المزيد من الأخبار






سيليا .. طفلة تحمل رائحة الجرح و الوطن


سيليا .. طفلة تحمل رائحة الجرح و الوطن
محمد بوتخريط . هولندا

أي ذنب اقترفته ..أي جرم ارتكبته ..

هل حب الوطن صار جرمًا .. حتى يُقابلَ بالقيد.

ليس ذنبا اقترفته .. و لا جرمًا ارتكبته ،غير أنّها قد أحببت هذا الوطن..

كم هى قاسية تلك الحياة على أم تعيش فى مكان ما في البلد وابنتها فى معتقل ،

وكم هو مؤلم ذلك الإحساس بالظلم، وذلك الشعور بالتشتت،

فلن يشعر بمرارة الاعتقال إلا من تذوق هذه المرارة وهذه الغصة!.

طفلة تحمل رائحة الوطن، ناضلت من اجل مبادئها ... من اجل العدالة والحرية والكرامة...حلمت أحلاما وردية ،،

لكنها دفعت ثمن الحلم غاليا ..

على عتبة التفاؤل تقف دائمًا ، لا تلتفت للوراء ولا تشغل بالها كثيرا بالتفاصيل الصغيرة.

أحبت الفن و عشقت الغناء منذ صغرها فبرزت و تحدت الأعراف و التقاليد التي تمنع جهر المرأة بصوتها في مجتمع رجولي..

ما عايشته من مراحل صعبة من معاناة في مجتمع ريفي محافظ و قساوة الظروف ومعاناتها مع بعض الاعراف والتقاليد، ساهم في تشكيل شخصية صامدة متحدية، حكيمة و واعية منذ صغرها،
عشِقت الفن والموسيقى والمسرح ، تميزت بخامة صوتية ملفتة وكبرت معها موهبتها الموسيقية شيئاً فشيئاً فنمّتها باحتكاكها بالفرق الموسيقية وبعض الفنانين لتُهذّب وتمارس الموسيقى بشكل أكبر..

تأثرت بتجارب غنائية سابقة لفنانين كبار استطاعوا أن يوصلوا صوتهم، وضمير الشعب الأمازيغي للعالم ، وليد ميمون، خالد إيزري قوسميت، إثران، ثيذرين، إيدير وآخرون. .

مارست هوايتها منذ الصغر في المرحلة الابتدائية، كان لديها عشق للغناء، كما للمسرح لعبت بالكراكيز وغنت لكبار الفنانين ..

انتقلت سيليا لمراحل أخرى جديدة، حيث فُتحت لها أبواب أخرى ، في الثانية عشر من عمرها، سجلت أول كورال لها مع الفنان عزيز أمرداس، شجعها على الاستمرار و المواصلة ، عانقت احلام “ثانيرت” شاركت في مسابقات غنائية وتأهلت للنهائيات...شاركت في عدّة مهرجانات و مسابقات غنائية حتّى اصبحت فنّانة ريفية مشهورة.

بعد حصولها على شهادة البكالوريا ذهبت الى وجدة لتكمّل دراستها في جامعة محمد الأول شعبة الدراسات الإنجليزية.

عالم آخر لتترعرع في حقوله، كفضاء تفاعلي بين عوالم الفكر واتجاهات الأيديولوجيا وحركات النشاط العام. في الجامعة تبلورت ميولاتها أكثر، وصُقلت شخصيتها واكتمل نُضجها . وعندما نتحدث عن الفضاء التفاعلي في الجامعة، حتمًا سيتوجّه النظر إلى الحركة الطلابية بصفة أساسية، فهي التي يُمكن أن تُحدث هذا التفاعل المطلوب بين مكونات الحياة الجامعية.

انتقلت الفنانة سيليا لمرحلة المجموعات، وهنا فتحت لها أبواب الفن، مع مجموعة "اكراف " اكتشفوا موهبتها أكثر ..

كان لتجربتها مع فرقة أكراف أهم دور في صقل موهبتها الغنائية، ففي هذه المجموعة عرفت معنى العمل الجماعي في مجال الموسيقى، و عرفت أن الموسيقى تعني أشياء كثيرة، وأن الرسالة الأولى التي يجب أن تقدمها للانسان، هي النضال من أجل الحرية.

ومن باب الاعتراف بالجميل أكدت سيليا مرارا كون الفنان ناصر الوعزيزي ( من فرقة أكراف ) هو الذي علمها كيف تغني، وتعتبر فرقة أكراف هي مدرسة بالنسبة لها.

وهي التي آمنت دائما أن الفن هو الذي يغذي الروح وأن الفنان هو الذي يرتقي بأخلاقه، فطبعت الاخلاق مسيرة سيليا ، ترى فيها مقياس النجاح من ناحية الحكم الجماهيري العادي بعيداً عن كل التحليلات التقنية الأخرى ... فقيمة الأخلاق في نظرها هي المحدد الأساسي لإرتقاء المشهد من درجة البساطة إلى درجة 'الإبداع'، وهي المجسدة في الصورة كما في الكلمات.

عشقت المسرح،عانقته بحرارة ليكبر العشق ويكبر الحلم معها ، وهي تشعر بقوة تتجدد دائماً على خشبات المسارح ... أحبت الفن المسرحي واعتبرت الفن الرئة التي تتنفس من خلالها ، فتراها ترسم بدقة متناهية ملامح الشخصيات التي تجسدها على المسرح ، تقودها بحرفة عالية لتلعب أدوارها بتشويق .

تميل كل الميل للغناء والتمثيل بآن واحد إيمانا منها بأن تنشئ جيلا جديدا، ترسل له رسائل ومضامين من وراء أغنية أو عرض مسرحي تقدمه بطريقتها البارعة ..

تعتبر تجربة الفنانة سيليا من التجارب المتميزة التي ظهرت في الحسيمة بل وفي الريف بشكل عام من خلال موهبتها الفذة التي عانقت هموم وطموحات الإنسان الريفي ، وجسّدت الرغبات الإنسانية والعشق المحموم في الريف ،هذا الجزء الجريح النّازف من الوطن.

تمتلك حيوية فائقة في رصد اللحظات الفارقة للانسان الريفي ومعايشة الواقع بجوارحه وأعصابه، فهي من أولى مَنْ فتح الباب بأسلوبها في التغني بالثرات الشعبي الريفي لكثير من الأجيال التالية لها ، كي تدخل عالم الموسيقى وهي واثقة من أنها تسير على الطريق الصحيح.

مسيرة تجعلنا بعدها نستذكر لحظة فارقة عصيبة في حياتها وتحديداً يوم الجمعة 28 أكتوبر 2016 يوم مقتل (طحن) تاجر السمك محسن فكري داخل شاحنة أزبال في حادثة خلفّت استنكارًا واسعًا واحتجاجات عارمة بمدن الريف المغربي .
ذاكرة تأبى النسيان وتستحضر بكل دقة تفاصيل تلك "الحادثة" التي غيرت مجرى حياتها ومثلت لحظة فارقة في الريف بل وفي البلد كله.

لحظات فارقة شرخت فيها جدران الوطن لتخرج من بين أنقاضها امرأة مكتملة ناضجة و واعية أكثر.. خرجت مع الشباب تتظاهر على الحكرة و التهميش ، سلاحها حنجرتها و صوتها ، رددت شعارات المرحلة ، غنّت على محسن ، له وعليه و غنّت على الحرّية .. كانت الصوت 'الأنثوي" الذي صدح في سماء الحسيمة ، آمنتْ بالقضية فخرجت تدافع عنها.

و منذ انطلاق الحراك كانت تعيش – بحسب النشطاء – حصاراً شبه محكم .. كانت تجد صعوبة في التنقل إلى بيت أسرتها، كانت مراقبة ، كان مبحوثا عنها هناك وهو أمر ارغمها في الكثير من الأحيان إلى الابتعاد عن بيت العائلة والأقارب ولمدد طويلة.

وهنا كانت مرحلة فارقة أخرى فى حياتها، فمع توالي الاحتجاجات ، سيتم اعتقال سليمة الزياني في يونيو، بعد مشاركتها في تأطير وقفة احتجاجية ليلية بحي سيدي عابد بمدينة الحسيمة مساء يوم الأحد 4 يونيو ... تم إيقاف “سيليا” – بحسب النشطاء – من داخل سيارة أجرة من الحجم الكبير رفقة مناضلتين أخريين، عندما كانت متوجهة للدار البيضاء من أجل زيارة المعتقلين السياسيين الذين أحيلوا على السجن المحلي “عكاشة".

ولأنها تعد إحدى ناشطات حراك الريف ، بل من ابرز الناشطات في الحراك فقد أثار اعتقالها استياء واسعاً، ولقيت تضماناً كبيراً دفع الكثير من النشطاء والمتعاطفين وجمعيات ومنظمات نسائية وحقوقية إلى التظاهر للمطالبة بالإفراج عنها وعن جميع المعتقلين على خلفية احتجاجات الريف.

هي ذي صورتها في لوحة الحراك الشعبي الريفي ، سليمة الزياني، او كما اسمها منقوشا في ذاكرة اهل الريف "سيليا" ذات الـ23 ربيعا.

من مدينة الحسيمة لأخطر سجن وأكبر معتقل بالمغرب و بإفريقيا ، إختطفوها ليخرسوا صوتا من أصوات الحرية، أعلنوا حربهم على سيليا، وجلسوا على مؤخرتهم يسترقون السمع لمن سيصفق لإنجازهم المحزن.على حد تعبير النقيب* .

تقبع اليوم في معتقل 'عكاشة' بالدار البيضاء .. تركت آلام وأحزان و معاناة كثيرة ورائها. في المنزل أم و أب وإخوة وكثير من الاحبة . لا يتوقف الاب والام عن السؤال والبكاء ، ولا أحد يستطيع ان يجيبهما ويحاول الأحبة والأقارب عبثاً ان يهدأو من خوفهم على مصير ابنتهم وهو الخوف الذي يبديه الكل ويحاولون إخفائه.

والد سيليا في آخر زيارة له لها بسجن عكاشة، صرح ان “سيليا منهكة ومنهارة، كما أنها لم تقوٓ حتى على الوقوف أمامه عند زيارتها"

و أن أكثر ما يؤلمه والعائلة اعتقال ابنته حيث يبدون خشية حول وضعها الصحي وغيابها عنهم وهم الذين لم يعتدوا أن تغيب يوماً عنهم.

ولا يشعر بمرارة القيد والأسر والسجن إلا من تذوق هذه المرارة وهذه الغصة!



1.أرسلت من قبل malaxcgs في 13/07/2017 13:19 من المحمول
والله مادوخوني ما قامت به من تحريضات الناس ما يكفي من نشر الفوضى والكراهية بين المجتمع المغربي

2.أرسلت من قبل sarah في 14/07/2017 06:05
LIBÉRER SILYA .LIBÉRER SILYA . LIBÉRER SILYA. LIBÉRER SILYA LIBÉRER SILYA
LIBÉRER SILYA .LIBÉRER SILYA. LIBÉRER SILYA. LIBÉRER SILYA. LIBÉRER SILYA

تعليق جديد

التعليقات المنشورة لا تعبر بأي حال عن رأي الموقع وسياسته التحريرية
شكرا لالتزام الموضوعية وعدم الإساءة والتجريح