سلمى درداف
يضغط بأصبعه على شاشة هاتفه المحمول ويبدأ في مشاهدة مقطع فيديو لا يُسمع منه إلا ضحكات طفلة.. مرة ومرتين وثلاثا.. تدمع عيناه فيحاول جاهدا أن يخفي حنينه إلى “ميا”، ابنته التي يقضي معها ساعة وحيدة في الأسبوع وتحت المراقبة، بأمر من سلطات بلجيكا حيث يقيم.
“يقدمون لك حبيبة شقراء وبيتا للإيجار وراتبا شهريا ويحرمونك من أعز ما تملك.. فلذة كبدك تصبح غريبة عنك بأمر من القانون وإن اعترضت عن ذلك، فلك عقاب عظيم،” بهذه الكلمات يلخص علي، وهو مهاجر مغربي يبلغ من العمر 29 سنة، قصته مع الغربة والقوانين “القاسية” التي حرمته من ابنته ميا ذات الأربع سنوات، مباشرة بعد ولادتها بحجة أن والدتها تعاني من مرض مزمن (الربو) ووالدها لا يملك عملا قارا ولا بيتا تتوفر فيه “المعايير” التي تطالب بها السلطات البلجيكية لحماية الأطفال.
يقول أنه وبعد ثمان سنوات قضاها في بلاد الغربة، استطاع الحصول على عمل شبه قار، وبعدها بأشهر التقى حبيبته كرستين “صحيح أنها تكبرني بعشر سنوات لكنها ساعدتني كثيرا، عملنا سويا وتمكنا من تأجير منزل أكبر من ذاك الذي كنت أسكنه رفقة مهاجرين آخرين.. لكن وبعد أشهر اكتشفت إصابتها ب”ربو مزمن” وهو الأمر الذي جعلها تتوقف عن العمل لفترة”.
يضيف علي، الذي يعمل حاليا في شركة نظافة، أنه وفور علمه بحمل صديقته كريسيتن ببنت، قرر أن يعمل ما بوسعه لإسعادهما، لكن الظروف تأتي بما لا يشتهيه أحد، ومحل الجزارة الذي كان يعمل فيه آنذاك أقفل بسبب قرار صاحبه العودة إلى بلاده الجزائر، حاولت العثور على عمل آخر لكن دون جدوى”.
يحكي علي لجريدة العمق، عن أول يوم في حياة ابنته الوحيدة “ميا” :” كان يوما استثنائيا، لا زلت أذكر الصرخة الأولى واللمسة الأولى، ضحكتها الأولى، كنت أظن أن هذا اليوم سيكون بداية جديدة، لكنها كانت النهاية”.
ويردف موضحا “تم إخبارنا من طرف المستشفى أن موظفا حكوميا سيزورنا، وبالفعل جاء الموظف وأخذ يتجول في المكان، طلب أولا الملف الطبي الكامل لوالدتها ووثائق تثبت أنني أعمل.. سلمناه الأول ولم نستطع أن ننفذ طلبه الثاني، كتب بعض الجمل في ملف أزرق وغادر وبعد يومين بالضبط جاءت السلطات وأمرنا بالتخلي عن ابنتنا ميا”.
كنت أظن في بادئ الأمر، أن ما يحدث سيكون مؤقتا، إلا أنني فوجئت بأن السلطات جادة في ما تفعل، وأنه سيتم توكيل مهمة تربية “ميا” لأسرة أخرى، بحجة عدم قدرتنا على ذلك، بسبب عطالتي ومرض والدتها، حاولت المقاومة في البداية لكن القوانين كانت أقوى منا”.
يكمل قصته بتأثر بالغ: “الآن ميا بلغت ثلاثة سنوات، ثلاث سنوات وهي بعيدة عن والدها، ثلاث سنوات عانيت فيها الكثير، فهي تعيش مع زوج مثليين، في كل مرة أزورهما أمنع نفسي من إبراحهما ضربا، لا يمكن أن أقبل أن تربى ابنتي في وسط كهذا، لكن “الغالب لله”، كل المحامون الذين استشرتهم هنا (المغرب) وفي بلجيكا نصحوني بعدم التصرف بعنف وانتظار ما سيقرره القانون”.
نفس القصة وباختلاف بعض التفاصيل، يعيشها محمد وهو من أبناء الريف المغربي، فالسلطات البلجيكية قررت أن “تنتزع” ابنه، بعد شكاية زوجته به قبل سنوات تشير فيها أنها تتعرض للعنف اللفظي والمادي من طرف زوجها، خاصة أن ابنها مريض ويعاني من مرض في القلب يجعله لا يستطيع تحمل ما يتم تعريضه له.
“صحيح أنني كنت طائشا وقتها، لكنني ندمت واعتذرت أكثر من مرة وأحاول أن أزور ابني في المستشفى لكن والدته تمنعني بمساعدة السلطات، ولا أعرف ماذا أفعل، ما أرغب فيه حاليا هو العودة إلى “بلادي”، سئمت العيش هنا، كل شيء أصبح أسودا، والحياة أصبحت بلا معنى” يؤكد محمد.
أما حياة، 40 سنة، مهاجرة مطلقة، تقول أن السلطات البلجيكية استطاعت حمت ابنتاها منها، “لم أكن أستطيع التكفل بمصاريفهما، وكنا نبيت أحيانا في الشارع، مما جعل شخصا مجهولا يتصل بالمراكز المسؤولة وتم “التحفظ” على سكينة وريم”.
“ألتقي بهما في كل شهر مرة، ويسعدني أنهما تعيشان في مستوى لم أكن أستطيع توفيره لهما، خاصة في الجانب التعليمي” تضيف حياة.
المحامي والباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، الحسين بكار السباعي قال في تصريح لجريدة العمق إن الدول المستقبلة لأفواج من المهاجرين، سواء أولئك الذين لهم وضعية قانونية أو الذين يختارون الهجرة بطريقة غير شرعية، تحرص على توفير نوع من الحماية الاجتماعية للأطفال المولودين على أراضيها، وذلك بأوامر من السلطات الإدارية والقضائية، بسبب ما تعرفه أوروبا من أزمة اقتصادية وتردي أوضاع المعيشة.
وأكد المتحدث ذاته “أن تسليم الأطفال لأسر من بلد الاستقبال وبسبب اختلاف التقاليد والعادات وحتى الدين يؤتر على تربيتهم وتكوينهم وقناعاتهم المختلفة وحقوقهم الثقافية والعقدية”.
واعتبر رئيس مرصد الجنوب لحقوق الأجانب والهجرة، بكار السباعي أن “المسؤولبن الديبلوماسيين وجمعيات الرعاية الاجتماعية بالخارج ملزمة للتحرك في إطار احترام مسطرة الانتزاع بما يسمح لها بتوفير أكبر حماية للقاصرين مع مراعاة طبيعة الأسرة المسلمة التي ينتمي لها الطفل عبر مراقبة الأماكن المخصصة للاستقبال بشكل دوري”.
ويضيف: “كما يجب على الوزارة الَمنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالمهجر وشؤون الهجرة تحمل مسؤوليتها والعمل بتنسيق مع الهيئات الدولية والمرافعة من أجل ذلك”.
وختم المحامي والباحث في الهجرة وحقوق الإنسان حديثه باعتباره تسليم طفلة مغربية من أسرة مسلمة لها ثقافة معينة الي زوج مثلي اي أسرة أساسها غير طبيعي ومختلف لقواعد الحياة المتعارف عليها تجاوز لكل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطفل وتجاوز للقوانين الشخصية مما يستلزم التدخل بشكل استعجالي للطعن في الحكم القضائي بالانتزاع وما بعده من مسطرة التسليم التي لم تراعي أدنى قواعد حقوق الطفل ولا طبية الأسرة المسلم لها والتى لا محالة ستشكل خطرا على الطفل بدل ان توفر له الحماية.
يضغط بأصبعه على شاشة هاتفه المحمول ويبدأ في مشاهدة مقطع فيديو لا يُسمع منه إلا ضحكات طفلة.. مرة ومرتين وثلاثا.. تدمع عيناه فيحاول جاهدا أن يخفي حنينه إلى “ميا”، ابنته التي يقضي معها ساعة وحيدة في الأسبوع وتحت المراقبة، بأمر من سلطات بلجيكا حيث يقيم.
“يقدمون لك حبيبة شقراء وبيتا للإيجار وراتبا شهريا ويحرمونك من أعز ما تملك.. فلذة كبدك تصبح غريبة عنك بأمر من القانون وإن اعترضت عن ذلك، فلك عقاب عظيم،” بهذه الكلمات يلخص علي، وهو مهاجر مغربي يبلغ من العمر 29 سنة، قصته مع الغربة والقوانين “القاسية” التي حرمته من ابنته ميا ذات الأربع سنوات، مباشرة بعد ولادتها بحجة أن والدتها تعاني من مرض مزمن (الربو) ووالدها لا يملك عملا قارا ولا بيتا تتوفر فيه “المعايير” التي تطالب بها السلطات البلجيكية لحماية الأطفال.
يقول أنه وبعد ثمان سنوات قضاها في بلاد الغربة، استطاع الحصول على عمل شبه قار، وبعدها بأشهر التقى حبيبته كرستين “صحيح أنها تكبرني بعشر سنوات لكنها ساعدتني كثيرا، عملنا سويا وتمكنا من تأجير منزل أكبر من ذاك الذي كنت أسكنه رفقة مهاجرين آخرين.. لكن وبعد أشهر اكتشفت إصابتها ب”ربو مزمن” وهو الأمر الذي جعلها تتوقف عن العمل لفترة”.
يضيف علي، الذي يعمل حاليا في شركة نظافة، أنه وفور علمه بحمل صديقته كريسيتن ببنت، قرر أن يعمل ما بوسعه لإسعادهما، لكن الظروف تأتي بما لا يشتهيه أحد، ومحل الجزارة الذي كان يعمل فيه آنذاك أقفل بسبب قرار صاحبه العودة إلى بلاده الجزائر، حاولت العثور على عمل آخر لكن دون جدوى”.
يحكي علي لجريدة العمق، عن أول يوم في حياة ابنته الوحيدة “ميا” :” كان يوما استثنائيا، لا زلت أذكر الصرخة الأولى واللمسة الأولى، ضحكتها الأولى، كنت أظن أن هذا اليوم سيكون بداية جديدة، لكنها كانت النهاية”.
ويردف موضحا “تم إخبارنا من طرف المستشفى أن موظفا حكوميا سيزورنا، وبالفعل جاء الموظف وأخذ يتجول في المكان، طلب أولا الملف الطبي الكامل لوالدتها ووثائق تثبت أنني أعمل.. سلمناه الأول ولم نستطع أن ننفذ طلبه الثاني، كتب بعض الجمل في ملف أزرق وغادر وبعد يومين بالضبط جاءت السلطات وأمرنا بالتخلي عن ابنتنا ميا”.
كنت أظن في بادئ الأمر، أن ما يحدث سيكون مؤقتا، إلا أنني فوجئت بأن السلطات جادة في ما تفعل، وأنه سيتم توكيل مهمة تربية “ميا” لأسرة أخرى، بحجة عدم قدرتنا على ذلك، بسبب عطالتي ومرض والدتها، حاولت المقاومة في البداية لكن القوانين كانت أقوى منا”.
يكمل قصته بتأثر بالغ: “الآن ميا بلغت ثلاثة سنوات، ثلاث سنوات وهي بعيدة عن والدها، ثلاث سنوات عانيت فيها الكثير، فهي تعيش مع زوج مثليين، في كل مرة أزورهما أمنع نفسي من إبراحهما ضربا، لا يمكن أن أقبل أن تربى ابنتي في وسط كهذا، لكن “الغالب لله”، كل المحامون الذين استشرتهم هنا (المغرب) وفي بلجيكا نصحوني بعدم التصرف بعنف وانتظار ما سيقرره القانون”.
نفس القصة وباختلاف بعض التفاصيل، يعيشها محمد وهو من أبناء الريف المغربي، فالسلطات البلجيكية قررت أن “تنتزع” ابنه، بعد شكاية زوجته به قبل سنوات تشير فيها أنها تتعرض للعنف اللفظي والمادي من طرف زوجها، خاصة أن ابنها مريض ويعاني من مرض في القلب يجعله لا يستطيع تحمل ما يتم تعريضه له.
“صحيح أنني كنت طائشا وقتها، لكنني ندمت واعتذرت أكثر من مرة وأحاول أن أزور ابني في المستشفى لكن والدته تمنعني بمساعدة السلطات، ولا أعرف ماذا أفعل، ما أرغب فيه حاليا هو العودة إلى “بلادي”، سئمت العيش هنا، كل شيء أصبح أسودا، والحياة أصبحت بلا معنى” يؤكد محمد.
أما حياة، 40 سنة، مهاجرة مطلقة، تقول أن السلطات البلجيكية استطاعت حمت ابنتاها منها، “لم أكن أستطيع التكفل بمصاريفهما، وكنا نبيت أحيانا في الشارع، مما جعل شخصا مجهولا يتصل بالمراكز المسؤولة وتم “التحفظ” على سكينة وريم”.
“ألتقي بهما في كل شهر مرة، ويسعدني أنهما تعيشان في مستوى لم أكن أستطيع توفيره لهما، خاصة في الجانب التعليمي” تضيف حياة.
المحامي والباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان، الحسين بكار السباعي قال في تصريح لجريدة العمق إن الدول المستقبلة لأفواج من المهاجرين، سواء أولئك الذين لهم وضعية قانونية أو الذين يختارون الهجرة بطريقة غير شرعية، تحرص على توفير نوع من الحماية الاجتماعية للأطفال المولودين على أراضيها، وذلك بأوامر من السلطات الإدارية والقضائية، بسبب ما تعرفه أوروبا من أزمة اقتصادية وتردي أوضاع المعيشة.
وأكد المتحدث ذاته “أن تسليم الأطفال لأسر من بلد الاستقبال وبسبب اختلاف التقاليد والعادات وحتى الدين يؤتر على تربيتهم وتكوينهم وقناعاتهم المختلفة وحقوقهم الثقافية والعقدية”.
واعتبر رئيس مرصد الجنوب لحقوق الأجانب والهجرة، بكار السباعي أن “المسؤولبن الديبلوماسيين وجمعيات الرعاية الاجتماعية بالخارج ملزمة للتحرك في إطار احترام مسطرة الانتزاع بما يسمح لها بتوفير أكبر حماية للقاصرين مع مراعاة طبيعة الأسرة المسلمة التي ينتمي لها الطفل عبر مراقبة الأماكن المخصصة للاستقبال بشكل دوري”.
ويضيف: “كما يجب على الوزارة الَمنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالمهجر وشؤون الهجرة تحمل مسؤوليتها والعمل بتنسيق مع الهيئات الدولية والمرافعة من أجل ذلك”.
وختم المحامي والباحث في الهجرة وحقوق الإنسان حديثه باعتباره تسليم طفلة مغربية من أسرة مسلمة لها ثقافة معينة الي زوج مثلي اي أسرة أساسها غير طبيعي ومختلف لقواعد الحياة المتعارف عليها تجاوز لكل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية الطفل وتجاوز للقوانين الشخصية مما يستلزم التدخل بشكل استعجالي للطعن في الحكم القضائي بالانتزاع وما بعده من مسطرة التسليم التي لم تراعي أدنى قواعد حقوق الطفل ولا طبية الأسرة المسلم لها والتى لا محالة ستشكل خطرا على الطفل بدل ان توفر له الحماية.