خالد قدومي
ان اي تصور للجهة الحقيقية البعيدة عن الاعتبارات الأمنية (خرافة الإنفصال)لابد أن تأخذ بعين الإعتبار المعطيات الاثنو ثقافية و التاريخية والاقتصادية...كمحدد للمجال الترابي.وفي هذا المضمار يتفق الجميع أن التنمية في شموليتها يتحكم فيها الاستقرار السياسي الذي يشترط بدوره إقرار ديمقراطية حقيقية تسند فيه للشعب حق اختيار ممثليه وتقرير مصيره،وبالتالي فالجهة الحقيقية ضرورة لا تقبل التأجيل.من هنا تأتي أهمية جهة الريف الحقيقية كمشبع للوعي واللاشعور الجماعي أولا،وكضرورة يستلزمها العصر ان كانت حقا لنا رغبة في استنهاض قوانا لتحقيق التنمية الشاملة،لأنها ليست مسألة إرادية أو تقنية فحسب،بل هي أيضا قائمة على عناصر ضرورية ومتعددة يمكن اجمالها فيما يلي:
العنصر التاريخي
عاش الريف محطات وأحداث مهمة في تاريخنا القديم،مما اهلته ليكون شخصية متميزة الحضور في علاقته بالوطني أو الدولي.وفي تاريخنا الحديث،تعمقت هذه الشخصية عبر محطات أخرى اجتاز فيها الريف إختبارا عسيرا بخصوص الحفاظ على خصوصيته وهويته.ففي مرحلة الاستعمار عاشت المنطقة واقعا استعماريا مختلفا ومتخلفا،وهذا ما أعطى للمقاومة الشعبية نكهتها الخاصة والمتميزة،خاصة مع الشهيد محمد امزيان والبطل الخالد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ،وأهلت منطقة الريف لتصبح قطبا وقلعة للثوار المغاربة والجزائريين في مواجهة الاستعمار.ومع فجر(الاستقلال) عانى الريف،ومازال،من سياسة التهميش والتفقير كشكل من أشكال الانتقام والمعاقبة،فبعد تصفية جيش التحرير وماتلته من أحداث1958/59م أقدم المخزن على اقبار جل المشاريع التنموية بالريف،ولعل مركب الصلب والحديد بالناظور والمبرمج من قبل حكومة عبد الله ابراهيم لخير دليل على هذه السياسة المقصودة.والتي تتجلى أيضا في تصدير شباب الريف كلحوم بشرية نحو أوربا بهدف إفراغ المنطقة اقتداء بسياسة ستالين في القوقاز.
العنصر السياسي
الجهةكمفهوم سياسي حديث لم يظهر إلا في منتصف القرن العشرين،ويفسر عادة بكونه مجموعة ترابية منسجمة مجاليا واقتصاديا وبشريا يهدف إلى خلق تكامل اقتصادي إداري تنموي،تبنته ألمانيا الاتحادية في دستور1948م،وإيطاليا في دستور1974م،ثم اسبانيا في دستور1978م،وما يجمع بين هذه التجارب هو التطبيق السياسي للجهة المرتبط أساسا بالمشاركة الواسعة للسكان في تسيير الشؤون المحلية على اساس احترام الخصوصيات القائمة.وبالتالي فالجهة تقتضي بالضرورة تقليص صلاحيات وسلطات المركز.وفي هذا السياق يأتي دور وأهمية المجتمع المدني كقوة ضغط وكسلطة بديلة للدولة اليعقوبية في أفق تحقيق مكتسبات دستورية للجهة،تنبثق عنها مؤسسات تشريعية وتنفيذية تكون كفيلة بتنظيم المجال وتأهيله دون أية وصاية من الجهاز المركزي.
العنصر الاقتصادي
يعتمد اقتصاد الجهة على الأخذ بخصوصيات المنطقة(الفلاحية والسياحية والملاحية والصناعية...) كما يعتمد أيضا على العنصر البشري كأساس للتنمية وكبديل للاقتصاد المنحرف الذي ساهمت الدولة في انتعاشه بمناطق الريف،الشيء الذي يستدعي إلى فك العزلة بسن سياسة تنموية استثنائية من خلال تخصيص نسبة مهمة من الضرائب العامة لجهة الريف كتعويض عن أضرار سياسة المغرب غير النافع ،وفك العزلة الاقتصادية عنه.
العنصر الثقافي
علوم اللسانيات تؤكد أن اللغة هي في الأصل لهجة امتلكت السلطة(لهجة قريش التي أصبحت اللغة العربية الرسمية مع تأسيس الدولة الإسلامية.اللهجات الأوروبية التي تحولت إلى لغات رسمية أثناء بروز دول ناطقة بها...) وبما أن اللغة مرتبطة بالهوية الثقافية (المحيط،البيئة والإنسان ) والتي تعد من العناصر الأساسية المشكلة لكيان الجهة،فإننا نجزم ان امتلاك الجهة للقرار السياسي هو الكفيل برد الإعتبار للغة والثقافة الامازيغيتين وتطويرهما لضمان الحفاظ على مقوماتهما لأن اساس الديمقراطية هو الاختلاف داخل الوحدة.أما الأطروحة التي تدعو إلى إبادة الخصوصيات باسم القومية تارة،وباسم الدين تارة أخرى،فبالتأكيد مصيرها الفشل مثلها مثل الفاشية والنازية والخوانجية.
على سبيل الختام
ان انفراد الدولة بملف الجهوية هو اغتيال للجوهر الديمقراطي الذي يرتكز على ديمقراطية القرب.وقد اتضح للجميع ان الهدف من وراء ذلك هو خلق نخبة تتحكم في الجهة تضمن لها الدولة الفوز في اقتراعات فاسدة،في مجال ترابي يجمع بين أقاليم تفتقد لأبسط العناصر المشتركة تبنى عليها الجهة الحقيقية،مما يقتضي معركة للتأسيس الديمقراطي،معركة تنخرط فيها كافة القوى المناضلة من أجل دمقرطة الدولة مركزيا وجهويا.
ان اي تصور للجهة الحقيقية البعيدة عن الاعتبارات الأمنية (خرافة الإنفصال)لابد أن تأخذ بعين الإعتبار المعطيات الاثنو ثقافية و التاريخية والاقتصادية...كمحدد للمجال الترابي.وفي هذا المضمار يتفق الجميع أن التنمية في شموليتها يتحكم فيها الاستقرار السياسي الذي يشترط بدوره إقرار ديمقراطية حقيقية تسند فيه للشعب حق اختيار ممثليه وتقرير مصيره،وبالتالي فالجهة الحقيقية ضرورة لا تقبل التأجيل.من هنا تأتي أهمية جهة الريف الحقيقية كمشبع للوعي واللاشعور الجماعي أولا،وكضرورة يستلزمها العصر ان كانت حقا لنا رغبة في استنهاض قوانا لتحقيق التنمية الشاملة،لأنها ليست مسألة إرادية أو تقنية فحسب،بل هي أيضا قائمة على عناصر ضرورية ومتعددة يمكن اجمالها فيما يلي:
العنصر التاريخي
عاش الريف محطات وأحداث مهمة في تاريخنا القديم،مما اهلته ليكون شخصية متميزة الحضور في علاقته بالوطني أو الدولي.وفي تاريخنا الحديث،تعمقت هذه الشخصية عبر محطات أخرى اجتاز فيها الريف إختبارا عسيرا بخصوص الحفاظ على خصوصيته وهويته.ففي مرحلة الاستعمار عاشت المنطقة واقعا استعماريا مختلفا ومتخلفا،وهذا ما أعطى للمقاومة الشعبية نكهتها الخاصة والمتميزة،خاصة مع الشهيد محمد امزيان والبطل الخالد الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ،وأهلت منطقة الريف لتصبح قطبا وقلعة للثوار المغاربة والجزائريين في مواجهة الاستعمار.ومع فجر(الاستقلال) عانى الريف،ومازال،من سياسة التهميش والتفقير كشكل من أشكال الانتقام والمعاقبة،فبعد تصفية جيش التحرير وماتلته من أحداث1958/59م أقدم المخزن على اقبار جل المشاريع التنموية بالريف،ولعل مركب الصلب والحديد بالناظور والمبرمج من قبل حكومة عبد الله ابراهيم لخير دليل على هذه السياسة المقصودة.والتي تتجلى أيضا في تصدير شباب الريف كلحوم بشرية نحو أوربا بهدف إفراغ المنطقة اقتداء بسياسة ستالين في القوقاز.
العنصر السياسي
الجهةكمفهوم سياسي حديث لم يظهر إلا في منتصف القرن العشرين،ويفسر عادة بكونه مجموعة ترابية منسجمة مجاليا واقتصاديا وبشريا يهدف إلى خلق تكامل اقتصادي إداري تنموي،تبنته ألمانيا الاتحادية في دستور1948م،وإيطاليا في دستور1974م،ثم اسبانيا في دستور1978م،وما يجمع بين هذه التجارب هو التطبيق السياسي للجهة المرتبط أساسا بالمشاركة الواسعة للسكان في تسيير الشؤون المحلية على اساس احترام الخصوصيات القائمة.وبالتالي فالجهة تقتضي بالضرورة تقليص صلاحيات وسلطات المركز.وفي هذا السياق يأتي دور وأهمية المجتمع المدني كقوة ضغط وكسلطة بديلة للدولة اليعقوبية في أفق تحقيق مكتسبات دستورية للجهة،تنبثق عنها مؤسسات تشريعية وتنفيذية تكون كفيلة بتنظيم المجال وتأهيله دون أية وصاية من الجهاز المركزي.
العنصر الاقتصادي
يعتمد اقتصاد الجهة على الأخذ بخصوصيات المنطقة(الفلاحية والسياحية والملاحية والصناعية...) كما يعتمد أيضا على العنصر البشري كأساس للتنمية وكبديل للاقتصاد المنحرف الذي ساهمت الدولة في انتعاشه بمناطق الريف،الشيء الذي يستدعي إلى فك العزلة بسن سياسة تنموية استثنائية من خلال تخصيص نسبة مهمة من الضرائب العامة لجهة الريف كتعويض عن أضرار سياسة المغرب غير النافع ،وفك العزلة الاقتصادية عنه.
العنصر الثقافي
علوم اللسانيات تؤكد أن اللغة هي في الأصل لهجة امتلكت السلطة(لهجة قريش التي أصبحت اللغة العربية الرسمية مع تأسيس الدولة الإسلامية.اللهجات الأوروبية التي تحولت إلى لغات رسمية أثناء بروز دول ناطقة بها...) وبما أن اللغة مرتبطة بالهوية الثقافية (المحيط،البيئة والإنسان ) والتي تعد من العناصر الأساسية المشكلة لكيان الجهة،فإننا نجزم ان امتلاك الجهة للقرار السياسي هو الكفيل برد الإعتبار للغة والثقافة الامازيغيتين وتطويرهما لضمان الحفاظ على مقوماتهما لأن اساس الديمقراطية هو الاختلاف داخل الوحدة.أما الأطروحة التي تدعو إلى إبادة الخصوصيات باسم القومية تارة،وباسم الدين تارة أخرى،فبالتأكيد مصيرها الفشل مثلها مثل الفاشية والنازية والخوانجية.
على سبيل الختام
ان انفراد الدولة بملف الجهوية هو اغتيال للجوهر الديمقراطي الذي يرتكز على ديمقراطية القرب.وقد اتضح للجميع ان الهدف من وراء ذلك هو خلق نخبة تتحكم في الجهة تضمن لها الدولة الفوز في اقتراعات فاسدة،في مجال ترابي يجمع بين أقاليم تفتقد لأبسط العناصر المشتركة تبنى عليها الجهة الحقيقية،مما يقتضي معركة للتأسيس الديمقراطي،معركة تنخرط فيها كافة القوى المناضلة من أجل دمقرطة الدولة مركزيا وجهويا.