأ تعميم وإجبارية تدريس الأمازيغية الذي شرع فيه منذ سبتمبر 2003، وذلك بالعودة إلى مبدأ "الاستئناس" المنصوص عليه في "الميثاق الوطني للتربية والتكوين"، واستبدال الحرف الأمازيغي بالحرف العربي.
ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر من هذا المجلس أن يصدر قرارات شجاعة ومنصفة للأمازيغية لتجاوز حالة العبث والاستخفاف التي يعرفها تدريس الأمازيغية، مع إلزام وزارة التربية الوطنية، إعمالا لمضامين الظهير الملكي لـ 17 أكتوبر 2001، بتعميم التدريس الإجباري إلى كل التلاميذ ابتداء من 2010، كما سبق لهذه الوزارة أن التزمت هي نفسها بذلك في البرنامج الذي أعدته لهذا الغرض في 24 يونيو 2003، فإذا بالمجلس يفكر في التراجع حتى عن هذه الحالة من العبث والاستخفاف التي ميزت عملية تدريس الأمازيغية منذ انطلاقتها، ليعود بالأمازيغية إلى ما قبل إنشاء "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية".
ولا يتعلق الأمر هنا بالتراجع عن "المكتسبات" التي سبق أن "تحققت" في مجال تدريس الأمازيغية لأنه ليست هناك، إلى الآن، مكاسب حقيقية بعد أن تحوّل تدريس الأمازيغية إلى عبث واستخفاف، كما أشرنا، ولا حتى بالتراجع عن أحكام ظهير أجدير لـ17 أكتوبر 2001، وإنما ـ وهذا هو الأخطر ـ يتعلق الأمر بتراجع في "الإرادة السياسية" للنهوض بالأمازيغية ورد الاعتبار لها، والتي يتبجح مسؤولو "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية" أن أعلى سلطة في الدولة أعلنت عن هذه "الإرادة السياسية" وأقرتها لصالح الأمازيغية. وكل هذه التراجعات تعني شيئا واحدا: غياب هذه "الإرادة السياسية" التي هي الشرط الأول للنهوض بالأمازيغية والمصالحة معها.
وفي حالة ما إذا نفذ "المجلس الأعلى للتعليم" مخططه، ووافقت عليه وطبقته الحكومة، فهذا سيكون دليلا، قاطعا وساطعا، أن التعامل الرسمي مع الأمازيغية، لا زال يوجهه هاجس "الأمازيغوفوبيا"، بكل مضامينها العنصرية الإقصائية التي تهدد الانسجام الاجتماعي الذي ينعم به المغرب، بكل مكوناته العرقية واللغوية المتنوعة، ضمن هوية واحدة هي هوية الأرض الأمازيغية التي تنتمي إليها كل هذه المكونات.
إن ما يخطط له "المجلس الأعلى للتعليم" في ما يخص تدريس الأمازيغية، فضلا على أنه تراجع خطير على ما تم إقراره في ظهير أجدير، فإن فيه، بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بإصلاح للمنظومة التربوية، نوعا من التحريض والتأليب ضد الأمازيغية بإبرازها كمسؤولة عن فشل النظام التعليمي بالمغرب، ولهذا ينبغي إعادة النظر في مبدأ تدريسها الإجباري والعمومي. مع أن المسؤول عن هذا الفشل، على العكس من ذلك، هو التعريب الإيديولوجي والعرقي والسياسي والهوياتي الذي نهجته الدولة منذ الاستقلال، والذي كان يرمي إلى إقصاء الأمازيغية وتهميشها. والدليل على ذلك أن آثار هذا الفشل كانت بادية للعيان قبل إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية كما يعترف بذلك "تقرير الخمسينية للتنمية البشرية في المغرب".
ولهذا فإننا، في جمعية "الهوية الأمازيغية"، نعارض بشدة هذه "المناورات" الأمازيغوفوبية "للمجلس الأعلى للتعليم"، ونرفض بقوة كذلك كل ما قد يصدره من قرارات تمس بالحقوق الأمازيغية، ونحّمل أصحاب هذه القرارات مسؤولية ما قد ينتج عن هذه "المناورات" من عواقب ونتائج قد تضر بالاستقرار ولأمن الاجتماعيين.
ولا يفوتنا أن نعترف بأن مسؤولي "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، بعمادته ومجلسه الإداري، مسؤولون بشكل أساسي عن أي تطاول "للمجلس الأعلى للتعليم" على الحق الأمازيغي ومحاولة المس به والنيل منه. فمسؤولو المعهد ظلوا، منذ 2004، يتفرجون على "مذبحة" تدريس الأمازيغية، متمثلة في سلسلة التراجعات والتماطلات التي عرفها هذا التدريس، الذي تحوّل، بفعل ذلك، إلى عبث واستخفاف، كما قلنا. لكنهم لم يحركوا ساكنا ولم يعلنوا عن أي موقف تجاه هذه "المذبحة". وهنا نستحضر انسحاب سبعة أعضاء من مجلس إدارة المعهد في 21 فبراير 2005، احتجاجا على إخلال المسؤولين الحكوميين بالتزاماتهم تجاه الأمازيغية طبقا لما ينص عليه ظهير أجدير، وعدم تجاوبهم الإيجابي مع قرارات المعهد التي صادق عليها الملك. وهو ما أقنع المنسحبين بغياب الإرادة السياسية الضرورية للنهوض بالأمازيغية. ورغم أن هذا الانسحاب دق ناقوس الخطر فيما يخص تدبير الشأن الأمازيغي، ورغم تمادي المسؤولين على قطاع التعليم في الاستخفاف بقرارات المعهد المتعلقة بتدريس الأمازيغية وعدم تطبيق حتى مضامين المذكرات التي تصدرها وزارة التربية نفسها، والخاصة بتدريس الأمازيغية، رغم كل ذلك فإن مسؤولي المعهد استمروا، من جهتهم، في الإدلاء للتلفزيون والصحف، بتصريحات ابتهاجية تنوه بـ"المنجزات" التي تحققت للأمازيغية بفضل "الإرادة السياسية" للدولة، إلى أن "صفعهم" الخبر القادم من "المجلس الأعلى للتعليم"، المتعلق، ليس بإدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية، بل بإخراجها من هذه المنظومة، وليؤكد لهم أن المنسحبين السبعة كانوا على صواب في موقفهم، أما هم فكانوا يخدعون أنفسهم ويخدعون غيرهم من الأمازيغيين.
أما من جهة الحركة الأمازيغية، فإن مطالبها، بشكلها الحالي، المتفرق، التجزيئي والقطاعي، لا يمكن إلا أن تشجع أصحاب القرار على "المناورة"، وتسمح لهم بأن يسحبوا باليد اليسرى ما يمنحونه للأمازيغية باليد اليمنى، دون أن يلقوا صعوبة في إيجاد ألف مسوّغ ومسوّغ لتبرير وتمرير قراراتهم الجائرة في حق الأمازيغية والأمازيغيين. ولا يمكن الخروج من هذه اللعبة التي تخسر فيها الأمازيغية ويربح فيها خصومها، إلا بتبني المطلب الأصلي الاستراتيجي الكلي والشامل، المتمثل في المطالبة باستعادة الهوية الأمازيغية للدولة بالمغرب، لأن مشكل الأمازيغية بالمغرب ليس مشكلا مع "عرب" ولا مشكل لغة أو ثقافة، وإنما هو مشكل مع الدولة التي أصبحت "عربية" منذ 1912، تاريخ بداية الإقصاء السياسي للأمازيغية، الذي هو أصل كل الإقصاءات الأخرى المتفرعة عنه. فتمزيغ هوية الدولة بالمغرب، يؤدي، ليس إلى إدماج الأمازيغية في النظام التعليمي، بل إلى إدماج النظام التعليمي في الأمازيغية التي تشكل الإطار الهوياتي المرجعي. وهذا حل جذري وكلي وشامل لقضية تدريس وتعليم الأمازيغية، عكس المطلب الجزئي والفرعي المتمثل في "إدماج الأمازيغية في المنظومة التربوية"، والذي هو حل خاص باللغات الأجنبية.
فمتى تعي الحركة هذه الحقيقة وتغير من أولوياتها وإستراتيجيتها بالتركيز على مطلب الهوية الأمازيغية للدولة، كشرط لتحقيق جميع المطالب الفرعية الأخرى؟