طاقي محمد
طالب باحث بكلية الآداب بوجدة
"نحن لسنا محتاجين لتحسين الصورة لديهم، هم من يحتاجون لتحسين صورتهم، نحن ضحاياهم، نحن القتلى وهم القتلة، نحن المصابون، وهم من أشهروا في أوجهنا السلاح..، تاريخيا هذا الكلام...، صورتهم أكثر قباحة وأكثر قتامة تاريخيا"
د.عبد الله انفيسي
-مفهوم الحوار:
الحوار لغة: وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء.
وهناك تعاريف اصطلاحية عدة:
إحداها:
مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
تعريف ثاني:
تراجع للحديث بين شخصين أو أكثر، بطريقة متكافئة في مسألة معينة، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب لإظهار الحق بالحجة والبرهان.
أما التعريف الثالث:
نوع من الحديث بين شخصين، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة، فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب.
ووفقا لهذه التعاريف الثلاثة نجد أن معاني الظاهرة التحاورية بين الأطراف سواء بين الشرق والشرق، وبين الغرب والشرق، أو حتى بين الغرب والغرب نفسه بمستويات متفاوتة. لكن خلفيات التقاطع والتجاذب غالبا ما تكون دائرة في طرحها على العلاقة بين الشرق والغرب، بين الإسلام والديانات الأخرى.
وأبرز من طرحوا نظرية الحوار بين الحضارات المفكر الفرنسي "روجي غارودي" وأكد هذا الطرح "محمد الخاتمي"، في مقابلها نظرية صراع الحضارات الذي أطلقها "صمويل هينتغتون "، أما الأطروحة الثالثة بنظرية تعارف الحضارات التي أطلقها المفكر الإسلامي " زكي الميلاد" وهي نظرية مستوحاة من القرآن الكريم انطلاقا من الآية الكريمة في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13.
ويعتبر الكاتب علي آل طالب من خلال مقاله المعنون "حــوار الحضـارات أم صـــدامها.. السـيــد الخاتمــي نمـوذجـــــا" بأن أنضج ما طرح في النظريـة الأولى كان للمفكر الفرنسي ( روجيـه غارودي ) من خلال كتابـه "من أجل حوار بين الحضارات" الذي هو عبارة عن نقـد لحضارة الغرب من حيث السلوك في تاريخ العلاقـة بالأمم والحضارات الأخرى، فهو من خلال الكتاب أيضا كان لديـه الكثير من البواعث لتعزيز الحوار بدلا من الصدام، فهو بهذا يدعو الغرب إلى إعادة النظر في الذات والآخر الحضاري، بل دعاه إلى الاستفادة من الحضارات الأخرى في بلورة مشروع الأمل لديـه والذي عبر عنـه في كتابـه ".. بهذا الحوار بين الحضارات وحده يمكن أن يولد مشروع كوني يتسق مع اختراع المستقبل. (أنظر موقع منتدى الساحل الشرقي).
الممارسات الغربية وخديعة الحوار:
إن الحضارة تعني من جملة ما تعني: أسلوب العيش وطراز التفكير وأبجدية الحياة. كتعريف بسيط ومقتضب للحضارة، فإننا نجد الغرب يعمل جاهدا لفرض نمط واحد ووحيد، وفرض فكر واحد، وفرض ثقافة وحيدة، واستهلاك وعيش ذات بعد واحد تتشكل معه قيم أحادية تلغي كافة الخصوصيات والتعددية الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية إلخ.
ولن يستطيع العالم الإسلامي الخروج من حال التخلف والتبعية للغرب إلا بإتباع العلمانية كمنهج ورؤية في الحياة. على حد تعبير الكاتب أحمد عرفات القاضي، كما ذكر ذلك في مقاله: " الاستشراق والاستغراب ...عرض ومناقشة مقالات لبرنارد لويس" وهذا المقال موجود على الشبكة العنكبوتية بموقع العلم والدين في الإسلام.
وهذا الزعم في عملية الحوار بين الحضارات إنما هو تناقض صارخ بين الممارسات العملية للغرب وبين التنظير الكاذب للحوار. ولعل الغرب قد عقد غير ندوة من أجل تسويق هذه الفكرة. إذ تجلى ذلك فيما يعرف بمؤتمرات حوار الأديان اليهودية والنصرانية وكذا الإسلامية.
بالمقابل ترى أن الغرب ينهج الصراع وخطة الحرابة بدأبه المتكرر والممنهج على مهاجمة المسلمين وحضارتهم ويتجاوز هذا إلى افتعال الصراع والقلاقل تحت مسميات الإرهاب وغيرها، بل ويقلل من شأن المقدسات وينتقص منها. وهذا ما شهده الإعلام الغربي والعالمي من خلال الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكيفية تعاملهم معها، وليس هذا وحسب، بل إن الاحتلال العسكري والهيمنة الاقتصادية على بلاد المسلمين في كل من العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان..، وكذا التدخل في شؤون عدة دول تحسب أن لها سيادة على أرضها، فنسمع بين الفينة والأخرى القصف والقتل في أماكن كباكستان ووزيرستان والصومال وغيرها. كل ذلك يفضح المستور ويكشف الوجه الخفي والحقيقي ويعري الغرب أمام مزاعمه للواهمين الذين أكلوا طعم التسامح والتقارب والتعايش. لأن الهجمة والحرب القائمة والإبادة المستمرة تسقط القناع عن الغرب. ومن جهة أخرى، فالحوار زعم ووهم وزيف لأن الغرب بعد أحداث 2001، نهج مسلكا في السياسة العالمية أنتج معه مشكلات زائفة في نمط التصنيف الدولي الزائف: من ليس معنا، فهو ضدنا كما أشار لذلك الكاتب طيب تيزيني في مقاله "حوار الحضارات خارج التاريخ".
وهذا ما تراه الدكتورة زينب عبد العزيز في المقال الذي عنونته ب"خديعة حوار الأديان إلى أين ؟" فقالت فيه:
"وأن عمليات إبادة المسلمين تتم على مرأى ومسمع من العالم وما من أحد يتصدى لها إلا كلاما؛ وأن عمليات التنصير تدور بصورة هيستيرية فى جميع البلدان الإسلامية بينما تغض حكوماتها الطرف عنها، إضافة إلى كل ما قام المسؤلون المسلمون بتقديمه من تنازلات، في حق الإسلام لصالح الغرب الصليبي المتعصب، لأدركنا فداحة الموقف، وخطورة ما يحاك لنا، والكآبة القاتمة التي نحن مقبلون عليها كمرحلة حاسمة في هذه الخديعة الكبرى..".
كما أن الغرب لم يحاول تغيير الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين، سواء في كتبه أو مناهجه الدراسية، أم في قنواته الإعلامية – إسلاموفوبيا- بل انتقلت إلى سن شرائع مضادة ومحاصرة للتوجهات الإسلامية، وذلك بسن قوانين محاربة للإرهاب لكن المقصود في الأصل هو الإسلام، وتجميد الأرصدة للجمعيات الإسلامية، وسن قوانين منع الحجاب، ومنع بناء المآذن وغيرها من القوانين. فمثلا نجد قانون معاداة السامية كبل وحجَّر على كل من كتب أو شكك في محرقة "الهولوكست" وتوبع بجرم المعاداة للسامية. والغريب أن أكثر المنشورات مبيعا في المكتبات الغربية هي التي تسب وتتهجم وتتعرض للإسلام والمسلمين وكذا مقدساتهم وعاداتهم، وهذا كله باسم وتحت ذريعة حرية التعبير والرأي لديهم. أما نحن فلا حرية لدينا عليهم.
بالرغم من أن الكون مليء بالعقائد السماوية المحرفة والوضعية فهناك الشيوعية، والكنفوشوسية والبوذية والرأسمالية ، لكن الحوار الذي يريده الغرب دائما يحاول مجالسة وعقد مؤتمرات مع الديانة الإسلامية، دون غيرها من الديانات والمعتقدات، أكيد أن أسباب خفية تلح على الغرب أن يولي اهتمامه بالإسلام والمسلمين. لقد أصبح واضحاً أن حوار الحضارات فيه ما فيه من الأمور التي يخفيها الغرب عن محاوريه، مما لا يدع الشك لدى العقلاء من المسلمين فإن الحوار هو خديعة كبرى تمارسها علينا دوائر صنع القرار الغربي. ويتجلى ذلك فيما ذكره عبد الملك منصور حسن المصعبي في مقال "الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق" فقال:
"أما الملف الإستراتيجي، فيتعلق بالتصور الشائع في بعض الأوساط الغربية بكون الإسلام هو العدو الإستراتيجي الجديد الذي خلف الخطر الشيوعي، بالاستناد لما نلمسه اليوم من تنامي أنشطة الإرهاب والعنف التي تستهدف البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية."
والخلاصة إن قضية الحوار بين الحضارات وهم وكذب وقع فيه المثقفون وأرادوا إيقاع الأمة فيه بحسن نية أو عن غير حسن نية، والثابت تاريخيا أن فكرة صراع الحضارات فكرة حتمية موجودة منذ أن بدأت تتشكل الجماعات، ولا تكاد تسلم منها حضارة قديماً وحديثاً. ولكن الملفت في الحضارة الغربية أنها تعامل المسلمين بسياسة مزدوجة، سياسة الحلوى في يد والذبابة في اليد الأخرى، وما حوار الحضارات التي تفرضها دوائر الغرب السياسية والثقافية إلا جزء من سياسة عامة تخدمها هي بالدرجة الأولى.
ويمكنك أن نجمل بعض الأهداف التي تبطن النوايا الغربية وهي كالآتي:
- ترسيخ فكرة أوروبا المسيحية.
- اعتراف علماء المسلمين بالديانات الأخرى المسيحية واليهودية.
- تقديم مزيد من التنازلات للجانب الكنسي.
- اعتراف الغرب بنا هو اعتراف وجود لا اعتراف الشرعية.
ونختم بكلام الأستاذ محمد سبيلا وهو يقول في إحدى مقالاته "صراع أم حوار الثقافات؟"
"ولا يبدو في الأفق أن هذه السيطرة ستزول، بل إن السيطرة ستستديم، وستتقوى وستشمل مجالات لم تشملها من قبل، والتخلف والتبعية والضعف ستظل• مادام هناك تفاوت فهناك حوار صم، حوار الغالب "مع" المغلوب، حوار إملاءات وضغوط أكثر مما هو حوار إصغاء وتفاهم. لكي يدرك العالم الإسلامي القدرة على الحوار وإمكانية الحوار ولغة الحوار يجب أن يكون في موقع المحاور الحقيقي، أي في موقع الكيان الذي تسمع كلمته في هذا العالم الذي هو عالم القوة".
طالب باحث بكلية الآداب بوجدة
"نحن لسنا محتاجين لتحسين الصورة لديهم، هم من يحتاجون لتحسين صورتهم، نحن ضحاياهم، نحن القتلى وهم القتلة، نحن المصابون، وهم من أشهروا في أوجهنا السلاح..، تاريخيا هذا الكلام...، صورتهم أكثر قباحة وأكثر قتامة تاريخيا"
د.عبد الله انفيسي
-مفهوم الحوار:
الحوار لغة: وهو الرجوع عن الشيء إلى الشيء.
وهناك تعاريف اصطلاحية عدة:
إحداها:
مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين مختلفين.
تعريف ثاني:
تراجع للحديث بين شخصين أو أكثر، بطريقة متكافئة في مسألة معينة، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب لإظهار الحق بالحجة والبرهان.
أما التعريف الثالث:
نوع من الحديث بين شخصين، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة متكافئة، فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر، ويغلب عليه الهدوء والبعد عن الخصومة والتعصب.
ووفقا لهذه التعاريف الثلاثة نجد أن معاني الظاهرة التحاورية بين الأطراف سواء بين الشرق والشرق، وبين الغرب والشرق، أو حتى بين الغرب والغرب نفسه بمستويات متفاوتة. لكن خلفيات التقاطع والتجاذب غالبا ما تكون دائرة في طرحها على العلاقة بين الشرق والغرب، بين الإسلام والديانات الأخرى.
وأبرز من طرحوا نظرية الحوار بين الحضارات المفكر الفرنسي "روجي غارودي" وأكد هذا الطرح "محمد الخاتمي"، في مقابلها نظرية صراع الحضارات الذي أطلقها "صمويل هينتغتون "، أما الأطروحة الثالثة بنظرية تعارف الحضارات التي أطلقها المفكر الإسلامي " زكي الميلاد" وهي نظرية مستوحاة من القرآن الكريم انطلاقا من الآية الكريمة في سورة الحجرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13.
ويعتبر الكاتب علي آل طالب من خلال مقاله المعنون "حــوار الحضـارات أم صـــدامها.. السـيــد الخاتمــي نمـوذجـــــا" بأن أنضج ما طرح في النظريـة الأولى كان للمفكر الفرنسي ( روجيـه غارودي ) من خلال كتابـه "من أجل حوار بين الحضارات" الذي هو عبارة عن نقـد لحضارة الغرب من حيث السلوك في تاريخ العلاقـة بالأمم والحضارات الأخرى، فهو من خلال الكتاب أيضا كان لديـه الكثير من البواعث لتعزيز الحوار بدلا من الصدام، فهو بهذا يدعو الغرب إلى إعادة النظر في الذات والآخر الحضاري، بل دعاه إلى الاستفادة من الحضارات الأخرى في بلورة مشروع الأمل لديـه والذي عبر عنـه في كتابـه ".. بهذا الحوار بين الحضارات وحده يمكن أن يولد مشروع كوني يتسق مع اختراع المستقبل. (أنظر موقع منتدى الساحل الشرقي).
الممارسات الغربية وخديعة الحوار:
إن الحضارة تعني من جملة ما تعني: أسلوب العيش وطراز التفكير وأبجدية الحياة. كتعريف بسيط ومقتضب للحضارة، فإننا نجد الغرب يعمل جاهدا لفرض نمط واحد ووحيد، وفرض فكر واحد، وفرض ثقافة وحيدة، واستهلاك وعيش ذات بعد واحد تتشكل معه قيم أحادية تلغي كافة الخصوصيات والتعددية الفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية إلخ.
ولن يستطيع العالم الإسلامي الخروج من حال التخلف والتبعية للغرب إلا بإتباع العلمانية كمنهج ورؤية في الحياة. على حد تعبير الكاتب أحمد عرفات القاضي، كما ذكر ذلك في مقاله: " الاستشراق والاستغراب ...عرض ومناقشة مقالات لبرنارد لويس" وهذا المقال موجود على الشبكة العنكبوتية بموقع العلم والدين في الإسلام.
وهذا الزعم في عملية الحوار بين الحضارات إنما هو تناقض صارخ بين الممارسات العملية للغرب وبين التنظير الكاذب للحوار. ولعل الغرب قد عقد غير ندوة من أجل تسويق هذه الفكرة. إذ تجلى ذلك فيما يعرف بمؤتمرات حوار الأديان اليهودية والنصرانية وكذا الإسلامية.
بالمقابل ترى أن الغرب ينهج الصراع وخطة الحرابة بدأبه المتكرر والممنهج على مهاجمة المسلمين وحضارتهم ويتجاوز هذا إلى افتعال الصراع والقلاقل تحت مسميات الإرهاب وغيرها، بل ويقلل من شأن المقدسات وينتقص منها. وهذا ما شهده الإعلام الغربي والعالمي من خلال الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وكيفية تعاملهم معها، وليس هذا وحسب، بل إن الاحتلال العسكري والهيمنة الاقتصادية على بلاد المسلمين في كل من العراق وفلسطين وأفغانستان والشيشان..، وكذا التدخل في شؤون عدة دول تحسب أن لها سيادة على أرضها، فنسمع بين الفينة والأخرى القصف والقتل في أماكن كباكستان ووزيرستان والصومال وغيرها. كل ذلك يفضح المستور ويكشف الوجه الخفي والحقيقي ويعري الغرب أمام مزاعمه للواهمين الذين أكلوا طعم التسامح والتقارب والتعايش. لأن الهجمة والحرب القائمة والإبادة المستمرة تسقط القناع عن الغرب. ومن جهة أخرى، فالحوار زعم ووهم وزيف لأن الغرب بعد أحداث 2001، نهج مسلكا في السياسة العالمية أنتج معه مشكلات زائفة في نمط التصنيف الدولي الزائف: من ليس معنا، فهو ضدنا كما أشار لذلك الكاتب طيب تيزيني في مقاله "حوار الحضارات خارج التاريخ".
وهذا ما تراه الدكتورة زينب عبد العزيز في المقال الذي عنونته ب"خديعة حوار الأديان إلى أين ؟" فقالت فيه:
"وأن عمليات إبادة المسلمين تتم على مرأى ومسمع من العالم وما من أحد يتصدى لها إلا كلاما؛ وأن عمليات التنصير تدور بصورة هيستيرية فى جميع البلدان الإسلامية بينما تغض حكوماتها الطرف عنها، إضافة إلى كل ما قام المسؤلون المسلمون بتقديمه من تنازلات، في حق الإسلام لصالح الغرب الصليبي المتعصب، لأدركنا فداحة الموقف، وخطورة ما يحاك لنا، والكآبة القاتمة التي نحن مقبلون عليها كمرحلة حاسمة في هذه الخديعة الكبرى..".
كما أن الغرب لم يحاول تغيير الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين، سواء في كتبه أو مناهجه الدراسية، أم في قنواته الإعلامية – إسلاموفوبيا- بل انتقلت إلى سن شرائع مضادة ومحاصرة للتوجهات الإسلامية، وذلك بسن قوانين محاربة للإرهاب لكن المقصود في الأصل هو الإسلام، وتجميد الأرصدة للجمعيات الإسلامية، وسن قوانين منع الحجاب، ومنع بناء المآذن وغيرها من القوانين. فمثلا نجد قانون معاداة السامية كبل وحجَّر على كل من كتب أو شكك في محرقة "الهولوكست" وتوبع بجرم المعاداة للسامية. والغريب أن أكثر المنشورات مبيعا في المكتبات الغربية هي التي تسب وتتهجم وتتعرض للإسلام والمسلمين وكذا مقدساتهم وعاداتهم، وهذا كله باسم وتحت ذريعة حرية التعبير والرأي لديهم. أما نحن فلا حرية لدينا عليهم.
بالرغم من أن الكون مليء بالعقائد السماوية المحرفة والوضعية فهناك الشيوعية، والكنفوشوسية والبوذية والرأسمالية ، لكن الحوار الذي يريده الغرب دائما يحاول مجالسة وعقد مؤتمرات مع الديانة الإسلامية، دون غيرها من الديانات والمعتقدات، أكيد أن أسباب خفية تلح على الغرب أن يولي اهتمامه بالإسلام والمسلمين. لقد أصبح واضحاً أن حوار الحضارات فيه ما فيه من الأمور التي يخفيها الغرب عن محاوريه، مما لا يدع الشك لدى العقلاء من المسلمين فإن الحوار هو خديعة كبرى تمارسها علينا دوائر صنع القرار الغربي. ويتجلى ذلك فيما ذكره عبد الملك منصور حسن المصعبي في مقال "الحوار الإسلامي مع الأديان التوحيدية الأخرى: الخلفيات و الآفاق" فقال:
"أما الملف الإستراتيجي، فيتعلق بالتصور الشائع في بعض الأوساط الغربية بكون الإسلام هو العدو الإستراتيجي الجديد الذي خلف الخطر الشيوعي، بالاستناد لما نلمسه اليوم من تنامي أنشطة الإرهاب والعنف التي تستهدف البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية."
والخلاصة إن قضية الحوار بين الحضارات وهم وكذب وقع فيه المثقفون وأرادوا إيقاع الأمة فيه بحسن نية أو عن غير حسن نية، والثابت تاريخيا أن فكرة صراع الحضارات فكرة حتمية موجودة منذ أن بدأت تتشكل الجماعات، ولا تكاد تسلم منها حضارة قديماً وحديثاً. ولكن الملفت في الحضارة الغربية أنها تعامل المسلمين بسياسة مزدوجة، سياسة الحلوى في يد والذبابة في اليد الأخرى، وما حوار الحضارات التي تفرضها دوائر الغرب السياسية والثقافية إلا جزء من سياسة عامة تخدمها هي بالدرجة الأولى.
ويمكنك أن نجمل بعض الأهداف التي تبطن النوايا الغربية وهي كالآتي:
- ترسيخ فكرة أوروبا المسيحية.
- اعتراف علماء المسلمين بالديانات الأخرى المسيحية واليهودية.
- تقديم مزيد من التنازلات للجانب الكنسي.
- اعتراف الغرب بنا هو اعتراف وجود لا اعتراف الشرعية.
ونختم بكلام الأستاذ محمد سبيلا وهو يقول في إحدى مقالاته "صراع أم حوار الثقافات؟"
"ولا يبدو في الأفق أن هذه السيطرة ستزول، بل إن السيطرة ستستديم، وستتقوى وستشمل مجالات لم تشملها من قبل، والتخلف والتبعية والضعف ستظل• مادام هناك تفاوت فهناك حوار صم، حوار الغالب "مع" المغلوب، حوار إملاءات وضغوط أكثر مما هو حوار إصغاء وتفاهم. لكي يدرك العالم الإسلامي القدرة على الحوار وإمكانية الحوار ولغة الحوار يجب أن يكون في موقع المحاور الحقيقي، أي في موقع الكيان الذي تسمع كلمته في هذا العالم الذي هو عالم القوة".