مقدمة :
حين يكون السفر عذاب وليس فقط .. قطعة منه !!
ليت الرحالة يطلون من قبورهم لنروي لهم رحلاتنا بين موانئ ومطارات بلادنا ...أين أمير الرحالين ابن بطوطة الذي قطع اميال واميال ليحكي لنا وللعالم وهو يسمع حكاياتنا و شكاوينا أنه حين بدأ رحلته من طنجة،على دابته وطاف بها بلاد العالم لم يشهد من المتاعب ما نعيشه نحن في رحلة تدوم لساعات فقط.
علمونا في صغرنا ان السفر متعة وفرح ، ولم يعلموننا انه عبر موانئنا ومرافئنا و مطاراتنا هو قطعة من العذاب.
لكل منا قصته مع المطارات ولكل منا جرحه وحزنه...وعذابه. كل منا عاشها وبأشكال مختلفة ، و- طبعا - يبقى لكل شخص منظوره الخاص لما يراه ويعيشه.
ولكن حين يكون السفر فعلا عذاب وليس فقط قطعة منه . فللبوح هنا يكون صوت و مسموع .. بل ومكتوب ايصا .
فالحروف ليس هي من تخلقنا ؛ هي آلامنا وجراحتنا من تخلقها.
أخبروني اصدقائي أنّ السفر عبر"الخطوط المغربية" بلاء عظيم، وكم قصص وأحوال مؤلمة وقعت يندى لها الجبين..غير أنّني لم أهتم كفاية إلى أن جرّبت !.
تجاربي السابقة مع السفر كانت على "خطوط " كثيرة و مختلفة منها المغربية طبعا...و للأسف اتذكر مرة سافرت على طيران " الخطوط الملكية المغربية "،
والى اليوم اشعر بالندم كيف سولت لي نفسي بالسفر على هكذا طيران !! خاصة بعد اطلاعي مؤخرا على بعض التقارير حول ذات "الخطوط" منها معطيات مثيرة، نقلتها مؤخرا قناة فرنسية (الثانية)،في تحقيق حصري لها، حول استئجار كل من الجزائر و المغرب لطائرات متهالكة لدى شركة تحوم حولها شكوك كثيرة
هي"سويفت اير" الاسبانية. و حسب التحقيق الخطير، فان شركة "لارام"، تستأجرمنها الطائرات رغم كون الشركة الاسبانية ، شركة سرية !!!
ولكن...حكايتي اليوم ليس فقط عن الخطوط المغربية او "البلاء العظيم" كما يحلو لأصدقائي نعتها ..
فليس وحدها "عذابنا" فمن غيرها الكثير ، كما أن أحيانا نكون نحن من يصنع ذات ..."العذاب."!
1- الرحلة الأولى .
كفاءة الناس والنظام والمطار .. والاستثناء هو أن لا يحدث هذا !!
قصتي مع الرحلة "العادية" حدثت قريبا ..اثناء العطلة الصيفية ..وهذه المرة على "طيران ليس مغربيا ولا عربيا " كما كان مكتوبا على الموقع
الرسمي الذي حجزت عليه .
عموما كانت رحلتي هذه المرة انطلاقا من امستردام مرورا ببرشلونة واخيرا الى الناظور.بمدة طيران تزيد عن اربع ساعات.ومثلها توقُّف في مطار برشلونة .
رحلة طويلة إذاً، وفي رمضان ، ونحن صيام ..وطبعا ما لا يتمناه المسافر هو ان يضاف التعب الى تعبه ..
عموما ارهاصات التعب بدأت من مطار سخيبول بامستردام حيث تأخرت الرحلة الى مطار برشلونة الدولي حوالي دقيقة...
( نعم دقيقة..لاتستغربوا..فالطائرة لم تكن مغربية ..ودقيقة هي ايضا تدخل في خانة "تأخير" ).
أقلعت الطائرة إذن متأخرة "دقيقة" عن موعدها ، وهو أمر اصبح لدينا "غير عادي"، فالعادي عندنا هو التاخير ابتداءً من أكثر من ساعة .
بعد أقل من ساعتين وصلنا مطار برشلونة ، وقبله وعند صعودنا الى الطائرة بادر كابتن الطائرة بالاعتذار الى جميع المسافرين كرر اعتذاره مرة اخرى عند وصولنا الى مطار برشلونة.
اذاً ،الى الان كل شي جميل ومقبول ; تأخير دقيقة واحدة فقط مع اعتذارين ومن شركة خطوط غير مغربية طبعا!.
عموما و صلنا الى مطار برشلونة الدولي..كانت رحلة عادية جميلة وهادئة جدا..والحق يُقال لم نحس بالوقت تماما ولا بالتعب رغم ان الوقت كان وقت رمضان.. كنا صائمين رغم ان ندءات كثيرة كانت "تُفتي" بالإفطار كوننا "في
سفر (وكأننا نسافرعلى دابة ابن بطوطة الشهباء إياها)
في الطائرة لم اكن اسمع صوت الركاب ولا صراخ وبكاء الأطفال، لم ارى الركاب يتحركون من أماكنهم ليخرجو امتعتهم من صناديق الأمتعة العلوية في الطائرة .
لم ارى الممر الذي يفصل الكراسي يتحول الى شارع او كورنيش .. ولم اسمع التصفيقات حين لامست عجلات الطائرة ارضية المطار .
كانت الأمور تسير على ما يرام و الهدوء يعم ارجاء الطائرة ..
عموما و صلت الطائرة الى مطار برشلونة الدولي ... وحين وصلتُ وعائلتي الى البوابة وكان العديد من المسافرين لا يزالون ينزلون من الطائرة .. التفت بعد خروجي ، يمينا ويسارا اتفحص الركاب الذين شاركتهم الرحلة .فلم
اجد بينهم سوى ستة مسافرين من طينتي ... ثلاثة منهم كانو من عائلتي الصغيرة .. ورجل وابنته عرفت انهم هم كذلك مغاربة حين سألوني عن مكان اقلاع طائرة الرحلة الثانية المتجهة الى الناظور وسيدة عجوز سمعتها تتصل هاتفيا بابنتها
قائلة بلغة امازيغية فصيحة قحة "أَ قَا نِيوَاذ أيَدْجِي اينو.. نِيوَاذ بَارْسُولِينا "(= لقد وصلنا يا ابنتي ..وصلنا برشلونة ) ..
اذن نحن الستة فقط مغاربة …
حينها فقط علمت سر الهدوء الذي عم ارجاء الطائرة .. وغياب التصفيقات حين لامست عجلات الطائرة مدرج الهبوط !
يُتبع ....
حين يكون السفر عذاب وليس فقط .. قطعة منه !!
ليت الرحالة يطلون من قبورهم لنروي لهم رحلاتنا بين موانئ ومطارات بلادنا ...أين أمير الرحالين ابن بطوطة الذي قطع اميال واميال ليحكي لنا وللعالم وهو يسمع حكاياتنا و شكاوينا أنه حين بدأ رحلته من طنجة،على دابته وطاف بها بلاد العالم لم يشهد من المتاعب ما نعيشه نحن في رحلة تدوم لساعات فقط.
علمونا في صغرنا ان السفر متعة وفرح ، ولم يعلموننا انه عبر موانئنا ومرافئنا و مطاراتنا هو قطعة من العذاب.
لكل منا قصته مع المطارات ولكل منا جرحه وحزنه...وعذابه. كل منا عاشها وبأشكال مختلفة ، و- طبعا - يبقى لكل شخص منظوره الخاص لما يراه ويعيشه.
ولكن حين يكون السفر فعلا عذاب وليس فقط قطعة منه . فللبوح هنا يكون صوت و مسموع .. بل ومكتوب ايصا .
فالحروف ليس هي من تخلقنا ؛ هي آلامنا وجراحتنا من تخلقها.
أخبروني اصدقائي أنّ السفر عبر"الخطوط المغربية" بلاء عظيم، وكم قصص وأحوال مؤلمة وقعت يندى لها الجبين..غير أنّني لم أهتم كفاية إلى أن جرّبت !.
تجاربي السابقة مع السفر كانت على "خطوط " كثيرة و مختلفة منها المغربية طبعا...و للأسف اتذكر مرة سافرت على طيران " الخطوط الملكية المغربية "،
والى اليوم اشعر بالندم كيف سولت لي نفسي بالسفر على هكذا طيران !! خاصة بعد اطلاعي مؤخرا على بعض التقارير حول ذات "الخطوط" منها معطيات مثيرة، نقلتها مؤخرا قناة فرنسية (الثانية)،في تحقيق حصري لها، حول استئجار كل من الجزائر و المغرب لطائرات متهالكة لدى شركة تحوم حولها شكوك كثيرة
هي"سويفت اير" الاسبانية. و حسب التحقيق الخطير، فان شركة "لارام"، تستأجرمنها الطائرات رغم كون الشركة الاسبانية ، شركة سرية !!!
ولكن...حكايتي اليوم ليس فقط عن الخطوط المغربية او "البلاء العظيم" كما يحلو لأصدقائي نعتها ..
فليس وحدها "عذابنا" فمن غيرها الكثير ، كما أن أحيانا نكون نحن من يصنع ذات ..."العذاب."!
1- الرحلة الأولى .
كفاءة الناس والنظام والمطار .. والاستثناء هو أن لا يحدث هذا !!
قصتي مع الرحلة "العادية" حدثت قريبا ..اثناء العطلة الصيفية ..وهذه المرة على "طيران ليس مغربيا ولا عربيا " كما كان مكتوبا على الموقع
الرسمي الذي حجزت عليه .
عموما كانت رحلتي هذه المرة انطلاقا من امستردام مرورا ببرشلونة واخيرا الى الناظور.بمدة طيران تزيد عن اربع ساعات.ومثلها توقُّف في مطار برشلونة .
رحلة طويلة إذاً، وفي رمضان ، ونحن صيام ..وطبعا ما لا يتمناه المسافر هو ان يضاف التعب الى تعبه ..
عموما ارهاصات التعب بدأت من مطار سخيبول بامستردام حيث تأخرت الرحلة الى مطار برشلونة الدولي حوالي دقيقة...
( نعم دقيقة..لاتستغربوا..فالطائرة لم تكن مغربية ..ودقيقة هي ايضا تدخل في خانة "تأخير" ).
أقلعت الطائرة إذن متأخرة "دقيقة" عن موعدها ، وهو أمر اصبح لدينا "غير عادي"، فالعادي عندنا هو التاخير ابتداءً من أكثر من ساعة .
بعد أقل من ساعتين وصلنا مطار برشلونة ، وقبله وعند صعودنا الى الطائرة بادر كابتن الطائرة بالاعتذار الى جميع المسافرين كرر اعتذاره مرة اخرى عند وصولنا الى مطار برشلونة.
اذاً ،الى الان كل شي جميل ومقبول ; تأخير دقيقة واحدة فقط مع اعتذارين ومن شركة خطوط غير مغربية طبعا!.
عموما و صلنا الى مطار برشلونة الدولي..كانت رحلة عادية جميلة وهادئة جدا..والحق يُقال لم نحس بالوقت تماما ولا بالتعب رغم ان الوقت كان وقت رمضان.. كنا صائمين رغم ان ندءات كثيرة كانت "تُفتي" بالإفطار كوننا "في
سفر (وكأننا نسافرعلى دابة ابن بطوطة الشهباء إياها)
في الطائرة لم اكن اسمع صوت الركاب ولا صراخ وبكاء الأطفال، لم ارى الركاب يتحركون من أماكنهم ليخرجو امتعتهم من صناديق الأمتعة العلوية في الطائرة .
لم ارى الممر الذي يفصل الكراسي يتحول الى شارع او كورنيش .. ولم اسمع التصفيقات حين لامست عجلات الطائرة ارضية المطار .
كانت الأمور تسير على ما يرام و الهدوء يعم ارجاء الطائرة ..
عموما و صلت الطائرة الى مطار برشلونة الدولي ... وحين وصلتُ وعائلتي الى البوابة وكان العديد من المسافرين لا يزالون ينزلون من الطائرة .. التفت بعد خروجي ، يمينا ويسارا اتفحص الركاب الذين شاركتهم الرحلة .فلم
اجد بينهم سوى ستة مسافرين من طينتي ... ثلاثة منهم كانو من عائلتي الصغيرة .. ورجل وابنته عرفت انهم هم كذلك مغاربة حين سألوني عن مكان اقلاع طائرة الرحلة الثانية المتجهة الى الناظور وسيدة عجوز سمعتها تتصل هاتفيا بابنتها
قائلة بلغة امازيغية فصيحة قحة "أَ قَا نِيوَاذ أيَدْجِي اينو.. نِيوَاذ بَارْسُولِينا "(= لقد وصلنا يا ابنتي ..وصلنا برشلونة ) ..
اذن نحن الستة فقط مغاربة …
حينها فقط علمت سر الهدوء الذي عم ارجاء الطائرة .. وغياب التصفيقات حين لامست عجلات الطائرة مدرج الهبوط !
يُتبع ....