بقلم : محد بودرا
لا شك أن مجرد طرح مثل السؤال أعلاه، سيفضي بالكثيرين إلى الجزم والتأكيد على أنه لم تعد هناك حاجة إلى رؤساء جماعات وهم الذين فشلوا في تحقيق مطالب الساكنة وفي تأطير المواطنين والمواطنات وفي القيام بواجبهم على الوجه الأمثل؛ غير أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح في تقديرنا، هو: إذا افترضنا هذا الأمر صحيحا، فهل هو فشل أشخاص أم هو فشل مؤسسات (أي فشل نموذج اللامركزية والجهوية المتقدمة)؟
بالرغم من كوننا راكمنا تجربة تفوق مدتها الأربعين سنة، وهي تجربة مكنت المغرب من تبوئ مركز الريادة في اللامركزية بين دول الجنوب، إلى درجة أن هذا الاعتراف الدولي جعل مجلس أوروبا، عبر مؤتمر السلطات المحلية والجهوية، يقترح على المغرب ـ عبر الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية ـ صفة شريك في الديمقراطية المحلية؛ فإن حكومتنا لا تزال مترددة في قبول هذه الصفة التي ستمكن رؤساء الجماعات الترابية المغربية من إسماع صوتهم في مجلس أوروبا، بحيث سيكون بلدنا هو القطر الوحيد من خارج أوروبا الذي ستمنح له هذه الصفة، إضافة إلى منظمة المدن الأفريقية CGLUA التي طلبت منا، وللمرة الثانية، تنظيم مؤتمر السلطات المحلية والجهويةAFRICITIES الذي من المزمع والمنتظر انعقاده في دجنبر 2018 بمدينة مراكش.
ومن المعلوم أن هناك من يعتقد كون الدولة قد منحت صلاحيات كثيرة لرؤساء الجماعات الترابية، في الوقت الذي قلصت فيه من صلاحيات الولاة والعمال، الأمر الذي انعكس سلبا على مسار التدبير الترابي، لا سيما بعد أن أصبح الولاة والعمال يقدمون كخصوم لرؤساء الجماعات، في حين أن الواقع يقر بأنهم حلفاء ترابيين Allies territoriaux ويتواجدون في نفس الخندق.
وعليه، فإن الاشكالية الحقيقية لا تكمن ـ من وجهة نظرنا ـ بين الولاة والعمال من جهة والرؤساء من جهة أخرى، بل بين المركز (أي الحكومة) الذي يستحوذ على 90 في المائة من ميزانية الدولة، والجهات والأقاليم التي لا تستفيد سوى ب 10 في المائة فقط من هذه الميزانية؛ وبالتالي، هل يعقل أن نتصارع على حصة 10 في المائة أم يجب أن نطالب المركز باقتسام قسط من حصة الأسد التي بحوزته لفائدة الجهات والأقاليم؟ ومن ثم، فإن المطلوب هو توحيد الكلمة بين الرؤساء والولاة والعمال من أجل جلب الاختصاصات والإمكانيات من المركز نحو الهوامش التي تعاني من قلة الإمكانيات، عوض التمادي في تبادل التهم أو التنافس على الاختصاصات.
إن المغرب اليوم، يعاني من أزمة غياب اللاتمركز (crise de déconcentration ) وليس من اللامركزية، لأن المواطن تجاوز سقف المطالبة بالنظافة والماء والكهرباء والتأهيل الحضري، علما أن هذا يشكل في حد ذاته مكسبا لا يتوفر في العديد من البلدان، وبات يطالب بتوفير الشغل والخدمات الصحية والجامعة، وهي مطالب تندرج ضمن اختصاصات المركز الذي لا يريد أن يتنازل عنها، ليس فقط للجماعات الترابية ولكن أيضا للمناديب والإدارات الحكومية التابعة له.
وتأسيسا على ما سبق، وجب على الولاة والعمال ورؤساء الجماعات الترابية المطالبة بالإسراع بتنزيل ميثاق اللاتمركز بغاية الاستجابة لمطالب الساكنة؛ وبالنسبة لرؤساء الجماعات فسيظلون هم النواة الأولى والصلبة للديمقراطية، علما أن بلدنا ماض في تطوير الديمقراطية، أما الأصوات المشككة في هذا المسار فهي ذات الأصوات التي قاومت في السابق الإصلاحات الكبرى مع بزوغ العهد الجديد، وهذه الإصلاحات هي التي غرست بذور الأمن والاستقرار الذي بات ينعم به بلدنا، رغم شدة وكثرة الدسائس والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضده.
الدكتور محمد بودرا رئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات AMPCC
رئيس الجمعية الاورومتوسطية للجهات و الاقاليم Copresident d ARLEM.
لا شك أن مجرد طرح مثل السؤال أعلاه، سيفضي بالكثيرين إلى الجزم والتأكيد على أنه لم تعد هناك حاجة إلى رؤساء جماعات وهم الذين فشلوا في تحقيق مطالب الساكنة وفي تأطير المواطنين والمواطنات وفي القيام بواجبهم على الوجه الأمثل؛ غير أن السؤال الذي ينبغي أن يطرح في تقديرنا، هو: إذا افترضنا هذا الأمر صحيحا، فهل هو فشل أشخاص أم هو فشل مؤسسات (أي فشل نموذج اللامركزية والجهوية المتقدمة)؟
بالرغم من كوننا راكمنا تجربة تفوق مدتها الأربعين سنة، وهي تجربة مكنت المغرب من تبوئ مركز الريادة في اللامركزية بين دول الجنوب، إلى درجة أن هذا الاعتراف الدولي جعل مجلس أوروبا، عبر مؤتمر السلطات المحلية والجهوية، يقترح على المغرب ـ عبر الجمعية المغربية لرؤساء المجالس الجماعية ـ صفة شريك في الديمقراطية المحلية؛ فإن حكومتنا لا تزال مترددة في قبول هذه الصفة التي ستمكن رؤساء الجماعات الترابية المغربية من إسماع صوتهم في مجلس أوروبا، بحيث سيكون بلدنا هو القطر الوحيد من خارج أوروبا الذي ستمنح له هذه الصفة، إضافة إلى منظمة المدن الأفريقية CGLUA التي طلبت منا، وللمرة الثانية، تنظيم مؤتمر السلطات المحلية والجهويةAFRICITIES الذي من المزمع والمنتظر انعقاده في دجنبر 2018 بمدينة مراكش.
ومن المعلوم أن هناك من يعتقد كون الدولة قد منحت صلاحيات كثيرة لرؤساء الجماعات الترابية، في الوقت الذي قلصت فيه من صلاحيات الولاة والعمال، الأمر الذي انعكس سلبا على مسار التدبير الترابي، لا سيما بعد أن أصبح الولاة والعمال يقدمون كخصوم لرؤساء الجماعات، في حين أن الواقع يقر بأنهم حلفاء ترابيين Allies territoriaux ويتواجدون في نفس الخندق.
وعليه، فإن الاشكالية الحقيقية لا تكمن ـ من وجهة نظرنا ـ بين الولاة والعمال من جهة والرؤساء من جهة أخرى، بل بين المركز (أي الحكومة) الذي يستحوذ على 90 في المائة من ميزانية الدولة، والجهات والأقاليم التي لا تستفيد سوى ب 10 في المائة فقط من هذه الميزانية؛ وبالتالي، هل يعقل أن نتصارع على حصة 10 في المائة أم يجب أن نطالب المركز باقتسام قسط من حصة الأسد التي بحوزته لفائدة الجهات والأقاليم؟ ومن ثم، فإن المطلوب هو توحيد الكلمة بين الرؤساء والولاة والعمال من أجل جلب الاختصاصات والإمكانيات من المركز نحو الهوامش التي تعاني من قلة الإمكانيات، عوض التمادي في تبادل التهم أو التنافس على الاختصاصات.
إن المغرب اليوم، يعاني من أزمة غياب اللاتمركز (crise de déconcentration ) وليس من اللامركزية، لأن المواطن تجاوز سقف المطالبة بالنظافة والماء والكهرباء والتأهيل الحضري، علما أن هذا يشكل في حد ذاته مكسبا لا يتوفر في العديد من البلدان، وبات يطالب بتوفير الشغل والخدمات الصحية والجامعة، وهي مطالب تندرج ضمن اختصاصات المركز الذي لا يريد أن يتنازل عنها، ليس فقط للجماعات الترابية ولكن أيضا للمناديب والإدارات الحكومية التابعة له.
وتأسيسا على ما سبق، وجب على الولاة والعمال ورؤساء الجماعات الترابية المطالبة بالإسراع بتنزيل ميثاق اللاتمركز بغاية الاستجابة لمطالب الساكنة؛ وبالنسبة لرؤساء الجماعات فسيظلون هم النواة الأولى والصلبة للديمقراطية، علما أن بلدنا ماض في تطوير الديمقراطية، أما الأصوات المشككة في هذا المسار فهي ذات الأصوات التي قاومت في السابق الإصلاحات الكبرى مع بزوغ العهد الجديد، وهذه الإصلاحات هي التي غرست بذور الأمن والاستقرار الذي بات ينعم به بلدنا، رغم شدة وكثرة الدسائس والمؤامرات التي حيكت وتحاك ضده.
الدكتور محمد بودرا رئيس الجمعية المغربية لرؤساء الجماعات AMPCC
رئيس الجمعية الاورومتوسطية للجهات و الاقاليم Copresident d ARLEM.