رمسيس بولعيون
كم هي جميلة "الناظور" عند المسؤولين الحكوميين ببلادنا الذين لا يتوانون عن نفخ رؤوسنا بكونها "بوابة أوروبا"، وكذلك هي جميلة عندما يؤكدون في خطاباتهم أنها ستصبح قطبا اقتصاديا قويا بعد انطلاق مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، وبكونها قاطرة التنمية بشرق المغرب، وجميلة كذلك عندما يزورون الحاضرة في مهمات رسمية وغير رسمية وتقدم لهم أطباق فواكه البحر الطرية، وأجمل أكثر فأكثر في عيونهم عندما تزداد وتيرة تحويلات العملة الصعبة للجالية المقيمة بالخارج من أصول ناظورية، وعندما تكون الودائع البنكية بالمنطقة هي الأكبر إطلاقا على الصعيد الوطني..
ولكن عندما يتعلق الأمـر بمشاريع تنموية ذات صبغة اجتماعية واقتصادية، يكون الناظور بالنسبة إلى هؤلاء المسؤولين الحكوميين الموقرين، نسياً منسيا وإقليماً غير موجود لديهم في خارطة مشاريعهم واستراتيجيتهم ولا في الحسبان؛ إذ تتحول هذه "الناظور" بمعنًى آخر لعله أكثر سِدادا، إلى عاهرة سفيهة ورخيصة تقف على رصيفٍ بارد من أرصفة الوطن في انتظار من يشير لها ببنان الإصبع لاقتيادها من أجل تفريغ المكبوتات والنزوات المرضية..
مناسبة هذا الكلام، توقيع وزير الصحة المستوزر حديثا، لاتفاقية شراكة مع ولاية ومجلس جهة الشرق، من أجل إنشاء مركز استشفائي جهوي جديد؛ وطبعا كما هو معهود دائما وأبداً لن تُحدث هذه المنشأة الصحية في مدن الرّيح كـ"فيجيج" أو "جرادة" أو بإقليم آخر تفتقر إلى مركز استشفائي، بل سيتم إقامة هذا المشروع الضخم بوجدة التي يوجد بها أصلاً مستشفى جامعي فضلا عن مراكز صحية عديدة ذات جودة عالية، في حين أن إقليماً بحجم الناظور على سبيل المثال، يوجد به مستشفًى سيستحيي وزير الصحة بنفسه أن يصفه بـ"مستشفى".
وأعتقد جادا أن معالي الوزير، الذي وقع الاتفاقية لا يعلم بأن الوزيرين الوردي والدكالي، قد وعـدا، بل الأكثر منه، قاما فعليا بتدشين مستشفًى إقليميّ جديد بالناظور، منذ أزيد من ثلاث سنوات، إلا أن أشغال هذا المشروع لم تنطلق بعد، وكان حرياً به، وهو يوقع الاتفاقية، أن يتذكر الأمر هو ومسؤولو الجهة، قصد دعم هذا المشروع والتسريع بوتيرة أشغال إخراجه إلى الوجود، أفضل من الشروع في آخر في إقليمٍ يتوفر على مشفًى جامعي، كما لم يتذكر وزير الصحة أن هناك مشروعي مستشفى بزايو وآخر بالدريوش، منذ ردحٍ طويل من الزمن والساكنة تنتظر إنهاءَه، لكن بدون جدوى.
إذا كنا في وقت قريب نطالب باللاّمركزية، والمناداة بتوسيع دائرة الصلاحيات أكثر للجهات ودعم اللاّتمركز، فإنّا اليوم بات لزاماً علينا أن نتحدث عن ضرورة إحلال مطلب العدالة المجالية داخل الجهة الواحدة، وتقسيم المشاريع بين الأقاليم بالعدل، حتى تبلغ الناظور ومعها تاوريرت وفيجيج وجرسيف والدريوش المستوى الذي تتواجد عليه وجدة من التنمية، على اعتبار أن هذه السياسة "الفرزية" أضحت غير منطقية وغير مقبولة بتاتاً ولا تفسير لبواعثها والهواجس المتحكم فيها؛ فـ"وجدة" تجد فيها مركبا رياضيا ضخما في حين يتم تدشين آخر، وتجد فيها مسرحا ودورا للثقافة وقاعات عمومية للندوات ومع ذلك تتم إضافة أخرى، تتوفر على بنية تحتية قوية ويتم رصد ميزانيات ضخمة لها من أجل تحسين هذه البنيات، في المقابل لا يتوفر الناظور سوى على الرّيح، وتدشينات وهمية، ووعود كاذبة، في كل زيارة يجريها مسؤول حكومي ما.
نافلة القول، إذا لم تكن هناك إرادة حقة وحقيقية تنحو نحو تغير هذا التعاطي المبني على سياسة الاقصاء والفرز، من أجل الدفع بعجلة هذا "الإقليم" المُعطل إن على كافة الأصعدة والمستويات، والذي تقولون عنه أنه إقليم ذو أهمية استراتيجية واقتصادية بشرق المغرب، فمن الأحسن والأفضل إذاً، أن تلحقونه بـ"وجدة" كمقاطعة تابعة لعاصمتها المستحوذة على كل شيءٍ وهنيونـا، لأنه إذا كان العلاج والرياضة والثقافة والدراسة والإدارات وكل شيء بوجدة، فما الفائدة من تسمية الناظور بإقليم، وحتى ذاك الحرف اللاتيني الذي يميّز بطائق تعاريفنا الوطنية وترقيم لوحات سياراتنا "أ- 50"، لا حاجة لنا بها، ونطالب أخيرا بإلحاق ناظورنا بوجدة كمقاطعة تابعة..
كم هي جميلة "الناظور" عند المسؤولين الحكوميين ببلادنا الذين لا يتوانون عن نفخ رؤوسنا بكونها "بوابة أوروبا"، وكذلك هي جميلة عندما يؤكدون في خطاباتهم أنها ستصبح قطبا اقتصاديا قويا بعد انطلاق مشروع ميناء الناظور غرب المتوسط، وبكونها قاطرة التنمية بشرق المغرب، وجميلة كذلك عندما يزورون الحاضرة في مهمات رسمية وغير رسمية وتقدم لهم أطباق فواكه البحر الطرية، وأجمل أكثر فأكثر في عيونهم عندما تزداد وتيرة تحويلات العملة الصعبة للجالية المقيمة بالخارج من أصول ناظورية، وعندما تكون الودائع البنكية بالمنطقة هي الأكبر إطلاقا على الصعيد الوطني..
ولكن عندما يتعلق الأمـر بمشاريع تنموية ذات صبغة اجتماعية واقتصادية، يكون الناظور بالنسبة إلى هؤلاء المسؤولين الحكوميين الموقرين، نسياً منسيا وإقليماً غير موجود لديهم في خارطة مشاريعهم واستراتيجيتهم ولا في الحسبان؛ إذ تتحول هذه "الناظور" بمعنًى آخر لعله أكثر سِدادا، إلى عاهرة سفيهة ورخيصة تقف على رصيفٍ بارد من أرصفة الوطن في انتظار من يشير لها ببنان الإصبع لاقتيادها من أجل تفريغ المكبوتات والنزوات المرضية..
مناسبة هذا الكلام، توقيع وزير الصحة المستوزر حديثا، لاتفاقية شراكة مع ولاية ومجلس جهة الشرق، من أجل إنشاء مركز استشفائي جهوي جديد؛ وطبعا كما هو معهود دائما وأبداً لن تُحدث هذه المنشأة الصحية في مدن الرّيح كـ"فيجيج" أو "جرادة" أو بإقليم آخر تفتقر إلى مركز استشفائي، بل سيتم إقامة هذا المشروع الضخم بوجدة التي يوجد بها أصلاً مستشفى جامعي فضلا عن مراكز صحية عديدة ذات جودة عالية، في حين أن إقليماً بحجم الناظور على سبيل المثال، يوجد به مستشفًى سيستحيي وزير الصحة بنفسه أن يصفه بـ"مستشفى".
وأعتقد جادا أن معالي الوزير، الذي وقع الاتفاقية لا يعلم بأن الوزيرين الوردي والدكالي، قد وعـدا، بل الأكثر منه، قاما فعليا بتدشين مستشفًى إقليميّ جديد بالناظور، منذ أزيد من ثلاث سنوات، إلا أن أشغال هذا المشروع لم تنطلق بعد، وكان حرياً به، وهو يوقع الاتفاقية، أن يتذكر الأمر هو ومسؤولو الجهة، قصد دعم هذا المشروع والتسريع بوتيرة أشغال إخراجه إلى الوجود، أفضل من الشروع في آخر في إقليمٍ يتوفر على مشفًى جامعي، كما لم يتذكر وزير الصحة أن هناك مشروعي مستشفى بزايو وآخر بالدريوش، منذ ردحٍ طويل من الزمن والساكنة تنتظر إنهاءَه، لكن بدون جدوى.
إذا كنا في وقت قريب نطالب باللاّمركزية، والمناداة بتوسيع دائرة الصلاحيات أكثر للجهات ودعم اللاّتمركز، فإنّا اليوم بات لزاماً علينا أن نتحدث عن ضرورة إحلال مطلب العدالة المجالية داخل الجهة الواحدة، وتقسيم المشاريع بين الأقاليم بالعدل، حتى تبلغ الناظور ومعها تاوريرت وفيجيج وجرسيف والدريوش المستوى الذي تتواجد عليه وجدة من التنمية، على اعتبار أن هذه السياسة "الفرزية" أضحت غير منطقية وغير مقبولة بتاتاً ولا تفسير لبواعثها والهواجس المتحكم فيها؛ فـ"وجدة" تجد فيها مركبا رياضيا ضخما في حين يتم تدشين آخر، وتجد فيها مسرحا ودورا للثقافة وقاعات عمومية للندوات ومع ذلك تتم إضافة أخرى، تتوفر على بنية تحتية قوية ويتم رصد ميزانيات ضخمة لها من أجل تحسين هذه البنيات، في المقابل لا يتوفر الناظور سوى على الرّيح، وتدشينات وهمية، ووعود كاذبة، في كل زيارة يجريها مسؤول حكومي ما.
نافلة القول، إذا لم تكن هناك إرادة حقة وحقيقية تنحو نحو تغير هذا التعاطي المبني على سياسة الاقصاء والفرز، من أجل الدفع بعجلة هذا "الإقليم" المُعطل إن على كافة الأصعدة والمستويات، والذي تقولون عنه أنه إقليم ذو أهمية استراتيجية واقتصادية بشرق المغرب، فمن الأحسن والأفضل إذاً، أن تلحقونه بـ"وجدة" كمقاطعة تابعة لعاصمتها المستحوذة على كل شيءٍ وهنيونـا، لأنه إذا كان العلاج والرياضة والثقافة والدراسة والإدارات وكل شيء بوجدة، فما الفائدة من تسمية الناظور بإقليم، وحتى ذاك الحرف اللاتيني الذي يميّز بطائق تعاريفنا الوطنية وترقيم لوحات سياراتنا "أ- 50"، لا حاجة لنا بها، ونطالب أخيرا بإلحاق ناظورنا بوجدة كمقاطعة تابعة..